عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الأحد الذي بعد عيد الظهور الإلهي الأب بطرس ميشيل جنحو

 

الأحد الذي بعد عيد الظهور الإلهي

الأب بطرس ميشيل جنحو

فصل شريف من بشارة القديس متى (4: 12–17)

في ذلك الزمان لَّما سمع يسوع انَّ يوحنا قد أُسلمَ انصرفَ الى الجليل * وترك الناصرةَ وجاء فسكن في كـفَّرناحوم التي على شاطىء البحر في تخوم زَبولونَ ونفتاليمَ * ليتمَّ ما قيل باشِعياء النبي القائل: ارض زبولون وارض نفتاليم طريقُ البحر عَبرَ الأُردنِ جليل الأُمم * الشعب الجالس في الظلمة أَبصر نورًا عظيمًا والجالسون في بقعةِ الموتِ وظلالهِ أشرق عليهم نورٌ * ومنذئـِذٍ ابتدأَ يسوعُ يكرز ويقول توبوا فقدِ اقتربَ ملكوتُ السماوات.

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

أيها الأحباء:

في المقطع الإنجيلي من بشارة القديس متى الذي تقرأه الكنيسة في هذا اليوم الانطلاقة الفعليّة لبشارة الربّ يسوع في العالم، "ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا فقد اقترب ملكوت السموات" (متّى 4:17) . ويأتي هذا بعد أن تعمد يسوع المسيح في نهر الأردن على يد القديس يوحنا المعمدان. والشهادة التي أتت من السماء قائلةً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررتُ"، وبعد انتصاره على إبليس في التجربة (متّى 4: 1 - 12) حيث جاءت الملائكة تخدمه. بعد ظهوره الإلهيّ كان لا بدّ له من أن يبدأ الكرازة بدءاً من الجليل، جليل الأمم.

وارتبطت الحياة أحبائي دائماً في ذهن الناس بالنور، لذلك سمّى يسوع ذاته "أنا نور العالم"، ليعني بذلك أنّه "حياة العالم". ولذلك سُمّي عيد الظهور بعيد الأنوار. والترانيم تقول: "اليوم ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورك قد ارتسم علينا". وبذلك تتحقّق النبوءة التي سمعناها في هذا النصّ: "الشعب الجالس في بقعة الموت وظلمته أشرق عليه نور". ولكن الإنجيلي متى عندما يستشهد بهذا الآية يذكّرنا بداود النبيّ المنشد: "إنّي ولو سرتُ في وادي ظلال الموت لا أخاف شرًّا، لأنّك أنت معي. عصاك وعكّازك هما يعزّيانني" (مزمور 23: 4). المؤمن لا يخاف من أيّ شرّ، ولا يخاف الموت حين تأتي الساعة، لأنّه واثق كداود من أنّ الله لن يتخلّى عنه ولن يدعه يرى فساداً طالما كان هو مستعدّاً بالتوبة الدائمة، ومستنيراً بهدي النور الإلهيّ.

ودائماً تتردد كلمة التوبة، والتوبة كما يعرّفها الآباء القديسون هي "تغيير الذهن أو العقل"، التوبة ليست أن تبكي أو تنوح أو أن ترثي أحد ما، بل هي أن تغير ذهنك وطريقة تفكيرك، إن كنت تفكر دوماً بالخطيئة أو كنت منغمساً بهوى من أهوائك، عليك أن توقف التفكير به أو عنه ولتبدأ التفكير بالأمور الصالحة، ويذلك تكون قد قمت بتغيير ذهنك عن التفكير بالشر للتفكير بالأعمال الصالحة، هذا هو المعنى الحقيقي للتوبة، إذا التوبة ليست حالة نفسية أو عصبية ليست أن تتوتر وتصرخ: قد تبت، قد تبت. بل هي بناء الذات، أي أن تعود لذاتك وتبنيها بناء صالحاً، لا أن تبكي وتعول أو أن تعاتب نفسك، بل هي أن تغير ذهنك لتصلح حياتك، لتصلح ذاتك فتصبح إنساناً جديداً.

"توبوا فقد اقترب ملكوت السموات". الكتاب المقدّس برمّته، من البداية إلى النهاية، هو دعوة مفتوحة ودائمة إلى التوبة واكتسابها نمطاً في الحياة. فالله منذ البدء يحثّ الناس على التوبة، وبدء رسالة الربّ يسوع توجز كلّ هذه الرسالة: هي دعوة إلى التوبة. فما من أحد يقدر على أن يتلقّى نعمة الله ما لم يتطهّر بالتوبة عمّا ارتكبه من خطايا وآثام.

التوبة هي الطريق المؤدية إلى الحياة الأبدية، لأن الإنسان إذ عصى الكلمة الإلهية وسمع للشرير وتخلخلت ثقته بالله فقد الحياة ومات روحيًا بالخطيئة، لذلك أتى يوحنا المعمدان يمهد الطريق أمام السيد المسيح ويدعو الناس إلى التوبة، وحين أتى يسوع واعتمد على يد يوحنا وانطلق إلى الجليل، أكد ضرورة العودة بالتوبة إلى الله لأن الإنسان الخاطئ لا يمكنه أن يكون قريبًا من الله، لأنَّه لا يمكن أن يلتقي النور مع الظلام، فبينما الله نور ويشرق على كل البشر، نرى الخطيئة ظلاماً وموتاً للبشر، لا يشفى منه الإنسان بغير التوبة.

لذلك يتوجّب علينا أن نقضي على قساوة قلوبنا كي نستطيع أن نسمع صوته حين ينادينا إلى التوبة، "اليوم إذا سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم" (مزمور 95: 8).

وكلمة أخيرة يجدر بنا الانتباه إلى أنّ بعض ما نظنّه نوراً في العالم الحديث الذي نحيا فيه إنّما هو ظلام يتلبّس لباس النور. علينا الاهتداء بالنور الحقيقيّ كي نميّز بين ما هو حقّ وما هو باطل، فلا نحيا في الظلام متوهّمين أنّنا في النور.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com