عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نشاطات وفعاليات

الرب راعيّ والافخارسيا

الرب راعيّ والافخارسيا

يوسف جريس شحادة

كفرياسيف_www.almohales.org

{المادة مختصرة هنا مقتبسة من كتابنا بجزأيه القداس الإلهي}.

"الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي.إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي.يَرُدُّ نَفْسِي. يهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ.أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي.عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ."

يعلّق القديس كيرلس الأورشليمي على المزمور:" لقد هيّأ مائدة تجاه عينيّ مقابل الذين يضايقونني.ماذا يعني بذلك إلا المائدة السرائرية الروحانية التي أعدها الله لنا.أنت مسحت بالزيت راسي وهوذا الله قد مسح جباهكم بختم الله الذي تقبّلتموه حتى إذ ينطبع الختم عليكم تصيرون مقدّسين مكرّسين لله".

ثم ترون أيضا كيف يذكر الكأس الذي شكر عليه الرب قائلا:" هذه الكأس هي دمي". وقول العلامة ديديموس الاسكندري {Didymus of ALEX}:" إن الذين حُرِموا بعد من البركات الأرضية بسبب صغر سنّهم تمنح لهم المواهب السماوية بغنى الملء،حتى حقّ لهم ان يترنّموا بالفرح قائلين:" الربّ راعيّ فلا يعوزني شيء".

ويشرح القديس كيرلس:" ان المراعي الخُضُر التي يربض فيها الراعي خرافه ينبغي ان تُفهم أنها كلمات الله التي هي دائما نضيرة وجديدة لكلمات الإنجيل المقدس التي بالهام الروح تغذّي قلوب المؤمنين وتهبهم قوّة روحانية،كذلك فالمراعي الخضر تعني الفردوس الذي انحدرنا منه وسقطنا،والذي يعود بنا المسيح ويقيمنا فيه على ماء الراحة،أي نعمة المعمودية".

القديس امبروسيوس يشرح عن الكأس_السّكر:" ان الذين يشربون  بحسب الظاهر فقط يرتوون وحسب،أما الذين يشربون "بالحقّ" فأنهم يسكرون.كم هو صالح ذلك السكر الذي يورثنا الحياة الأبدية،لذلك اشربوا من هذه الكأس التي يقول عنها داود" وكأسك المسكرة كم هي عجيبة".

والقديس فم الذهب:" ان كأسك المسكرة لهي عجيبة حقًّا، إنها الكأس الروحانية،كأس الخلاص ،كأس دم الرب،لا تصيب الإنسان بالسكر بل تهبه يقظة وصحوة".

والصورة التي يقدّمها المزمور الثالث والعشرون للمسيح الآتي نجدها واضحة جدا في حياة المسيح المعلنة في الإنجيل. 

+" أنا هو الراعي الصالح" يوحنا {ما نورده بين هلالين هو شرح الآباء من كتاب تادرس مالطي:"

في هذا المثل تظهر اليهودية كقطيع، والسيد المسيح هو الراعي الصالح الذي يأتي من الباب المعين {خلال باب النبوات} إلى القطيع. والروح القدس يفتح له الباب، ويتجاوب القطيع الحقيقي معه، حيث تشفى أعينهم ويعاينوا الراعي. يخرج بهم الراعي عن حرفية الناموس وعن الارتداد وعدم الإيمان، بينما يرفض الحرفيون الراعي الصالح.نرى في هذا المثل الآتي:

أ - السيد المسيح وليس الناموس هو باب القطيع، الباب الجديد.

ب - كل القيادات اليهودية الحرفية الرافضة للمسيح هم لصوص.

ج - المسيح وحده هو المخلص، السيد، معطي ذاته.

د - المسيح هو ذبيحة الحب يموت عن قطيعه.

ه - للراعي الصالح قطيع آخر من الأمم يضمه إلى المؤمنين من اليهود، ويقيم منهم جميعًا قطيعًا واحدًا هو كنيسة المسيح { 1 كو ، أف }

و- يتفاعل هذا القطيع الواحد مع ذبيحة المسيح الفريدة وموته الاختياري. أما عدم الإيمان فيعجز عن تقديم أي شيء سوى الارتباك والتجديف الشرير}.

