عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الشفاعة في المسيحية
الشفَاعة في الـمَسيحيَّة
Intercession in Christianity

عن الكتب التالية:
- الإختلافات العقائدية والطقسية ج1 البروتستانت
- العقائد اللاهوتيّة والطقسيّة
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لدار المنشورات الفرعونيّة 

للدكتور انطوان يعقوب
دكتوراه في اللاهوت
دكتوراه في الدراسات الدينيّة

   البروتستانت بصفة عامة ، والأدفنتست وشهود يهوه بصفة خاصة ، يرفضون الشفاعة في الـمسيحيّة وينكرونها ، ويعتبرونها وساطة بين العابد والـمعبود ، وبعتبروا ذلك كسراً للوصية القائلة " لنا شفيع عند الآب يسوع الـمسيح البار"(1يو2: 1) ،كما قال مُعلمنا بولس:"لأنه يوجد إله واحد ، ووسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع الـمسيح"(1تيمو2: 1) مع أن كل الكنائس الرسوليّة تتّشفع بالقديسين والشُهداء . وتعالوا معاً لندرس موضوع الشفاعة في الـمسيحيّة.
   الشفاعة هي لُغة الطلّب والتوسل ، الـمَقصود بها طلب حماية أو مُساعدة، وفي الـمُصطلّح الكنسيّ هُناك نوعان من الشفاعة:
الأُولى: شفاعة مُطلّقة، وهي خاصة بالرب يسوع المسيح باعتباره وسيطنا الوحيد أمام العرش الإلهي.
الثانية : شفاعة إضافية وهي الـمُعطاة للقديسين الأبرار ، الذين إنتقلوا عنا، فنتوسط ، أو نتشفع بهم لقبول الله صلاتنا ، باعتبارهم 

أبرار، وباعتبارنا خُطاة. وبما أن هؤلاء الأبرار مقبولون أمامه ، لهذا ففي حاجتنا نتوسل إليهم طالبين منهم التوسط لنا ، وليس في هذا غرابة ، بل إنه مقبول عقلاً وديناً، كما أن الله، سُبحانه وتعالى، سمحَ بذلك منذ البداية، كما هو واضح من أسفارِ الكتاب الـمُقدس.
 لاشك أن الديانة المسيحية لا تقبل وسيطاً بين المؤمن الـمُتعبد وربه، غير يسوع المسيح، فهو رئيس كهنتنا، ومؤسِّس كنيستنا، وفادي البشرية. "فليس بغيره يُمكن لأحد الخلاص"(أع4: 12).
  غير أن كنيستنا الجامعة الـمُقدسة الرسوليّة قد تسلّمتْ منذ فجرها الأول وجوب تكريم الشُهداء والرسُل والقديسين كمُحبي الله ، ولذلك الـمؤمنون في صلواتهم يطلبون صلوات وشفاعات القديسين ، وليس في ذلك ما يُخالف تعاليم الكتاب المُقدس التي تُظهر لنا وجوب إكرام القديسين وطلب شفاعتهم. واليك هُنا بعض أقوال الكتاب المُقدس: 
* أولاً: العهد القديم
* إن القارئ للإصحاح الثامن عشر من سفر التكوين يجد فيه كيف أن الله، تعالى، وعدَ بالصفحِ عن مدينةِ بكاملها إذا تواجدَ فيها عشرة صالحين. فَإن هؤلاء يتشفعون أمام الرب عن المدينةِ ، فيصفح عنها. واسمع ماذا قال:"فتقدمَ إبراهيم وقالَ أفتهلك البار مع الآثيم؟ عسى أن يكونَ خمسون باراً في المدينة..أفتهلك المكان ولاتصفح عنه من أجلِ الخمسين باراً الذين فيها؟..حاشا لك أن تفعلَ مثل هذا الأمر أن تُميتَ البار مع الآثيمِ فيكون البار كالآثيم حاشا لك..أديان كل الأرضِ لا يصنع عدلاً..فقال الرب إن وجدتَ في سدومِ خمسين باراً في المدينةِ فَإني أصفح عن المكانِ كله من أجلهم.فَأجاب إبراهيم وقال:"إني قد شرعت أُكلم المولى وأنا ثراب ورماد.رُبما نقُصَ الخمسون باراً خمسة أتهلك كل المدينة بالخمسة؟ فقال لا أهلك إن وجدت هُناك خمسة وأربعين..فعادَ يُكلمه أيضاً  وقالَ عسى أن يوجد هُناك أربعون؟فقال لا أفعل من أجلِ الأربعين.فقال لايسخط المولى فأتكلّم.عسى أن يوجد هُناك ثلاثون؟فقال لا أفعل إن وجدت هُناك ثلاثين.فقال إني شرعت أُكلم المولى عسى أن يوجد هُناك عشرون؟فقال لا أُهلك من أجلِ العشرين .  فقال لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرَّة فقط عسى أن يوجد هُناك عشرة؟ فقال لا أهلك من أجلِ العشرة"(تك18: 22 ـ32).
- فُلان ردّ إمرأة الرجل فَإنه نبي فَيُصلي لأجلك فتحيا"(تك 20: 7) .
ويبدو جلياً من نصِ الآية السابقة أن صلاة إبراهيم مقبولة أمام الرب لأنه بار. ولهذا حذرَ أبيمالك عندما إغتصبَ إمرأة إبراهيم بِأنه سيُميته وأهله إن لم يرد إمرأة البار. فشفاعة إبراهيم كانت إذن مقبولة من نص الآية.
 - قال الرب لـموسى:"رأيت هذا الشعب ، وإذا هو شعب صلب الرقبة. فالآن أتركني ليحمي غضبي عليهم فأفنيهم .فأُصيركشعباً عظيماً.فتضرعَ موسى أمام الرب الهه وقال:" لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك الذي أخرجته من أرضِ مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟لماذا يتكلم المصريون قائلين:أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبالِ ويفنيهم هن وجهِ الأرض؟إرجع عن حمو غضبك واندم على الشرِ بشعبك.أذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقُلت لهم أُكثر نسلكم كنجوم السماء، وأعطي نسلكم كل هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الآبد.فندمَ الرب على الشرِ الذي قال انه يفعله بشعبه"(خر32: 9ـ 14).
 - فاشتعلّت فيهم نار الرب وأحرقت في طرفِ المحلة ، فصرخَ الشعب إلى موسى  فصلى موسى إلى الربِ فخمدتْ النار"(عدد11: 1ـ 2) .
 - فحمى غضب الرب عليهما ومضى ، فلما إرتفعت السحابة عن الخَيْمة إذا مريم خرساء.. .فالتفت هرون إلى مريم وإذا هي برصاء . فقال هرون لـموسى 

