عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

مقالات في التاريخ السرياني الحلقة 22 و23

مقالات في التاريخ السرياني

  الحلقة الثانية والعشرون

  أعداد

   المرحوم : الدكتور سامي نوح كرومي- فرنسا

_ فكره وأدبه:على الرغم من أهمية جميع نتاجاته الأدبية والفكرية الا أن طروحاته القومية التي بشر بها في مطلع هذا القرن حظيت بأكبر الاهتمام لدى المثقفين والمتنورين من أبناء شعبنا والذين سارعوا الى تلقفها وتبنيها وعملوا على تجسيدها الى واقع عملي وهذا بدوره هيأ الأجواء لبروز فكر قومي اتسم بالنضج في السنوات التي أعقبت وفاته .وللتعرف على هذا الفكر وتحديد سماته وملامحه لابد من التطرق الى آرائه التي بشر بها فبالرغم من أن الفكر القومي الذي نادى به نعوم فائق وناضل من أجله يعتبر الآن فكرا رائجا ويؤمن به الكثير من أبناء شعبنا , الا أنه في تلك المرحلة كان بمثابة ثورة حقيقية على المفاهيم والأعراف السائدة , حيث كانت العشائرية هي السائدة , والتشتت الطائفي والمذهبي ينخران في جسم هذا الشعب بسبب الجهل والتخلف وبالأضافة الى ذلك سيف الأرهاب المسلط على الرقاب من قبل الدولة العثمانية التي عملت على تغذية وتنمية النعرات والأحقاد القومية والدينية بين شعوب السلطنة ترسيخها لسلطاتها وتحقيقا لمصالحها وأطماعها وفي ظل هذه الظروف دوى عالياً صوت المعلم نعوم فائق منبهاً لخطورة هذا الوضع المتردي الذي يتخبط به شعبنا واضعاً العلاج الشافي لجميع أمراضنا , راسما طريق الخلاص من خلال دعوته الى الوحدة القومية بين جميع طوائف شعبنا المنقم على ذاته فكانت الصرخة التي تردد صداها في جميع مناطق تواجد شعبنا, وتداعى لقبول دعوته أدباء شعبنا ومثقفيه والشبيبة الطامحة والذين هبوا جميعاً لنفض غبار الجهل والتفرقة لاعلاء لواء الوحدة القومية الآشورية اقتداء به وبأفكاره التي دارت حول نبذ الانقسام والتخاذل وتوحيد المساعي والجهود للعمل على النهوض والتقدم اقتداء بالأجداد وأمجادهم, ففي أحدى قصائده يقول ما ترجمته: (أيها السريان لقد أنضوى ليل الخمول, بانبلاج الفجر الأغمر المنير, فامتلاء الكون نورا بشروق شمس الحرية . فلندع الذل والهوان ولنطلب المعالي والعمران فنحن أمة جديرة بالحياة لا تقبل الخنوع والأستعباد . ولنوحد القلوب بروابط الحب والأخاء قبل أن يداهمنا الأنقراض والفناء , فنحن أحفاد أمة كانت قديماً عظمتها تناطح القبة الزرقاء . ذات حضارة بهرت الأمم جمعاء . فهل يليق بنا ونحن أحفاد أولئك الأبطال الميامين أن تفتر عزيمتها وتخمد همتها ؟يا ويحنا لقد أنهار ذلك المجد الباذخ والشرف الأثيل فالى من نشكو والى من نلجأ ؟ أيها السريان: الأمة تبكي وتنتحب طالبة نجدتكم فهل أنتم الى ندائها ملبون ...؟ ألا هبوا وانهضوا للعمل وسيروا للأمام على الدوام ).ان فكر نعوم فائق كان يتسم في جوانب كثيرة منه بالنضوج كما تميزبالدقة والشمولية , لذلك نراه يحرص وبشكل دائم على ذكرشعبنا بمجمل طوائفه تحت اسم واحد فتارة يذكره بالتسمية الآشورية وتارة بالسريانية والكلدانية والآرامية, وفي كل مرة كان يعني وبوضوح انتماء كافة  الطوائف الى التسمية نفسها كونها تشكل شعباً واحداً أرضه مابين النهرين , تاريخه وعاداته ولغته مشتركة ومصيره واحد وقضيته واحدة. ولم يكن يتعرض للاعتقادات المذهبية معتبراً أن الوحدة القومية يمكن أن تتم مع الأبقاء على هذه المذاهب طالما أن الأنتماء لهذا المذهب أو ذاك لا يمس ولا يضر بالوحدة القومية للشعب الواحد . ففي احدى مقالاته يقول: ( أن فكرة الاتحاد قد تبدو غريبة لأول وهلة ولكنها ليست صعبة التحقيق اذا عمل ادباء كل طائفة من الطوائف السريانية على تحقيقها . بالوسائل المنظمة وذلك بالتفاف جميعها حول مثل أعلى وهو القومية الجامعة , فتصبح هذه الطوائف كلها عندئذ قوما واحدا من ناحية امتداد أصل جميعها الى منبت واحد . وتعمل معاً متضامنة على ايجاد روابط  قوميه متينة تقوم على الأشتراك في القوميه والتاريخ واللغة والعادات , وتبقى منفصلة حرة في أمر عقائدها ودينها...)