+" حين أرسلكم" لوقا {أولًا: في إرساله لهم لم يسألهم شيئًا سوى التخلي عن كل شيء حتى الضروريات ليكون هو سرّ شبعهم والمدبّر لحياتهم الخاصة وعملهم الكرازي، أما الآن وقد حان وقت الصليب وجّه أنظارهم للجهاد، لا ليحملوا سيفًا ويحاربوا به كما ظن التلاميذ، وإنما ليحملوا سيف الإيمان الحيّ العامل بالمحبة. لهذا عندما قالوا له أنه يوجد سيفان، قال لهم: يكفي. وقد حسبوه أنه يقصد السيفين الماديين.

يشبه القديس يوحنا الذهبي الفم تصرفِ المسيح هذا أشبه بمدرب السباحة الذي يضع يديه تحت جسم من يدربهم وهم في المياه فيشعروا براحة وثقة، ثم يسحب يديه قليلًا قليلًا فيجاهدوا ويتعلموا. هكذا في البداية لم يحثهم السيد عن الجهاد الروحي، إنما أرسلهم للكرازة محمولين على يديه لا يحتاجون إلى شيء، والآن يسألهم الجهاد الروحي بسيف الروح الحق، ليواجهوا الضيقات ويحتملوا الصلب معه بفرح ولا يتعثروا.

لم يتركهم السيد المسيح في عوزٍ إلى شيء، بل بفيض أشبع كل احتياجاتهم حين كان معهم بالجسد، والآن لمحبته أراد لهم أن يتركهم ليحمل هو الصليب، ويصيرون كما في عوز، لكي ينعموا بخبراتٍ جديدةٍ وسط العوز والألم. المحبة التي من خلالها عاشوا فترة من الزمن في راحة بلا عوز هي بعينها التي سمحت لهم أن يمارسوا الشركة معه في آلامه. لهذا السبب كما يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير في رسائله أن الله غالبًا ما يعطي للتائبين في بداية توبتهم تعزيات كثيرة ليرفعهم ويسندهم، لكنه يسمح فينزع هذه التعزيات إلى حين، لكي يجاهدوا وسط الآلام فيتزكون، وينالون تعزيات أعظم من الأولى.

ثانيًا: يرى القديس أمبروسيوس أن السيف الذي طلب السيد من تلاميذه أن يقتنوه هو "كلمة الله" التي تُحسب كسيفٍ ذي حدين.}

+ "ان دخل بي احد" يوحنا {القديس يوحنا الذهبي الفم "أنا هو الباب،إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى". من يدخل إلى المرعى خلال المسيح، الباب الإلهي، ليس فقط ينجو من اللصوص والسراق، وإنما يتمتع أيضًا بالحرية الحقيقية. يدخل ويخرج بكامل حريته. يدخل كما إلى حضن الأب ليتمتع بأبوته الإلهية، ويخرج إلى العالم كما مع الابن المتجسد ليشهد للحب الإلهي، ويجتذب كثيرين إلى المرعى الإلهي. إنه يخلص ويرد كثيرين بروح الله إلى خلاصهم، فيفرح ويتهلل معهم، ويشبع الكل من مرعى الحب، ويتمتعون بعربون المجد، مترقبين بفرحٍ يوم الرب لمشاركة الرب مجده. إنهم يخلصون من أنياب الأسد ليعيشوا في سلامٍ فائقٍ.

تدخل الخراف من الباب لتجد نفسها في المسيح يسوع كما في بيتها الأبوي، ليست بالخراف الغريبة ولا النزيلة، بل صاحبة بيت، تتحرك بكامل حريتها، إن دخلت تستقر كما في بيتها، لأنها خرجت للعمل إنما إلى حين لتعود وتستريح!

إنه كما يقول: "يكون في أمان وضمان". ولكن بقوله "مرعى" يعني هنا الرعاية وتغذية الخراف وسلطانه وسيادته عليهم. إنه يبقى في الداخل ولا يقدر أن يدفعه خارجًا. لقد حدث هذا مع الرسل الذين دخلوا وخرجوا، وصاروا سادة كل العالم، ولم يوجد من يقدر أن يطردهم.

القديس يوحنا الذهبي الفم :"كما أنه هو "الطريق"، وليس طريقًا بين طرق كثيرة، إنما الطريق الوحيد الذي يقودنا إلى حضن الآب، هكذا هو "الباب"، لا نقدر أن ندخل السماء من باب آخر غيره، هو الباب الوحيد.

