عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

لق المسيحيين وخوفهم الأب بيتر مدروس

قلق المسيحيين وخوفهم

الأب بيتر مدروس

2015/05/02

 

كان التّلاميذ خائفين غير مصدّقين أنّ مُضطهِدَهم شاؤول على طريق دمشق الذي انشرح صدره لرجم اسطفانوس قد أصبح مسيحيًّا ورسولاً. وأحيانًا يكون مسيحيّونا بسطاء سُذّجًا فيصدّقون الكلّ وكلّ شيء من غير فهم ولا حيطة ويستقبلون الكلّ في بيوتهم بما فيهم المفسدون والمضلّون والغادرون (بخلاف 2 يوحنّا 10). صحيح أنّ "المحبّة تصدّق كلّ شيء" من عند الله وتصدّق كلّ ما هو خيّر وبنّاء، ولكن على المسيحيّ أن يكون "داهية كالحيّة ووديعًا كالحمامة" (عن متّى 10: 16). وبخلاف اليهود والآسيويين وسواهم، أثبتت في العقود السّتّة الأخيرة الشّعوب المسيحيّة الغربيّة سذاجتها وعدم تمييزها في استقبال "ما هبّ ودبّ" في بلادها وتجنيسه من غير تمييز، ولا إدراك لعقليّة الأجانب، فبلت نفسها بشرور لا حدّ لها وكثرت فيها المشاحنات العرقيّة والدّينيّة التي قد تؤدّي يومًا وحتمًا إلى حروب أهليّة بسبب "صدام الحضارات" وقد كتب بصواب عنه صموئيل هتنغتون. وممّا زاد طين "السّذاجة المسيحيّة " بِلّة مكر زعماء الغرب السّياسيّين "العلمانيّين" الملحدين المتحالفين لمصالحهم مع خصوم الكنيسة وخصوصًا أنّ قسمًا منهم كبيرًا ينتمي إلى مؤسسات ومجموعات ذات أسرار (ليست كلّها سرّيّة) فضحكوا على شعوبهم الغافلة مروّجين لما دعوه زورًا وبهتانًا "الانفتاح والتّعدّديّة" وتذرّعوا بالأديان الأخرى وبمشاعر أهلها (الغرباء واللاجئين) لحذف الرموز المسيحيّة. وما أصغى أيّ من الحكّام ولا الشّعوب لتحذيرات الكرسي الرسولي وبالذات البابوين العبقريين يوحنا بولس الثاني وبندكتوس السادس عشر أنّ المطلوب، في شأن حقوق الشّعوب والإثنيّات والطوائف، هو مبدأ "التّبادل" أو "التّبادليّة" reciprocity أي انه من الظّلم أن تعطي دولة ضيوفها الغرباء أو اللاجئين حقوقًا (مَثَلاً حرّية بناء دور عبادة) لا يقدّمونها لمواطني هذه الدولة في بلادهم الأصليّة. وليست المسيحية "أسوأ" من الأديان الأخرى بحيث يُحرَم المسيحيون من حقوقهم الدينية – في بلادهم وفي الخارج، وينعم آخرون بحرّيّة الضّمير والعبادة والحركة والتجنّس.

"سار برنابا بشاؤول (بولس) إلى الرسل"!

برنابا يهوديّ لاويّ من قبرص اهتدى (لا "ارتدّ") إلى المسيحيّة وسيرافق بولس الرسول. ونحن في العالمين العربيّ والإسلاميّ مجبرون أن نوضح لأنفسنا وللآخرين هويّة برنابا هذه الحقيقيّة لنميّزها عن الكاتب المزيّف المزوّر الذي سمّى كتابه في العصور الوسطى "إنجيل برنابا" وقد ألّفه بالإيطاليّة – وهي لغة حديثة بعيدة قرونًا عن زمن المسيح والرسل والتابعين. ومن غير المنطقيّ تمسّك بعض غير المسيحيين ببرنابا هذا ، بما أنّ برنابا الحقيقيّ نفسه كان تلميذًا لمار بولس، ومعروف الموقف العدائيّ السلبيّ اليهودي والإسلاميّ "والعقلانيّ" من القدّيس بولس وتوهّهم القوم أنّ شاؤول بولس هو مؤسس المسيحية لا يسوع. فكيف يأخذون "إنجيل" تلميذه برنابا، وكيف لا أنّ "برنابا" العصور الوسطى الإيطاليّ أو الإسبانيّ ليس الحقيقيّ المعاصر لمار بولس؟

