عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E صلوات وتاملات

في الصلاة _ميخائيل بولس

في الصلاة
ميخائيل بولس _www.almohales.org
{المادة مقتبسة بشكل جزئي من كتابنا الجديد "صلوات لوالدة الاله،}.
الله ينْصت لكلّ صَلاة تقدّم له باستقامة " لتستقم صلاتي كالبخور امامك.." واسمه في الكتاب " سامع الصَّلاة " يقول يعقوب الرسول :" طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها " وخاطب يسوع تلاميذه قائلا:" مهما سألتم باسمي فذلك افعله" وقد حدّد البشير يوحنا شرط الصّلاة حيث قال:" هذه هي الثقة التي عنده ان طلبنا شيئا حسب مشيئته يسمع لنا ".
والصّلاة انفرادية واجتماعية في كل الايَّام فتُقدم في البيت او في الكنيسَة. ويجب علينا ان نصلّي لاجْل غيرنا كما نُصلّي لاجل انفسنا. ولا سيّما لاجل الملوك وكلّ ذي منصب :" لنقضي حياة مُطمئنة ". ولاجل الاقرباء والاصْدقاء والاعداء الذين يَلعنوننا ويجوز لنا ان نَطلب ما نحتاج اليه للجسد والنفس حتى خبزنا اليومي على ان نطلب اوّلا ملكوت الله وبرّه.
وتُوَجّه الصلاة لله _ الآب والابن والرّوح القُدس _ الثالوث الاقدس، كما تُوجّه اصلاً للآب باسم الابن بواسطة الروح القدُس الذي يعلّمنا كيف نصلّي. والصَّلاة لكلّ من الآب والابن والروح القدس مُتَضمّنة في البركة الرسولية :" نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس فلتكن مع جميعكم " وكانت الصّلاة تُرفع للمسيح الناهض من القبر، وكان المسيحيون يدعون باسمه وصلّى اسطفانوس اليه مباشرة، وبولس يضرع اليه ويشكر، والمخلَّصون يرفعون له المجد والسجود وكثيرا ما انفرد يسوع ليصلّي وقد علّم تلاميذه كيف يصلّون.

صلّوا... 
ان الله يدعونا دعْوة واضحة صريحة المرّة تِلو الاخرى ويقول :" صلّوا ..".
فبواسطة الصلاة نستطيع ان نحيا بقوّة الهيّة تجعل حياتنا تفيض بالفرح العظيم والنصرة التامة على الموت الابدي. وهذه الوصيّة " صلّوا " التي يوصينا بها ربنا يسوع المسيح تفرض علينا الطاعة والسّير بموجبها { متى 4 :26 } فالمسيح ربنا قد افتدانا من جميع قوات الظلمَة التي تمنعنا من الصلاة. وهذا ما يوصينا به بولس الرسول القائل: "صلّوا بلا انقطاع فالصلاة التي نتقدّم بها الى الله ابينا السّماوي يجب ان تكون صلاة حقيقية، أي انها ترتكز على الايمان الحي وتتطلّب الكفاح والمثابرة، وان تكون صلاتنا دعاء لاجلنا وللآخرين وتتميَّز بالشكر الجزيل. فالصلاة هي شركة مع الله، والله قادر ويريد ان يستمع الينا، فالصلاة المتواصلة هي التي تحفظ العلاقة القائمة بينه وبين الانسان. فعندما نؤمن بانّ الربّ هو الذي يخلّصنا من الخطيّة، فسيؤدّي ايماننا الى صِلة اعمَق معه، فان الحياة في محبته وشركته تجعل الصلاة له هي التعبير الطبيعي لحياة نفوسنا، فالصلاة هي سبب بركاتنا وهي التي تملأ قلوبنا بالسلام والمحبة والصبر، لذلك قول الرسول بولس:" فاطلب قبل كل شيء ان تُقام طِلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات " ان الصلاة خِدمة مقدّسة تمارسها قلوب مقدّسة وهي اعلان الحرب المقدّسة على الشر ورؤسائه وكل جنوده، " ومهما سألنا ننال منه لأنّنا نحفظ وصاياه ونعمل الاعمال المَرضيّة امامه " " واما كلّ الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله أي المؤمنون باسمه ".