أسألك ياسيدي لا تجعل علينا الخطية التي حمقنا وأخطأنا بها . فلا تكن كالميت الذي يكون عند خروجه من رحمِ أُمه قد أكل نصف لحمه. فصرخَ موسى إلى الرب قائلاً: اللهم اشفيها. فقال الرب لموسى لو بصقَ أبوها بصقاً في وجهها أما كانت تخجل؟ سبعة أيام خارج المحلة وبعد ذلك ترجع"(عدد12: 9ـ 16).
 - وقال موسى أيضاً:" اصفح عن ذنبِ هذا الشعب كعظمة نعمتك، وكما غفرت لهذا الشعب من مصرِ إلى هُنا..فقال الرب قد صفحت حسب قولك"(عدد14: 19ـ 20).
 - وجاءَ أيضاً قال الرب"والآن خذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلىعبدي ايوب واصعدوا محرقة لأجل نفسكم، وعبدي يُصلي من أجلكم،لأني أرفع وجهه لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم لأنكم لم تقولوا فيّ الصواب كعبدي ايوب"(أي42: 8).
 - وجاء اليفاز التيماني يُعّزي أيوب في مصائبهِ الـمُتوالية فقال له: " ادع الآن فهل لك من مُجيبٍ؟ وإلى أي القديسين تلتفت؟(أي5: 1)  
- وفي سفر صموئيل النبي:" فقال صموئيل اجمعوا كل اسرائيل إلى المصفاةِ فَأُصلي لأجلهم إلى الرب"(1صم7: 5).

 - كما أن صموئيل النبي كان يُصّلي من أجلِ شعبه حتى قال لهم مرة:" وأما أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكف عن الصلوةِ من أجلكم"(1صم7: 9ـ 10و12: 23).
 - وفي سفر آشعياء النبي نسمعه يقول:"فرأى انه ليس إنسان ، وتحيرَ من انه ليس شفيع"(59: 16).
 - وفي سفر الـملوك الثاني يقول:"وأُزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك من يدِ ملك آشور مع هذه المدينة.وأُحامي عن هذه المدينة من أجلِ عبدي داود"(20: 6).
 - وسليمان صلى من أجلِ شعبه"(1مل8: 22و38).
 - وحزقيا الـملك الصالح صلّى من أجلِ شعبه. فسمعَ الرب له وشفى الشعب (أيام الثاني 30: 18 ـ 20 ونحميا 1: 6 وعز1: 10).
 * ثانياً: العهد الجديد
   في أسفارِ العهد الجديد آيات كثيرة تُثبت وجود الشفاعة في المسيحيَّة، بالطبع لن نذكرها كلّها هُنا، بل سنكتفي بذكر بعضها، 
وعلى القارئ أن يعودَ إلى الكتاب المُقدس إذا أرادَ المزيد منها.

