عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E الكتاب المقدس

تعريب الإنجيل المقدّس _يوسف جريس شحادة www.almohales.org

تعريب الإنجيل المقدّس

متى البشير

 

يوسف جريس شحادة

www.almohales.org

مقدمة:

الإنجيل لفظة غير عربية، وردت في اللسان {لسان العرب 648 :11 } تحت لفظة"نجل" {بشرح كتاب عيسى "يذكر أن اللفظة" من أصل عبراني أو سرياني وقيل انه عربي}.

إنّ كلمة "إنجيل" مشتقة من الكلمة اليونانية"ايفانجليون" والتي حملت في الأصل معان كثيرة منها {تادرس مالطي عن اوسكار كولمن 1968 ص 27 }:

+من الناحية اللغوية تعني المكافأة التي تقدم لرسول من اجل رسالته السارة. ثم أصبحت تطلق على الأخبار السارة عينها، كما جاء في 2 صم 10 :4 بحسب الترجمة السبعينية"كمن يقدم لي أخبارا سارة - إنجيلا"وفي 1 صم 9 :31 " عن أخبار النصر المفرحة" وفي ار 15 :20 عن ميلاد طفل.

+استخدمت في سفر اشعياء في الترجمة السبعينية، عن الأخبار الخاصة بمجيء الممسوح من قبل الله لخلاص شعبه" على جبل عال اصعدي يا مبشرة – مقدمة الإنجيل لصهيون"اش 9 :40 ،  ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام  المخبر بإنجيل السلام، المبشر بالخير المخبر بالخلاص ، القائل  لصهيون قد ملك إلهك 7 :52 .

أما في العهد الجديد فقد احتلت الكلمة مركزا أساسيا بكونها تعبّر عن الرسالة المسيحية في مجملها { مر 1:1 و 1 كو 1 :10 } فان الملكوت الذي أعلنه المسيح هو "بشارة الملكوت" أو "إنجيل الملكوت "، {مت 23 :4 ,53 :9 و 14 :24 }. وقد تكررت هذه العبارة 72 مرة في الإنجيل المقدس منها 54 مرة في رسائل بولس الرسول، لتعبّر عن أخبار الخلاص المفرحة السارة التي قدمها لنا الله في ابنه يسوع المسيح ليدخل بنا إلى حضن أبيه بروحه القدوس.

الأناجيل الازائية:

كلمة " synoptic  "مشتقّة من العبارة اليونانيةsunarao"  "، والتي تعني رؤية الكل معا وبنظرة تكاملية فهي تخص الأناجيل الثلاثة: متى ومرقس ولوقا، بكونها أناجيل تحوي هيكلا متشابها ومواد متشابهة وان وجدت أيضا مواد غير متشابهة.

أول من استخدم التعبير synoptic هو  Griesbach في القرن الثامن عشر ودعيت الأناجيل الثلاثة:Synoptic Gospel  ومن يترجمها: بالأناجيل التكاملية أو المتشابهة أو الازائية، كما عرف الإنجيليون الثلاثة ب Synopists  فقد جاء في الكتاب المقدس 2 تي 7-16 :3 و 2 بط 21-20 :1 والكتاب هم آلة الله كما في مز 1 :45 :" لساني قلم كاتب ماهر".

مطبّات في التّرجمة:

إنَّ عملية الترجمة فنّ ومهنة مضني،  ومن يتقنه قليل من عديد، فليس من اليسير أن تكون الترجمة مطابقة للأصل مُطابقة تامة حيث أن المعاني بنات فكر الإنسان وبالتالي هي كالإنسان روح وجسد يولد روحها وجسدها معا كما يولد روح الإنسان وجسده معا وعند عملية الترجمة يستلّ المترجم الروح من الجسد – اللغة- جاعلها في جسد آخر وهذا ليس بالشيء اليسير.

اللغات تشبه بعضها البعض بقدر ما تختلف عن بعض،  ومقياس نجاح المترجم في عمله أن تكون ترجمته آمنة وذات مصداقية للجوهر والفحوى وبأقّل خلل من العرض هذا بما يختص بالمعاني والدلالة اللغوية semantics  وأمّا ما يختص بالإنشاء والأسلوب أوجز قدس الأب لويس شيخو في مؤلفه القيم – علم الأدب 1 : 342 : " ولمّا كانت اللغات متباينة القرائح، مختلفة التعابير يتحتم على الناقل، لاستيفاء غرضه، أن يتبصّر طوراً بعد طور في الأساليب العربية الموافقة لتأدية المعاني التي تحرى استخراجها إليها،  مع دفن الالتباس وسلامة الكلام مما ينكره ذوو الذوق السليم من أهل اللغة،  حتى إذا وقف عليه العربي لا يجد فيه أثراً للتعريب،  وإذا عرضه الأعجمي على أصله الذي نقل عنه،  لا يكاد يراه شاذاً عنه بشيء ". hapax legomenon   .