ان يسوع بموته الكفاري حرّرنا من عبوديّة الخطيئة فصِرنا بذلك ابناء لله.
والصلاة تتضمن الطلب والشكر والشفاعة والعبادة. والانسان قد يصلّي من اجل الحماية او من اجل الشفاء من الامراض، او من اجل الاحتياجات المختلفة التي تُثبت في كثير من الاحيان عدم قدرة الانسان على اعانة نفسه في حينها، فيتقدم المؤمن الى الله بصلاة الطلب، واذ يلمس بان طلباته لا تستجاب يثابر على التضرع والطلب الى الله ، فهل يستجيب الله للصّلاة حقا؟ وهل فعلا للصلاة معنى؟ 
لا يحقّ لنا ان نسأل ما اذا كان الله يستجيب الى طلباتنا، فالآب السماوي الذي يحب ابناءه يهبهم فيضا من الخيرات والنعم. فالى الثالوث الاقدس نقدم طلباتنا ومن ملْئه اخذنا نعمة فوق نعمة. فبالصلاة تصبح حياتنا اغنى وابهج ومليئة بالثمار لمجد الله الابدي. " لأنَّ اولئك ادّبونا اياما قليلة حسب استحسانهم. واما هذا فلاجل المنفعة لكي نشترك في قداسته " وكل ما عملتم بقول او بفعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله الآب به " قال يسوع له المجد:" الذي يثبت فيّ وانا فيه هذا ياتي بثمر كثير".
والرسول بولس يتصور الصلاة على انها جهاد :" فاطلب اليكم ايها الاخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح ان تجاهدوا معي في الصلوات من اجلي الى الله"" مجاهد كل حين لاجلكم بالصلوات لكي تثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الله" ويقرن الرسول الالفاظ الدالة على الصلاة بعبارة " دون انقطاع " او " في كل حين " او " ليل نهار " وهو يتحدّث عن " جهاد الايمان الحسن " أي الجهاد الذي يصدر عن الايمان ويحمل الايمان، فان يسوع هو دائما " رئيس الايمان ومكمّله " 
ساعات الصّلاة: " الله روح، والذين يسْجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا ". لا تنحصر الصّلاة في موضع ولا في زمن بل يجوز ان نصلّي في أي موضع كان. 
" اشكروا في كل شيء.لأنّ هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم".كما يجب المداومة على الصلاة:" اسالوا تُعطوا.اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال يأخذ. ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له 
ويقدّم يوحنا في تناسق كبير خطة الله التربوية للصلاة، أي الانتقال من صلاة الطلب الى الصلاة الحقيقية، ومن الرغبة في عطايا الله الى الرغبة في ان يهب ذاته. فهكذا نرى المرأة السامرية تُقاد من رغباتها الخاصة نحو الرغبة في عطاء الله والجمهور يُقاد نحو " الغذاء الباقي للحياة الابدية " لذلك فليس الايمان شرط فقط للصلاة، بل انه نتيجتها ومفعولها. فالرغبة في الوقت نفسه تستجاب وتتنقّى.
كان اليهود والرسل يصلّون عند الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة من النهار، وعند بداية الليل ونهايته، وعند تناول الطعام والّف المسيحيون الاوّلون الصلاة والشكر على نقاوة الغذاء وقد ادخلت الكنيسة تلاوة مزامير وصلوات معينة في هذه الساعات.
