عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التراث العربي المسيحي

دور أكرم للعذراءالوالدة مريم! (بقلم الأب د. بيتر مدروس)

دور أكرم للعذراءالوالدة مريم!

(بقلم الأب د. بيتر مدروس)

ما زال مسلسل الشّهداء نهرًا لا ينبض معهدم المنازل ومصادرة الأراضي... ويقابله من النّاحية "المعنويّة" قذف المؤمنين المسيحيّين بالبندورة والخضار الفاسدة وحرق كنائس وأديرة، هذا بعد اقتحامات للمسجد الأقصى ما عادت تقع تحت حصر. ولا تكتفي الصّهيونيّة بحرق الأرض بل تسعى فسادًا في أمور هي لنا، نحن المسيحيّين، بمثابة قتل معنويّ للنّاس بضخّ الأفكار المفسدة من إجهاض وموت رحيم واتحادات مثليين ومعاداة للكنيسة وهدم للعائلات بتفريقها عقائديًّا ومصادرة الفكر والعقل. وقبل كلّ هذه، تبثّ الحيّة الجهنّميّة القديمة سمومها لدى "مسيحيّين" ضعفاء تشحنهم، عن طريق دعاة أعاجم، لمعاداة السيّدة العذراء والتقليل- حاشى – من قدرها. ولا عجب فهذا نسل الأفعى ولكن السيّد المسيح، نسل المرأة، سيسحق رأس الحيّة (تكوين 3: 15). ولا شكّأنّ والدته الطّهور تفرح لانتصاره. فأهلينا لمدحك ايتها البتول القدّيسة: أعطينا قوّة على أعدائك، إذ محال أن يتجاهلك أحد ويكون للمسيح ابنك محبًّا وأن يستهين بقدرك مخلوق وهو يزعم أو يتوهّم أنه يوقّر السيد المسيح نجلك!

طبعًا، كل إكرامنا للسيدة العذراء مربوط بكونها أمّ المسيح

هذا تحصيل حاصل. ولكن لا يعني الاستغناء عن السيّدة البتول، بحدّ ذاتها، في تفكيرنا وتقوانا. نسمع الكلام غير السويّ: "ولدت المسيح وكفى!" ومن من أمّهاتنا المحبوبات المحبّات "ولدتنا وكفى". أتركتنا في الشارع، في إحدى الزوايا، أم ألقتنا أطفالاً بقرب أحد الأديرة أو إحدى المؤسسات؟ وكذب تبلّي بعضهم أنّ الكنيسة "تبالغ" في إكرام العذراء أو – لا سمح الله- "عبادتها. ولكن أحد القديسين قال: "في شأن مريم العذراء، لا  كفاية في المدح والإكرام"، فالسيدة العذراء مريم وحدها عبر التاريخ تتمتع بفرح الأمومة وشرف البتولية. وحسبها أنها اختيرت لتكون أم المسيح. وهنا يصدق فيها ما قاله المتنبي- زورًا- عن والدته:

"لو لم تكوني بنت أكرم والد                  لكان أباك الضّخم كونك لي أمّا".

 

 

فذلكة قديمة جديدة: دور العذراء هو فقط أن "تدلّنا على المسيح"!

حتّى في النّاصرة،وطن العذراء ومملكة بشارتها، نسمع هذه التّرهة! فتعالوا أيها القوم نتحاجج! دورها "معنا نحن"، "المهمّ" نحن، الآن واليوم هو فقط إشارة مرور تشير إلى المسيح!ولكن ألا يجدر بالمعترض أن يتساءل أوّلاً: ماذا كان دورها للمسيح، جنينًا وطفلاً ويافعًا وشابًّا وشهيدًا ؟ يجيبك القوم: كلّ هذا انتهى، ونحن أولاد اليوم! ولكن الحاضر لا يمحو الماضي الذي من غيره لما أتى عصرنا هذا! على كلّ حال، شاء المعترض أم أبى، كانت السيّدة الأمّ مريم كانت الكلّ وكانت كل شيء للجنين يسوع والطفل يسوع، على الأقلّ مدة سنتين، ككل أم صالحة. تقولون: "وظيفة العذراء اليوم أن تدلّنا على المسيح" كقولك أن كلّ دور والدة عبقري أو قدّيس هو فقط أن تدلّ عليه أي بالعربي أن لا وجود لها من غيره. ولكنّ البتول الوالدة كانت هي، يا سادة، ومعها القديس يوسف العفيف، دليلة المسيح ومربّيته ومرشدته وحاضنته وحاميته، كانت هي المرجع والملجأ والصدر الحنّان والحضن الدافىء، كانت هي الدنيا، "والدنيا أمّ".

في الكتاب المقدّس: السيّد المسيح نفسه هو الّذي دلّ على أمّه وأكرمها، وما يزال!