إن ترجمة الكتب الدينية مقيّدة للمترجم،  وحصراً لمن يؤمن أن هذه الكتب، كتب مقدسة تحتوي على كلام الرب معبّراً عنها بلغة بني البشر،  فان المترجم يخشى أن يحسب جوهراً عرضاً أو أن يحسب عرضاً ما هو جوهر لذا يتردد محتاراً،  وما من مناص في اللجوء إلى الترجمة اللفظية خوفاً من أن يفسد كلام الله عوضاً عن تقريبه إلى ذهن القارئ،  ففي هذا النوع من الترجمة تجيء العبارة بعيدة عن التراكيب العربية لاختلاف طبيعة الأسلوب في اللغتين،  لغة المصدر واللغة المترجم إليها وهذا من اكبر عيوب فن الترجمة،  ولكن الترجمة اللفظية لا تأتي دوماً بالهدف المنشود،  فالتزّمت في استخدام عبارة ما قد يقتل المعنى وان لم يقتله فيطمسه ويغميه بدلاً من التوضيح والإبانة .

كثيراً ما تكون الترجمة اللفظية ركيكة في اللغة المنقول إليها،  ينفر القارئ من قراءة كلام الرب،  في الوقت الذي تكون فيه الغاية الأساسية من الترجمة الترغيب في قراءة النص وربما ما يصف ذلك الرغبة في حفظ التوازن بيت أمانة الترجمة للمعاني كما هي في الأصل وإخراج هذه التعابير والمعاني في لغة جيّدة وأسلوب سلس يلذ للقارئ عند قراءتها.  هذا ما جعل في الماضي أناساً من بعض الديانات يدعون إلى تحريم ترجمة الكتب التي يحسبونها وحياً من الله ومنزلةً.  الأصل دوماً أفضل من الترجمة ولكن لو استطاع جميع البشر أن يستغنوا عن الترجمة ويقرأوا الأصل ويتفهموا معانيه تفهمّاً صحيحاً سليماً كان به،  ولكن هذه أمنية لن يكتب لها أن تتحقق إلى يوم القيامة،  وكقول القديسة تريزا: "لو كنت كاهناً،  لدرست العبرية واليونانية لاستطيع أن اقرأ كلام الله كما تلطف وعبّر عنه بلسان البشر".

الدراسات حديثة كانت أم قديمة للعهد الجديد،  تبحث في أدق المعاني والألفاظ والتعابير،  وهناك العديد من المؤلفات وكتب القواعد الخاصة باليونانية المستعملة في أسفار العهد الجديد وكتب التفسير،  ومن أعظم هذه المؤلفات كتب قدس الأب لاغرانج الدومينكاني Lagrange  ،  الذي كرّس حياته في مدينة القدس ولم يترك أي شاردة ولا واردة في كتب العلماء الذين سبقوه أو عاصروه إلا واطلع عليها وناقشها وصدّر تفسيره بمقدمة للعهد الجديد توازي مجلّداً واحداً مفعمة بالدرر اللغوية ناهيك عن الفوائد اللاهوتية والتاريخية.

ترجمة العهد الجديد:

المرحلة الأولى في فن الترجمة – فهم معنى النص الأصلي،  وبعد ذلك يختار المترجم من طبقات الإنشاء الطبقة الملائمة لأسلوب الأصل. وفي هذا المضمار يحار العرب عن سائر المترجمين،  فالعرب امة تحب الكلام الفخم والأسلوب العالي والمفردات العسيرة وحصراً في المؤلفات التي تعبّر عن معان دينية،  وقد عرّف الأب لويس هذا النمط من الأسلوب { علم الأدب 1 : 144}: " الإنشاء العالي ما شحن بغرر الألفاظ،  وتعلق بأهداب المجاز،  ولطائف التخيلات وبدائع التشابيه فيفتن ببراعته العقول ويسحر الألباب،  وهذا الإنشاء يتّسم بكل ما لطف وجاد من المحسنات البيانية،  والألفاظ المنمقة والمعاني الشريفة فالرونق ميسمة والجزالة من شيمه".