صلاة يسوع:
ليس لدينا ما يكشف ان الصلاة ضرورة مطلقة افضل من المكانة التي تحتلها الصلاة في حياة يسوع. انه يصلّي كثيرا على الجبل وحده على انفراد حتى " بينما جميع الناس يطلبونه " كما اشار لوقا اربع اشارات الى الصلاة: عندما اعتمد يسوع وقبل اختياره الاثني عشر وعند التجلي وقبل ان يعلّم الصلاة الربانية ويبيّن لنا قبل اجتيازه فترة آلامه انواع المصاعب التي ينبغي لصلاتنا نحن ان تنتصر عليها. وفي صلاته عند آلامه كان يسوع يصلّي ويريد ان يجعل تلاميذه يصلّون معه على جبل الزيتون، وهذه الصلاة شملت اهم قواعد الصلاة المسيحية: صلاة البنوّة " يا ابتا " والثّقة " انك القادر على كل شيء، وتجربة الطاعة :" ولكن ليكن لا ما اريد انا بل ما تريد انت " وصلاته في العشاء الاخير لا تعني ان يقتصر الطلب على الامور السماوية، بل ان يشاء المؤمن ما يشاءه يسوع، ومشيئة يسوع هي انجاز رسالته، لكي يصبح اتحاده بالآب اساسا لاتحاده بتلاميذه وبالمؤمنين به :" انا فيهم وانت فيَّ " وان نصلّي باسمه ونعمل بوصاياه واول هذه الوصايا تفرض المحبة التي هي شرط الصلاة ونهايتها. وكل صلاة مستجابة لفائدة القلوب المتجدّدة وفي يوم الرب "لان كل من يدعو باسم الرب يخلص" وقلّما يقول يسوع " اصلي " وعامة يقول " اطلب " ومرة واحدة " اريد " 
وهذه الصلاة تعبّر عن شفاعته الابدية وهي تكشف عن المضمون الداخلي للعشاء السري لان " الافخارستيا "هي عربون حضور الرب يسوع وحلول الروح القدس.
واطول صلاة صلاّها المسيح واهمها مما وصل الينا من صلواته هي صلاته الاخيرة مع تلاميذه ولاجلهم وتقسم الى ثلاثة اقسام:
1 _ صلاته لاجل نفسه.
2 _ لاجل حفظ تلاميذه.
3 _ لاجل الذين سيؤمنون الى آخر الزمان.
ويتخلل هذه الاقسام الثلاثة فكرة عمل الفداء الذي تمَّمه الآب بواسطة يسوع.
الصّلاة الربّانية:
هي الصلاة التي علّمها الرب لتلاميذه ولذلك سمّيت ربانية وهي صلاة الصلوات بكونها نموذج لصلواتنا وروحها واسلوبها، ولا يمكن ان تخرج صلاة مثل هذه الا من فم ابن الله. قال احد آباء الكنيسة انها ملخّص الحياة المسيحية متضمّنة الطلبات والتوسّلات والتشَكرات وكل غايات الصلاة الزمنية والروحية، الالهية والانسانية مرتّبة على ترتيب مناسب جميل. وتصاحب هذه الصلاة المسيحي من المهد الى اللحد ولا يمكن ان يعوّض عنها فهي احسن ما نتفوّه به.
وتنقسم الصلاة الربانية الى ثلاثة اقسام:
1 _ الدّعاء " ابانا الذي في السموات".
2 _ الطلبات السبع.
3 _ التمجيد.
اما الدعاء فينبهنا الى اننا اولاد الله واخوة بعضنا لبعض وان السماء وهي وطننا الحقيقي الذي يجب ان نرتقبه في الصلاة. وتنقسم الطلبات الى قسمين:
ثلاث منها تختص باسم الله وملكوته ومشيئته، واربع باحتياجات الانسان الزمنية والروحية حتى ينجو من الشرير.
اما التمجيد "لان لك الملك والقوّة والمجد الى الابد آمين". فهو خاتمة جميلة ومناسبة للصلاة الربانية كما وردت في انجيل متى .
صلاة الرسل والجماعة الاولى: كان التلاميذ يصلون في الهيكل، فانجيل لوقا ينتهي في الهيكل حيث كان الرسل " يلازمونه..لله مسبّحين: وبطرس يصلي في الساعة السادسة ، وبطرس ويوحنا يذهبان لاداء الصلاة الساعة التاسعة والرسل يرفعون الايدي نحو السماء: واحيانا يجثون على الركبتين ويرنمون بالمزامير .