بعد ما أخبرنا "الطبيب الحبيب لوقا" بإلهام من روح الله ووحي منه تعالى، أنّ العذرا الحاضنة والأمّ والمربّية "والدّليلة" "وعن خضوع الفتى يسوع لها ولمار يوسف" (لوقا 1: 52 وتابع) وإكرامه لها في قانا الجليل (يوحنا 2: 1- 11) مع معارضة أوّليّة رامت اختبار إيمانها، نقرأ في يوحنّا 19 : 25 أنّ يسوع "دلّ" التلميذ الرسول المحبوب على والدته الطهور مريم: "قال للتّلميذ: هذه أمّك!" ألا يمكن لنا، بمنطق الكتاب المقدّس، أن نفرض هذه الأمومة الرّوحانيّة المؤثّرة المأثورة لكلّ بني البشر، أم هي حكر ليوحنا ابن سالومة وزبدى لا نستطيع إلاّ أن نحسده عليه ؟ أليست أمّ المسيح أمّنا نحن أيضًا؟ وإن قلت "لا" يا أخي، فها نحن نذكّرك بأنّ المسيح هو آدم الجديد والرأس والكرمة، وأمّ آدم الجديد هي أمّ الإنسانية الجديدة، وأمّ الرأس هي أمّ الأعضاء وأمّ الكرمة هي أمّ الأغضان. هذا كتاب مقدّس بحت يطالعه المؤمن بالعقل والمنطق والذوق السليم. أمّا إذا رفض بعضهم- وهم كثر- أمومة العذراءفهذا يعني أنّ المسيح خصّ تلميذا وحيدًا وفريدًا بهذا الامتياز وتركنا بلا أمّ! وإذا أصرّ على الرّفض فهو من الخاسرين!

 

 

"العذراء تدلّنا فقط على المسيح!"

كما كان يقول الأب الراحل يعقوب حنّا سعادة: "يبقى الاعتراض عنيدًا". وفي اللغة السريانيّة "عنيد" تعني "ميت"، ولا أعند من الموت ولا أقرب إليه من العناد! يقول المتغافل عن السيّدة أنها "فقط موجودة للإشارة إلى يسوع": فما الفرق بينها وبين الرسل وخصوصا بطرس وبولس؟ وما الفرق بينها وبين كلّ الذين حملوا الإنجيل ورفعوا راية المسيح عبر العصور؟ ويأتي المنطق السليم والحس القويم بأبسط الرّدود: الفرق بينها – منها السلام- وبين كل القديسين الذين أعلنوا اسم المسيح أنها هي والدته، بحيث أن ما من أحد يحبّه مثلها وما من أحد يحبّه هو مثل ما يحبّها. أمّا إذا استهان المعترض بالأمومة، فهذا نقص رهيب وجرح عميق وخلل سحيق!

اعتراض: "رَفَضَ المسيح أي مدح لوالدته"!

هذا ما يظهر للقارىء السّطحيّ أو لحامل الأفكارالسلبية المسبقة المستوردة من غرب سكسوني لا يعرف بما فيه الكفاية قدر الأمومة ويحاربها حتى الآن. قصد يسوع دومًا أنّ القرابة الجسدية مع والدته فريدة وحيدة ووسّع تلك القرابة إلى كل "من يسمع كلام الله ويحفظه" و"كل من يعمل بمشية الله". وهذا المديح يشمل والدته أيضًا التي عملت بمشيئة الله وقالت للملك المبشّر: "ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك". وكانت دائمًا "تحفظ هذا الكلام وتتأمل به في قلبها".

خاتمة

"من ثمارهم تعرفونهم": الهدم والتّشكيك والاستهانة بالعذراء – حاشى- وفي الموضوع، شعوريًّا أم لاشعوريًّا- احتقار للمرأة في علاقة باثولوجية في نفوس أصحابها مرض، فالتخفيف من قدر العذراء- لا سمح الله- استهانة بالأم وبوالدة كلّ منّا، وتجاهل معاناتها في الحمل والنفاس والولادة والتربية والإرضاع وسواها من مهمات الأمومة خروج عن العقل السليم والذوق القويم. ووضع أنفسنا، كما يفعل القوم المعترضون، في مرتبة أعلى شأنا من المسيح نفسه بالقول:"ما يهمّ الآن هو دورها لنا نحن"، هو ضرب من الكفر وعدم الاتّزان، فمن نحن أمام المسيح والعذراء؟ وكفانا استخلاصًا للعبر والنتائج. لذا، نصلّي من أجل أولئك الإخوة الّذين شطّوا عن سواء السبيل ونطلب لهم ولعائلاتهم الهداية ونسأل العليّ أن يزيد أو يوجد عندهم الاحترام لأمهاتهم وزوجاتهم وشقيقاتهم وبناتهم اللواتي لن يجدن في المسيحية أسمى من مريم ولا أعظم!

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com