عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E الكتاب المقدس

الغني الجاهل _ ميخائيل بولس

++ انجيل الاحد التاسع من لوقا 21 _16 :12
ميخائيل بولس 
كفرياسيف www.almohales.org
قال الرب هذا المثل. انسان غنيّ اخصبت كورته، ففكّر في نفسه قائلا: ماذا اصنع، فانه ليس كل موضع اجمع فيه غلالي. ثم قال اصنع هذا اهدم اهرائي وابني اكبر منها واجمع هناك كل غلالي وخيراتي. واقول لنفسي: يا نفس ان لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. فاستريحي وكلي واشربي وتنعّمي. فقال الله: يا جاهل { يا غبيّ} في هذه الليلة تُطلب نفسك منك .فهذا الذي اعددته لمن يكون؟ فهكذا من يدّخر لنفسه وهو غير غنيّ بالله.ولما قال هذا نادى من له اذنان للسمع فليسمع.
انجيل الاحد التاسع من لوقا 21 _16 :12
مثل الغني الجاهل { الغبيّ }
اصدر يسوع تحذيرا قويا ضد "الطمع"، بدأ تحذيره بقوله :" انظروا وتحفّظوا " { عدد 15 } أي " احترزوا " واستعدوا ضد العدوّ. واتبع يسوع ذلك بتقرير مبدا هام وهو ان "الانسان " ليست حياته من امواله. وفي هذا تحذير خطير لاولئك الذين يعيشون في عصر الثراء والغنى الفاحش. ثم ضرب مثل الغني الغبي.ويبرز هذا المثل ما هو الغِنَى الحقيقي _ انه ادّخار كنز في السماء.
+17 _16 قال الرب هذا المثل. انسان غنيّ اخصبت كورته، ففكّر في نفسه قائلا: ماذا اصنع، فانه ليس كل موضع اجمع فيه غلالي.
تحدّث يسوع عن مزارع ثريّ كان له محصول وفير.امتلات مخازنه ولم يكن له مكان آخر يضع فيه محصوله الاخير الوفير.
+ 19 _18 ثم قال اصنع هذا اهدم اهرائي وابني اكبر منها واجمع هناك كل غلالي وخيراتي. واقول لنفسي: يا نفس ان لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. فاستريحي وكلي واشربي وتنعّمي.
فماذا يفعل؟ يهدم اهراءه {أي مخازنه. وهي جمع هري، وهو البيت الكبير الذي يجمع فيه القمح } ويبني اكبر منها ، وهذا يحلّ مشكلة التخزين. 
أمّا بعد تخزين محصوله كله فانه يستطيع ان يهدأ بالا ويعيش في رغد من العيش. وكان يتطلع الى سنين طويلة مفعمة بالسعادة والهناء. كان انانيا محبّا لذاته، دون محبة الله. فلم ينسب الغني لله بل لنفسه، وهذا ظاهر في اكثاره من ضمير المفرد المتكلم :" مخازني...غلاّتي...خيراتي". فلم يكن يهمه استعماله ثروته بحكمة، ولم يفكّر في مساعدة احد، بل كان مهتما بان تكون له حياة ارحب وارفع كل همه كان محصورا في الانغماس في رغباته واهوائه.
+20 فقال الله: يا جاهل { يا غبيّ} في هذه الليلة تُطلب نفسك منك .فهذا الذي اعددته لمن يكون؟
" يا جاهل " { يا غبيّ } قال له الله. كان ذلك الرجل ناعما في غفلته وغافلا في تنعّمه، وهو لا يدري ان قضاء الله يسخر منه، فجاءه صوت الحق مخاطبا اياه: يا غبيّ! وما امرّ وضع هذه الكلمة على مسامع غني اعتاد على ان يتذلّفوا اليه حاسبا نفسه احكم الحكماء. ان حياة الانسان ليست شيئا مضمونا حتى في احسن الاحوال، وما من انسان تاكّد انه يعيش العمر الذي يريده. فالامر الغبيّ حقًّا كان تاكد الغني التام وبكل بساطة ان المستقبل اصبح مضمونا مامونا. فقال له الله:" في هذه الليلة تُطلب نفسك" {يطلبون نفسك هي عبارة شائعة كان يستعملها معلمو اليهود للاشارة الى عمل الله بمعنى الله يطلب روحك}. فالانسان قد يُطلب منه في أي وقت ان يقدّم حسابا عن نفسه، ويكون غبيا جدا اذا ما كان اتكاله على الامور المادية فقط.