"وكانوا يواظبون جميعا على الصلاة بقلب واحد " وكانوا يصلّون في الساعات الحاسمة في حياة الكنيسة من خلال اعمال الرسل: في اختيار بديل ليهوذا الاسخريوطي وفي انشاء الشمامسة السبعة وصلّوا لكي يُفرج عن بطرس ومن اجل المعمّدين على يد فيلبس في السامرة وصلاة بطرس وصلاة بولس ونلاحظ عند بولس الجمع بين التضرع والشكر دائما :" كلّما صلّيتم وشكرتم ويستهلّ رسائله دائما { باستثناء غلاطية وكورنثوس الثانية لاسباب دقيقة} بالشكر لله. فبعد كل النعم التي تلقيناها دفعة واحدة من المسيح لا يمكننا ان نصلي الا اذا بدانا بالشكر على هذا العطاء 
الصلاة في البيت وفي الكنيسة
يدّعي البعض ان لا حاجة للصلاة في الكنيسة بناء على ما ورد في متى:" اما انت فمتى صلّيت فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصلِّ الى ابيك الذي في الخفاء". فلا المسيح ولا الرسل صلوا في الكنيسة.
ان المسيح حينما اوصى بالصلاة في الحقيقة في البيت المغلق لم يكن لانه لا يريدنا ان نصلي في الكنيسة، بل كان ذلك لمحاربة النفاق وحبّ التباهي والتظاهر والتفاخر بالصلاة والصوم والصدقة امام الناس _ بحيث ينال المرء مديح الناس ويفقد الاجر امام الله :" احترزوا الا تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروا اليكم" { أي بدون لفت نظر } وإلا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السموات" ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يُحبّون ان يصلّوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع ليظهروا للناس"{ " اما انت فاذا صنعت صدقة فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك" فاذا صُمت فادْهن راسك واغسل وجهك ،لئلاَّ تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفية، وابوك الذي يرى في الخفية يجازيك علانية"
فالصلاة في البيت صلاة فردية وصالحة، اما الصلاة في الكنيسة فهي جماعية { ليتورجيا } وواجبة ولا تعارض بين الواجبين.
ويتبين لنا من تاريخ المسيحية وانتشارها بانه:
1 _ في بادىء الامر كان المسيحيون الاوّلون يجتمعون للصلاة في البيوت أي انهم كانوا يجتمعون في احد البيوت للصلاة، ولكن سرعان ما زاد عددهم وتكاثروا حتى ان البيوت ما عادت تسع المصلين.
2 _ وفي بادىء الامر واظب الرسل على الصلاة في الهيكل في اورشليم:" وكانوا مواظبين على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات...ويلازمون الهيكل كل يوم بنفس واحدة ويكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بابتهاج ونقاوة قلب "يكسرون الخبز" الذي احياء ذكرى العشاء السري }.
3 _ تبرّأ اليهود من الرسل المسيحيين واضطهدوهم وطردوهم من الهيكل ومن المجامع اليهودية.
هذا، وان بيوتهم لم تعد تَسع جماهير المصلين فصاروا يصلون في اماكن فسيحة تحت الارض وهي المعروفة { في روما } باسم الدهاليز والسراديب، ثم في بنايات كبيرة هي التي دُعيت " كنائس" أي اماكن "اجتماع". فالكنيسة هي جماعة المؤمنين ومكان اجتماعهم للصلاة وكسر الخبز، وهي الدار الربّانية، دار الربّ، فالكنيسة في العالم هي جماعة المقدّسين بالمسيح، وبنعمة الروح القدس المدعوّين ليكونوا قدّيسين، بشرا احرارا كاملين قدر المستطاع، منصرفين الى تطبيق مشيئة الله على اكمل وجه _ انّهم اخوة. ولعلّ ما يميّز الكنيسة {الاورثوذكسية } هو تشديدها على طابع العلاقة مع الله كشركة اهم مما هو حفظ الوصايا او تبرير الاعمال.
ولان المسيح ربنا تجسّد وحل بيننا ووهبنا حياته، تعتمد حركة الحياة في الكنيسة بالاساس على الاسرار والليتورجيا، كما هو على التعليم.
القداس الالهي وصية يسوع
القداس الالهي هو تاج الصلوات وغايتها، وهو المذبح الذي عليه يتمّ سر الافخارستيا { الشكر } فالله المتجسد هو خبز الحياة النازل من السماء وهو رداؤنا الذي لبسناه في المعمودية. فالقداس الالهي ليس بمسرحية دينية نحن فيها متفرّجون، بل فيه نتّحد بالله ربنا ويتّحد فينا.