بيد أن العهد الجديد كتاب فريد في نوعه فهو مع سمو معانيه وجليل ما يروى فيه من كلام الرب وأعماله الخالدة مكتوب بإنشاء سلس موجز بقليل من الألفاظ وبوفرة وغزارة في المعنى، فهناك كتب تبحث في فقرة واحدة من الإنجيل،  فعلى سبيل المثال فقط كتاب بوسمارد Boismard  يبحث في مقدمة إنجيل يوحنا " في البدء كان الكلمة "،  والكتاب من 185 صفحة يبحث معنى العبارة وصلاتها بسائر إصحاحات الكتاب المقدس.

وهذا الأسلوب السلس،  ليس من سبيل الصدفة لأن المسيح أتى كي يكشف للناس أسرار الآب ولان النعمة والحق بيسوع حصلا { يو1 : 17-19  } وكان يخاطب الناس: "على حسب ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا " { مر 4 : 33-34}. فكان الشعب اجمع مولعاً بالاستماع إليه: " كانوا متعلقين بالاستماع له " { لو 19 :48 } وحتى الذين أتوا ليعتقلوه طفقوا يتفوهون: " انه ما نطق إنسان قط بمثل ما ينطق هذا الرجل " { يو 7: 45-46 }.

إنّ لغة الإنجيل لم تكن في الأصل بالعربية،  وعند نقل المادة فلا حاجة إلى أسلوب منمّق مزخرف ولا حاجة إلى جزالة في الألفاظ ولا حاجة إلى بذل المعنى في سبيل المبنى والفحوى والجوهر في سبيل العرض،  ولا من حاجة للتنقيب عن الألفاظ العويصة المعقدة،  مضطربة التركيب مما يمجه الذوق السليم،  فقد امتاز متى البشير العشّار بأسلوب بالغ الإيجاز شحيح الألفاظ غزير وفير خصب بالمعاني خالٍ من كل زخرف وتأنّق وجزالة،  ومرقس البشير بأسلوب بسيط يكلم الناس،  أسلوب الشعب حين يروي الأحداث،  وأمّا إنشاء لوقا الإنجيلي فهو أجود إنشاء،  كان طيباً وتأدب بالأدب اليوناني،  وإنجيل يوحنا ابسط الأناجيل لغةً،  كلماته قليلة العدد قليلة التنّوع،  أسلوبه خالٍ من الزخرف اللفظي والتنميق والكلام الطّنان الرّنان إلا أنّ إنجيله " إنجيل روحاني " كما وصفه اكلمنضوس الاسكندراني،  إلا أن عمق المعاني الروحانية واللاهوتية أدهشت الباحثين حتى ألّفوا كتباً عدّة حول فصل أو بعض من الإصحاحات كما ذكرنا آنفاً.

انّ تعريب الإنجيل المقدس بأسلوب منمّق وبإنشاء مزخرف وبعبارة مسّجعة ينقض روح الإنجيل وميزته ومقصداً رئيسياً من مقاصد السيّد المسيح وعلى من يعرّب أن يتذكر قول المسيح الرب، مت 11 : 25 : "وفي ذلك الوقت أجاب يسوع وقال أعترف لك يا أبت ربّ السموات والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والعقلاء وكشفتها للأطفال " { راجع مت 18 : 3 }اذاً من سمات الناقل أن يعي مغزى النص الأصلي كي يحافظ على هذا الهدف السامي في نقل العبارة وان تؤدي باللغة المنقولة ذات الروح المدلولي باللغة الأصلية وانّ إعجاز الإنجيل المقدّس ليس إعجازا لغوياً،  إنما هو إعجاز يسوع الرب،  أي معجزة كماله وأعماله التي عجز وسيعجز عنها كل إنسان سواه لأنه وحده اله وإنسان.  هذه المعجزة وهي السبب الذي جعل " العميان يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون" { مت 11 : 5 }، هذا هو إعجاز المعنى لا المبنى وإعجاز بساطة الأسلوب لكي يستطيع الشعب أن يفهم تلك المعاني ولكيلا يقال أن البديع اللغوي البلاغي هو الذي سحر الألباب وفتن القلوب. إن معجزة الأسلوب اللغوي هي معجزة المداول والمعنى لأنه قال:  "اسمعوا وافهموا " { مت 15 : 10 }، صدق القديس بولس اكو 1 : 25-27 " لان مستهجل الله احكم من الناس ومستضعف الله أقوى من الناس انظروا دعوتكم أيها الإخوة انه ليس كثيرون حكماء بحسب الجسد ولا كثيرون أقوياء ولا كثيرون شرفاء بل اختار الله الجاهل من العالم ليخزي الحكماء واختار الله الضعيف من العالم ليخزي القوي".

