عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الطقس في الـمسيحيّة

الطقس في الـمسيحيّة

Rituals in Christianity

عن كتاب

 " الإختلافات العقائدية والطقسيّة" 

ج1 البروتستانت

 الدكتور انطوان يعقوب

  ترفض بعض الكنائس التابعة للحركات الإصلاحيّة ، وأرى اليوم بعض إكليروس الكنائس الرسولية يُقلدونهم في غيّاب الرقابة الأسقفية ، إما عن جهلِ وإما عن إستهتار ، الإعتراف بالطقوس الكنسيّة بصفة عامة ، لـذلك لايوجد لدّيهم ليتورجيّات  ولا طقوس  للمنتقلين ، ولا للأكليل ، أو للأسرار ، ذلك لأنهم ببساطة يرفضون الأسرّار الكنسيّة ، ولا طقوس لخدمة الأعيّاد السيّدية الكُبرى أو الصُغرى.

 فكنيستنا ، بل وسائر الكنائس الرسوليّة ، تعترف بأهميّة وجود الطقوس، لذلك تُحافظ عليها في كلِّ أسرّارها وإحتفالاتها وأعيّادها . 

ففي كنائسنا لدّينّا لكُل خدمةٍ ومُناسية طقسها الـمعروف والـمنشور فيستطيع أي إنسان قراءته لـمُتابعته أثناء القيام بها.

وللأسف سمعت من بعض الإكليروس بقولهم :  ما أهميّة وجود الطقوس في الكنيسة؟ 

خروج عن طريقِ الحقّ بسبب السيامات السريعة، والذي صنّفته بإكليروس التك أواي، وهُم يقودون مُؤمنيهم إلى الضلال والخروج عن الإستقامة العقائدية والإيمانيّة، فالويل لهم!

  فما هو الطقس الكنسيّ ؟ وما أهميته في حياتنا الـمسيحيّة؟

 الطقس كلمة يونانية، مُشتقة عن الكلمةِ طاكس، وتعني نظام أو ترتيب ، وتُطلّق على النظامِ أو الترتيب الـمدني والديني معاً. 

 وفي الإصطلاح الكنسيّ يُراد بكلمة طقس نظام الخدم الـمُقدَّسة وترتيبها ، وتشمل مجموع التسابيح والصّلوات التي تّتلوها الكنيسة ، كما تشمل كل الحركّاتِ الخشوعيّة والرمزية ، ويدخل ضمن ذلك أيضًا شكل الكنيسة والأواني والأدوات الـمُقدّسة ، ودرجات ورُتب الإكليروس وملابسهم الحبرّية. 

  

وقطعاً لكل كنيسةٍ طقوسها التي تُميّزها عن غيرها من حيث اللُغة الـمُستخدّمة ، ولـهذا يُقال طقس الكنيسة البيزنطيّة ، وهذا يشمل الكنيسة الـملكيّة الانطاكية بفرعيّها الأرثوذكسي والكاثوليكي - وساير الكنايس البيزنطية - راجع ما كتبناه في مجلّة القديس جاورجيوس بعنوان "على الطريق بين الكنيسة الانطاكية بفرعيّها الكاثوليكي والأرثوذكسي "الأعداد 9-11 لسنة 1977-، 

وطقس الكنيسة السريانيّة والـمارونية ، والأرمينية ،والكلدانيّة ، والقبطيّة ، والأشورية واللاتينيّة ، فلكُل كنيسة طقسها الخاص الذي يُمّيزها عن غيرها من الكنائس .( راجع كتابنا" تاريخ ظهور الكنائس الشرقية الكاثوليكيّة) 

 وإذا عُدنا إلى التاريخ فسنجد أن الطقوس كانت موجودة منذ البداية،كما أنها موجودة في كلِّ دينٍ أو مذهبٍ على وجهِ الأرض.

 وإذا إقتصرنا الحديث هُنا على العهديّن القديم والجديد ، فسنجد أن كنيست العهد القديم كانت تعمل وتسير وفقاً لنظام وطقوس أبانها موسى النبي في الأسفارِ الخمسة الأُولى، بأمر من الله ، سبحانه وتعالى ، وكانت تُمّثل قسماً كبيراً من الشريعةِ القديـمة ، فقبلّها الشعب ومارسها في عبادته ، وتقدمة ذبائحه وقرابينه ، 

وإستمرّت حتى جاءَ السيّد الـمسيح . 