 * في عُرسِ قانا الجليل، تشفعت أُمنا مريم بِأهل العُرس فقالت لأِبنها:" ليسَ لهم خمر.ومع أن السيدَ المسيح لم يجهل أن الخمرَ قد إنتهت من البيت، إلاَّ أنه يُعلمنا أن شفاعةَ أُمه مقبولة لديه.فصنعَ بُناءا على تشفعها أُولى مُعجزاته حين حولَ الماء إلى نبيذ جيد"(يو2: 1ـ 12).
 * كان عبدٌ لقائد مئة مريضاً مُشرفا على الموت، وكان عزيزاً عنده، فعرضه على أطباء القصر ، ولكنهم فشلوا في علاجه. فلما سمعَ عن يسوع أرسلَ اليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده. فلما جاؤا إلى يسوع طلبوا اليه باجتهاد قائلين "إنه مُستحق أن يفعل هذا لأنه يُحب أُمتنا وهو بنى لنا مجمع"(لو7: 2 ـ 5).
* يقول سفر الأعمال:" ثُم جثا على ركبتيه ـ استفانوس ـ وصرخَ بصوت عظيم وقال:"يارب لا تقُم لهم هذه الخطيئة.وإذ قال هذا رقدَ"(7: 6).
 * وجاء أيضاً:"فكان بطرس محروساً في السجنِ ، وأما الكنيسة فكانت تُصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله"(أع12: 5).
 * فقال له:" ـ أي الملاك لكرنيلوس ـ صلواتك وصدقاتك صعدت تذكاراً أمام الله ، والآن أرسل إلى يافا رجالاً واستدع سمعان المُلقب بطرس. هو 

يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل"(أع 10: 4ـ 6).
 * والإناء المُصطفى يقول:" أيُها الإخوة إن مسرَّة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص"(رو10: 1).
 *وقال أيضاً:" فأطلُب اليكم أيُها الإخوة بربنا يسوع وبمحبة الروح أن تُجاهدوا معي في الصلواتِ من أجلي إلى الله لكي أنقذ الذين هم غير مؤمنين في اليهودية، ولكي تكون خدمتي لأجل أورشليم مقبولة عند القديسين"(رو15: 30ـ 31).
 * ويقول مُعلمنا يوحنا الحبيب:"يا أولادي أكتُب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم"(1يو2: 1ـ 2).
 * ويقول القديس بولس:" وكذلك الروح يُعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نُصلي لأجله. كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بِأنات لا ينطق بها"(رو8: 26).
 * ويقول أيضاً:"مُصّلون بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين بهذا بعينه بكل مُواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين ، ولأجلي لكي يعطي لي كلام عند 
إفتتاح فمي لأعلم جهار بسر الإنجيل"(اف6: 18 ـ 19).  هذه هي بعض آيات الكتاب المُقدس التي تُشير إلى قبولِ الشفاعة أمام العرش الإلـهي. فالشفاعة مَوجودة وهي ضرورية وقد يكون سبب عدم إستجابة التشفع ليس لعدم أهميتها ،بل رُبـما لغلاظة قلوب الـمطلوب لأجلهم، وعدم إيـمانهم بالشفيع إيـماناً كافياً يُجيبه إلى طلبه.
   وكيفما كان الأمر، نحنُ نُصّلي طالبين شفاعة القديسين ، لأنهم أحباب الله، والجالسين معه في ملكوتهِ . ولذلك فالتشفع بهم يُفيدنا كثيراً ، ومع ذلك كله ، فالكنيسة لاتُؤمن أنه يُمكن أن يكونَ أي شخص وسيطاً بيننا وبين الله ، غير يسوع الـمسيح ، بإعتباره الإله الـمُتجسد ذبيحة الفداء ، الذي بدمه الكريم حصلنا على مغفرةِ خطايانا، والقيامة الآبدية. فكل قديس إنما يتقدّس من الله، وهو وحده، سُبحانه، الذي يُقّدسُنا ويُبّررنا ،  ولذلك فحينما نطلُب شفاعة ومعونة القديسين، إنما نحنُ نطلُبها بما لهم من صفاتٍ مُقدسة من الربِ فيتشفعوا فينا أمام عرشه الإلهي.

 فالـمُنتقلون إلى العالمِ الآخر يشفعون فينا شأنهم في ذلك شأن القديسين الأحياء على الأرضِ سواء بسواء، ولافرق بين الـمُنتقلين وبين الأحياء، لأنهم أيضاً أحياء عند ربهم وفقاً لقول ربنا يسوع الـمسيح القائل:" الرب هو إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب.وهو ليس إله أموات، وإنما هو إله أحياء، لأن الجميع عنده أحياء"(لو20: 28ومتى22: 32ومر12: 26).
  فالذين إنتقلوا عنا بالجسد أحياء بِأرواحهم في السماءِ لا يقوى عليها الموت (راجع كتابنا عزاؤنا ـ الإنسان بين الأرض والسماء).لذلك فهم يُصّلون ، ويتضرعون ، ويبتهلون ، ويتشفعون بنا لأن مشاعرهم حيَّة باقية(رؤ14: 3)، ولم تبطُل محبتهم لنا أبداً. 
   فَإذا كان القديسون وهم على الأرض يُصّلون ويتضرعون إلى الله من أجلِ خلاصنا، فكم تكون شفاعاتهم لناوهم في السماء، وقد أصبحوا أرواح عابدة فقط؟ صحيح أنهم إنتقلوا عنا بالجسد ، ولكنهم يُفّكرون فينا، ويعيشون آلامنا ، وأوجاعنا، ويعرفون إحتياج كل منا على الرغمِ من بُعدِ الـمسافات بيننا. لـهذا فإنهم لا 