وربما يكون من الأدباء العرب من يستغرب إنشاء بعض الأسفار المقدسة لأنه لم يجد فيها ما يتمناه من أناقة لفظية وزخرف وتنميق دون أن يفهم المستتر من وراء ستار هذه البساطة والغاية منها.

فالترجمة الجيّدة – إن صحّ التقييم –  هي تلك الترجمة التي يكون إنشاؤها موازياً للغة المنقول عنها  فإذا كان الأصل من الطبقة العالية وجب أن يكون إنشاء الترجمة من الطبقة العالية والعكس صحيح.

" للترجمة في النقل طريقان، احدهما {وهو طريق يوحنا بن بطريق وابن الناعمة الحمصي وغيرهما } أن ينظر في كل كلمة مفردة من الكلمات الأعجمية وما تدل عليه من المعنى وينتقل إلى الأخرى  كذلك حتى يأتي على جملة ما يريد تعريبه . وهذه الطريقة رديئة لوجهين:

 احدهما انه لا يوجد في الكلمات العربية كلمات تقابل جميع كلمات الأعاجم ولهذا وقع في خلال التعريب كثير من الألفاظ الغريبة على حالها.

 الثاني : إن خواص التركيب والنسب الاسنادية والمجازات وهي كثيرة في جميع اللغات لا تطابق دائماً نظيرها مسلفة أخرى.

الطريق الثاني في التعريب وهو طريق حنين بن اسحق والجوهري وغيرهما أن يأتي بالجملة فيحصل معناها في ذهنه ثم ينقلها إلى اللغة الأخرى بجملة تطابقها سواء ساوت الألفاظ أم خالفتها،  وهذا الطريق أجود ". { لويس شيخو , علم الأدب 1 : 342-343}.

الفنون الأدبية في الإنجيل:

إنّ الفنون الأدبية اللغوية التي سنتطرق إليها بإيجاز كلها تصبّ في مصبّ الإيجاز بالمفردات والغزارة بالمعنى،  البساطة في المفردات العمق والتوغل في المدلول، ومن تلك الفنون: الرواية والمثل ،الجدل،  الحكم- الوعظ، النبؤة والكشف عن أسرار ومكنونات الخالق.

1- الرواية: إن تدوين أخبار يسوع الرب،  ميلاده وطفولته ومعجزاته وآلامه وقيامته وصعوده، يجب أن تكون بإنشاء القصة، ولغتها مما يقرّب منال وهدف المعاني إلى السامعين أو القراء، حيث إن الهدف من الرواية أن يفهم القراء تلك الأخبار من غير عناء وكلل.

2-المثل: ورد في الإنجيل المقدس ما يقارب أربعين مثلاً ، الأمثال قصيرة بشكل عام وبالتالي الجمل قصيرة وجيزة الإنشاء، الأمثال من الناحية اللغوية هي إنشاء بسيط لأنه كلام السيد المسيح، والمراد من هذا أن يفهمه السامعون فهي بالتالي لغة الأمثال سلسة بسيطة غزيرة المعاني دسمة الفحوى والمضمون والمدلول التعليمي اللاهوتي.

3- الجدل: هذا الأسلوب الرائع اتخذه السيد المسيح حين دار الحوار بينه وبين الكتبة والفريسيين في مسألة الشريعة والعقيدة،  مثال ذلك، مسألة السبت والصوم واكبر الوصايا والطاهر والنجس،  الزواج والطلاق وقيامة الأموات وغير ذلك من المواضيع،  ميزة هذا الأسلوب حسن الجواب وردّ كيد السّائل إلى نحره وإفحامه وإقناعه وبهذا الأسلوب ينصرف الذهن إلى اخذ المعنى ،وليس دون أن تعيقه من جهة العبارات العسيرة الطنّانة لحنا والجوفاء مدلولاً.

4- الوعظ: من روائع ما جاء في الإنجيل المقدّس، أسلوب الوعظ، مثله مثل أسلوب الأمثال آنفة الذكر،  يكثر فيه البديع المعنوي واللفظي ولكن الألفاظ سهلة يفهمها العامّة وأما الإيغال بالمدلول والتفسير فهذا أمر متباين متفاوت بين قارئ وآخر من بعض نماذج هذا البديع:

+ الطيّ والنشر: أو اللف والنشر {شيخو، علم الأدب 195 :1 }،  وهو بمثابة ذكر شيء تمّ الإتيان بتأويله مع الحفاظ  على الترتيب، مثلاً متى 8-7 :7 :" إسالوا فتعطوا اطلبوا فتجدوا إقرعوا فيفتح لكم لانّ كل من يسال يعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له".

