عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

27/8/2009
مفهوم كنيسة المشرق _الحلقة الثالثة

  مفهوم كنيسة المشرق للاهوت الاسرار حسب منظور ثيودورس المصيصي

التقديم  _ الحلقة  الثالثة

2. 3. نتائج السقوط

تبعاً لتعاليم القديس بولس في موضوع العلاقة بين الخطيئة والموت، يؤكد ثيودوروس أن الإنسان ابتعد عن الله بسبب عدم طاعته وتمرده، وبالنتيجة أصبح عرضة للموت أولاً وللشيطان ثانياً. بمعنى آخر أن حصيلة خطيئة آدم كانت الموت أي "الابتعاد عن الله"، "والعودة إلى الأرض، التي أًخذ منها"، و "الإنضمام إلى (العاصي) الشيطان". وهي كما يصفها ثيودوروس أدناه: "لقد خلق الرب إلهنا الإنسان على صورته من التراب… لو كان (الإنسان) حكيماً لظل مع ذلك الذي كان مصدر كل الأشياء النافعة له، الذي هو مالكه الحقيقي، لكنه تقبل صورة الشرير، والذي سعى لإبعاد الإنسان عن الله  بجميع أنواع الخدع… اتخذ دور المعاون. ولأن الإنسان أذعن لكلمات إلى (ابليس) ورفض النواميس التي أعطاها الله إياه، وتبع العاصي كمعاونه الحقيقي، وجه الله له عقوبة العودة إلى الأرض التي تم أخذه أخذ منها. فبالخطيئة إذاً دخل الموت". (21) كيف إذاً أصبح مصير الإنسان بعد السقوط؟ يتكلم هنا ثيودوروس عن ثلاث نتائج النتيجة الأولى: تخص العلاقة بين آدم وذريته. ومجادلاته العقائدية التي تخص آدم وذريته موضحة أدناه ضمن المفهوم المسيحاني:

"أراد الله في الحقيقة (في ملء الزمان) أن يلبس (الجسد) ويرفع الإنسان الساقط المركب من الجسد (الفاني) والنفس الخالدة العاقلة". لذلك "كما دخلت الخطيئة العالم بإنسان واحد، والموت بالخطيئة، كذلك أيضاً الهبة المجانية ونعمة الله وبواسطة براءة إنسان واحد قد تسود الكثيرين" (22). وكما كان الموت بإنسان واحد، كذلك القيامة من الأموات سوف تكون بإنسان واحد لأنه "كما هلكنا جميعاً بآدم، فإننا هكذا أيضاً بالمسيح سنحيى جميعاً" (23). كما يشهد الطوباوي بولس. لذلك كان من الضروري لا فقط أن يتخذ جسداً (فانياً) ولكن نفساً خالدة وعاقلة أيضاً. لأنه لم يكن سيبطل موت الجسد فقط، وإنما موت الروح أيضاً والذي هو الخطيئة (24)

النتيجة الثانية: أن بني البشر جميعاً شاركوا آدم الفناء. الموت ليس فقط نتيجة طبيعية، إنما إدانة بسبب الخطيئة، وتولدت الخطيئة التي هي الآن أحد عناصر مكونات طبيعتهم. وعليه يؤكد ثيودوروس "بالخطيئة دخل الموت، وهذا الموت أضعف الطبيعة (البشرية) وحدث فيها انحدار شديد نحو الخطيئة" (25).