يتأخرون عن الشفاعة فينا، وإنهم يعرفون ويسمعون طلباتنا وصلواتنا.
 ولانشك البتة في أنه، تعالى، يُبارك الأحياء ويرحمهم من أجلِ شفاعة الـمُنتقلين ، ومُداومة صلواتهم من أجلنا.
  يقولون:"كيف يعلم الـمُنتقلون بِإحتياجاتنا؟ وكيف يسمعون صلواتنا؟
  ونحن في إجابتنا على هذا السؤال يلزمُنا أولاً الإيمان بما جاءَ في كتابِ الله المُقدس بعهديه، وأن نقبلَ ماجاء في هذه الأسفار بتسليم وإقتناع تامين.
 * الـمُنتقلون عنا هُم إخوتنا ، وأبناء جلدتنا، إختيروا للرحيل عن هذه الأرض، والسُكنى في حُضرةِ الله في عالمِ الأحياء ، لهذا فهم يعلمون كل ظروفنا ، وإحتياجاتنا لأنهم منا، عاشوا معنا وعرفوا عنا كل شيء.
 * بين المُنتقلين وبيننا روابط جسدية ، وقرابة رحميَّة ، أو قرابة روحيَة.
  صحيح أنهم إنتقلوا عنا ، ولكنهم على علمٍ ودِراية بِأحوالنا  ويعلمون إحتياجات أقرباؤهم. فهل إذا سافرَ عنك أخ أو أُخت إنقطعت علاقتك وقرابتك الجسدية والروحية معه؟ لا ، إنه على الرغمِ من بُعدِ المسافات بينكما فيكون كل واحد منكما على علم بِأحوال وظروف الطرف الآخر ، وهكذا أيضاً الذين إنتقلوا عنا إنهم أحياء بِأرواحهم في السماءِ يسمعون ، ويرون ، ويتشفعون لنا أمام العرش الإلهي.
 * الآَّ تُؤيدني بِأن الله ، تعالى، قد جعلَ بعض هؤلاء قديسين لصفات مُنحت لهم أثناء حياتهم الجسدية على هذه الأرض؟منحهم مَواهب العلم والمعرفة والكشف عن الماضي والحاضر والتنبؤ بالـمُستقبل ، عن طريق الأحلام والرؤى أو بالصوت المسموع ، فهل يعقل أنهم بعد إرتحالهم إلى عالم الأحياء يفقدون هذه الأحقية؟ ولنسق على ذلك أمثلة من الكتابِ المُقدس:
ـ علِمَ اليشع النبي بما فعله تلميذه جيحزي في الخفاءِ عنه ، وكان اليشع بعيداً عنه. 
  يُحدثُنا الكتاب بِأن اليشع قد شفى "نعمان السرياني" من مرضه، ورفضَ قبول أي شيء نظير عمله هذا، فشكره نعمان ، وركبَ مركبته ، لكن جيحزي تلميذ اليشع ركض وراءه ، فلما رآه نعمان إعتقدَ أن اليشع أرسله ليأخذ منه وزنة فضة وحلتي ثياب ، فتوقف وأعطى جيحزي وزنتين من الفضة وحُلتي ثياب ، ثُمَّ رجعَ جيحزي إلى البيت، وكأن شيئا لم يحدث. لكن اليشع علمَ بالروح بما فعله تلميذه. فقال له""من أين ياجيحزي؟فقال لم أذهب إلى هنا أوهُناك. فقال له ألم يذهب قلبي هُناك حين رجع الرجل من مركبته للقائك؟ أهذا وقت لأخذ الفضة ولأخذ ثياب؟
إن برصَ نعمان يُعلق بك ونسلك إلى الآبد"(2مل5: 15ـ 27).من هنا يتضح لنا أن اليشع علِمَ بما حدث بالروح، ولم يكن هذا هبة أو عطية الهية مُنحت له وهو بالجسد فقط، بل إنتقلت معه إلى السماء أيضاً.
 ـ اليشع أيضا كان يعلم بما يتكلّم به ملك آرام وهو في مخدعهِ يقول الكتاب :" كان ملك آرام يُحارب إسرائيل ، فتأمرَ مع عبيدهِ قائلاً:" في المكانِ الـمُعين تكون محلتي ، فأرسل رجل الله اليشع إلى ملك إسرائيل يقول: إحذر من أن تعبرَ إلى هذا المكان ، لأن قُوات الآراميين نازلون هُناك. فأرسلَ ملك إسرائيل إلى الموضعِ الذي قال له عنه رجل الله وحذره منه ، وتحفظَ هُناك لا مرة ولا مرتين. فإضطرب قلب ملك آرام من هذا الحال ودعا عبيده وقال لهم الاَّ تخبروني من منا مع ملك إسرائيل؟ فقال أحد عبيده، كلا ياسيدي الملك إنما اليشع النبي الذي في إسرائيل هو يخبر ملك إسرائيل بما تتكلّم به في مخدع منامك "(2مل6: 8 ـ12).
  ومن هُنا يتضحُ أيضاً أن اليشع النبي إستطاع بموهبته النبوية التعرف على مكيدةِ ملك آرام بدون التحدث اليه.
ـ ألم يعلم مُعلمنا بولس بما سيحدث للمؤمنين في المُستقبل؟ فاسمعه يقول:" إني أعلم أنه بعد فُراقي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لاتشفق على القطيعِ ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بِأقوال فاسدة ليجتذبوا التلاميذ وراءهم"(أع20: 29).
 ـ كما علِمَ بولس الرسول أيضاً بزمن رحيله فقال لتلاميذه:
" والآن ها أنا أعلم بأنكم لاترون وجهي بعد.أنتم جميعاً الذين جلت بينكم مُبشراً بـملكوت الله"(أع20: 25 ـ 28 ورو15: 23).
  ومن هُنا يتضح لنا بأن للقديسيين وهم بالجسد على الأرض مواهب منحها الله لهم حتى يعرفوا ما حدث وما سيحدث .
 ـ إن القديسين في العالم الآخر يعلمون بما يحدث لنا على الأرض، ولاغُرابة في ذلك. فَإن كانوا ، وهم في الجسد، عرفوا كل شيء عنا فكم تكون مقدرتهم على المعرفةِ أقوى وقد تخلّصوا من جسدهم التُرابي الكثيف، ولبسوا أجساداً أثيرية خفيفية كالملائكة؟ من هذه الأمور ، فقد ذكر الكتاب المُقدس عن ظهورِ صموئيل النبي بعد موته لشاول الملك، وأنذره بِأن الله قد فارقه لأنه لم يطعه وأخبره بأنه سيموت هو وأولاده في الحرب "(1صم28: 16 ـ19) وقد تمَ كلامه بالحرف.ومات شاول وكل أولاده.
 ـ إيليا النبي علمَ بعد صعوده بما فعله يهورام بن يهوشافاط إذ أنه من الثابت أن إيليا صعدَ بمركبة نارية إلى السماء في عهدِ الملك يهوشافاط ، وأن يهوشافاط كان لايزال حياً حين أصبح اليشع نبياً بعد صعود إيليا. فلما ملكَ يهورام إبنه على يهوذا إنتهجَ منهج آخاب وإيزابيل، فأغاظَ الرب بأعماله الشريرة. فجاءت اليه كتابة من إيليا تقول له"هكذا قال الرب إله داود إبيك :من أجلِ أنك لم تسلك في طريقِ يهوشافاط أبيك ، وفي طُرقِ آسا ملك يهوذا ، بل سلكت في طريقِ ملوك إسرائيل ، وجعلت يهوذا وسكان أورشليم ، يزنون كزنا بيت آخاب ، وقتلت أيضاً إخوتك وبنيك ونساءك وكل مالك ضربة عظيمة ويضربك أنتَ أيضاً بأمراض كثيرة بمرض في أمعائك حتى تخرج أمعاؤك بسبب المرض يوماً فيوما"(2أخبار21: 12ـ 15) وقد تمَ كل ما أنبأ به إيليا.
 فإيليا إنتقلَ عنا ولكنه لايزال حتى يومنا هذا يعلم بما يدور من حولنا وما نحتاجه من ضروريات.
 ـ ألم يقُل السيد المسيح "يكون في السماءِ فرح بخاطئ واحد يتوب أكثر مما يكون بتسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة"(لو15: 7 ـ10 ورؤ6: 10) . فكيف يعلم السمائيون بتوبة الخُطاة؟ أليس معنى هذا ضمنياً إنهم يعرفون ما يحدث لنا على الأرض؟ وعليه فَإن معرفتهم هذه أصبحت أكثر مما كانت على الأرض ، لأن أرواحهم تحررت من الجسد ، ومُعطلات الـمعرفة ، وأصبحت شفافة سريعة الوصول إلى الفهمِ والمعرفة، وأكثر قُدرة على النفاذِ إلى نفوسنا وعقولنا. فلن نكون بعيدين عن الحقِ إن قُلنا أن الملائكةَ تنقل أخبار الأحياء إلى القديسين، كما تنقل أرواح المُنتقلين حديثاً إلى السماء، وتُزودهم بأخبار الأحياء على الأرض، فأرواحهم تنتقل إلى العالم الآخر ، وهُناك تتقابل مع أرواحِ القديسين فتُخبرهم عن أخبارِ المُجاهدين على الأرض.
 ـ إن الرب الإله يرحمنا من أجلِ تشفع الـمُنتقلين فينا. لهذا نحن ـ الـمُجاهدون على الأرض ـ نستغيث بصلوات القديسين الـمُنتقلين الـمُنتصرين، لمَ لهم من دالةٍ عند ربنا وإلهنا ومُخلصنا يسوع المسيح. ألم يتشفع إيليا النبي بإبراهيم وإسحق ويعقوب على جبلِ الكرمل أمام كهنة الأوثان؟ فقال في صلاتهِ :"أيُها الرب إله إبراهيم اوإسحق وإسرائيل إستجبني يارب ، ليعلم اليوم أنك إله في إسرائيل ، وأني أنا عبدك وبأمرك قد فعلت كل هذه الأمور.إستجبني يارب إستجبني"(1مل18: 26 ـ28) . لـهذا إستجاب الرب لصلاته،وأنزلَ ناراً آكلت الـمحرقة والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة.
 لهذا لا غبار من أن يستغيث الأحياء الـمُجاهدون بالـمُنتقلين إستغاثة مُباشرة ، ويسألونهم العون والصلاة فينبري الـمُنتصرون ويسرعون لخدمة إخوانهم الأحياء الـمُجاهدين، مدفوعين بمحبتهم وغيرتهم على خلاصِ نفوسهم.
 وهكذا نصل بك عزيزي القارئ ، إلى أن الشفاعةَ في الـمفهومِ الكنسي لا تحمل أي عبادة للقديسين، بل أنها تُؤكد عمل الله الخلاصي في كنيسته ، وفاعليته في حياةِ كل مؤمن. 
  وربنا يسوع المسيح نفسه يُكّرم شفاعة الناس وتوسلاتهم عن الآخريين، فيشفي الـمُخلع من أجلِ إيمان حامليه(متى9: 2) 
 ويُبرئ غُلام قائد المئة من أجلِ طلبات القائد(لو7: 2ـ 5) 
 ويُنقذ إبنة الكنعانية من الأرواحِ الشريرة من أجلِ صرخات أُمها وإيمانها به(مر7: 24)
 ويُقيم لعازر من أجل نويح وبُكاء أُخته مرثا (يو11: 1ـ 52).
 كما أن القديسين ، أثناء غُربتهم ، كانوا يُصلون من أجلِ خلاص  