لنسمو بأفكارنا على اليهود، فإنهم حقًا يقرون بتعاليمهم بالله الواحد، ولكن ماذا يكون هذا وهم ينكرونه خلال عبادتهم للأصنام؟! لكنهم يرفضون أنه أبو ربنا يسوع المسيح. وهم بهذا ينقضون أنبياءهم الذين يؤكدون هذا في الكتب المقدسة، إذ جاء "الرب قال لي أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك" {مزمور }

إنهم إلى يومنا هذا يرتجون مجتمعين على الرب و على مسيحه (مز } حاسبين أنهم قادرون أن يكونوا أصدقاء للآب وهم منفصلون عن تعبدهم للابن، جاهلين أنه لا يأتي أحد إلى الآب إلا بالابن القائل:"أنا هو الباب والطريق" { يوحنا }.

فمن يرفض الطريق الذي يقود إلى الآب وينكر الباب، كيف يتأهل الدخول لدى اللّه (الآب)؟! إنهم يناقضون ما جاء في المزمور الثامن والثمانين: "هو يدعوني أبي. أنت إلهي وصخرة خلاصي. أنا أيضًا اجعله بكرًا أعلى من ملوك الأرض {مزمور }.

القديس كيرلس الأورشليمي:"أقول حقًا إننا ندخل حينما ننشغل بتدريبٍ للفكر داخليًا، ونخرج حينما نمارس عملًا خارجيًا. وكما يقول الرسول إن المسيح يحل في قلوبنا بالإيمان { أف } أن ندخل في المسيح، أي نسلم أنفسنا للفكر، حسن هذا الإيمان، أما أن نخرج بالمسيح، فهو أنه بذات الإيمان نمارس أعمالًا في الخارج، أي في حضور آخرين. هنا نقرأ في مزمور: "يخرج إنسان لعمله" {مز }. ويقول الرب نفسه: "لتضئ أعمالكم قدام الناس" {مت }... أيضًا يبدو لي أنه يعني أنه تكون لهم الحياة في دخولهم وحياة أوفر في رحيلهم... فإنه لا يستطيع أحد أن يخرج بالباب - أي بالمسيح، إلى تلك الحياة الأبدية الذي يُفتح للنظر ما لم يدخل كنيسته بذات الباب أو بذات المسيح نفسه، التي هي قطيعه في الحياة المؤقتة التي تُمارس بالإيمان.

"ويجد مرعى" مشيرًا إلى كليهما: الدخول والخروج، إنهم هناك فقط سيجدون المرعى الحقيقي حيث يشبع الجائعون والعطشى إلى البرّ. هذا المرعى يوجد بواسطة ذاك الذي قيل له: "اليوم تكون معي في الفردوس" {لو }.

القديس أغسطينوس:"يدخل ليجد إيمانًا، ويخرج من الإيمان إلى الرؤية، ومن الاعتقاد إلى التأمل. يجد مرعى في انتعاشٍ أبديٍ. سيجد قطيعه مرعى، لأن من يتبعه بقلب بريء ينتعش بطعامٍ أبدي.ما هي مراعي هذه القطعان إلا المباهج الأبدية للفردوس الدائم الخضرة؟مرعى المختارين هو وجه الله شخصه. عندما نراه، تشبع قلوبنا بطعام الحياة إلى النهاية.الذين يهربون من مصائد الملذات الوقتية يفرحون في تلك المراعي في كمال الأبدية. هناك طغمات ملائكة تتغنى بالتسابيح، هناك صحبة المواطنين السمائيين.

 البابا غريغوريوس  الكبير

"السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك،وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة،}

+ "ان عطش احد فليقبل" يوحنا {وفي اليوم الأخير العظيم من العيد،وقف يسوع ونادى قائلًا: إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب".

الذين التصقوا بموسى النبي شربوا ماءً من الصخرة في البرية حيث كانت الصخرة تتبعهم وتفيض عليهم بما يرويهم، أما من يؤمن بالسيد المسيح فيحمل الصخرة في داخله، وينطلق الفيض لا من الخارج بل من بطنه، أي من إنسانه الداخلي حيث يُقام ملكوت الله.