ان حدث نزول المسيح وحضوره الدائم في الكنيسة هو واقع نعيشه في القداس الالهي الذي هو فصح دائم، وافضل وسيلة تقدّسنا، وهو يلخّص لنا سر الخلاص الالهي، فننال النعمة الالهية وموهبة الروح القدس. والقداس الالهي هو وصية يسوع لنا، فهو الذي قال:" اصنعوا هذا لذكري" { لوقا 19 :22 }. وهو الذي قدّم جسده ودمه ذبيحة لاجلنا، لاجل خلاصنا ومصالحتنا مع الله:" من ياكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية " { يوحنا 54 :6 } وهكذا نصبح اعضاء في جسده _كنيسته.
في الديانات الوثنية القديمة القربان يعني اتلاف الضحية، وتقدمة القرابين هي عملية دائمة، اذ يجب تقديم القرابين باستمرار. اما الذبيحة الدموية في المسيحية فهي لمرة واحدة لا تتكرر، وتتِمّ عن طريق الموت مع المسيح للحياة معه، ذبيحة واحدة تتعدّى الزمان والمكان، وتحوّل موضوع التقديس الى " حاضر ابدي " هي معجزة واحدة رغم تعددها وتكرارها، لان المقدِّم والمُقدَّم واحد. وبتناولنا الذبيحة ندخل في شركة مع الله، وفي هذا يتحقق الحب الاسمى والفرح العظيم.
الكنيسة الجامعة
يجسّد المسيحي انتماءه لجسد المسيح _ كنيسته عن طريق انضمامه الى كنيسة المسيح. فالكنيسة هي موطن المسيحي، فيها يولد وفي ربوعها ينمو ويلتزم بحياته القربانية. فالعضوية الكنسية ليست انتسابا شرفيا او اسميا بل هي اكثر من ذلك هي حياة شهادة والشهادة امانة والامانة هي الرسوخ في المسيح والتمثل بحياته.
الكنيسة هي "بيت الله" { افسس 19 :2 } وهي جماعة المؤمنين الذين اجتمعوا معا باسم الرب. وهي مكان مقدّس لاحتفالها بالاسرار الالهية ولتكريسها للعبادة. وفيها نستدعي بابتهالاتنا، الروح القدس، فهي مكان مختار كامل ومملوء بمجد الله، وفيه يتمجّد اسمه.
وقدسية المكان لها طاقة روحية لجميع المؤمنين. وهي مكان مقدس لانه يستمد قوته الجامعة وقدسيته من المسيح. فالمسيح هو القدّوس وهو المقدَّس والمُقدِّس وهو الكنيسة. فكل مكان يقام باسمه يصبح مكانا جامعا روحيا مقدّسا، وليس لكونه مركزا جغرافيا معينا. وفي الكنيسة تتّصل السماء بالارض، وفيها تلتقي جميع المستويات.
الكنيسة هي دار عبادة، وهي بيت للصلاة، يسوده الاحترام والتقوى ويُهيمن فيه الصمت والخشوع. انها رمز لقداستنا وجامعة لكلمتنا ومدرسة لايماننا. وكنيسة المسيح لا تتألَّف من افراد مستقلين يحيا كل واحد منهم حياته " الدينية " الخاصة مستقلا عن جماعة الاخوة. ان الكنيسة هي التي تجمع المؤمنين والمسيح راسها وهو حاضر فيها ابدا:" لانه كما ان الجسد واحد وله اعضاء كثيرة وان اعضاء الجسد على كثرتها انما هي جسد واحد، كذلك المسيح ايضا فانّا جميعنا اعتمدنا بروح واحد لجسد واحد... وجميعنا سُقينا روحا واحدا" { كورنثوس الاولى 13 _12 :12 }. فنحن اذن جسد واحد ،ولا يكون المسيحي مسيحيا اذا استقل عن جسد المسيح الذي هو " شركة الاخوة " كما يقول القديس بولس الرسول. وخلاص الانسان ليس نتيجة اجتهاده الشخصي بالاستقلال عن انتمائه الى الكنيسة وحياته فيها. فالمسيحية تعني الاندماج في جسد المسيح.