كل الـمُؤمنين وإنقاذهم من مصائبهم ، وقد إتضحَ ذلك من عجائبهم التي قاموا بها أثناء غُربتهم ، فكم بالأحرى هؤلاء الذين إنتقلوا عنا ودخلوا الفردوس؟ فَإنهم لايكفون عن الصلاةِ من أجلنا وذلك لأن إنجيلنا في روحهِ ونصوصهِ غايته الأُولى الدخول بالإنسان إلى الحياةِ الإلهية، وفيها يتخلّى الإنسان عن ذاتيتهِ لكي يُقّدم بالروح القدس حياته مبذولة من أجلِ خلاص الآخرين.
 وبمعنى آخر، أن الحياة الإنجيلية هي حياة وساطة ، فيعمل الكل من أجلِ الكُل، ليكون الكُل في أحضانِ الله مُمَجدون. 
  فهذه هي الشفاعة ،كُلما إقتربت النفس إلى اللهِ في إتحادٍ أعمق مع يسوع المسيح التصقت بالحُب نحو الآخرين ، فنُصلي عنهم ونطلُب لهم الخلاص.
   هذه هي سمات مسيحيتنا، وهذا هو إنجيلنا، وهذا هو مفهومنا للشفاعة..إنه الحب، والمعونة لأبناء الله الآبرار ،يسمع الله صوتهم، فيُزيل غضبه عن أؤلئك المُصلين.
 فَإذا إنتهينا من ذلك ،  فَإننا نجد صوت التقليد أيضاً ، يُثبت صحة 