وقد مارس ولدا أبينا آدم في عبادتهما طقوساً مخصوصة ( تك 4: 3-4)، 

كما مارسَ نوح ، ومن كان معه في الفلّكِ طقوسًا مخصوصة (تك8: 20) ، 

كما أن إبراهيم الخليل ، والآباء البطاركة مارسوا نوعاً من الطقوسِ البسيطة ، 

ثُمَّ مارس ملكي صادق ، وكان كاهناً عظيماً خاصًا ، قدمَ فيه خبزاً وخمراً ذبيحة لله ،  

ثُمَّ جاءَ هرون ومارسَ طقسًا أكثر تعقيداً من هذا ، إذ صدّرت إليه الأوامر الإلهية ببناء خيمة الإجتماع على شكلٍ خاص  فنسمع الرّب يأمر موسى قائلاً:"فيصنعون لي مقدساً لأسكُن في وسطهم بحسب جميع ما أنا أُريك من مثال السكن ، ومثال جميع آنيته . هكذا تصنعون"(خر25: 8- 9).

 فمُمارسة اليهود للطقوس كان لـها إعتبارها العظيم لدّيهم ، إذ كان مصدرها أمر الله نفسه سبحانه.

 

 

وفي الـمسيحيّة، يرجع الطقس إلى أيامِ السيّد الـمسيح نفسه، كـمزج الخمر بالـماء، وترتيب عليّة صهيون ، وبقى السيّد بعد القيامة يُعلِّم تلاميذه أموراً كثيرة لم تُدوّن في أسفارِ العهد الجديد ، بل إستوعبها الرسُل في عقولـهم ومارسوها. 

وعليه يقول سفر الأعمال:

" الذين أراهم (الرسُل) نفسه حيًا ببراهين كثيرة بعد ما تألم ، وهو يظهر لهم أربعين يوماً يتكلّم معهم عن الأمور الـمُختلفة بـملكوت الله"(أع1: 3)،  

كما قال مُعلِّمنا يوحنا:"وأشياء أُخرى كثيرة صنعها يسوع إن كُتِبَت واحدة واحدة فلستُ أظن أن العالم نفسه يسع الكتب الـمكتوبة"(21: 25).

  وقال القديس لوقا:"ان السيّد ظهر لتلميذيّ عمواس وأخذَ يشرح لـهُما الكتب ، ولم يعرفا إلاَّ عندما أخذَ الخبز وكسر فعرفاه".  

ومعنى هذا أنه كان للسيّد طريقة خاصة في كسرِ الخبز ، أي أن لذلك طقسًا خاصًا. 

 ويذكر القديس يوحنا الذهبي الفم  والقديس أوغسطينوس:"أن الرّب يسوع بـمُجرد مسكه للخبز أصبحَ جسده الأقدّس ، وعندئذ عرّفه التلميذان . ومن هنا نتبين ما لـهذا السرّ الـمُقدّس من فائدةٍ جزيلّة  منها إنارة العقل".

 ولقد ذكر القديس إقليمس:"أن الرّب يسوع علّمَ تلاميذه جميع الأسرّار ، وسلّمهم إياها مُشافهة لا كتابة". 

 - وقال الأسقف يوسابيوس القيصري:" أنه وصلَ إليه من الأقدمين أن الرّب قبل صعوده علَّم تلاميذه صّلاة الأسّرار في مغارةٍ بجبل الزيتون"(انظر كتابه :حياة قسطنطين) . 

ومعنى هذا كلّه أن الرسُل تعلّموا الطقوس والصّلوات من الرّب يسوع نفسه، وكانت هذه التعاليم التي تلّقوها شفهيّة ،لم تُدوّن ، بل حملوها إلى الكنائسِ التي أسّسوها ومارسوها في الـمُناسباتِ الـمُختلّفة أمام جماعة الـمُؤمنين،وعلّموها لكل من وضعوا عليهم أيديهم، من كهنةٍ وأساقفة على الكنائسِ التي أسَّسوها في أماكن كرازتهم . 

