عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التراث العربي المسيحي

27/8/2009
مفهوم كنيسة المشرق_ الحلقة الخامسة

مفهوم كنيسة المشرق للاهوت الاسرار حسب منظور ثيودورس المصيصي

التقديم  _ الحلقة الخامسة

3. 2  تأثير ثيودوروس على نرساي الملفان

لو ألقينا نظرة عامة على الفكرة اللاهوتية الرئيسية لنرساي في موضوع علاقة الإنسان بخطة الله الخلاصية. من خلال هذا التعبير يظهر بوضوح تأثير الفكر الثيودوري على كتابات نرساي التي يمكن رؤيتها في الأطر الخلاصية التالية (40): نرى أولاً أن أفكار نرساي الدينية مبنية على قاعدة كتابية، على غرار المفسر، وهو يتبع المنهج التفسيري الأنطاكي. وصورة خطابه اللاهوتي عقائدية جداً. في عقيدة نرساي، المصطلح "صورة" في التكوين 1: 27. " الله خلق الإنسان على [صورته] "هو المفتاح الذي يقوم بتأشير طبيعة الإنسان الكاملة الجسدية والروحية: ’’[الخالق] صمم قبل كل شيء، الوعاء الأرضي من التراب ومسحه بالروح، والكل أصبح كائناً حياً… لقد جعل مصمم الكون وعاء ثنائي لطبيعتنا: الجسد المرئي والروح المخفية - إنسان واحد‘‘ (41).

في الخلق جعل الله، الإنسان إلى حد بعيد مختلفاً عن الخلائق الباقية. هذا الإنسان [آدم] الذي خلقه الله على صورته يمثل الصلة الفريدة والوحدة التي تربط العالمين الروحي والمادي معاً. الطبيعة "الإلهية" هي أكثر سمواً من بقية الخلائق - بدون قياس، ولا تملك صورة مرئية كما تملك الكائنات الجسدية. صورة "الإنسان" "الله" مجد باسم الصورة (تكوين 1: 27). بواسطة (بالإنسان) يربط (الله) كل الخلائق وبذلك ينال ذاك (الكل) محبة معرفة (الله) بواسطة صورته (الإنسان) (42).  

بما أن الله له طبيعة وراء نطاق المعرفة لذلك فالإنسان عند نرساي هو الواسطة التي من خلالها تنكشف معرفة الله الحقيقية. بهذه الطريقة منح الله "الفرح" للإنسان ليجلب بقية الخلائق في العالم للمعرفة الحقيقية لخالقهم ومحبتهم له:

’’بما (أنه) من المستحيل لطبيعة الله المخفية أن تظهر وتنجلي علناً، حدد الله الاستفسارات عن صورته المرئية (الإنسان) (43). في الإنسان فتح الله كنز رحمته في حضور مخلوقاته، فدخلت الكائنات العاقلة والمغفلة ونالت الفرح في خدر الختن للحياة. لقد شرفنا في البدء وفي النهاية بوضعنا فوق كل المخلوقات، لأنه سمانا صورته وجعلنا (في المسيح) هيكل ألوهيته‘‘ (44).

وبالمقارنة مع خلفية الاسلوب الذي يؤكد فيه نرساي على انسجام الإرادة الإلهية بين عالمي المادة والروح، يمكن للمرء أن يفكر ملياً في الدور الودي الذي يلعبه التجسد والأسرار. عندما خطأ آدم ضد خالقه بعصيانه للقانون الإلهي، أفسد النظام الذي وهبه الله له، أعني كونه صورة الله وواسطة الاتصال بين العالم الروحي والجسدي في الكون. وفي هذا الصدد يقول نرساي:

’’(قبل السقوط، [بفترة] قصيرة، كانت هناك ديمومة للجمال الزائل، ولكن ظهرت مساءلة تافهة حول صفاته. وبهتت الألوان الزاهية لروحه بسبب شهوته للثمرة، واكتسب لون الفناء بسبب أكله لهذه الثمرة. وطمست الخطيئة اسم الحياة (العائد) للصورة الملكية وكتبت على اسمه الفساد، وعلى أطرافه الموت (45). وعليه (فهو) طرح الصورة (الموهوبة) بأسم الجوهر (الإلهي) بخداعه وفتر الحب الذي (يكون) الهيكل الأساسي للكون بواسطة مكائده. وعكر السلام الملكي بحثالة الإثم وقطع طريق المسيرة الإنسانية نحو (الألوهية) المخفية. وأصبحت المخلوقات العاقلة والمغفلة غريبة للجنس البشري بسبب سقوطه الذي لا تقوم له قائمة بعد‘‘ (46).

ولكن رحمة الله عظيمة. وعليه، ولأجل إعادة الجميع إلى معرفته الحقيقية وحبه، ولأجل تنفيذ خطته الخلاصية الأزلية، أرسل الله كلمته الأزلية لتسكن فينا، في آدم الثاني، ليفدي العالم بآلامه، موته، وقيامته:

’’كان الخالق مسروراً ليعطي الحياة للكون في الحب والرحمة، لذلك أرسل ابنه ليعيد العالم إلى معرفته. اجبره حبه ليشفق على صورته الأولى. عرف قبل أن يصنعه أنه (سوف) يخطأ بالتأكيد، لكن حبه قاده للمغفرة كواحد كلي المعرفة بدون حدود (47).في ملء الزمان، سكن حبه فينا وأجرى مصالحة الكون، لم يرسل لنا (أحد) الروحانيين العاملين في خدمته، أرسل الكلمة الذي هو منه، ودعانا إلى معرفته (48).

من هو إذاً يسوع المسيح بالنسبة لنرساي؟ إنه كلمة الله الذي سكن فينا من خلال ناسوت يسوع المسيح. إنه آدم الثاني، الصورة الحقيقية غير الفاسدة، قوة العلاقة والشركة التي توحد المخلوقات أفقياً فيما بينها، (49) وتوحد جميع المخلوقات عمودياً مع خالقها (50). يسوع المسيح هو الذي أعاد الوحدة والمصالحة بين الله والإنسان وجلب القداسة لحالة الإنسان. لقد أعيد الكون إلى الحياة الأبدية بكمال المسيح (51). بجسده وروحه (ناسوته)، المسيح هو صورة لآدم إلى حد أنه جدد جسد البشر وروحه وربط الكون بنفسه مرة أخرى عن طريق الحب (52).

لقد أبطل المسيح بدمه (الذي هو قاعدة وأساس الأسرار الكنسية) حكم الخزي والعار، الذي صدر ضدنا بسبب آثامنا. أنه بواسطته (بنعمة الأسرار) صالح المسيح الكون مع رب الكل وضمن (من خلال كنيسته) السلام والتجديد لجنسنا من خلال عنايته الإلهية (53). 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com