يدعو اليهود الماء الجاري ماءً حيًا، لأنه دائم الحركة، لن يتوقف عن الحركة. هكذا إذ يوجد السيد المسيح في القلب يتمتع المؤمن بنعمة فوق نعمة، تفيض هذه النعم على من هم حوله {أم }. فلا يكفينا أن نشرب من المجرى الذي في داخلنا، لنستريح بالنعمة الإلهية المعطاة لنا، وإنما يلزم أن يفيض هذا المجرى الداخلي ليروي الكثيرين. الأرض الجافة المقفرة ليس فقط تتحول إلى فردوسٍ، وإنما تفيض بمياهها على نفوس جافة كثيرة لتشاركها الطبيعة الفردوسية الجديدة.

في اليوم الأخير من العيد وقف السيد المسيح يقدم دعوة للشعب العائد إلى بيوتهم، قدمها علانية مناديًا بصوتٍ عالٍ. في الأيام الأولى للعيد يقدمون ذبائح من أجل السبعين دولة في العالم، أما اليوم الأخير فمخصص لإسرائيل وحده. لهذا كان اليوم الثامن يُحسب "العظيم"، له تقديره الخاص.

إنه لا يقول: "يجب أن تشربوا، يجب أن تجروا، أردتم أو لم تريدوا"، بل من كان راغبًا وقادرًا على الجري والشرب، فسيغلب ويرتوي.

القديس جيروم:"إنه ليس بالأمر التافه أننا نقرأ أن نهرًا ينبع من عرش اللَّه، إذ تقرأون كلمات الإنجيلي يوحنا في هذا الفحوى: "وأراني نهرًا صافيًا من ماء حياة لامعًا كبلّورٍ خارجًا من عرش اللَّه والخروف. في وسط سوقها، وعلى النهر من هنا ومن هناك شجرة حياة تصنع اثنتيّ عشر ثمرة، وتعطي كل شهر ثمرها، وورق الشجرة لشفاء الأمم" {رؤ}. هذا بالتأكيد النهر الصادر عن عرش اللَّه، أي الروح القدس الذي يشرب منه من يؤمن بالمسيح كما قال المسيح نفسه.

القديس أمبروسيوس:"اذ ينتهي الأمر بأن يكون على المرء أن يأخذ كل شيء من داخل النهر أو الوادي، وأن يتهلل بذلك، نقول إن ربنا يسوع المسيح يُقارن بنهرٍ، فيه نجد كل مسرة وتمتع في الرجاء، وفيه نفرح فرحًا روحيًا إلهيًا.

القديس كيرلس الكبير:"إن كنا عطشى فلنأتي، لا بأقدامنا بل بعواطفنا. لنأتي لا بالتحرك من موضعنا بل بالحب. بالرغم من أنني حسب الإنسان الداخلي من يحب يتحرك أيضًا من مكانٍ؛ من غيَّر مكانه يهجر بجسده ذلك بحركة القلب. إن كنت شيئًا ما وكنت قبلًا تحب شيئًا آخر فأنت الآن لست في ذات الموضع الذي كنت فيه.

القديس أغسطينوس:"إن الروح بالرغم من اتحادها مع اللّه فهي لا تشعر بملء السعادة بطريقة مطلقة. كلما تمتعت بجماله زاد اشتياقها إليه.

إن كلمات العريس روح وحياة {يو  } وكل من التصق بالروح يصير روحًا. كل من التصق بالحياة ينتقل من الموت إلى الحياة كما قال الرب.

وهكذا فالروح البكر تشتاق دائمًا للدنو من نبع الحياة الروحية. النبع هو فم العريس الذي تخرج منه كلمات الحياة الأبدية. إنه يملأ الفم الذي يقترب منه مثل داود النبي الذي اجتذب روحًا خلال فمه {مز }. لما كان لزامًا على الشخص الذي يشرب من النبع أن يضع فمه على فم النبع، وحيث أن الرب ذاته هو النبع كما يقول: "إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب" {يو }؛ لذلك فإن الأرواح العطشانة تشتهى إن تضع فمها على الفم الذي ينبع بالحياة، ويقول: "ليقبلني بقبلات فمه" نشيد }.

من يهب الجميع الحياة ويريد إن الجميع يخلصون يشتهى أن يتمتع كل واحد بنصيب من هذه القبلات، لأنها تطهر من كل دنس.

 يلزمنا أن نفكر بعمقٍ في الكلمات المقدسة بالنشيد: "هلمي معي من لبنان، هلمي معي من لبنان انظري من رأس أمانة، من رأس شنير وحرمون،من خدور الأسود من جبال النمور" {نش  }.

ماذا نفهم إذن من هذه الكلمات؟

يجذب ينبوع النعمة إليه كل العطشى. وكما يقول الينبوع في الإنجيل: "إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب" {يو  }.

