عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

صعود السيّد

صعود السيّد

بقلم: سيادة المطران بولس صليبا الجزيل الإحترام، متروبوليت استراليا ونيوزيلاند والفيليبين للروم الأرثوذكس

يشعر المؤمن برجفة عند سماعه كلمة " صعود " لأنه يتحدى ما هو معروف بقانون الطبيعة، القوة الموجهة دائماً نحو الأسفل، مستعبدة قوانين الجاذبية، الثقل، السقوط. ههنا بالعكس، كل شيء خفيف، يطير ويُحلق باستمرار نحو فوق. نعيّد لصعود السيّد بعد أربعين يوم من الفصح. نهار الخميس من الأسبوع السادس بعد القيامة.

نهار الأربعاء قبل الخميس نودع الفصح وكأننا نقول له مع السلامة. الخدمة كلها هي ما قمنا به ليلة الفصح بترتيل نفس الطروباريات القيامية المفرحة، " ليقم الله ويتبدد جميع أعدائه..."، " هذا هو اليوم الذي صنعه الله فلنفرح ونتهلل به..."، هنا يُبخر الكاهن الشعب وفي يده شمعة مُضاءة، بينما نعود لنسمع " المسيح قام ..."، نترك الفصح، نأخذ منه فرصة لسنة.

في قصة الإنجيل لهذا اليوم، وبعد أن أعطى السيّد ملاحظاته الأخيرة لتلاميذه، أخذهم حتى بيت حنانيا، " رفع يديه وباركهم. وبعد أن باركهم ارتفع عنهم إلى السماء.  فسجدوا له ثم عادوا إلى أورشليم بفرح عظيم..."(لوقا 24: 50- 52). لماذا كان فرحهم عظيماً؟ ما سبب هذا الفرح العظيم والذي حُفظ حتى يومنا وينفجر بلمعان كبير نهار عيد الصعود؟ يظهر وكأن المسيح صعد وترك تلاميذه وحدهم؛ كان يوم الفراق. أمامهم كانت أيام الوعظ والتعليم والإضطهادات التي ملأت تاريخ المسيحية والكنيسة. يظهر وكأن الفرح أتى إلى نهايته، الفرح الأرضي والإشتراك معه وبحياته. لا شك بأن المسيح لم يترك تباعه. الكنيسة لا تحتفل بعيد ترك المؤمنين. قال السيّد: " أنا معكم حتى انتهاء الدهر "(متى 28: 20) وكل الفرح المسيحي نجده في الشعور بحضوره كما وعد. " حيث يجتمع إثنان أو ثلاثة، باسمي، أكون هناك بينهم " (متى 18: 20). لا نعيّد خروج المسيح بل صعوده إلى السماء.

عيد الصعود هو تعييد السماء التي منحت للبشرية، السماء كونها البيت الجديد والأزلي السماء بيتنا الحقيقي. فصلت الخطيئة الأرض عن السماء وحولتنا إلى أرضيين وصوّبت نظرنا على الأرض وجعلت من حياتنا أرضية بالمطلق. الخطيئة هي تغرير السماء في النفس. في مثل هذا اليوم، خلال عيد الصعود نتذكر أوضاع العالم المحزنة. العنجهية والشعور بالأهمية، يُعلن الإنسان بأنه مادي، والعالم كله مادي، وليس من شيء خارج المادية. ونُراقب الأسباب، بأن الإنسان فرح بذلك ويتكلم وكأنه هو نفسه رب الكون. تعال أيها الأخ العزيز، السماء هي الجو، إنها مادية ككل شيء. ليس هناك من شيء آخر ولم يكن من شيء سوى المادي. نموت، نختفي، وبنفس الوقت دعونا نبني مملكة أرضية. ونفس تصورات الكهنة. هذا باختصار، وبتعبير صحيح، هو النتيجة والنقطة الأهم لحضارتنا، للعمل، لنظرياتنا. التقدم ينتهي في المقبرة حيث الدود يتغذى بأجسادنا. لكنهم يتساءلون: هل هناك من حلّ آخر؟ ما هو النعيم الذي تتكلم عنه، والذي صعد إليه المسيح؟ لم نكتشف في السماء ما يُبشّر به رجال الدين.

رجل الفضاء الروسي والشيوعي، قال من عرينه، نظرت وفتشت فلم أرى أي إله. أما الذهبي الفم فيُعطي جواباً مُقنعاً عن السماء يقول: " ما هي حاجتي للسماء مع العلم بأني نفس سأصبح سماء..." وهذا ما علمه أجدادنا الذي سموا الكنيسة " سماء على الأرض". النقطة المهمة للجوابين هي السماء، هي اسم دعوتنا الحقيقية كبشر، والسماء هي الدعوة الحقيقية لنا كبشر، السماء هي الحقيقة الأزلية عن الأرض. كلا! السماء ليست مكاناً في الغيب وراء المنظور. السماء هي ما يعطينا المسيح، ما خسرناه نتيجة خطايانا وعنجهيتنا، نتيجة أرضيتنا وتشديدنا على العلم والأيدولوجيات. والآن فإنها مفتوحة، تقدم لنا، وتعادلنا بالمسيح. السماء هي مملكة الحياة الأزلية، مملكة الحقيقة، الحسنى، الجمال. السماء هي التحول الروحي الكلي لحياة الإنسان... السماء هي مملكة الله، النصر على الموت. نصر المحبة والإهتمام. السماء هي كمال تلك الرغبات، والتي قيل عنها: " لم تره عين، ولا سمعت به أذن، بل كما هو مكتوب ما لم ترعين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال... ما أعدّه الله للذين يحبونه "(1 كورنثوس 2: 9). كل هذه الأمور قد أوحت لنا مرآة. صورة للجمال السماوي. من الذي نزل من السماء إلى الأرض ليُعِيد لنا السماء؟ الله. الذي صعد من الأرض إلى السماء؟ الإنسان يسوع المسيح.

قال القديس أثناسيوس " أصبح الله إنساناً حتى يُصبح الإنسان إلهاً ". أتى الله إلى الأرض حتى نتمكن نحن من أن نصعد إلى السماء. هذا ما نُعيّد له بعيد الصعود. هذه هي أسس مجده وفرحه الذي لا يُمكن التعبير عنه. إذا كان المسيح في النعيم، وإذا كنا نؤمن به ونحبه، سنكون نحن هناك معه، على مائدته، في مملكته. إذا صعدت البشرية إلى السماء به ولا تعود وتسقط، به أستطيع أنا أيضاً أن أصعد وأكون حيث يكون هو. به هدف حياتي ومعناها وسروري الأزلي يُعلنون لي. كل شيء حولنا يجذبنا إلى أسفل، لكني أنظر إلى الجسد الإلهي صاعداً إلى السماء، " بالمسيح "، " بصوت البوق " فلأقول لنفسي وللعالم: هنا أجد الحقيقة عن العالم والبشرية. هنا نجد الحياة التي دعانا الله إليها منذ الأزل.آميــــــــــن

 المتروبوليت بولس صليبا

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com