عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E صلوات وتاملات

الله والكنيسة

الله والكنيسة

الجزء الثاني

 

شكرا للسيد ابراهيم جهشان لارساله هذه المقالة فليباركه الرب{ ادارة الموقع }.

 

الكنيسة جسد المسيح

(هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح) (رو5:12). بين المسيح والكنيسة أوثق ما تكون الصلة، وفي عبارة لاغناطيوس الأنطاكي: (حيث يكون المسيح، تكون الكنيسة الجامعة) {رسالته إلى أهل أزمير، 8، 2. راجع (الآباء الرسوليون)، منشورات النور}. والكنيسة امتداد للتجسد والمكان الذي يستمر فيه. وكما كتب أحد اللاهوتيين اليونان، خرستوس أندروتسوس، الكنيسة هي (مركز وأداة عمل المسيح الخلاصي... وما هي إلا استمرار وامتداد لسلطته النبوية والكهنوتية والملكية... والكنيسة ومؤسسها متصلان اتصالاً لا تنفصم عراه... الكنيسة هي المسيح معنا) {(اللاهوت العقائدي)، أثينا، 1907، ص262 إلى265}. والمسيح لم يترك الكنيسة حين صعد إلى السماء، إذ وعد: (ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر) (متى20:28)، وأيضاً: (حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم) (متى20:18).

وتتم الوحدة بين المسيح والكنيسة بصورة رئيسية من خلال الأسرار المقدسة: فبالمعمودية يدفن المرء وينهض مع المسيح، وفي سر الشكر يشترك أعضاء جسد المسيح، أي الكنيسة، بجسده. والإفخارستيا، إذ توحِّد أعضاء الكنيسة مع المسيح، فإنها في الوقت نفسه توحِّد فيما بينهم: (فإننا نحن الكثيرين خبز واحد وجسد واحد لأننا جميعاً نشترك في الخبز الواحد) (1كور17:10). والإفخارستيا هي التي تنشئ وحدة الكنيسة. فالكنيسة، كما رأى اغناطيوس الأنطاكي، مجتمع إفخارستي وكيان أسراري، يوجد في أكمل وجوهه حيث يقام سر الشكر. وليس من قبيل المصادفة أن يكون معنى تعبير (جسد المسيح) يدل على الكنيسة وعلى سر الشكر معاً، وأن تدل عبارة (شركة القديسين) في (دستور إيمان الرسل) على (شركة الشعب المقدس) (أي شركة القديسين) وعلى (شركة القدسات) (أي الشركة في الأسرار).

وينبغي لنا أن نفكر بالكنيسة بمنطق الأسرار أولاً. فتنظيمها الخارجي، مهما علا شأنه، يأتي في المرتبة الثانية بعد حياة الأسرار فيها.

الكنيسة امتداد العنصرة

التأكيد إلى هذا الحدّ على أن الكنيسة جسد المسيح قد يكون على حساب دور الروح القدس. ولكن كما سبق وأشرنا، يكمِّل الابن والروح القدس واحدهما دور الآخر في عملهما بين البشر، وهذا المبدأ صحيح في عقيدة الكنيسة كما في أي أمر آخر. وفي حين قال اغناطيوس الأنطاكي إنه (حيثما يكون المسيح، تكون الكنيسة الجامعة)، يؤكد ايريناوس بحق أيضاً أنه (حيثما تكون الكنيسة، يكون الروح القدس، وحيثما يكون الروح القدس تكون الكنيسة) {(ضد الهرطقات)، 3، 24، 1}. فكون الكنيسة جسداً للمسيح يعني بالضبط أنها أيضاً هيكل الروح القدس ومحل إقامته.

والروح القدس هو روح حرية. ففي حين يوحِّدنا المسيح، يعمل الروح القدس على تأمين تعدديتنا اللامتناهية ضمن الكنيسة. في العنصرة، كانت الألسنة النارية مقسومة، تنزل على كل شخص حاضر منفرداً. هبة الروح القدس هي هبة للكنيسة، لكنها في نفس الوقت هبة شخصية يستوعبها كل إنسان على طريقته. (فأنواع مواهب موجودة ولكنّ الروح واحد) (1كور4:12). والحياة في الكنيسة لا تعني غياب الميزات الخاصة، ولا تستوجب فرض نموذج موحد جامد على الجميع، بل على العكس تماماً. القديسون لم يتصرفوا أبداً وفقاً لرتابة قاتمة، بل برهنوا على أنهم شخصيات متمايزة جداً. فليست القداسة مملّة ورتيبة وإنما الشر هو مصدر الضجر.

الكنيسة منظورة وغير منظورة:

تلك هي إذاً بإيجاز، العلاقة الموجودة بين الكنيسة والله. فالكنيسة التي هي أيقونة الثالوث القدوس وجسد المسيح وملء الروح، هي في آن منظورة وغير منظورة، إلهية وبشرية. هي منظورة لأنها مكوّنة من جماعات حسّية تصلّي على الأرض. وهي غير منظورة لأنها أيضاً كنيسة القديسين والملائكة. وهي بشرية لأن أعضاءها على الأرض خطأة، وهي إلهية لأنها جسد المسيح. وليس ثمة فصل بين المنظور وغير المنظور، لأن كليهما يكوّنان حقيقة فريدة مستمرة. (الكنيسة المنظورة، أي الكنيسة التي على الأرض، تعيش في شركة ووحدة كاملة مع كل جسد الكنيسة الذي يرئسه المسيح) {خومياكوف، (الكنيسة واحدة)، القسم الثاني}. تقف الكنيسة عند نقطة تقاطع الدهر الحاضر والدهر الآتي، وهي تعيش في كلا الدهرين معاً.

والأرثوذكسية، في الوقت الذي تستخدم فيه عبارة (كنيسة منظورة وكنيسة غير منظورة)، تؤكد على عدم وجود كنيستين بل كنيسة واحدة. ويقول اللاهوتي الروسي الشهير خومياكوف في هذا الصدد: (فقط بالنسبة للإنسان يمكن قبول التفريق بين الكنيسة المنظورة والكنيسة غير المنظورة، ذاك أن وحدتها هي في الواقع وحدة حقيقية مطلقة. فأولئك الذين لا يزالون في هذا العالم، وأولئك الذين فرغوا من تطوافهم الأرضي، وأولئك الذين على غرار الملائكة لم يولدوا ليحيوا على هذه الأرض، وأولئك المنتمون للأجيال المقبلة الذين لم يبدأوا بعد حياتهم البشرية، جميعهم يتّحدون في الكنيسة الواحدة، في نعمة الله الوحيدة... الكنيسة، جسد المسيح، تتكامل وتتمثل عبر الزمان بدون أي تغيّر في وحدتها الأساسية وحياة النعمة فيها. لذا فإن الحديث عن الكنيسة المنظورة وغير المنظورة، حديث بالنسبة للإنسان فقط) {(الكنيسة واحدة)، القسم الأول}.

فالكنيسة، في رأي خومياكوف، تكتمل على الأرض دون أن تفقد خصائصها الأساسية. وهي في رأي الأب جورج فلوروفكسي (الصورة الحسية للأبدية في الزمان) {(سوبورنوست: جامعية الكنيسة)، في (كنيسة الله)، ص63}. وهذه نقطة أساسية في التعاليم الأرثوذكسية. فالأرثوذكسية لا تكتفي بالإيمان بكنيسة مثالية غير منظورة وسماوية، لأن هذه (الكنيسة المثالية) موجودة على الأرض بشكل منظور ضمن حقيقة ملموسة.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com