لا يضع المسيح لهذه الكلمات حدودًا لعطشنا ولا لتحركنا نحوه، ولا لارتوائنا من الشرب، ولكن يمتد أمره إلى مدى الزمن، ويحثنا أن نعطش وأن نذهب إليه. وإلى هؤلاء الذين ذاقوا وتعلموا بالتجربة أن اللّه عظيم وحلو {مز  }، فإن حاسة الذوق عندهم تُصبح حافزًا لزيادة التقدم. لذلك فالشخص الذي يسير باستمرار نحو اللّه لا ينقصه هذا الحافز نحو التقدم.

إذا أردنا أن نسوق شاهدًا أعظم من الكتاب المقدس نسجل ما قاله السيد المسيح إلى هؤلاء الذين آمنوا به: أنهار ماء حي ستفيض من كل من يؤمن به "من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي" {يو }. وتُضيف أن القلب النقي يُشار إليه بالتعبير "بطن". ويصبح لوح للشريعة المقدسة {رو } كما يقول الرسول. ويوضح تأثير الشريعة المكتوبة في القلب ليس بحبرٍ {2 كو }، ولكن بروح اللّه الحي الذي يرسم هذه الحروف في النفس، وليس على ألواح حجرية كما يقول الرسول، ولكن على لوح القلب النقي، الخفيف والمضيء.

يلزم أن تُنقش الكلمات المقدسة الموجودة في الذاكرة النقية الصافية، على القدرة القائدة للنفس، بحروف بارزة واضحة. تُشير الزفير في الحقيقة إلى تمجيد بطن العريس فقط باللوح الذي يشع نورًا بلون السماء.

ترشدنا هذه الصورة لكي نكون متنبهين للأشياء السماوية، مكان كنزنا {مت }. فإذا ثبتنا في حفظ وصايا اللّه تتكون لدينا آمال مقدسة تنعش عيون نفوسنابعد ذلك يرفع النشيد العروس إلى أعلى قمة للمجد، مُضفيًا عليها اسم ينبوع المياه الحيّة المتدفقة من لبنان. لقد تعلمنا من الكتاب المقدس عن طبيعة اللّه المعطية للحياة كنبوة من شخص اللّه تقول: "تركوني أنا ينبوع المياه الحيّة" {إر }. ثم يقول السيد المسيح للمرأة السامرية: "أجاب يسوع وقال لها، لو كنت تعلمين عطية اللّه، ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماء حيّا" {يو   }. ثم قال: "إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه" {يو }.

تقول كل من هذه الفقرات أن الماء الحي هو الطبيعة المقدسة، لذلك جاز للنشيد أن يسمى العروس بصدق بئر ماء حي يفيض من لبنان. هذا في الحقيقة يتعارض مع ما هو معروف، فجميع الآبار تحتوى مياه ساكنة، والعروس وحدها عندها مياه جارية في بئر عميق، ومياهها تفيض باستمرار.

من يقدر ويستحق أن يفهم العجائب الممنوحة للعروس؟ يتضح أنها قد وصلت إلى أقصى ما تتمناه، فقد قورنت بالجمال الأبدي الذي منه نشأ كل جمال. وفي نبعها تشبه نبع عريسها تمامًا، وحياتها بحياته، وماؤها بمائه. إن كلمته حية، وبها تحيا كل نفس تستقبله.

هذه المياه تفيض من اللّه كما يقول ينبوع المياه الحيّة: "لأني خرجت من قبل اللّه وأتيت" {يو }

تحفظ العروس فيض مائه الحي في بئر نفسها، وتصبح بيتًا يكنز هذه المياه الحيّة التي تفيض من لبنان، أي التي تكوّن سيولًا من لبنان، كما يقول النص.

لقد أصبحنا في شركة مع الله بامتلاكنا هذه البئر، حتى نحقق وصية الحكمة {أمثال }، ونشرب مياها من بئرنا، وليست من بئرٍ آخر. نتمتع بهذا في المسيح ربنا له المجد والعظمة إلى الأبد آمين

القديس غريغوريوس النيسي :"يشار إلى الرب أنه نهر يفيض بنعمته ليروي ظمأ بني البشر {مز يفيض على الأمم بالسلام والمجد {اش "}

+ "من آمن بي وان مات" يوحنا {من آمن بي ولو مات فسيحيا".

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com