عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E سير قديسين

مجنون كورة الجرجسيين

للقديس مقاريوس الكبير: سؤال: «ماذا يعمل الإنسانُ المخدوع بأسبابٍ واجبةٍ وبإعلاناتٍ شيطانية تشبه الحقيقة»؟

الجواب: «يحتاج الإنسانُ لذلك الأمرِ إلى إفرازٍ كثيرٍ ليميزَ بين الخيرِ والشرِ، ولا يُسلِّم نفسَه بسرعةٍ، فإن أعمالَ النعمةِ ظاهرةٌ، التي وإن تشكَّلت بها الخطيةُ فلا تقدر على ذلك، لأن الشيطانَ يعرفُ كيف يتشكَّل بشكلِ ملاكِ نورٍ ليخدعَ، ولكن حتى ولو تشكَّل بأشكالٍ بهيةٍ، فإنه لا يمكنه أن يفعلَ أفعالاً جيدةً، ولا أن يأتي بعملٍ صالحٍ، اللهم إلا أن يسببَ بذلك الكبرياءَ، أما فعلُ النعمةِ فإنما هو فرحٌ وسلامٌ ووداعةٌ، وغرامٌ بالخيراتِ السمائية، ونياحٌ روحاني لوجهِ الله، وأما فعلُ المضادِ فبخلاف ذلك كلِّه، فهو لا يُسبب تذللاً ولا مسرةً ولا ثباتاً، ولا بغضاً للعالمِ، لا يُسكِّن الملاذ، ولا يهدئ الآلام، فإذن من الفعلِ تَعلَم النورَ اللامعَ في نفسِك، هل هو من اللهِ أو من الشيطانِ، والنفس بها إفرازٌ من إحساسِ العقلِ، به تعرف الفرقَ بين الصدقِ والكذب،كما يميز الحنكُ الخمرَ من الخلِ، وإن كانا متشابهيْن في اللونِ، كذلك النفسُ من الإحساسِ العقلي تميز المنحَ الروحانية من التخيلاتِ الشيطانية».

قيل عن القديس بفنوتيوس: إنه حظي بمعرفة الكتبِ الإلهية حديثةً وعتيقةً، يتلوها جميعاً عن ظهرِ قلبٍ، رغم أنه لم يتخذ كتاباً، وكان وديعاً إلى أبعدِ غايةٍ، هذا مكث سبعين سنةً لم يملك فيها ثوبين. ولما وجدتُه أنا وأوغريس الطوباوي وألبيانوس طالبناه بمعرفةِ أسباب الإخوةِ الساقطين والمنحرفين عن السيرة اللائقة. واتفق في تلك الأيامِ أن توفي ساربمون الناسك وهو جالسٌ في مقبرةٍ ممسكاً بالضفيرةِ، كما اتفق لأخٍ آخر أن هوى عليه الجبُ بينما كان يحفرُه فَطَمَره، كذلك حدث لأخٍ آخر كان حاضراً من الإسقيط أن مات مخطوفاً فجأةً، وتجارب حال اسطفان وأفرونيوس الساقطين في زنىً قبيح، وإيرن الإسكندري وأولس الفلسطيني وفطمس الإسقيطي، وفحصنا الأسبابَ التي تؤدي بقومٍ ذوي فضيلةٍ ساكنين البرية، إلى أن تفسد عقولُ بعضِهم، وتستولي الحنجرةُ على آخرين، ويكابد الفسقَ آخرون، فأجاب: «السببُ في ذلك هو أن جميعَ ما يصير في الناسِ ينقسم إلى قسمين: قسمٌ بمشيئةِ الله وقسمٌ بسماحٍ منه، وبين المشيئة والسماح فرقٌ ليس بقليل، فكلُّ ما كان من الصلاحِ والخير فهو بمشيئة الله، وكلُّ ما كان من الأمور المهلكةِ فإنه يحدث بسماح منه، والسماح يقع من شرِّ المخدوعين، وعدم الشكر للمعطىَ على نعمتهِ، فلما يستولي على البعضِ الجهلُ والأبهةُ والعجرفةُ، فإنهم ينسبون صلاحَهم إلى أنفسِهم أي كأنهم بكثرةِ حرصِهم وتعبهم أحكموا ما أحكموه، فيترفعون على غيرِهم من إخوتهم الأصفياء، فيسمح الله الصالحُ بسقوطهم أي يعريهم من معونته فيحصلون في السقطةِ التي سبَّبها الشيطانُ لهم، وأيضاً يتفق لقومٍ يشتهون تحصيل المناظر والإعلانات بدون استحقاقهم ذلك من النعمةِ، فتحزنهم الشياطين بمناظر كاذبةٍ».

كان إنسانٌاسمُه اصطفان، سالكاً طريقَ النساكِ ساكني البريةِ، هذا أقام في مصارعةِ التقشف سنين عديدة، وكانت قلايته في منحدرِ الجبلِ الذي سكنه إيليا، وفي أواخر أيامهِ صعد إلى ذروةِ الجبلِ في مواضع حرجةٍ مغشوشةٍ ليس فيها عزاء، فأقام هناك مصلياً نادباً متجملاً بجميع الفضائلِ، فمرض مرضاً قضى فيه نحبه، وقبل موته بيومٍ واحدٍ، شَخَصَ بعقلِه وعيناه مفتوحتان والتفتَ يُمنى ويُسرى، وكأن محاسِباً يحاسبه والجماعةُ تسمع، فكان مرةً يقول: «نعم، هذا صحيح». ومرةً يقول: «لا، هذا كذب». ومرةً أخرى: «نعم، إلا أنني صُمتُ عوض هذا كذا وكذا وبكيتُ وتعبتُ». وفي أشياءٍ أخرى كان يقول: «نعم، وليس لي ما أقول في هذا، ولكن رحمةَ اللهِ كثيرةٌ». وفي أشياءٍ أخرى يقول: «لا، هذا كذب، لم أفعله». وكان المنظرُ مبهراً مفزعاً، وعلى هذه الصفةِ فارق الدنيا محاسَباً، وأما ما انتهى إليه أمرُه، ومصيرُ القضيةِ بالنسبةِ إليه فما أبانها.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com