عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

مقالات في التاريخ السرياني _ الحلقة الثانية

مقالات في التاريخ السرياني

  الحلقة الثانية

  أعداد

   المرحوم : الدكتور سامي نوح كرومي- فرنسا

 

 السير التاريخي لشعبنا من قبل الميلاد حتى قدوم الاسلام

 الآن بعد ذكر هذه النظريات نتابع السير التاريخي لشعبنا من قبل الميلاد و حتى الآن . لن أتكلم عن الشعب أثناء الإمبراطورية الآشورية و نزاعاتها مع الممالك الآرامية و هزيمة الممالك الآرامية و إندماجها مع الأمبراطورية لأن الحديث عنها يطول كثيراً لكن سنتكلم بعد سقوط بابل عام / 539 / ق.م حيث سقطت السلطة في عهد نابونيد على يد كهنة بابل و الحاخام اليهودي في السبي البابلي بعد تعاون هؤلاء مع كورش الفارسي .  و لم ينتهي التأثير الحضاري للآشوريين و البابليين بسقوط آخر سلطة لهم بل أستمر دورهم و تأثيرهم الحضاري فكرياً و لغوياً و ادارياً و عسكرياً في السلطة الفارسية و الفرثية و الساسانية و اليونانية و الرومانية و العربية .  و يعتبر التراث الحضاري والفكري و الإنساني الذي خلفه سكان الرافدين عبر عصر سلطتهم من أروع ما خلفته الإنسانية و حتى أن التوراة قد أخذت قسماً كبيراًمن تراث الرافدين , فقصة الخليفة آدم و حواء و طوفان نوح و أيوب الصديق كلها ملاحم أخذت من الأدب السومري البابلي . و قد حوت مكتبة آشور بانيبال و حدها ما يقارب من / 120 / ألف رقيم تشمل كافة صنوف التراث الفكري و الأدبي و التاريخي .  كما تعتبر شريعة حمورابي ركيزة الشراثع الأساسية في العالم و نرى حمورابي يقول في مقدمة شريعته ( ناداني ان وانليل من أجل الشعب و رخائه باسم حمورابي " الأمير الذي يخاف الله" و أمرني أن أقيم العدل في الأرض و أن اقتلع جذور الشروالأشرار حتىلا يضطهد القوي الضعيف) .و تتكون شريعة حمورابي من / 282 / مادة ( شريعة حمورابي- مجموعة من المؤلفين- ترجمة أسامة- سراس طبعة 1988 ) , و تشمل جميع مناحي الحياة الإجتماعية في ذلك العصر , و يعتبر سقوط بابل عام /539 / ق. م آخر سلطة سياسية حكمت من سكان بلاد الرافدين بشكل مستقل تماماً , و قد قامت عدة ثورات في بابل لاستعادة السلطة و التخلص من الإستعمار الفارسي منها ثورة / 522-521 / ق. م بقيادة نبوخذ نصر الثالث إلا أن دارا الأول قمعها بعنف و قسوة , كما قامت ثورة أخرى عام / 482 / ق.م بزعامة بيل شماني و استقلت لفترة شهرين تقريباً ثم تلا ذلك الحكم اليوناني عام / 332 / ق. م عندما هزم الأسكندر المكدوني دارافي موقعة كوكميل قرب اربيل , و قد اطلق اليونان تسمية على سكان بلاد الرافدين اقتداء بالتسمية الحضارية الآشورية التي كانت أخبارها معروفة لدى اليونان حيث أصبحت تسميتهم الرسمية في عهد الساسانيين خلفاء الأسكندر أيضاً , و ذلك لكون حرف الشين لم يكن موجوداً لدى اليونان و حرف الشين في اللغات الأوروبية الحديثة مكون من حرفين, و قد سمى سكان الرافدين أنفسهم سريايا باللهجة الشرقية و سريويه اللهجة الغربية, كما عرفت اللغة أيضاً بهذه التسمية , فعرفت بالسريانية بدلاً من الآرامية نسبة إلى تسمية السكان , حيث أصبح سكان بلاد الرافدين بكاملهم يعرفون بالسريان ( سكان بابل و آشور و طورعبدين و انطاكية و الرها و ماردين و برية نصيبين ) نسبة إلى تسمية اسيريانالتي أطلقت في العهد اليوناني و استمرت فيما بعد , ثم تلا الحكم الفرثي حيث قامت أيضاًثورة في بابل عام / 127 / ق .م و بقيت مدينة بابل عامرة بعدئذ حيث زارها تاراجان ملك الروم عام / 115 / م و قد هجرت نهائياً عام /199/ م , ثم تلاه الحكم الفارسي حتى مجئ الرومان .  