  يقول القديس بولس:"وأمّا الأمور الباقية فعندما أجيء أُرتبها"(1كور11: 34و2تس2: 15وعبر6: 2) 

 

والقديس يعقوب قال:"أمريض أحد بينكم فليدع شيوخ"كهنة" الكنيسة فيُصلوا عليه ويدهنوه بزيت بإسم الرب. وصلوة الإيمان تُشفي الـمريض ، والرب يُقيمه، وان كان قد فعلَ خطيئة تُغفر له"(يع5: 14).

 ولا يغيب عن بالنا أن لهذه الصّلاة طقسًا مُعينًا يتم خلاله، وأن الرسول غالبًا كان يُرسِل من يُعلّم ويُتّمِم الأمور الناقصة ، 

فنسمع القديس بولس يقول لتلميذه تيطُس:"من أجلِ ذلك تركتك في كريت لكي تُكمل ترتيب الأمور الناقصة، وتُقيم في كل كنيسة قسوسًا كما أوصيتكَ"(1تيمو1: 5). 

وإلى جانبِ أقوال الرسُل التلاميذ فلدّينا أيضًا أقوال الأباء الأُوّل نذكر منهم هنا على سببيل الـمثال :

- قال القديس إيريناوس:" ان الرسُل قد جعلوا الكنيسة خزانة الحقّ الوافر كما هو مُختص بها سلموه إلينا بجملته".

- قال القديس إكليمنضص:"ان مؤلفاتي تحتوي على ما سمعته من أُناسٍ حفظوا التقاليد الحقيقيةكبطرس ويعقوب ويوحنا وبولس أباً عن جد".

- وقال القديس باسيليوس:"من التقليد تعلّمنا رسم إشارة الصليب على جباهنا، والإتجاه نحو الشرق ، ومنه عرفنا أيضًا كلمات التقديس (الطقوس) والإستدعاءات التي يتلوها الكاهن ، ومُباركة طقس الـمسحة والـمعمودية وتغطيس الـمُعتمد"(ق91).

 وبالإضافة إلى أقوال الأباء الأُوّل ، فإن الكنائس الرسوليّة كلّها قد أجمعت على الإعترافِ بوجود الطقوس في الكنيسة، وأمرّت بالخضوع لها ومُمارستها.

 وعلى الرغم من الإختلافاتِ البينة بين الكنائس في اللُغةِ والجنس والبلد، إلاَّ أن الطقوس تكاد تكون واحدة ، وهذا إن دلَّ على شيءٍ ، إنما يدل على أننا تسلّمناها من الرسُلِ جيلاً بعد جيل. 

 ولهذا نرى الـمُؤرخ البروتستانتي"يوحنا موسهيم" في كتابه"تاريخ الكنيسة، ك3، ف4، "قال:"أنه لـما إنتظمّت الكنائس ، ورُتِبت بحكم وقوانين ، كان يحق للأسقف أن يُعّمد كل الداخلين حديثًا إلى الكنيسة ، ولايمكننا أن نقول شيئاً نظراً لتلك الطقوس التي كانت تُضاف إلى تلك الـمعمودية لأجل الترتيب واللياقة". 

 

ويقول أيضًا :"أنه يُمارس بطقس خاص وكان هذا الطقس يُعتبـر ضروريًا للخلاص . والبراهين على ذلك كثيرة"(ص57)، وقال أيضًا:"ولا إرتياب بأنه كان يُستعمل طقس خاص من الصّلوةِ في كلِّ مكانٍ جهراً وسراً ، وكان طقس الـمعمودية يُمّارس دائماً في شاراتِ الفصح ، والعنصرة والشموع الـمُضيئة في أياديهم"(ص112).

 فالطقوس الـمسيحيّة قديـمة العهد ، وهي من وضع الرسُل وترتيبهم، فمن يُحاول التنّكر لها يكون قد تنكرَ للرسُل أنفسهم ، وهم تلاميذ ربّنا يسوع الـمسيح، تسلّموها منه، وبذلك يكون قد خرجَ عن طاعةِ الله لأنه قال ، له الـمجد،:" من يسمع منكُم يسمع مني. والذي يرذلكُم يرذلني. والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني"(لو10: 16). 

وذلك لأن الطقوس التي تسلّمناها بالتقليد ليست بالعمل العارض في حياةِ الكنيسة، لأنها في رمزيتها هي أكثر من أن تكون مُجرد تعبير يحمل كلّ حواسنا وفكرنا نحو حقائق الإيمان. إنها بالفعل دخول حقيقي في سر العبادة .