الشفاعة وفائدته ، كما نجدُ في أقوال الأباء الأُول إثباتات وجود الشفاعة ، نذكر هُنا بعضها ، لإكتمال موضوع الشفاعة في المسيحية، وإن كُنا بدون شك، نعتمد على شواهد الكتاب المُقدس التي أتينا على بعضها هُنا.
* أقوال الأباء الأُول في الشفاعة
* يقول القديس كبريانوس:" فلنذكر بعضُنا بعضاً ، ولنُصل بعضُنا عن بعضِ دائماً ، وإذا سبقَ أحدنا الآخر من هُنا إلى الحياة الأُخرى فليُواصل محبته عند الله، ولايكف عن الصلاةِ من أجلِ الإخوة والأخوات لدى رحمة الله".
 * يقول العلامة الألمعي أوريجينوس:"إنه أمر لا يُضاد الصواب أن نسألَ القديسين ، وأن نستشفع بهم ، حتىيُساعدونا"(عظة14).
  وقال أيضاً في كتابهِ ضد "جليوس " في كلامه عن الملائكة والنفوس الـمالكة مع الله":"إنهم يُساعدون من يريدون أن يعبدوا الله السامي  ويسترضون عنهم ، ويقرنون صلواتهم مع صلواتِ أؤلئك إذ يسألون لهم شيئاً".