+ المبالغة والهدف بها تشديد المعنى،مثال  متى 24 :19 :" وأيضا أقول لكم انه لأسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يدخل غنيٌّ ملكوت السموات".

+ المطابقة، وهي الجمع بين الضدّين {شيخو ،علم الأدب 172 :1} كقول الربّ {متى 15 :7 }:" احذروا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بلباس الحملان وهم في الباطن ذئابٌ خاطفة".

+ المقابلة، وهي أن يؤتى بمتعدد من المتوافقات ثم يؤتى بما يطابقه على الترتيب {شيخو علم الأدب 172 :1 }كقول السيّد المسيح {متى 45 -44 : 5 } :" امّا أنا فأقول لكم احبّوا أعدائكم واحسنوا إلى من يبغضكم وصلّوا لأجل من يعنتكم ويضطهدكم لتكونوا بني أبيكم الذي في السموات لأنه يُطلع شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين".

+ التضاد، وهو المقابلة بين أمرين مختلفين لفظًا ومعنى {شيخو علم الأدب 117 :1 } كقول متى 24 :23 :" الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون فإنكم تنقذون خارج الكأس والجام وداخلهما مملوءٌ خطفًا ودعارةً" والفصل 23 ، غزير من البديع اللفظي والمعنوي.

+ التكرير – الترديد،مثال تكرير السيد المسيح  عبارة "طوبى" في متى 11-3 :5 :"طوبى للمساكين بالروح، طوبى للودعاء ، طوبى للحزان، طوبى للجياع، طوبى للرحماء... " واقرأ في متى أيضا 36-13 :23 ، تكرير عبارة ط الويل لكم".

5- النبؤة: في العهد الجديد أنبا السيد المسيح على مستقبل الكنيسة وعلى ما يحدث للرسل والمسيحيين من الاضطهاد والمطاردة وعلى خراب الهيكل وأورشليم، وهذا كله بعبارة سهلة هينة الفهم :" إحذروا من الناس فإنهم سيسلمونكم إلى المحافل وفي مجامعهم يجلدونكم ويقودونكم إلى الولاة والملوك من اجلي شهادة لهم وللأمم".{متى 18-17 :10 }. فلا لغة منمقة مزخرفة، فالغاية من أداء الكلمة فهم معناها وليس البحث والتنقيب والتفتيش في بطون المعاجم ومن ثم الرجوع للنص لفهمه، وربما من الكتاب اليوم من يظن انّ استخدام التعابير العسرة والمسجعة ترقى بكاتبها، بل تفيد عكس ذلك، فأسلوب الوعظ والعظة مستنبط عن الأنبياء{متى 29 :24 }، أسلوب وعد ووعيد لإثارة الرغبة في النفوس والخوف والأمل والطمأنينة ومع وقعه الشديد في نفوس السامعين وبلاغة مدلوله إلا انه سهل الألفاظ والتراكيب.

الكشف عن الأسرار ومكنونات الخالق:

نجد أكثر هذا الكلام في إنجيل يوحنا،  تحدّث السيد المسيح عن أسرار الحياة الإلهية وكشف عن صلته بالاب وصلة الاب والابن والروح القدس،  وعن محبة احدهم للآخر ومحبتهم للناس وما يحب أن يكون في الناس من المحبة لله والقريب وهذه الأسرار،  لا نجد لها مثيلا في أدب من الآداب ففي هذا الكلام ناجى يسوع الرب أباه السماوي { يوحنا ف 17 }،  وخطبة الوداع حيث قال لهم ارقّ العبارات وأعطاهم أسمى الوصايا {يوحنا ف 14-16 }.

التشابه والاختلاف في الترجمات

يتحتم على المترجم أن يراعي أمورا خاصة بالأناجيل، منها ما بين الأناجيل الثلاثة الأولى، أو ما يسمى الأناجيل الازائية{synoptiques  }، فهناك ما انفرد احدهم بذكره وهناك ما ذكره اثنان وهناك ما ذكره الثلاثة {ازائية الأناجيل، لبنان 1996، مؤلف ضخم يربو عن سبع مئة صفحة من الحجم الكبير} وربما يعود الأمر للأسلوب اللغوي الشخصي لكاتب الإنجيل ولجمهور القراء {يوحنا 4-1 :1 }.

