عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الروم... لماذا أنتم متعصبون؟

 

الروم... لماذا أنتم متعصبون؟!

في إحدى المرات أخبرني أحد الأصدقاء - وهو غير أرثوذكسي-  أنه سمع الكاهن يقول خلال القداس هذه العبارة: 

"جميعكم وجميع المسيحيين الحسني العبادة الأرثوذكسيين، ليذكر الرب الإله في ملكوته السماوي كل حين، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين".

فقالي لي: بمجرد أن سمعت هذه العبارة أحسست بنفسي للوهلة الأولى كأني وثني أو يهودي أو مسلم... وتملكني شعور بأني شخص منبوذ وغير مرحب به في هذا المكان، وهممت بالخروج من الكنيسة... فلماذا هذه العنصرية؟ لماذا هذه الطائفية؟ ولماذا هذا التعصب والتمييز الذي يدفع بكم إلى الصلاة فقط من أجل "المسيحيين الأرثوذكسيين" وإقصاء من سواهم خارجاً ؟!

أرغب في الإجابة على هذا التساؤل ذاته الذي قد يراود الكثيرين، ويسبب لهم الانزعاج، وربما يكون لهم حجر عثرة وعقبة أمام التقرب من الكنيسة الأرثوذكسية!! ولكن قبل التسرع بإلقاء مثل هذا الحكم على الكنيسة الأرثوذكسية، تستدعينا العدالة أولاً أن نسمع دفاعها وردها على هذه التهمة الموجهة إليها، ثم نترك للعقل والمنطق أن يكون هو القاضي العادل...

في القداس الإلهي يتم التعبير الأعمق لجماعة المؤمنين عن شركتهم الروحية والإيمانية معاً، هؤلاء المؤمنين الذين تجمعهم وتوحدهم ببعضهم البعض العقائد الإيمانية ذاتها، وهذا التعبير يبلغ إلى ذروته من خلال تناولهم جميعاً من الكأس الإلهية المشتركة، جسد المسيح ودمه المقدسين. وجدير بالذكر أن الخبز والخمر اللذان يحملهما الكاهن بيديه ويطوف بهما في الكنيسة بين المؤمنين خلال "دورة القرابين" ثم يضعها فوق المائدة المقدسة، يتم إعدادهما فوق "المذبح" من قبل الكاهن نفسه، داخل الهيكل قبل بدء القداس الإلهي، وذلك وفقاً لطقس ورتبة خاصة تسمى "تهيئة الذبيحة الإلهية" والتي لا يحضرها الشعب، حيث تقطع أجزاء الخبز وتوضع فوق الصينية المقدسة بطريقة وترتيب رمزي عميق لتمثل المسيح (الحمل الإلهي الذبيح) محاطاً بوالدته القديسة مريم العذراء، والملائكة والرسل والقديسين والأنبياء والشهداء... ويضاف إلى كل هؤلاء أجزاء من الخبز (القربانة) تمثل بعض الأحياء من المرضى والمسافرين..الخ وأخرى لبعض الراقدين المقدمة عنهم ذبيحة القداس الالهي. هؤلاء جميعاً يمثلون أعضاء الكنيسة المتحدة برأسها الأوحد يسوع المسيح، لذلك فهي تشير على نحو رمزي إلى وحدة أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية الواحدة في كل زمان ومكان، مرتبطين معاً بالإيمان الواحد، والعقيدة الواحدة التي عنوانها وختمها هو الشركة الافخارستية الواحدة... لذلك فالكاهن عندما يذكر عبارة "المسيحيين الحسني العبادة الأرثوذكسيين" فهو يؤكد أن سر الافخارستيا المقام في هذه الكنيسة هو سر اتحاد الجماعة المؤمنة التي تشكل العقائد الإيمانية المشتركة فيما بينهم خيوط وحدتهم وتشابكهم الروحي في نسيج متناسق، وعليه لا يمكن أن يكون ضمن هذه الشركة الإيمانية الواحدة أي مسيحي آخر لا يؤمن بما تؤمن به الكنيسة الأرثوذكسية، أو يقول بغير ما تقوله هذه الكنيسة. وبعبارة أخرى، لا يمكن أن يكون داخل هذه الشركة أشخاص يعتقدون بأن في المسيح "طبيعة واحدة" (المونوفيزيين) وأشخاص آخرون يعتقدون بعصمة البابا وبوجود المطهر للراقدين بعد الموت، والحبل بالعذراء بلا دنس... إلخ (البابويين) وآخرون يعتقدون بأن الافخارستيا هي مجرد رمز وذكرى وليست حقيقة جسد ودم المسيح، ولا يؤمنون بشفاعة القديسين ولا باكرام الأيقونات.. إلخ (البروتستانت)