يقول القديس بولس:" فلستم غرباء بعد او نزلاء { ساكنين } بل مواطنين القديسين واهل بيت الله. وقد بنيتم على اساس الرسل والانبياء، وحجر الزاوية هو يسوع المسيح نفسه، الذي به يُحكم البناء كلّه فيرتفع ليكون هيكلا مقدّسا في الربّ، وفيه انتم ايضا تبنون معا لتصيروا مسكنا لله في الروح" { افسس 22 _19 :2 }.
ومن المؤكد ان الامانة لا تمنع الانفتاح على سائر الكنائس من الطقس نفسه القائم على عقيدة واحدة لان الكنائس اعضاء وجسد واحد _كنيسة المسيح.
الاسرار والكنيسة
الطقوس الدينية هي احتفالات بحضور المسيح وعمله. ولكل طقس مادة، وصورة، وخادم. 
المادة: كالخبز والخمر كما في طقس الافخارستيا، والخطايا كمادة التقربة وكذلك مسحة الزيت.
الصورة: هي كلام التقديس. والصورة تكون احيانا بكلمات التقديس واحيانا يعبّر عنها بالحركات كاشارة الصليب الكريم، او وضع الايدي او الزواج.
الخادم : هو الكاهن.
وكل هذا يتطلب الكلمة التي تقول ما يحقق الله في السرّ. يقول القديس اوغسطينوس في شرح كلمة يسوع:" انتم الان انقياء بفضل الكلام الذي كلمتكم به " { يوحنا 3 :15 }. لماذا لم يقل :انتم الآن انقياء لاجل الماء الذي غسلتكم به، بل لاجل الكلمة التي كلمتكم بها، اليس لان الكلمة التي تنقّي؟ حتى في الماء؟ اطرح الكلمة جانبا فالماء ليس سوى ماء.. ولكن الكلمة تضاف الى العنصر فيصبح سرا مثل كلمة منظورة، ولا شكّ اذن في ان هذه الكلمة_ كلمة الايمان التي تبشّر بها هي التي تجعل من العمّاد طقسًا قادرا ان ينقّي".
وكلمة الله هي كلّيّة القدرة. يقول الربّ:" لانه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجع الى هناك بل يروي الارض ويجعلها تنشىء وتنبت لتؤتي الزارع زرعا والاكل طعاما، كذلك تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع اليّ فارغة بل تتمّ ما شئت وتنجح فيما ارسلها اليه" { اشعياء 11 _10 :55 }.
وهذه القوّة التي اظهرها المسيح الربّ في علامات الانجيل :" قم وامشِ"، " يا طبيثا قومي" ، " اذهب فابنك حيّ". هذه القوة هي التي تجعلنا نؤمن كل الايمان بالكلمة." هذا هو جسدي" و " هذا هو دمي " وهي تطلب منّا كايمان قائد المائة في كفرناحوم:" قل كلمة واحدة"{ متى 5 :8 وما يلي }. هذه هي الكلمة في كل الاسرار _ الطقوس. وكلمة الله هي ابن الله { يوحنا 1:1 } الذي بالنسبة اليه الكلمة هي العمل. ففي الاسرار الكلمة هي تعبير عن معنى العلامات وتحقيقها بما انها الكلمة فهي ذاتها شخصيا هي المعنى.
فالطقوس لا تقدّسنا آليا بمعزل عن الايمان وعون التوبة الحقيقية. أي لا ترتبط ثمرة السر بقداسة الكاهن الذي يمنحه، بل ان كلمة السرّ هي دائما كلمة المسيح التي تعطي للكاهن القوة ذاتها. فالمسيح هو القدّوس الذي به يتقدّس الكاهن والمؤمن. فليس المهم التنقّل من قداس الى قدّاس، بل ان المهم هو ان ندع السرّ يعمل فينا، وهذا يتطلب ايمانا وتوبة ووقتا.
ما عدا الافخارستيا { سر الشكر_ العشاء الاخير} لا نجد المسيح يحتفل باي سر آخر مع انه هو الرب الذي اسس جميع الاسرار فلانها كلها من المسيح فنحن نؤمن بوجودها وفاعليتها ، وهي تكمل اعمال محبته التي اوصى هو بممارستها في الكنيسة الاولى.