"كان شاؤول (بولس) يجادل اليهود الهلينيين" أي الناطقين باليونانيّة

الإنسان الشّرقيّ متديّن ويحبّ أن يناقش في أمور الدّين. ومسيحيّونا في المشرق يتعرّضون لأسئلة واعتراضات يوميّة. ولعلّ كتابات القديس بولس وهي موحى بها وملهَمة وملهِمَة تساعدنا في الحوار مع غير المسيحيين: مع اليهوديّة والإسلام في إطار التوحيد، ومع "الوثنيين الجدد" الذين أضحوا يعبدون المادّة وينكرون وجود الله. يجيب مار بولس الملحدين في رسالته إلى أهل رومة (1: 18 وتابع) بأسلوب منطقيّ مقنع يثبت بالعقل وجود الإله. وتسعفنا رسائل القديس بولس وخطاباته (في أعمال الرسل مثلاً) في الحوار أو الجدال مع العالم اليهوديّ والإسلاميّ الذي يطلب منّا "الدفاع عن سبب الرجاء الذي يعمر قلوبنا" (عن بطرس الأولى 3 : 15) خصوصًا في قضايا وحدانية الله بكلمته وروحه أي الثالوث الأقدس الإله الواحد الأحد، ومسألة تجسّد كلمة الله وألوهيّة المسيح وبنفس الوقت ناسوته أي طبيعته البشريّة كما يوضح رسول الأمم الإناء المختار بولس "في شأن ابن الله (أي كلمته تعالى) المولود من نسل داود بحسب الجسد" (روم 1: 3، أيضًا قولسّي 2: 9). ويبيّن مار بولس أنّ "كلمة الصليب... حجر عثرة لليهود وجنون لليونانيين" أي الوثنيين. كتاباته خصوصًا في الرسالة الأولى إلى القورنثيين (1: 18 ، ثم 2 : 1 وتابع) تفهمنا أنّ الصليب الذي كان وسيلة إعدام أصبح برهانًا لمصداقيّة يسوع القصوى وأداة خلاص للإنسانيّة.

"كانت الكنيسة تنعم بالسّلام" في فلسطين!(عن أعمال 9 : 31)

أين نحن من هذا السلام والنموّ والازدهار ، انطلاقًا من "زهرة المدائن" حيث لا يزيد المسيحيّون الفلسطينيّون على عشرة آلاف نفس ؟ أين مسيحيّو "السّامرة" وليسوا في نابلس مدينة القديس يوستينوس الفيلسوف الشّهيد أكثر من تسعمئة نسمة وسائر "السامرة" بضعة آلاف أخرى؟ من قطاع غزّة – مدينة القدّيسين إيلاريون وبورفيريوس- لا يتعدّى المسيحيون بضعة آلاف. وفي الجليل نحن نحو 120000 وسط ملايين من غير المسيحيين ولا سيّما العبرانيين! أوضاعنا بمثابة "شهر عسل" بالمقابلة مع إخوتنا مسيحيي العراق الذين هُجّر منهم ما لا يقلّ عن مليون وربع المليون ، ومسيحيي سوريا الذين نزح أكثر من ثلثهم، "والحبل على الجرّار". ولا يبدو أنّ هذا الليل الطويل سينجلي. بل قوى من الغرب والشرق تريد اقتلاع المسيحيين من هذا المشرق مهد المسيحيّة... وها هي تنجح بفضل المكايد والمؤامرات وما من منقذ، بخلاف ما فعل التلاميذ إذ خلّصوا بنعمة الله مار بولس من محاولة اغتيال اليهود الهلينيّين له.

المسيح الكرمة ونحن الأغصان!

صمودنا وبقاؤنا على قيد الحياة – بعد جحافل الشهداء من كنائسنا وأوطاننا- مرهون بثباتنا في المسيح الكرمة إذ بغيره لا نقدر نحن الأغصان أن نعمل من الخير شيئًا، مع مقدرتنا لكلّ شرّ وخيانة وضعف وإثم! ونسأل الرب الذي قهر الظلم والموت أن "يشركنا في موكب انتصاره" وقد "اشتركنا في آلامه، لعلّنا يومًا نحظى بمجد قيامته". آمين!



 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com