عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

عيد الصّعود للاب د.بيتر مدروس

 

عيد الصّعود والأحد السّابع للفصح أ (سنة 2017 م)

حقيقة الصّعود السّيّديّ والتّدهور البشريّ!

(أعمال الرّسل 1 : 1- 14، أفسس 1: 17 – 23، متّى 28: 16- 20)

(بقلم الأب بيتر مدروس)

مقدّمة شهادة شخصيّة

"جَلَسَت والخوفُ في عينيها، تتأمّلُ" الفضاء المفتوح، من الطّيّارة التي أقلّتنا حينها من باريس إلى نيويورك. سيّدة فلسطينيّة مسيحيّة أرثوذكسيّة مسنّة، ابنها مع الأسف من بدعة "شهود يهوه" اليهوديّة التي مقرّها في بروكلين،ولاية نيويورك، من "الويلات المتّحدة (الولايات)" وأمّ بدع عصرنا، كما كانت الصّحراء السّوريّة وشبه الجزيرة العربية في قديم الأيّام، مرتعًا للهرطقات يهوديّة الأصل أو وثنيّة الاتّجاه. Arabia mater haeresiarum. رأت أنّ الدّاعي كاهن وسارعت في السّؤال: " أبونا ، يا ابني (فأنت أصغر متّي سنّا، بجيل أولادي)، أنا مقتنعة بالأنجيل وبالعقيدة المسيحيّة، على تشويشات نجلي الضّال، هداه الله. ولكنّ أمرًا واحدًا أشكّ فيه أو أستصعب تصديقه: صعود سيّدنا يسوع المسيح إلى السّماء!" سألها الدّاعي قبل الجواب: "أُمّ مين، بلا صغرة؟ يا أُمّ فلان، أين حضرتك وأنا الآن؟ أنحن على الأرض؟ لا! بل نحن في السّماء، "بقدرة قادر"، وعلميًّا بفضل طيّارَين آمل أن يكونا متّزني العقل، بلا مشاكل مع زوجتَيهما وحماتَيهما، ولا رغبة جامحة في الانتحار، وبفضل بنزين "سيد سيدك" ما عرف تركيبته، وحديد ثقيل ومحرّك قويّ يعلم الله ما يحرّكه وكيف، وأزرار لها أوّل ولا آخر، وعجلات صغيرة للحطّ على الأرض من جديد! أليس الله "أكبر" ("الله أكبر!") من الطّيّارين والحديد والمحرّكات؟ ردّت : "بلى"! وهكذا أعطتنا السيّدة السّاحوريّة المشار إليها فرصة ذهبيّة "سماويّة" للجواب على ال"عقلانيّين" (ولعلّ منهم من "المتفلسفين" المنتقدين للكنيسة التي حملت – وما تزال- لواء الفكر والعلم والفلسفة واللاهوت والإحسان والتّربية والتعليم) وعلى اعتراض "شهود يهوه" على صعود الرب يسوع بجسده المصلوب القائم من بين الأموات. وإلاّ فبأيّ جسد صعد، و"هوليوود" اليهوديّة الأمريكيّة بعيدة عن فلسطين لتعطيه جسدًا وهميًّا أو شبيهًا أمريكيًّا ؟

قام يسوع بالجسد المصلوب ولا معنى لقيامته إلاّ بالجسد الذي مات ، فلا قيامة إلاّ لمن مات، ولا شفاء إلاّ لمن كان مريضًا، ولا عودة إلاّ لمن كان غائبًا، ولا مصالحة إلاّ لمن كانوا متخاصمين، ولا مغفرة إلاّ لمن أخطأ.

دمعة وخاطرة في نظرة إلى "مصر، أمّ الدّنيا"!

قبل التّأمّل في عيد الصّعود، تتّجه أنظارنا مرّة أخرى، هي ثالثة ورابعة وخامسة، نحو أشقّائنا في المسيح وإخوتنا في الوطن العربيّ، أقباط مصر المساكين "الغلابى" الّذين امتدّت إليهم يد العنف من جديد في "المنيا"، على حافلة كانت تُقلّهم لمناسبة دينيّة أو اجتماعيّة، وقد عرف المعتدون المجهولون أنّهم "نصارى". وهكذا ينضمّ منهم نفر إلى الشّهداء وآخرون إلى الجرحى، وقد وحّدتهم "مسكونيّة الدّم" (كمايقول البابا فرنسيس) مع أشقّائهم في القاهرة والإسكندريّة وطنطا وإخوتهم وأخواتهم في مانشتيستر (الّذين ما جفّت دماؤهم بعد) وباريس وبروكسل وستوكهولم وبرلين ومدريد ولندن ونيس وسان برنردينو ومينداناو...لجميعهم راحة الشّهداء الأبديّة وقد أمسوا "سحابة شهود" تشجّعنا نحن أيضًا أن "نخرج مع يسوع إلى خارج المحلّة ونحمل عاره، إذ ليس لنا هنا مدينة باقية"، وقد تحقّقت مرّة أخرى الكلمات السيّديّة (وهي برهان إضافيّ على لاهوت المسيح): "يبغضكم الكلّ من أجل اسمي! ومن ثبت إلى النّهاية، نال الخلاص!"