+21 فهكذا من يدّخر لنفسه وهو غير غنيّ بالله.ولما قال هذا نادى من له اذنان للسمع فليسمع.
ينهي يسوع هذا المثل بمقابلة بين من يكنز لنفسه، وبين من يكون" غنيا بما لله" أي ان يكون غنيًّا في كل ما هو لله. وهذا هو المطلوب والمفروض. فجاهل { غبيّ} ذلك الانسان الذي لا يسعى كي يكون "غنيًّا بما لله".
لم يكن ذلك الرجل قاتلا ولا كاسرا لاحدى وصايا الناموس الموسوي لكنه كان كاسرا لناموس المحبّة فكل خطاياه تجمعت في هذه الكلمة " يكنز لنفسه".
= من له اذنان للسمع فليسمع: راجع تفسير هذا التعبير في انجيل الاحد الرابع من لوقا 15 :8 }.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم ان هذا الغني قد أخطأ اذ دعا غناه "خيرات " فانه الغنى ليس خيرا في ذاته ولا يحسب شرا. الخير هو الفضيلة مثل العفّة والاتضاع وما الى ذلك ان اختارها الانسان يصير صالحًا والشر هو الرذيلة ومن يختارها يُحسب شريرا، اما الامور الاخرى فهي طبيعية ليست صالحة ولا شريرة انما يمكن توجيهها لخير كما للشر. فالغنى ان استخدمناه في العطاء صار خيرا وان حمل طمعا صار شرا.
وقد اوضح القديس هذا المفهوم في اكثر من موضع خاصة في مقالة:" لا يقدر احد ان يؤذي انسانا ما لم يؤذ الانسان نفسه". موضحا ان الغنى كما الفقر لا يؤذيان الانسان، لكن ما يؤذيه هو شر قلبه الداخلي واساءة استخدام الغنى والفقر.
ويؤكد القديس اكليمنضوس الاسكندري في كتابه:" من هو الغني الذي يخلص"؟ ان الغنى ليس شرا، بل هو نافع ان أُحسن استخدامه، وان اغنياء كثيرين ايضا يتمتّعون بالملكوت خلال محبتهم للعطاء.
يقول القديس باسيليوس الكبير:" ان لم يذكر اخوته في الخليقة، ولا حَسِب انه يجب ان يعطي من فائضه للمحتاجين. كانت مخازنه تتفجّر من فيض المخزون، اما جشع ذهنه فلم يشبع باية وسيلة" ويقول اعمل هذا اهدم مخازني.. حسنا تفعل، فان مخازنك الشريرة تستحق الهدم. تهدم مخازنك التي لا تقدّم راحة لاحد".
ويقول القديس اكليمنضوس الاسكندري:" لا تقوم حياة الانسان على فيض ما يملكه من الاشياء".
ويقول القديس كيرلس الاسكندري: حقًّا ان حياة الانسان لا تقوم على ممتلكاته خلال ما لديه من فيض، انما يُحسب مطوّبا وذا رجاء مجيد من كان غنيّا بالله.
يرى القديس يوحنا كاسيان:" ليتنا لا نهتم بالقد فلا نسمح لانفسنا قط بانحرافها عن قواعد التجرّد والنسك".
ويرى القديس اوغسطينوس:" الا ترى ان الطمع _ ان طلبنا ما هو اكثر من الضروريات _ يجعلنا نخطي؟ لنَحْذَر كل طمع ان اردنا التمتع بالحكمة الابدية".