والكنيسة منذ البدء، تعمل ما " عمل " المسيح وكما عمل الاولون. فليس للكنيسة ولا لأي احد ان يلغي او يغيّر هذه الطقوس المقدّسة. والسر هو ينبوع يتدفّق للحياة الابدية:" بل الماء الذي اعطيه له يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية" { يوحنا 14 :4 }فسر العماد ليس ليوم او لسنة او لوقت محدد، بل لمدى الحياة، وقبول الروح القدس ليس لزمن معيّن بل هو حالّ فينا ويعمل فينا. ونحن مدعوون لنصير واحدا في المسيح _ ابن الله الوحيد، لنصير واحدا معه في حياته وفي موته وفي قيامته. اذ الخلاص من يسوع المسيح ذاته ، به نجد مغفرة الخطايا والمصالحة مع الله وعطيّة الروح القدس والتبنّي الالهي. من هنا ندرك اهمية اللقاء بالمسيح يسوع، والتحوّل الى شخص واحد معه قال يسوع :" انا هو الطريق والحق والحياة، وليس احد ياتي الى الاب الا بي " { يوحنا 6 :14 }.
ولكن اين نلتقيه ؟
سر لقاء المسيح هو كنيسته. فلم يعد بالامكان رؤية يسوع او لمسه او سماع كلمة الحياة منه مباشرة كما كان الحال قبل صعوده الى السماء. فنحن اذن نلتقي به في طقوس اسرار الكنيسة وفي العماد اولا.
والخلاص هو لكل من يؤمن به، فهو حقيقة شاملة للعالم كله، فقد جاء ليخلّص العالم، وقدّم نفسه فدية عن جميعنا. " ربّ واحد وايمان واحد ومعمودية واحدة، واله آب للجميع واحد فوق الجميع وبالجميع وفي جميعكم" { افسس 6 _5 :4 }.
ولذلك فنحن مدعوون للدخول من هذا الباب _ باب الكنيسة الذي يوصلنا الى المسيح وبالمسيح. 
ويجب ان نلاحظ ان نعمة الاسرار تُمنح لنا بواسطة الكاهن المستمدّ سلطته من الله ربنا يسوع المسيح، فلا يستطيع احد ان يُعطيها لنفسه، فانت لا تستطيع ان تعمّد نفسك او ان تعطي المغفرة لنفسك...الخ يقول الربّ:" سافيض عليكم ماءً نقيا فتطهرون، وساعطيكم قلبا جديدا، واضع فيكم روحا جديدة" { حزقيال 25 :36 }.
وهكذا فلبست الاسرار احداث روحية في حياة الفرد الشخصية، بل هي قبل كل شيء، احداث تاريخ الخلاص لشعب الله وللانسانية، كما هي عليه في حياة الكنيسة فهي كنيسة الفصح وكنيسة الروح القدس، فالله حيّ في كنيسته.
هل الاشتراك في القداس الالهي واجب؟
الكنيسة لا تُحتّم ولا تُكره بل توصي وتحث وتحرض.ابناؤها هم ابناء الحرية_ من الخطيئة والعبودية، فنحن لذلك ابناء الله وشعب الله. والحرية من صنع الروح القدس_ وليست حرّيّة { او شريعة } الحرف: اعمل..لا تعمل.. فالعلاقة بالكنيسة تكون على اساس الايمان والشوق والحبّ والالفة التي تختار النصيب الصالح.
واذن، فالقدّاس الالهي واجب ادبي واخلاقي لمن يستطيع، فهو لمصلحة المؤمن الشخصية.
مدّة القدّاس الالهي: كثيرا ما نسمع تعليقًا سلبيًّا على مدّة القداس الالهي، مما يدل على ضعف الايمان او عدمه، واسباب ذلك تعود:
1 _ الجهل والسطحية بما يُسمع وما يُرى في القداس. فكون الانسان مسيحيا بالولادة لا يكفي لفهم ومعرفة الكنيسة وما تمثّله. 