وليس اختلاف نصّ العبارة يدل على شيء، سوى الأسلوب وليس كما يظنّ بعض الهرطوقيون أو ذوي الفكر الملتوي،  بان الكتاب المقدس محرّف فهذا هراء،  فالجوهر بين الأناجيل الازائية واحد احد بالرغم من رغم الاختلاف في العرض أو السرد، نضرب مثلا لنوضح عمّا نتحدث وهو شفاء الرب يسوع للأبرص.

متى 4-3 :8 :" فمد يسوع يده ولمسه قائلا قد شئت فاطهر وللوقت طهر من برصه فقال له يسوع انظر لا تقل لاحدٍ ولكن امض فأرِ نفسك للكاهن وقدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم".

مرقس 43-41 :1:" فتحنن عليه يسوع ومد يده وقال له: قد شئت فاطهر _ وفيما هو يكلمه للوقت ذهب عنه البرص وطهر  فانتهره وصرفه سريعا، وقال له: انظر لا تقل لاحدٍ ولكن امض فأرِ نفسك  لرئيس الكهنة وقدّم عن تطهيرك ما أمر به موسى شهادة لهم".

لوقا 14-13 :5  :" فمدّ يده ولمسه قائلا قد شئتُ فاطهر وللوقت ذهب عنه البرص فأمره أن لا تقل لأحدٍ فاذهب فأَرِ نفسك للكاهن وقدّم عن تطهرك كما أمر موسى شهادة لهم".

إن سرد مرقس هو أطول الروايات {43 كلمة }، فإذا ذكر متى " طهر من برصه"، ومرقس "ذهب عنه البرص وطهر"، ولو "وللوقت ذهب عنه البرص"، مختصرا مكتفيا بلغة الطبيب البارع، فيبقى السؤال: هل يتحتم على المترجم وحدة في الرواية؟ وهل إذا كان الجوهر واحد فهل وجب حفظ الوحدة في الأسلوب؟ والعبارة؟

ذكرنا آنفا أن على الناقل أن يحافظ على النص الأصلي واختلاف العبارة من بشرى لأخرى لا يُفسد الجوهر قيد حُبيبة ومن يدّعي أنّ بهذا تحريف، فهذا الكلام هراء غثّ ينبع عن عقدة فيكفي بالقول بان في العهد الجديد ما من تناقض ولا من أمر بالقتل إنما وصف الله _ محبة _ وهل نظير لهذا الوصف!

ولو قارنّا بين متى  12 :9 ، مرقس 17 :2 ، لوقا 31 :15 ، نرى أنّ لوقا الطبيب استخدم "المعتافون"، بدلاً من "الأصحاء"في {مت ومر} واصطلاح "المعتافون"، هو تعبير الأطباء للدلالة عن المعنى المنشود ، ولكن في بعض الترجمات العربية استخدمت عبارة " الأصحاء" في الازائيين دون استثناء {تعريب المطران فرحات، في كتاب المطران دبس :تحفة الجيل في تفسير الأناجيل بيروت 1868 }. نحن نقتبس طبعة دار المشرق لبنان 1983 ، فنتساءل إذا كان الأصل واحد فلماذا هذا التبديل في التعابير؟

إن لكل معرب أو مترجم تراكيب خاصة به يكررها في الصفحة ذاتها أو في فقرة أخرى وهنا يجب على المترجم مراعاة هذه القضية في نقله. ولكن هناك ترديد وتكرار مقصود كما في متى 25-24 :7 ومتى 26-27 :7 فقصده يسوع الرب وبالتالي يخطئ المترجم حين يبدّل الألفاظ بمرادفات لها، ظنا منه انه يظهر إنشاء حسنا في الوقت الذي يزيّف ويخون نقل النص الأصلي ويضيّع لونا من ألوان البديع.

فهناك  بعض الترجمات { البوليسية} استخدمت { هطل } عوضا عن {نزل} وهما واحد في الأصل اليوناني وتبديل {سقط} ب {انهار} أو { اندفعت } بدلا من {صدمت}  مت 27-24 :7 .ومثلا آخر مت 14-13 :2 { قام } بدلا من {نهض} أو مت 41 :13 { من ملكوته} {المشرق 94 } {من مملكته} { المشرق 83 زيادة}. وغير ذلك من الأمثلة .وبقي السؤال لماذا هذا التبديل؟ وهذا الأمر يعود إلى المعرّب وأسلوبه اللغوي إلا أن من الناحية اللاهوتية العقائدية لا يوجد فرق بين هذه التعابير اللغوية وحريّ بكل قارئ أن يرجع إلى تفسير الآباء لمثل هذه القضايا.