سرد الصّعود السّيّديّ في أعمال الرسل 1 : 1- 14

"ألّفتُ كتابي الأوّل، يا تاوفيلوس": بإلهام من الله ووحي منه تعالى كتب "لوقا الطّبيب الحبيب" الإنجيل في حرفه الثّالث ووجّهه إلى وجيه يعني اسمه "محبّ الله". والمكتوب موجّه إلينا جميعًا، فتاريخ الرسل والكنيسة الأولى ثمين لنا ومفيد[1]. "أظهر يسوع نفسه لرسله وتلاميذه حيًّا بعد آلامه، بكثير من الأدلّة، إذ تراءى لهم مدّة أربعين يومّا (على قدر أيّام صومه)". أعطى يسوع نفسه كلّ تلك البرهين والأدلّة والدّلائل والبيّنات (أي المعجزات الواضحة)، فكيف ينكر "شهود يهوه" – شهود الزّور - قيامته؟

"كان يسوع يكلّم الرّسل والتّلاميذ على ملكوت الله". هنا، أتى سوء فهم عنيد عندهم ، للمرّة المئة: "يا ربّ (في شأن ربوبيّته ، ما أساء تلاميذه الفهم!)، أفي هذا الزّمن تُعيد الملك إلى يسرائل؟"

طول عمرهم، اليهود، وفي عقولهم هذه الفكرة المغلوطة الدّنيّويّة العنصريّة الفوقيّة، إلى أيّامنا. لا ييأس يسوع ولا يقول: "فالج لا تعالج!" ما فقد الرّجاءعلى الصّليب، ولن ييأس الآن وهو قائم من الموت قُبيل صعوده. لذا، سيرسل يسوع روحه "الفارقليط" المؤيّد المشدّد المدافع، وسيصحّح أفكار الرسل والتلاميذ المغلوطة ويشدّد رُكَبهم المسترخية.

 أمّا الرّسول الحبيب يوحنّا فكان يحلو له، مرارًا وتكرارًا، أن يقدّم لنا المسيح المصلوب مَلكا مستويًا على العرش، مكلّلاً  بالشّوك، جذّابًا بجاذبيّة صليب ما شاطره إيّاها أحد في التّاريخ، ولن يشاطره أيّ عظيم إيّاها ولا زعيم، بعد أن ألبسه الجنود الرّومان (الّذين سيؤمن به أبناؤهم وأحفادهم إلى يومنا)- استهزاءً واستهتارًا واستهانة- رداء أرجوانيًّا ملكيًّا، فانقلب مزاحهم جِدًّا وسخريتهم نبوءة! وبقي معشر اليهود في ضلالهم وعنجهيّتهم، وقد سمعوا وعصوا، محرّفين "الكلم من بعد مواضعه"، رافضين أن يكون "ميلخ هامشاياح" מלך המשיה" "المسيح الملك" "رجُل أوجاع" (أشعيا 53).

قال يسوع لرسله: "لي أنا ستكونون شهودًا" (وشهداء!)

لا ضرر في التّكرار: الصّيغة الآراميّة التي ينقلها اليونانيّ بأمانة είσεσθε μου μάρτυρεςهي توكيديّة وشخصيّة وقويّة جدًّا، مع التّشديد على المتكلّم السيّديّ: "لي أنا ستكونون شهودًا". ولعلّها أقوى من كلمات الرب (يهوه) في أشعيا 43: 10 – 12:"أنتم شهودي ، يقول يهوه"[2] (وهو أحد أسماء الجلالة، في حين أنّ اسمه الكامل، في صيغة المتكلّم، هو "إهييه آشر إهييه"، "أنا الكائن"). نعم، صيغة يسوع تتميّز بالقوّة لأنّها تعني أمرًا، أي وصيّة ونبوّة : "ستكونون". أمّا يهود زمن أشعيا فكان كلّ منهم"شاهد ما شافش حاجة"، بما أنّ الله "ما رآه أحد قَطّ" إلى حينها، إلاّ موسى الذي تستّر بحجاب. والشّهادة المسيحيّة هي لقيامة يسوع. ولفظة "مارتس μάρτυς, μάρτυρος"وصيغةالجرّ فيها "مارتيروس"[3]، مثل الآراميّة "سهدا" والعربيّة "شهيد": تعني "شاهد، شهيد". واليوم يتمّم بعض الأقباط هذه النبوّة من جديد!

 

خاتمة

لنشهدنّ للمسيح الرب الحيّ بسيرتنا وأقوالنا وأعمالنا ودمائنا، "وسط جيل معوجّ فاسد نضيء فيه كالنّيّرات"، على علاّتنا وعيوبنا وخياناتنا. وليكن "دماء الشّهداء بذورًا للمسيحيين" (ترتيليانوس")، ويكونون "حنطة المسيح التي طحنتها الوحوش" (مار إغناطيوس الإنطاكيّ إلى الرّومانيّين)، إذ يُدفَنون"حبّات حنطة في الأرض" ويثمرون ثمرًا كثيرًا!



[1]من المؤسف أنّ في عدد كبير من الأبرشيّات والبلاد، ما عدنا نعلّم "تاريخ الكنيسة" مع التّعليم المسيحيّ، لذلك صار خلق كثير لا يسمع إلاّ الرواية الناقصة والمشوّهة عن الكنيسة وتاريخها، في "مناهج التاريخ" المعادية للكنيسة وللحقيقة، شرقًا وغربًا!

[2]تذرّع بهذه الجملة الفرع الرئيسي من "تلاميذ التوراة من جميع الأمم" (مقابل "توراة تلمود") لكي يتخذوا في مؤتمر كولومبوس أوهايو اسم"شهود يهوه"، وهم غافلون أنّ المسيحيين الحقيقيين شهود للمسيح كما أمر وتنبّأ. فكيف أدرك "شهود يهوه" أنّ نص أشعيا "ينطبق" عليهم بعد ما لا يقلّ عن سبعة وعشرين قرنًا من الزّمان؟ "حَبل الكذب قصير".

[3]لأسرة "مدروس" التي أصلها "مارديروسيان" وهو اسم أرمنيّ  قيليقيّ من بلديّات مار بولس، مرعشليّ،  شرف أن يحملوا هذا اللقب الرّفيع الذي يدلّ على وجود شهداء في الأسرة.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com