2_ مشاكل الحياة الكثيرة وهمومها وعدم توفّر الوقت للصلاة وكل انواع المشاغل التي تشغل الانسان عن الصلاة. ولذلك لا يرون في عدم الصلاة أي خطية.
3_ انتشار العلوم الحديثة والفلسفات التي تعارض الدين، بل بالحري تنكره..كالقول بان الانسان سيد نفسه { الشيوعية } واين هو الله؟ وعدم جدوى الايمان والشك بالمصير وعدم المبالاة بالكنيسة ورجالها.
4_انقسام الكنيسة وعدم تجددها، ونشوء البدع والهرطقات.
الخدمة الالهية
الخدمة الالهية{او العبادة الالهية} الارثوذكسية هي صلوات مقرونة بترتيبات { او طقوس } معلومة تُتلى بالتتابع على نظام معين حسب القانون الكنسي المعروف بالتيبيكون { أي الرسم.وهو كتاب دليل ترتيب الطقوس الكنسية} وفي هذه الخدمة يقدّم المسيحيون لله تسابيح وتشكرات وطِلبات يستمدون منه تعالى بواسطتها مواهب الروح القدس والخيرات السماوية والارضيّة.
والخِدم الالهية على نوعين:
+ خصوصية.
+عمومية.
فالخصوصية هي التي يكمّلها شخص او اكثر في الكنيسة او في غيرها. والعمومية هي التي يكمّلها عن جماعة المسيحيين اشخاص مقامون لتكملتها قانونيا وعلى الغالب في الكنيسة. وهذه الاخيرة تكون على نوعين:
+ دائمة وهي ما تقام عن عموم المسيحيين كالقداس الالهي { الليتورجيا _ وفي العصر الكنسي تحدّد المعنى في اتجاهين الاول: الخدمات الكنسية التي يشارك فيها الشعب، وبالاخص صلوات السواعي والتسابيح. والثاني: يشمل خدمة الافخارستيا {سر الشكر} باعتبارها مركز طاقة خدمات العبادة العامة. وعليه فالاكليروس هو القائم والمتقدّم الذي يقدم كلمة الله الى الشعب { جماعة المؤمنين}.
+ ومؤقتة: وهي ما تقام بعض الاحيان فقط، وذلك حسب احتياج المسيحيين وطلبهم كالعماد والاكليل. واهم الخِدَم الدائمة القداس، واهم المؤقتة خِدم الاسرار المقدسة.والخدمة الالهية العمومية تنقسم الى عادية وهي ما تتكمّل في ايام العمل والى عيدية او احدية { يوم الرب } وهي ما تتكمّل ايام الاعياد والآحاد. وكلّ من هذين النوعين يتألف من القداس الالهي وصلاة المساء وصلاة النوم وصلاة نصف الليل وصلاة السحر وصلاة الساعات الاولى والثالثة والسادسة والتاسعة. وهذه الصلوات تتكمّل في ثلاثة اوقات وتنقسم الى ثلاث خِدَم او اقسام :
القسم الاوّل يتكمّل مساءً ويُدعى خدمة الصلاة المسائية وتشتمل على صلاة الساعة التاسعة وصلاة الغروب وصلاة النوم. 
والقسم الثاني يتكمّل باكرا ويدعى خدمة الصلاة الصباحية ويتالف من صلاة نصف الليل وصلاة السحر وصلاة الساعة الاولى.والقسم الثالث يتكمّل الضحى او نحو نصف النهار ويُدعى خدمة القداس الالهي ويتالّف من صلاة الساعة الثالثة والسادسة والقدّاس الالهي. وفي بعض الاديرة والكنائس ليلة الاحاد والاعياد الكبيرة يضمّون خدمة الصلاة الصباحية الى خدمة الصلاة المسائيّة فيتالّف من ذلك خدمة خاصة كل الليل او السهرانة { وهي الاغريبنيا } وذلك لان المسيحيين القدماء كانوا يقضون الليل كله في تكملة هذه الخدمة.
فطوبى للذي يستطيع ان يقول:" أشكر الله بيسوع المسيح ربنا...لان ناموس الروح الذي يهبنا الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطيئة والموت"{رومية 2 :8 و25 :7 }.

 

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com