 فالطقوس في العهدِ القديم،وسيلّة هامة لإقتـراب الإنسان من الله  ولكن الطقوس في العهدِ الجديد تُؤّكد حضور الله ، وتكشف عن حضورهِ السري في الرموزِ التي لم تُوضع لتقييد حرية الإنسان، بل لتقوده لإكتشاف الـمسيح.

 فالطقوس هي إشتراكنا الحقيقي في الـمسيح، ولذلك يجب علينا أن نكون مُستعدين بكل حواسنا وفكرنا أثناء تأديتها، حتى نُدرك سر محبة الله في كلِّ حركة ، وفي كلِّ كلمة تُقال في الخدّمِ أو الطقوس الكنسيّة.

ولامجال للذين يقولون أن هذه الطقوس قد أصبحت غير صالحة لعصرنا الحالي الـمُتحضر ، لأنها لاتُناسب عقليتنا وفكرنا الـمُعاصر. فهذا القول غير مقبول كنسيًا ، لأن ما يقولونه ينطبق على التشاريعِ الـمدنيّة التي تُعدّل من وقتٍ لأخر وفقاً لـمُتطّلبات البيئة والـمُجتمع والعصر، وحتى هذه فلا يمكن تغييرها بدون ثورات شعبية تترك وراءها تشريعها الجديد. 

  أمَّا في الطقوس والشرائع الكنسيّة فلا ينطبق هذا الكلام عليها، وذلك لأن واضعها هو الله نفسه ، سبحانه، فلايجوز للبشر تعديلها أو تغييرها متى شاءوا ، لأنها أنظمة مُقدّسة مصدرها الله الباري سبحانه ، فهي لهذا أنظمة مرعيّة ومقبولة لدى كلّ الكنائسِ الرسوليّة التقليدية. 

 

فإذا ما تجرأت كنيسة من الكنائسِ على التغييرِ فلن يصبح لطقوسها أي فائدة، ومن ثمَّ تُصبح مُخالفة لتعاليم الكتاب الـمُقدس القائل:"تنقل التخم القديم الذي وضعه أباك"(أم22: 28) 

ويقول مُعلِّمنا بولس:"فاثبتوا إذا أيها الإخوة وتمسّكوا بالتعاليم التي تعلّمتوها سواء كان بالكلام أم برسالتنا"(2تس2: 15). 

ويقول أيضًا:" تـمسّك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الإيـمانِ والـمحبة التي في الـمسيح يسوع. احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدُس الساكن فينا"(2تيمو13: 14)، 

كما قال أيضًا لتلميذه تيموثاوس:"ياتيموثاوس احفظ الوديعة مُعرضًا عن الكلامِ الباطل الدنس ومُخالفات العلم الكاذب. الإسم الذي إذا تظاهر به قوم زاغوا من جهةِ الإيمان"(1تيمو6: 20).

  ومادامت كلّ هذهِ الطقوس قد وُضِعّت لنفع العابدين والـمُصلّين بإرشاد الروح القدس، وهي مُوافقة لإذاعة مجد الله ، وربط العبد بـخالقه، فلماذا يتنكر لها البعض؟ 

لقد حان الوقت للخارجين عن الحقِّ والإيـمان الإلهي أن يعودوا إلى الأصولِ ، وأن ينفضوا عنهم كل مُستحدثٍ غريب، وليعلموا أن تنظيم حياة الـمسيحيين كان ولازال، له الطابع الديني ، فكل عاداننا الـمسيحية  وطقوسنا الكنسيّة ، مُشبعة بروح الديانة الـمسيحيّة ، مارسها الأباء الأُوّل ، ونُـمارسها نحن الآن أيضًا، وستبقى هكذا لأن مصدرها هو رأس ورئيس الكنيسة وتلاميذه الأطهار، والأباء الأُوّل.

  اللهُم ثبتنا على الإيمانِ القويم ، وأبعد عنا تطرُف الخارجين، وأرحم عبيدك الـموهومين وأعدهم لكنيستك بقدرتك الإلهية يا أرحم الراحمين، 

لك التسبيح إلى الدوام.آمين.

من له أذان للسمع فليسمع .

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com