نذكر بعض الامثلة الاضافية { ط. 83 اغناطيوس زيادة و 94 بولس باسيم، } " الاهداب 83"  , " اهدابهم 94"، { متى 5:23 ،ط. 83 } " طرف ثوبه" { مت 9:20 ، 36 : 14}" كل شيء مستطاع " ط .94:" فانه على كل شيء قدير" {مت24-26 :19 }.

قضية اخرى تواجه المعرّب الا وهي: آيات العهد القديم التي ذكرت في الانجيل الشريف وهي كثيرة ولا سيما في انجيل متى حيث ايراداته من العهد القديم غزيرة تربو عن الثلاثين ايرادا، الصعوبة ان جاز التعبير ، من النصوص التي نقلت من الاصل العبري للكتاب المقدس والنصوص المنقولة من الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية ، فعلى المعرّب مراعاة هذه القضية. مثالا على ذلك: ورد في سفر اشعياء 59:13  {ط. 83 } :" فقال السيد بما ان الشعب يتقرب اليّ بفيه ويكرمني بشفتيه وقلبه بعيد مني وانما مخافته لي وصيّة بشرٍ تعلّموها " ومت { 7-9 :10 } :" هذا الشعب يكرمني بشفتيه  واما قلوبهم فبعيدة مني فهم باطلا يعبدونني اذ يعلّمون تعاليم الناس ووصاياهم ".

السؤال: لمَ هذا التغيير اللغوي؟ ان المعرّب استخدم لفظة مغايرة للآخر الا انّ الفحوى واحد والأصل واحد وليس بهذا أي اختلاف في المضمون وإنما القضية الأسلوب اللغوي لهذا الناقل وذاك المعرّب.

مثلا آخر، أداة الوصل " tote  " اليونانية عرّبت " حينئذ " واستخدمها البشير متى أكثر من ثمانين مرة بينما البشير مرقس استخدم " otos  "التي عربت " للوقت " واستخدمها زهاء أربعين مرة ، بينما يوحنا البشير استخدم " oun  " وعربت " إذن " كأداة وصل وانتقال من موضوع  لآخر.

إن هذه الأمثلة في استخدام عبارات مختلفة ما هي إلا نظرة السنية محضة وجميع هذه العبارات تبقى  في نفس المجال الدلالي للفظة وهذا الاختلاف يعود للأسلوب اللغوي لكل بشير وانجيلي وأما في الجوهر والفحوى فما من تناقض واختلاف ومهما علمنا فنبقى جهلاء بمعرفة مكنونات النص ومهما اغتنينا فقرنا بمعرفة كنه المفردات ودقائق الدلالات ليس حتما توصلنا إلى برّ الفهم الدقيق فالكل يبقى في قيد التنبؤات والتخمينات هل قصد الانجيلي عمدا استخدام هذه العبارة؟ هل مدلولها قبل ألفي عام هو ذاته اليوم؟ وهل من بحث تاريخي لمفردات العربية لتقصي تطور مدلولاتها؟ وهل المعنى باللغة الأصلية يحتم اختيار هذه العبارة عن غيرها؟ أم يدي المعرب مقيّدة بقصور العربية عن المدلول اللاهوتي الديني؟!

التحقيق من المعنى الأصلي للعبارة:

من أصول الترجمة السليمة تفهّم معنى الكلمات في الأصل والإتيان بما يقابلها في اللغة المنقول إليها. ولربما كان للكلمة في الأصل عدّة معان لا يؤديها في اللغة المنقول إليها إلاّ تعابير مختلفة بحسب قرائن النص وموقع الكلمة في الجملة ،لإيضاح هذا نضرب بعض الأمثلة:

+ متى 1:1 :" كتاب ميلاد "، العبارة المقابلة في اليونانية " جنسيس " تفيد " ميلاد ، نسب" فلم اختار المعرب " ميلاد " وبينما يسمّى هذا الإنجيل الذي نقراه في عيد ميلاد يسوع الربّ " إنجيل النسبة ".

+ مت 6:2 :" وأنت يا بيت لحم  ارض يهوذا لستِ الصغيرة في رؤساء يهوذا لأنه منك يخرج المدبّر الذي يرعى شعبي إسرائيل" ما هو قصد المعرب " بيت لحم ليست الصغيرة في رؤساء يهوذا" هل المقصود الولاية! وما المراد بعبارة " الوالي" – " الحاكم " ولماذا لم يترجم " لست الصغيرة في ولايات يهوذا فمنك يخرج وال يرعى شعبي إسرائيل "!

