عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E كتب مسيحية

22/6/2009
كتاب الذيذاخي

"الذيذاخي" او "تعليم الرسل الاثني عشر"

 

"الذيذاخي" او "تعليم الرسل الاثني عشر" كتيّب صغير أُلّف بين عامَي 100 و150 . كاتبه غير معروف. يبدو من أسلوبـه ومضمونـه أن مؤلفه سوري ينتمي الى جماعـة مسيحيـة من اصل يهودي. يتضمن هذا الكتيب ما يمكن تصنيفه بـ"تعليم ديني" موجّه الى المؤمنين. وهو يعرض للأخلاق المسيحية والتراتبية الكنسية والاعياد الليتُرجية وخدمتَي سرَّي المعموديـة والافخارستيا والمجيء الثاني.

 

ويُبرز هذا الكتيب ايضا صورة عن الحياة المسيحيـة في بدايـة القرن الثاني. أهمية هذا النص، عدا كونـه وثيقة عن المسيحييـن الأوائل، تكمن في أن الكاتب يستفيـض في الاستشهاد بكتب العهد الجديد من دون الإشارة اليها بالاسم. وهذا أمر هام جدا، اذ انه دلالـة على أن المسيحيين الأوائل كانوا قد بـدأوا يتداولون فيما بينهم ما كانوا يعتبرونـه كلاما مقدسا، من دون الحاجة الى الإشارة: "كما يقـول المسيـح"، او "كما يقـول إنجيل (فلان)".

 

يبدأ الذيذاخي بالاشارة الى وجـود طريقين امام الانسان لا ثـالث لهما هما: طريق الحياة وطريق الموت. اما طـريق الحياة فقوامها محبـة اللـه والقريب، والقاعدة القائلـة: "ما لا تريد أن يفعله الناس لكم، لا تفعلوه انتم لهـم"، وهذه القاعدة تذكّر بالقاعدة الذهبيـة التى أرساها السيد المسيح في الموعظـة على الجبل: "فكل ما أردتم أن يفعل الناس لكم، افعلـوه انتم لهم" (متى 7: 12). والجدير بالذكر هنا هو كثرة استعمال الكاتب للموعظة على الجبل، فهو يشير مثلا الى قول السيد: "مَن لطمك على خدك الأيمـن، فاعرض لـه الآخر" (متى 5: 39)، لكنه يضيف على هذا القول: "فتكون كاملا". ثم يتابع: "ومَن سخَّـرك أن تسير معـه ميلا واحدا، فَسِرْ معـه ميلَيْن. ومَن أراد أن يأخذ رداءك، فاترك له قميصك ايضا". في الموعظـة على الجبل ترد الآيـة الثانية قبل الاولى (متى 5 :40-41)، والثانية على الشكل التالي: "ومَن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك، فاترك لـه رداءك ايضا". لا شكّ أن هذا الاختلاف في التعابير والذي لا يشوّه في شيء تعاليـم المسيح الانجيليـة يعود الى أن الأناجيل كانت ما تزال في طور التدوين (او التكوين)، ولم يكن بعد ثمة نُسَـخ نهائيـة متـوافـق عليها بين الكنائس كلها.

 

ثم يتحدث كاتب الذيذاخي عن المعموديـة، ويربطهـا بوجوب التعليـم السابق للمقبل اليها، ويشتـرط أن يكـون الماء جاريا وأن يُسكب الماء ثلاث مرات على رأس المعتمد "باسم الآب والابن والروح القدس"، ويشير الكاتب الى ضرورة صوم المعمِّـد والمعمَّد ومَن يرغب ايضا من المـؤمنين ليومين او ليوم واحد على الأقـل قبل المعموديـة. وهنا يطلب اليهم أن يصومـوا يومَي الأربعاء والجمعـة من كل اسبـوع، بـدلا من يومي الاثنيـن والخميس حتى لا يصوموا مع "المنافقين"، ويعني بهم اليهود. كما يوصيهم بأن يصلّوا الصلاة الربية -اي أبانا- ثلاث مرات في اليوم، في الساعات عينها التي يقـيم فيها اليهـود صلواتهم.

 

بعد ذلك، يورد الكاتب نص صلاة الافخارستيا، فيشكر اللـه واصفا المسيح بـ "كرمـة داود المقدسة". وتتابع الصلاة قائلـة: "كما جُمع هذا الخبز الذي كان متفـرقا في الجبال ليصير واحدا، هكذا اجمعْ كنيستك المنتـشرة في كل أنحاء الارض الى ملكـوتك". ثم يطلب من اجل الكنيسة قائلا: "اذكر، يا رب، أن تخلّص كنيستك من كل شر، وأن تكمّـلها في محبتك. اجمع من أطراف الدنيا الاربعة الكنيسـة التي قدستـها، واجعـلها في ملكوتك الذي أعددته لها". وتنتهي صلاة الشكـر بدعاء الكنيسة الأولى المعـروف: "ماران أتا"، وهي عبارة آرامية تعني "يا ربنا، تعال"، ويرد ذكرها في آخر سفر الرؤيا (22 :20).

 

ويوفّر لنا كتاب الذيذاخي إحدى اولى الشهادات حول سر الاعتراف، فيقول الكاتب: "في الجماعة، اعترِفْ بخطاياك". ويقول ايضا: "اجتمعوا، يوم الرب، اكسروا الخبز واشكروا بعد أن تكونوا قد اعترفتم بخطاياكم، حتى يكون قربانكم نقيَّا". هنا، ومن خلال النص، لا يتّضح اذا كان الاعتراف علنيا أمام الجماعة كلها ام خاصا أمامَ إمامِ الجماعة فقط. الا انه من المؤكد انه كان للاعتراف آنذاك مكانة أسرارية.

 

اما المـراتب الكنسيـة التي يشير اليها الكاتب فهي رتبتـان فقط: الاسقفيـة والشمّاسيـة، ولا يرد اي ذكر للكهنوت. ولكنـه في الآن ذاتـه يقول إن الأنبياء كان لهم سلطـة إقامـة سر الشكـر: "دعوا الأنبياء يشكـرون بقدر ما يشاؤون". لا ريب في أن الكنيسة في بداياتها كانت لا تزال تعمل على إقامة الوظائف فيها، ولم يكن ثمـة حاجة بعد الى الكهنـة كما هو معروف اليـوم، وذلك بسبب قلة عدد المسيحيين واكتفـائهم بأسقفـهم الذي كان يرعاهم جميعا، وعندما امتدت الكنائس الى القرى واقتضت الحاجة وجود كنائس عدّة في المدينـة الواحدة، انتدب الاساقفة كهنة حتى يتولّوا مكانهم الرعاية والتعليم وكل أنواع العبادات. وهنا ينتقـل الكاتب الى تعداد المواهب الكنسـيـة، وبخاصة الثلاث الاولى منها على ما ورد في رسالــة القديس بولس الرسول الاولى الى اهل كورنثوس: "الرسل اولاً والانبياء ثانياً والمعلمــون ثالثا" (12: 28).

 

يقول كاتب سفر اعمال الرسل: "وكان جميع الذين آمنوا جماعة واحدة، يجعلون كل شيء مشترَكا بينهم" (2: 44). جماعة كاتب "الذيذاخي" كانت كذلك ايضا. فما المانع أن تكون جماعة نهاية القرن العشرين على هذه الصورة؟

 

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com