 * يقول القديس باسيليوس:"أيتها الجوقة المُقدسة ، أيتها الزمرة الطاهرة ، أيتها العصبة التي لاتنفك، أيُها الحراس العموميون للجنسِ البشري، والشُفعاء المُشاركون لنا في همومنا المُساعدون في الصلواتِ ، والشُفعاء فينا ، الذين لهم دالة عظيمة جداً"(عظته في مجد الشُهداء الفقرة الثامنة).
  ويقول أيضاً:"إني أقبل الرسل الأطهار والأنبياء والشُهداء وأطلبهم واستدعيهم ليبتهلوا إلى الله من أجلي ، حتى يتعطف الله الرحيم عليّ بسببهم ، أي بواسطتهم.وحتى يمنحني الرب الإله غُفراناً لخطاياي"(رسالته إلى يوليان 205).
 * يقول القديس غريغوريوس النازيانزي:" أيُها الرأس الإلهي الـمُقدس تطلّع الينا من فوق ، وبشفاعاتك عند الله ، إما أن تنزعَ من لحمنا الأشواك التي تُؤلمُنا ، وإما أن تستميلنا إلى إحتمالها بثبات "(عظة في مدح القديس باسيليوس) .
 * يقول القديس غريغوريوس النيسي، مُخاطباً الشهيد ثيودسيوس في عيده  ،:"  تعال إلى أؤلئك الذين يُكّرمونك ، أيُها الصديق غيـر   الـمنظور. إفتقد هذه الطقوس حتى يُمكنك أن تُضاعفَ من شُكرك لله، نحنُ في حاجة إلى إحسانات كثيرة ، فتشفع إلى ملكنا من أجلِ هذه البلاد ، فنحنُ نتوقع إضطرابات وننتظر مخاطر. إن الأعداء الـمُلطخة أيديهم بالدم ليسوا بعيدين عنا  إنهم يتحركون بالحرب ضدنا، فأنتَ كجٌندي قاتل عنا، وكشهيد إستغل دالتك من أجلِ شُركائك في الخدمة، فمع إنك قد فارقت هذه الحياة ، لكنك تعلم بآلام الإنسانية وإحتياجاتها  ، فأطلُب من أجلِ السلام حتى لاتتوقف هذه الإجتماعات العامة ، فلا يثور هذا البربري المجنون المُتمرد هائجاً بالغضب على هياكلنا ، ومذابحنا ، ولايدوس بأقدامه النجسة مُقدساتنا .
  حقاً إذا كُنا صرنا محفوظين حتى اليوم من غيرِ أذى فهذا فضل نعزوه اليك ، لكننا نتوسل أيضاً من أجلِ سلامتنا مُستقبلاً، فإذا كان الأمر يحتاج إلى مزيدٍ من شفاعات كثيرة، فاجمع زمرة إخوتك الشُهداء وتوسل معهم جميعاً فصلوات الأبرار مُجتمعين تحل خطايا جماهير الشعب".
 ـ ويقول مُخاطباً القديس أفرام السرياني بعد نياحته ـ "أُذكرنا جميعاً وأنتَ واقف أمام مذبح الله، وفي زمرة الملائكة الذين يخدمون الثالوث الكُلي القداسة ، أصل الحياة ، وأسأل الله عن غُفران خطايانا ، وحتى ننعم إلى التمامِ بالـملكوت الآبدي بالمسيح يسوع ربنا"( حياة أفرام السرياني تذييل 3).
 * يقول القديس أفرام السرياني:"أرجوكِ أيتُها الطاهرة والمؤمنة والقديسة أن تّتوسلي إلى القديسين من أجلي، وقولي لهم ياشُهداء المسيح الظافرون، تشفعوا في أفرام المسكين ، أقل للناس جميعا لعلي أجد رحمة ، وأنال الخلاص بنعمة المسيح ، لذلك نستغيث بكم أيُها الشُهداء جزيلو القداسة ، أن تُصلوا إلى الربِ من أجلنا نحنُ الخُطاة البائسين ، لعل الله يسكب علينا نعمته الإلهية، ويُنير قلوبنا على الدوام بِأشعة الملائكة والبشر"(في مدح الشُهداء القديسين)
 * يقول القديس أمبروسيوس :"يجب أن نسألَ الشُهداء الذين نستشفع بهم ، ونتخذ أجسادهم ضماناً وحماية ، إنهم قادرون على أن يبتهلوا عن خطايانا  ، هؤلاء الذين،  قد غسلوا بدمائهم جـميع خطاياهم، فهم شُهداء الله، وهم قادتنا والحُراس على حياتنا وأفعالنا ، ليتنا لا نخجل من أن نستغلهم ليشفعوا في ضعفنا، لأنهم هم أنفسهم قد جربوا ضعف الجسد ولو أنهم قهروه".
 * يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:" فلنأت إلى جوارِ أماكن الشُهداء ليس فقط في يوم عيدهم هذا ، بل وأيضاً في الأيامِ الأُخرى، ولنترجاهم ونتوسل اليهم أن يشفعوا فينا، لأن لهم دالة كبيرة للشفاعة فينا، بل وقد صارت دالتهم بعد الموت أعظم كثيراً مما كانت من قبل ، فإنهم الآن يحملون سِمات المسيح ، وإذ هم يُشيرون إلى هذه السمات فيمكنهم أن يستعملوا مع الملك (المسيح)
كل وسائط الإستمالة والإقناع ، ولما كان لهم مع الله مثل هذا التأثير، وهذه المَودة، فبصبر لا يكل ، يجب أن نزورَ مقصوراتهم على الدوام، كمن صاروا من أهلهم ، ونجلب على أنفسنا بفضل شفاعاتهم ووساطتهم رحمة الله التي نرجو أن نحصلَ عليها جميعاً بنعمة ربنا يسوع المسيح"(الجزء الأخير من ميمرهِ في مديحِ برنيكي وبروسدوكي).