وفي مقدمة أحد أعداد مجلة بين النهرين بِِيّن سبب وغاية قيامه باصدار المجلة :( ليس مقصدنا اظهار ذاتنا من الحكماء العارفين بل جل غايتنا هي الخدمة الوطنية وحث أخوتنا السريان على الاحتفاظ بالقومية والجنسية والتوحيد بين قلوب كل اخواننا المدعوين بالاسم السرياني ونعني بهم النساطرة والكلدان والموارنة والسريان الكاثوليك والسريان الارثوذكس والبروتستانت . ودعوتهم الى ايجاد اتحاد فيما بينهم بصرف النظر عن الاختلافات المذهبية والمنازعات الاعتقادية . مذكرين كلا من هذه الفرق انهم سريان جنسا ًو لغة وعرقا ودما ووطنا. لكي تتحد لاعلاء شأن الأمة الآشورية التي كانت في غابر الأزمان أمة زاهرة في كل أنواع المعارف والفنون والصنائع , وتنهض بعزم ثابت للمطالبة بحقوقها . هذا هو الغرض الحقيقي لانشاء هذه الجريدة....).

مقالات في التاريخ السرياني

  الحلقة الثالثة والعشرون

  أعداد

   المرحوم : الدكتور سامي نوح كرومي- فرنسا

وبالرجوع الى عناوين المقالات التي حررها في جريدة كوكب الشرق وتأملها بامعان نلمس تفهمه العميق لحاجات شعبنا , وتفهمه لأمراضه الأجتماعية والقومية ومن هذه العناوين (اقرأوا الصحف _ شدة أحتياجنا للمطابع _ ما في الادوية الناجعة لأمراضنا الاجتماعية _ الرقي الفكري _ من يفكر بأمر هذا الشعب _ الفوضى عند السريان وغيرها ...). كما لم يغفل نعوم فائق من فكره المسألة الوطنية وارتباطها بالمسألة القومية , فكان يعتبر أن حب الوطن يكمن في العمل المتواصل لدى كافة المواطنين لاصلاح شؤونه , ومحاربة الفساد والتفرقة والظلم والأضطهاد القومي والأجتماعي لتحقيق العدالة والمساواة لكافة المواطنين ,