ويؤكد القديس جيروم انه " حينما نربح فلسًا نمتليء فرحا، وحينما نخسر نصف فلس نغرق في الحزن".
ويعلق الاب غريغوريوس الكبير على قول السيد " هذه الليلة تُطلب نفسك منك " قائلا:" تُطلب النفس بالليل هذه التي سلكت في ظلمة قلبها اذ لم ترد ان نسلك في نور التامّل".
ويعلّق القديس يوحنا الذهبي الفم على قول السيّد:" فهذه التي اعددتها لمن تكون؟! قائلا:" انك تترك كل الاشياء هنا فلا تخرج صفر اليدين فحسب وانما تخرج مثقلا بحمل خطايا على كتفيك، وما جمعته هنا غالبا ما يقع في يدي الاعداء وفي نفس الوقت تُطالب انت به".
ويقول :" الكلمات " لا تهتموا ..." لا تعني "لا تعملوا " انما لا تكن افكاركم مرتبطة بالارضيات اذ يمكن للانسان ان يعمل دون ان يهتم".
ويقول القديس كيرلس الكبير:" لم يقل" لا تهتموا " فقط وانما "لحياتكم "أي لا تركزوا حرصكم على هذه الامور بل ليكن شغفكم منصبا على امور اعظم فان الحياة حقا هي افضل من الطعام ، والجسد افضل من اللباس. فان كان يوجد خطر على حياتنا واجسادنا فيسقط السالكون الحياة شريرة تحت الاثم والعقاب لذا يلزم تجنّب الاهتمام بالملبس والطعام.
بجانب هذا، يا له من امر دنيء لمحبي الفضيلة ولتابعي الفضائل الجادة بغيرة لكي يحسبوا ممتازين ومزكّين امام الله ان يرتبكوا بلباس جميل كاطفال صغار او يجروا وراء ولائم مكلّفة، فأن يتبع هذه الامور جمهور آخر من الشهوات العنيفة وتكون النتيجة ارتداد عن الله، اذ قيل:" لا تحبّوا العالم ولا الاشياء في العالم" { رسالة يوحنا الاولى 15 :2 ، وايضا : اما تعلمون ان محبة العالم عداوة الله؟! { رسالة يعقوب 4:4 }.
فمن واجبنا اذن نحفظ اقدامنا بعيدا عن الشهوات العالمية بل بالحري ان نبتهج الامور التي تسرّ الله. ربما تسال: فمن اذن يعطينا ضروريات الحياة؟ فتجيب هكذا: ليكن الرب موضع ثقة فقد دعوك بوضوح بهذه الامور مقدما لك بامور صغيرة { اهتمامه بالغربان وزنابق الحقل } تاكيدا انه صادق في الامور الكبرى".
يرى القديس امبروسيوس: ان الله خلق النفس والجسد معًا في وحدة، فالجسد هو لباس النفس، والنفس هي حياة الجسد وكأنّه يريدنا الا نهتم بالطعام والملبس بل بالنفس والجسد معا لاجل بلوغنا الحياة الدائمة.
لقد ارادنا ان نرتفع حتى فوق الضروريات لا لنهملها وانما لكي لا تمتص تفكيرنا وتحطم سلامنا الداخلي وانما نمارسها بفكر مقدّس فنرى مع الرسول اننا ان اكلنا او شربنا فعل ذلك لمجد الله، حتى تسليتنا ففي المسيح يسوع ربنا. بهذا يحيا الانسان في العالم بلا همّ فينجح هنا وينال منه ضعف خلال سلامه الداخلي ويُحسب هذا له رصيدا على مستوى ابدي".
الحياة التي بلا همّ هي سرّ نجاح المؤمن وسلامه وفرحه في هذا العالم ومجده في العالم الابدي.
++ هذه المادة مقتبسة من كتاب :" تفسير انجيل الاحاد والاعياد" للاستاذ ميخائيل بولس ومن اصدار جمعية ابناء المخلص في الاراضي المقدسة.

 

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com