إنه الأُسقف الثالث، بعد بطرس الرسول وايفوديوس، على مدينة أنطاكية "العظمى". أحبَّ المسيح بقوة، وقد اهتدى أبواه إلى المسيحية بعد أن كانا وثنيين. يلقّب القدّيس أغناطيوس نفسه في بعض رسائله بـ "حامل المسيح" وعند استشهاده يسمّي نفسه "حامل المسيح على صدره" أي المكّرس له نفسه. ويروي التقليد على لسان بعض المؤرّخين أنه سمّي بـ "الحامل المسيح على صدره" لأنّه كان هو الولد الذي حمله المسيح في حضنه يوم قال للرسل: "الحقّ الحقّ أقول لكم، إن لم ترجعوا فتصيروا كالأطفال فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى 18: 3). إنه "حبة قمحٍ" ماتت لتكون بحق "زرع الكنيسة" السورية، حسب تعبير ترتليانوس. لقد شهد للمسيح بوجهين: الكلمة والدم، فكتب سبع رسائل، وهو في طريقه إلى الاستشهاد في روما (سنة107).
كتبها لمؤمني الكنائس التي مرَّ بها، لتكون من بواكير الشهادات بعد كُتُبِ العهد الجديد. سفك دمه في أثناء الاضطهاد الذي شنّه الأمبراطور تراجانس على المسيحيين بين عامي 98 و117. شهد في رسائله عن وحدانية الله، ودعا إلى التشبه بال! مسيح كما تشبَّه هو بأبيه، فالمسيحي "ليس هو من يحمل الاسم بل من يعيش". وأعطى الافخارستيا مكانها في تكوين الكنيسة جسد المسيح السرِّيّ، فهو أول من سمى "كسر الخبز" بـ"الافخارستيا" سر الشكر، مؤكداً على ضرورة "خدمة الكلمة" فيها لتكون باعث شهادة المسيحيين. كما شدَّد كثيراً على وحدة المسيحيين. وإذا أردنا تلخيص تعاليمه لمَا وجدنا أفضل من كلمة "وحدة"، إذ يقول هو عن نفسه أنَّه : "إنسانٌ جُعِلَ من أجل الوحدة ". ولعل أجمل شهادة قدمها وهو في طريقه إلى الاستشهاد هي كلماته الخالدة: "دعوني أصبح قمح الربّ، أُطحن بين أنياب الوحوش، فأصير خبزاً نقيَّاً يقرَّب على مائدةِ الربِّ المقدَّسة.
لقد بدأتُ أكون تلميذاً حقيقيَّاً للمسيح. لا شيء يمنعني من ملاقاة المسيح. أهلاً بأفظع العذابات.. بالنار.. بالوحوش.. بالصلب، أهلاً بتمزيق الجسد.. بخلع العظام. اسمحوا لي أن أتشبَّه بآلام ربي.. دعوني ألاقي المسيح.. دعوني أولَد.. دعوني أصل إلى النور.. عندئذٍ أصبح أنساناً بالحقيقة". إنَّ قول القديس اغناطيوس قبيل استشهاده: "صلّوا من أجل كنيسة سوريا" ، يدعونا ، ليس فقط إلى الفخر أننا من أحفاده، بل أيضاً، إلى التشبّ! ه به، فنلتفَّ حول المسيح كنيسةً واحدة، مصلِّية وشاهدة . لعلنا نصير خبز اً نقياً لعالم اليوم الجائع! |