النتيجة الثالثة: إن خطيئة آدم حدثت أيضاً في العالم الذي وهب الله فيه لآدم القوة والمنزلة الأولى. بلاء الموت الذي جلبه آدم لنفسه ولذريته وضع نهاية للوحدة الجميلة، ودمر الانسجام الروحي والمادي الحقيقي الذي كان يسود الإنسان والعالم (26). باختصار، بالرغم من أن ثيودوروس يرفض مفهوم الخطيئة الموروثة، إلا إنه يلجأ إلى بعض عناصر هذه العقيدة. وهو يوضح قائلاً، بما أن جميع البشر قد ورثوا الموت من آدم، من خلال طبيعته لذلك فسيكون لديهم ميلاً "إضافياً" نحو الخطيئة. خلق "الله الإنسان فانياً… بالطبيعة". يعلق ثيودوروس في تفسيره للرسالة إلى أهل رومية "وعليه فهو يملك القابلية على إرتكاب الخطيئة بسهولة" (27). بعد السقوط، اكتسبت ذرية آدم القابلية على إرتكاب الخطيئة المتصلة بالقلق الناتج من إدراكهم  لطبيعتهم والعاجزة الفانية.

 2. 4 الخطيئة، العقوبة (الموت)، والنعمة.

كما تقدم فأن الإنسان ورث الموت من خلال طبيعته، وليس الخطيئة والمعصية (28) بالنسبة لثيودوروس الخطيئة هي التمرد الطوعي على ناموس الله. لذلك فإنها ليست موروثة في طبيعة البشر، بل نتيجة لاختياراته، أي لممارسة إرادته، بما أن الخطيئة عائدة للإرادة وليس للطبيعة. ويجزم ثيودوروس أيضاً أن الطبيعة البشرية الفانية الموروثة هي التي تبطن سقوطه الأخلاقي. بالمقابل، الشهوة الجسدية تفسر تمرد الإنسان على الله. في هذا الخصوص يقول ثيودوروس في تفسيره للإصحاح الخامس من الرسالة إلى رومية: "هكذا سرى الموت على جميع الذين خطأوا بأي طريقة كانت. لأن بقية الجنس البشري ليسوا بمنحى عن الموت لأن خطيئتهم لم تكن من نفس صنف تلك التي  لآدم. وإنما الجميع وضعوا تحت حكم الموت لأنهم خطأوا بأية طريقة كانت. لأن الموت لم يفرض كعقوبة على هذا أو ذاك النوع من الخطيئة، بل كعقوبة لجميع الخطايا(29)". ويضيف ثيودوروس لهذا التفسير ببيان على ما يلي. "عندما أخطأ آدم وأصبح فانياً بسبب خطيئته، نالت الخطيئة مدخلاً إلى ذريته، وسرى الموت على جميع البشر كما عليه. لأنه كما أخطأ الجميع… كان من الضروري أن يسري الموت على الجميع أيضاً" (30). وهكذا مرة أخرى وبصورة خاصة يعتبر ثيودوروس الموت في آن واحد سبباً ونتيجة للخطيئة.

وباعتراف الجميع فإن العلاقة بين الخلق والخطيئة والفناء لدى ثيودوروس هي علاقة معقدة. ولكن بناءً على ما قيل أعلاه، يمكن للمرء أن يرى كيف يفهم ثيودوروس تماسك تصميم محبة الله للإنسان فإنه وبأي حال لم يكن ممكناً أن  يخلق الله الإنسان الأول خالداً لمجرد أن يعاقبه بالموت لاحقاً بعد أن سقط في الخطيئة. موت الإنسان هو وسيلة لمعاقبة الإنسان لخطيئة كانت في علم الله مسبقاً حتى في فعل خلقه للإنسان الأول. بالاضافة إلى ذلك فإن نفس الخطيئة ستكون سبب (الموت!) للحالة الإنسانية الضعيفة لآدم وذريته. إن العلاقة المتناقضة هي، حتى ولو أن الحالة الفانية تسبق الخطيئة في المصطلحات الزمنية، الموت هو في نفس الوقت، النتيجة المحتومة للخطيئة (31). بواسطة الحالة الفانية للإنسان يعاقب الله الخطيئة، ويهيئ خليقته للفداء ويرشد الخلائق البشرية الفانية للعيش وفق القواعد الأخلاقية العالية.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com