+ مت 8 : 2 " ثم ارسلهم الى بيت لحم قائلا اذهبوا وابحثوا عن الصبيّ " ولمَ لم يستخدم " الطفل " كذلك متى {20-21 و13-14و11 و9 :2   و 38 :15 } " الصبيان " العبارة اليونانية " بيديون "  تعني الصبيان والبنات وفي الترجمة الفرنسية " sons compter les femmes et les enfats  "ولم تقل "  sons compter les femmes et les gargons    حيث كلمة " enfats "تطلق على الصبيان والبنات وفي الترجمة الانجليزية _ N.E.B استخدمت " children " واذا ارادوا الصبيان قالوا :"Boys  " وبعض الترجمات الكاثوليكية استخدمت " الاولاد " .

+ متى 13 :2  " ولمّا انصرفوا اذا بملاكِ الرّبّ تراءى ليوسف في الحلم قائلا:" قم فخذ الصبيّ وامّه واهرب الى مصر وكن هناك..."ن، ترجمة المشرق 88 استخدمت " أَقِم "، حيث مفاد " كن _ الاقامة " وهل فضّل المعرّب " كن " لانها اقرب الى ذهن القارىء_ السامع انه ليس من اليسير تفسير سبب هذا الاختيار عن آخره وفهم خبايا ما وراء هذا الاختيار.

اختيار الالفاظ العربية:

ركن اساسي من اركان التعريب اختيار " المترادفات – الالفاظ " العربية لتأدية معنى الاصل، ومن عيوب الاسلوب في التغريب بسوء اختيار الكلمات، شِئْنا ام ابينا. فان الالفاظ تكسب على مرّ الاجيال معاني آنيّة وقتية مكانية تتشرّبها من البيئة التي تتداولها . فعلى سبيل المثال " قافلة " هل اصلا تفيد ذات المعنى اليوم؟

نضرب عدة امثال لاختيار اللفظ على انه في جوهر المعنى اللاهوتي ما من ذرّة فرق وكل التعابير تصبّ في نفس المغزى والمضمون.

+ متّى 5:8 : " للانقياء " ، 88 " للاطهار " ، العبارة اليونانية " كاتاروس " والترجمة المعجمية : "نقي" واما من عرّب " طاهر" نقيض " نجس " لان الخلفية للاصحاح هي ان اكثر اليهود آنذاك كانوا يقتصرون  على " نقاوة – طهارة " الظاهر فدعوة الرب يسوع " طهارة _ نقاوة " الباطن . فهل عبارة " طاهر " تدل في اول الكلام على طهارة البدن ونظافة الجسم او على الطهارة والسلامة من المكْر ، وهل فهمِنا اليوم لِ "نقي – طاهر " كما هو الحال قبل الفي عام؟ وهل من معجم عربي تاريخي يبحث في نشاة التعابير وتطور معانيها واستخدامها؟

+ متّى 6:11 : " أعطشنا " 88 "ارزقنا"، الا يجوز استخدام " اعطنا" ، بلا- فالمصلّي يطلب من ربّه اعطاءه الخبز، فمن يؤول -88 – ان المقصود " اعطاء الخبز" اشارة الى خبز الافخارستيا او كلمة الله او الدعوة من الله اعطائنا ما نحتاج له كل يوم من التيقّن ان الله يعطينا – يرزقنا اياه كل يوم. كما انّه اطعم بني اسرائيل في البرية " المن " المعطى يوما بعد يوم { خر 16 } فلا نرى بهذا التعبير او ذاك من تشويه للمعنى البتّة، فليس بهذا أي تناقض او تحريف ومن يجترّ ويتشدّق ابعاء التحريف فهذه القضية ابيدت باليقين بان نص الانجيل الشريف المقدس واحد احد في الجوهرز

+ متّى 5:17 : " سحابة منيرة "، 88 " غمام نيّر "، سحابة كلمة عربية فصيحة هي، امّا الشيخ ناصيف اليازجي { ط. يسوعية العهد القديم} فقد استخدم " غمام "  { خر 15-16 :24 } على انها تمثل تجلي الرب. فهل عبارة " سحابة " لا تؤدي ذلك؟ ام لانها متداولة في اللغة في ألسنة العامّة تفقد من رزانتها وفصاحتها ورقي اسلوبها ومكانتها؟ وهل من معجم عربي يبحث في مدى تفاوت المصطلحات والتعابير! او نسبة تفضيل لفظة على اخرى؟

+ متّى 17-19 : 5 : "      

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com