عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

مدخل إلى الأسبوع المقدس الأب رائد عوض أبو ساحلية

مدخل إلى الأسبوع المقدس

الأب رائد عوض أبو ساحلية

2015/03/29

الأحد الخامس للصوم

عيد الفصح على الأبواب، فاليوم يبدأ "الأسبوع المقدس" الذي يقودنا الى أهم الاحتفالات في السنة الليتورجية. نبدأ اليوم مسيرة آلام سيدنا يسوع المسيح التي قمتها يوم الجمعة العظيمة على الجلجلة، ولكن نهايتها يوم أحد الفصح والقيامة. لذلك أنا من الناس الذين لا يحبون تسمية كنيسة "القبر المقدس" بدلاً من "كنيسة القيامة" لأنه صحيح بأننا كنيسة الجلجلة والقبر الفارغ ولكننا أيضاً كنيسة القيامة والحياة والانتصار، فمن ذلك القبر الفراغ انفجرت الحياة وانطلقت وانتشرت الى اقاصي الارض "إنه ليس هنا بل قام" لذلك "لماذا تبحثون عن الحي من بين الأموات" (لوقا 24، 5).

فما دورة أحد الشعانين (أغصان الزيتون وسعف النخيل) ورواية استقبال يسوع الحافل على أبواب أورشليم بهتافات الفرح "هوشعنا" وهي استغاثة وطلب للخلاص "خلصنا" يا ابن داود، إلا صرخة شعب كان يرزح تحت الاحتلال الروماني وينتظر الخلاص منه -كما ننتظره نحن اليوم- وفرحة باقتراب تحقيقه.

ولكن نظر يسوع ونظرنا يتوجه الى أبعد من خلاص مادي – وهو ضروري بطبيعة الحال – الى خلاص روحي يتعدى الموت الى القيامة، ويُحضِّر لحلول ملكوت الله بين البشر.. وأعتقد بأن هذا هو السبب الذي قاد يسوع الى نهايته: فقد خاف الرؤساء بأنه سيقوم بالثورة وينهي بالتالي سلطتهم، وتأمل الشعب بأن يحقق النصر ولكن خاب أملهم، وأعتقد بيلاطس بأنه يريد أن يقلب حكم روما، وارتعد هيردوس لأنه خشي بأنه يريد أن يصبح ملك اليهود مكانه، وحتى التلاميذ أنفسهم وخاصة يهوذا التبس عليهم الأمر وها تلميذي عمواس يعبران عن ذلك بصريح العبارة: "ونحن كنا نأمل بأنه.." اذن يسوع هو ضحية سوء الفهم.. هو في واد وهم في واد...

إن يسوع الذي توجه للدخول الى أورشليم هذا الدخول الرسمي والاحتفالي تماما كدخول الابطال والفاتحين، يتوجه إلى مصيره، إلى هدف تجسده، فلهذا أتى الى الارض. فقد كان يسوع دائما متوجها الى أورشليم، كم مرة سمعناه يقول لتلاميذه "ها نحن صاعدون الى أورشليم"؟ على الاقل ثلاث مرات.. ولكنه دائماً كان يقول: "وابن الإنسان يُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلّمونه إلى الأمم فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم" (مرقس10: 32- 34).. إذن يسوع يعرف ما سيحدث بالضبط لأنه لهذا أتى.

واليوم نستطيع أن نتأمله وهو ينزل من جبل الزيتون الى أورشليم وينظر الى المدينة والدموع في عينيه لأن هذه المدينة وهذا الشعب لم يسمعوا كلامه: "يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليك.. كم مرة أردت أن أجمع أبناءك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها" ولكنهم لم يريدوا ولم يعرفوا ساعة الخلاص.

واليوم نحن مدعوون الى السير نحو أورشليم. نحو مصيرنا. فهي القلب بالنسبة لأيماننا المسيحي، ففيها وُلِدنا وفيها جذورنا وينابيعنا "فهي أمُّ جميعِ الكنائس" مدينة الله التي لم تعرف الله قط، مدينة السلام "أورشليم" التي لم تعرف السلام قط.. مدينة المسيح التي قتلت المسيح. "زهرة المدائن. أولى القبلتين واليها المصير.." أورشليم السماوية "النازلة من السماء في نهاية الازمنة".

منذ قرون خلت قبل المسيح كان رجل يسير في شوارع أثينا في "وضح النهار" يحمل مصباحاً مضاءً في "عز الظهيرة" ويصرخ بأعلى صوته... استغرب الناس من فعلة فيلسوفهم الشهير ديوجين وفكروا بأنه فقد رشده، فسألوه ماذا يفعل بهذا المصباح والشمس تملأ الكون نورا؟ فأجاب: "أبحث عن رجل"!

ونحن اليوم نبحث عن رجل أيضاً، وعلى طرقات أورشليم -لا بل على طرقات العالم في كل مكان- لا بد أن تلتقي نظراتنا وخطواتنا بذلك الرجل "هوذا الرجل" يحمل صليباً، يسير دائماً، سنلتقي بلا شك "بيسوع". لنهيء إذن أنفسنا من الآن، لكي يكون هذا اللقاء عظيماً، حقيقياً، خصباً، قادراً أن يضعنا على أقدامنا لنسير خلف يسوع ومعه نحو الهدف. نحو الحرية، ونحو القيامة.. وهي قادمة لا محالة، ففي نهاية النفق الطويل ضوء الشمس الساطعة، وشمس العدل والحرية والحق.

والى أن يأتي ذلك اليوم نحن على موعد معه اليوم خلال هذا الاسبوع المقدس وفي هذه السنة. فأرجو أن نغتنم الفرصة ولا نفوتها ونستفيد منها ولا نضيعها، فهذا هو الوقت المقبول: "اليوم اذا سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم".
مع أمنياتي للجميع بأسبوع مقدس مبارك!

الأب رائـد أبو ساحلية
مدير عام كاريتاس القدس

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com