  ويقول أيضاً :" أما وقد عرفنا هذا أيُها الأحباء فلنهرع إلى شفاعاتِ القديسين ولنسألهم أن يُصلوا من أجلنا، ولكن ليتنا لا نعتمد على إبتهالهم فقط ، بل أن نُرتبَ حياتنا كما ينبغي ، وأن نتجه إلى إصلاحها باستمرار، حتى تقوم شفاعتهم فينا بدورها كاملاً"(عظته الـ14 على سفر التكوين).
  وصفوة مايمكن أن يُقال هُنا، هو أن الـمُنتقلين أحياء في السماء، وهم يشعرون بنا على الأرض، ويعرفون كل شىء عنا وعن إحتياجاتنا فيشفعون فينا أمام العرش الإلهي، ويُواصلون الصلاة من أجلِ خلاصنا ، والرب الإله يُبارك الأرضيين من أجلِ تشفعات القديسين الـمُنتقلين ، ولهذا فنحن نستعين بهم في صلواتنا ليتشفعوا فينا إلى الله بما لهم من دالةٍ وشفاعة عنده ، والقديسون يُصلون في عالمهم الآخر من أجلنا مدفوعين بمحبتهم لبني جنسهم وإهتمامهم بأمر خلاصنا ، لهذا فيمكننا التشّفع بهم مُباشرة، ونسألهم المعونة والمُساعدة ، لأنهم مُرسلون لخدمتنا وهم وكلاؤنا أمام الله ، تعالى، لحراستنا، ولهذا يجوز لنا إتخاذهم شُفعاء لنا لأنهم يشفعون بنا دائماً في صلواتهم.
   هذا والشفاعة فوق هذا وذاك ، تحمل معنى الإيمان بالحياة الأُخرى. الإيمان بِأن الذين إنتقلوا عنا مازالوا أحياء ، ولهم عمل في السماء ، إنه إيماننا بالصلّة الدائمة بين السماء والأرض.
  كما أن الشفاعةَ هي شركة حُب بين أعضاء الجسد الواحد. فإذا كُنا نُؤمن بِأن الكنيسة هي جسد واحد، الـمسيح رأسه، وكُلنا أعضاؤه ، سواء كُنا في السماء أو على الأرض، فينبغي علينا أن نُؤمنَ بِأن المحبة والصلاة شركة مُتبادلة بين أهل السماء وبين أهل الأرض ، هُم يشفعون فينا بصلواتهم، ونحن نُصّلي من أجلهم.
 فالشفاعة إذن أكبر دليل على قوةِ وصلابة الرابطة بين أعضاء الكنيسة  ، فالذين على الأرضِ يُمّثلون الكنيسة الـمُجاهدة، والذين في السماءِ يُمّثلون الكنيسة الـمُنتصرة ، وهُما وحدة واحدة لايُمكن فصلهما أبداً.
ولإلهنا السُّبح والمجد والقوّة إلى الآبد .آمين ....
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لدار المنشورات الفرعونيّة

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com