إن عدم شمل هؤلاء الناس بالصلاة خلال تقدمة الذبيحة الإلهية (القداس الإلهي) وابقاءهم خارج الشركة الافخارستية، مما يعني عدم ذكر أسماء غير الأرثوذكسيين في القداس الإلهي، لا يعني بالطبع بغضهم وكراهيتهم والحقد عليهم - كما يتوهم البعض - ولا ينقص ذلك من محبتهم في شيء أبداً، إذ يمكن لأي مسيحي ارثوذكسي في صلواته الشخصية (خارجاً عن القداس الإلهي) أن يرفع الصلاة بمحبة من أجل كل إنسان يحبه أو يخصه حتى لو لم يكن يجمعه به الإيمان الأرثوذكسي الواحد، سواء أكان هذا الشخص قريب أو صديق أو جار أو زميل في العمل وحتى وإن كان أيضاً غير مسيحي! فكل هؤلاء يمكن أن نحملهم في قلبنا ونضعهم في صلاتنا الخاصة، عند تلاوة المزامير مثلاً أو صلاة "المسبحة" ونصلي ونوقد شمعة على نيتهم من أجل احتياجاتهم الخاصة مثل: شفاء من مرض، نجاح وتوفيق في العمل.. إلخ

 

أخيراً ومن أجل إيضاح الفكرة بمعنى أدق يسهل فهمهما وإدراكها على نحو أعمق، فإني أقدم هذا المثل:

أي شخص منا قد يتعرض لمرض أو حادث معين ويحتاج لأن ينقل إلى جسده دم من جسد شخص آخر، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يعطيك هذا الدم إلا إذا توافقت "زمرة" دمه مع دمك الخاص، وإلا فإن جسدك لن يتقبل الدم ذو الفصيلة الغريبة عنه، وبدلاً من إسعافك سوف يؤذيك ويسبب لك مشكلة أكبر!! قد يكون الشخص المصاب هو أحب المحبين إلى نفسي، وتربطني به أواصر صداقة متينة جداً، أو بالعكس.. غير أنه ليس في استطاعتي أن أعطيه من دمي لأن فصيلة الدم الذي يسري في جسدي لا تتوافق مع فصيلة الدم الذي يسري في جسد ذلك الصديق، ولا هو أيضاً في استطاعته أن يشاركني في إعطائي من دمه، ورغم هذا 

"المانع الطبي" الذي يحول بيننا عملية نقل الدم وتبادله، لا يقف حاجزاً في وجه وجود المحبة والمودة والاحترام كل واحد منا للآخر، ولا يشعر أي منا بأن الآخر يكن له العداء والكراهية والبغض، وينبذه ويقصيه لدرجة أنه يبخل عليه بالدم!! بل يحترم كل طرف وجود هذا "المانع الطبي" لتبادل الدم، غير أن ذلك لا يمنعنا من تبادل الشراكة وعيش الصداقة على صعيد آخر كالطعام أو النزهة معاً...!

وعليه، وبناءاً على كل ما تقدم شرحه وتفصيله، لا تذكر أسماء غير الأرثوذكسيين عند تحضير الذبيحة الإلهية، ولا خلال "دورة القرابين" بل لا تجوز مناولتهم القربان المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية، والسبب هو وجود "المانع" الإيماني والعقائدي واللاهوتي الذي يجعلهم خارج الشركة الافخارستية مع سائر المؤمنين الأرثوذكسيين، فالعقيدة الواحدة هي مثل "فصيلة الدم" الواحد الذي دون توفره كشرط جوهري وأساسي لا يمكن أن تتم عملية تبادل نقل الدم بين الناس، وبالتالي لا يمكن أن يتم  منح المناولة لشخص غير ارثوذكسي، ليس بغضاً به وكراهية له، بل لعدم توافق عقيدته الخاصة مع إيمان وعقيدة الكنيسة الأرثوذكسية، السبب ذاته الذي يحول دون أن يتقدم الأرثوذكسي نفسه إلى أخذ المناولة خارج كنيسته الأرثوذكسية.

إعداد: Giorgos Kritikos

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com