مطالبا بثورة حقيقية تطيح بالسلطات العثمانية المستبدة والجائرة , وهذا يدل على أن فكره القومي كان يلازمه فكرا وطنيا متطور ايمانا منه بأن القضية القومية والاجتماعية لأي شعب من الشعوب لا يمكن فصلها عن القضية الوطنية . فالعدالة الاجتماعية والقومية يجب أن تعم الجميع من خلال نظام وطني عادل ونرى في إحدى مقالاته بجريدة الاتحاد في العدد الرابع السنة الأولى عام 1921 بعنوان الشرق قديما ً وحديثا ً, حيث كان في القديم منارة للفكر والحضارة , وفي الحاضر غارقاً في في متنقع الجهل والتخلف.محملا سبب البلاء للحكومات المتعاقبة فيقول :( لا شك أن حكومات الشرق كما قال أحد الفضلاء هي التي ساعدت على فساد الأخلاق إلى هذا الحد , وقوّت في تابعيها كل الصفات الدنيئة الهادمة لصروح الاجتماع. أما الآن فنرجو أن يكون قد حان الزمان لنا نحن الشرقيون , أبناء الشرق أن نتفيد من سبات جهلنا وخمولنا وننهض نهوض الرجال ونقاوم كل سلطة مستبدة وحكومة جائرة , ناسين الأحقاد والضغائن . متحدين اتحادا متينا نستطيع أن نخفف به نكبات شرقنا العزيز ).ولم يكن نعوم فائق نظريا في طروحاته , بل كان يسعى لترجمتة أفكاره إلى واقع عملي .ففي الحرب العالمية الأولى حيث تعرض شعبنا في الوطن (بيث نهرين)لأقسى النكبات من قتل وتشريد وإبادة . كان يعى في تلك المرحلة عن طريق اللقاء مع المؤسسات الخاصة بشعبنا في المهجر , والخطب الحماسية في المنتديات , والمقالات النارية في جريدته ما بين النهرين مطالبا التبرع بسخاء لاغاثة المنكوبين والمهجّرين . وعند انتهاء الحرب كان في طليعة المبادرين لتشكيل وفد يمثل طوائف شعبنا كافة , وايفاده إلى مؤتمر اللام الذي عقد في باريس للمطالبة بحقوقه القومية في أرض آبائه وأجداده كونها أبسط الحقوق الطبيعية لشعب تعرض للاضطهاد القومي والديني والاجتماعي في أرض رغم دوره السلمي والبناء في تقدم الحضارة الانسانية . وإن كانت نتائج زيارة الوفد لم تثمر إلا على وعود لم تتحقق, الا أنها كانت مساهمة اعلامية دولية لكشف وتوضيح حقيقة القضية الآشورية للرأي العام العالمي .كما أدرك نعوم فائق الأهمية الكبرى لللغة في بعث الشعور القومي وتحقيق الوحدة القومية للشعب الآشوري كونها عامل أساسي اشترك ولا يزال يشترك بها كافة أبناء شعبنا على مختلف طوائفهم , وقد فهم منزلتها القومية هذه القادرة على ازالة الحواجز , وأدرك بعدها الديني في حياة شعبنا لذلك كرس حياته لخدمتها وتعليمها والدفاع عنها , واثرائها بنقل بعض الآداب الاجنبية اليها من خلال ترجمتها الى اللغة السريانية فكان يكتب العربية بالحرف السرياني وكذلك التركية ودرج على عادته هذه كثير من الأدباء من بعده ولا غرو في ذلك وهو القائل (من لا يقرأ بلغته لا يعرف لماذا خلق , والأمة التي تفقد لغتها تفقد مجدها وتضيع كيانها ) ولم يخف عليه ما للكنيسة كمؤسسة من دور وأهمية في خدمة القضية القومية . لذلك واظب على المطالبة بكل جرأة وثبات باصلاح مؤسساتها , وترتب على مواقفه هذه معارضه كثير من رجال الدين وزعماء العشائر عليه كونهم لم يفهموا حقيقة أفكاره , أو لم تناسبهم مثل هذه الأفكار لتعارضها مع مصالحهم . ان هذا لم يثنه عن عزمه بل زاده أصرارا على المضي في درب المطالبة بالأصلاح بما يتلأم مع واقع العصر وخدمة الشعب وتراثه ولغته . لذلك نادى بانشاء المدارس والكليات اللاهوتية لتخريج رجال دين أكفاء . كما طالب بضرورة اشراك العلمانيين في ادارة مؤسسات الكنيسة من خلال المجالس الملية وتخصيص رواتب للكهنة    وسواها من الأمور . كان يقوم بهذا انطلاقا من ايمان حقيقي بمصالح الأمة والكنيسة فرض عليه المبادرة لاصلاحها والمطالبة بعصرنتها لتقوم بدورها الديني الناجح , ودورها القومي المتمثل بالحفاظ على اللغة وصيانة التراث وتحقيق التقارب بين الطوائف المختلفة لشعبنا   لتسهيل الوحدة القومية وذلك بنبذ الأحقاد المذهبية القديمة , والتعاون فيما بينها لاحياء اللغة والتراث والأقتداء بروح المحبة التي هي روح الرسالة المسيحية وركنها الأساسي .

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com