عندها أنقسمت بلاد الرافدين إلى قسمين : قسم تحت سلطة الأمبراطورية الفارسية و هم السريان في شرق نصيبين , و قسم آخر تحت سلطة الأمبراطورية الرومانية وهم السريان في غرب نصيبين حيث كانت نصيبين دوماً حداً فاصلاً تقريباً بين الأستعمارين الفارسي و الروماني , كما ظهرت خلال هذه الفترة من عام /132/ق . م عدة سلالات حاكمة في الرها أستمرت لغاية /243/م وذلك عندما أخضعها الرومان نهائياً ( الرها المدينة المباركة _ ج . ب سيغال ص 21) . وقد عانى السريان الأمرين تحت حكم الفرس و الروم وبما أنهم عجزوا عن إعادة سلتطهم السياسية الموحدة ,لذا عندما جاءت المسيحية كدعوة دينية انسانية تنادي برفع الظلم عن الفقراء , آمن بها جميع السريان ورأوا فيها أسلوباً للاحتجاج ضد الظلام ووسيلة لتحقيق وحدتهم حتى وإن كانت بقيادة دينية , وهكذا توحد أبناء الأمة من جديد تحت قيادة واحدة /سلطة الكنيسة السريانية / وقد حاولت الكنيسة الغربية ممارسة الظلم والأضطهاد ضد اتباع الكنيسة السريانية بحجج وتحت تسميات دينية مختلفة, إلا أن مخاوف الرومان ازدادت بعد أن وصل نسطوريوس إلى سدة الكرسي البطريركي في القسطنطينية, وهو سرياني من سكان مرجانيقي (مرعش ). وبالأخص فإن المسيحية كانت قد أصبحت دين الدولة الرومانية , والأمبراطور الروماني حامي الدين المسيحي فتخوف الرومان من تكتل السريان , رجال دين وعلمانيةً , وتعصبهم وتشكيل قوة في المستقبل قد تتحول الى قوة عسكرية تؤدي الى أنشاء سلطة قوية تحرر بلاد الرافدين من سلطة الرومان , لذا لجأت السلطة الرومانية إلى أستغلال الأفكار التي طرحها نسطور والمتعلقة بالعذراء مريم بأنها ليست والدة الاله , وبعض التفسيرات الأخرى لنصوص الانجيل واستغلال ذلك في تحقيق واقع ومكاسب سياسية معينة من خلال تغيير الواقع الاجتماعي وخاق شرخ عميق بين الشعب السرياني وبالأخص فإنها أدركت أن القيادة الدينية هي التي أعادت الوحدة الى السريان ولا يمكن تمزيق شملها إلا من خلال السلطة الدينية نفسها , فأصُر الأمبراطور الروماني في المجمع الذي انعقد عام 431م ليس فقط على طرد نسطور بل على أضطهاد وملاحقة وتعذيب اتباعه في الرها وأنطاكية ونصيبين وطور عبدين حتى اضطر أغلبهم للهروب إلى فارس , الدولة المعادية للرومان , فقبلهم فيروز الفارسي ووجد فيهم خير وسيلة كأعوان ضد السلطة الرومانية , فاستغلت كل من السلطتين الفارسية والرومانية هذه الناحية لاضطهاد قسم من الشعب السرياني ولزيادة الحقد فيما بينهم فكانت السلطة الرومانية تستغل بعض رجال الدين من أتباعها لكشف السريان النساطرة (الشرقيين )لديها لاضطهادهم وتعذيبهم وكذلك كانت تفعل السلطة الفارسية بالسريان في الجانب الفارسي فقد كان رجال الدين النساطرة يكشفون المؤمنين من اتباع المذهب الغربي للسلطة الفارسية لتعذيبهم ( تاريخ الكنيسة السريانية الأنطاكية _ الجزء الثاني _ اغناطيوس يعقوب الثالث _ص 237 ) . وهكذا عانى السريان من نارين : نار الاضطهاد الروماني ونار الاضطهاد الفارسي. وانقسموا إلى مذهبين دينيين رئيسيين , ( مذهب السريان الشرقيين ومذهب السريان الغربيين)إلىنساطرة أشوريين وسريان أرثوذكس. فبالاضافة إلى الاضطهاد تلهى السريان بمذهبهم وبصراعات مذهبية دينية فكرية فانتجوا أدباً لاهوتياً فلسفياً رائعاً يعتبر من أروع ما أنتجته مفكرة إنسان في ذلك العصر ، وقد ظل السريان على هذه الحال حتى قدوم الإسلام في بداية القرن السابع الميلادي .

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com