عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نجمه في المشرق

10/8/2009
القراءة الربية للاسفار المقدسة _جورج برنوطي

القراءة الربية للأسفار المقدسة

بقلم: جورج برنوطي

 

اعتاد الكاردينال مارتيني، رئيس أساقفة ميلانو في ايطاليا، أن يلتقي مع الشباب في أبرشيته. وهو يدعوهم إلى قراءة الكتاب المقدس ويقدّم لهم طرقاً تقرّبهم من النص. وهكذا تحدّث الناس عن \"أسلوب مارتيني\"، الذي يكوّن جسراً بين التأويل العلمي والقراءة الرعائية للكتاب المقدس. وها نحن ننقل لكم مقدّمة كتابه \"فرح الإنجيل\" وفيها ما يسمّيه: \"القراءة الربيّة\" لكن بتصرف.
القراءة الربيّة هي اقتراب تدريجي من النص الكتابي. وهي تعود إلى زمن الآباء، بل إلى زمن المعلّمين في العالم اليهودي الذين قسموها إلى \"الذاكرة والعقل والإرادة\". وقد توسّع القدّيس أغوسطينوس في موضوع الذاكرة. وبعده صار المثلّث \"الذاكرة والعقل والإرادة\" مرادفاً لأسلوب تأملّي حول الكتاب المقدّس أو حقيقةٍ من حقائق الإيمان.
محطّات في القراءّة الربية:
1-
كيف أختار نصاً من الكتاب المقدس:
يمكن اختيار النص حسب الإمكانيات التالية:
•   
بحسب الرزنامة الطقسية (البشارة، الميلاد، الظهور، الصوم، ..)
•   
بحسب مناسبة ما (صعوبة، فرح، قرار، أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، ..)
•   
بحسب نصوص متتالية من سفر معين (أشعياء ، متى، رسائل القديس بولس، ..)
•   
بحسب موضوع ما (المحبة، الحرية، الخطيئة، التضامن، ..) يمكننا الاستعانة بالفهارس.
•   
بحسب نوع أدبي معين ( الأمثال، المعجزات، الخطب، الرؤى ...)
•   
بحسب خبرة سابقة مع نص معين تمت قراءته من قبل وأثر فيّ وأود العودة إليه.

2- القراءة: أقرأ النص وأعيد قراءته عدة مرات حتى أبرز العناصر الهامّة. أكتشف الأفعال، الأشخاص الذين يعملون، العواطف التي يعبرّ عنها النص، الكلمات التي تلفت إنتباهي.مثلاً يوحنا يكتب: كان \"لا بدَّ\" ليسوع المرور بالسامرة حين التقى السامرية (يو4\\4)... (هل هذه اللزومية جغرافية أم لاهوتية؟) هنا لا بد لي من وضع النص في إطاره التاريخي والجغرافي والاجتماعي والثقافي والأدبي و الأسطوري... (لماذا وضع هذا النص؟ من كتبه؟ لمن يوجه؟ أين ومتى كتب؟) كما أجعل النص في سياق أوسع: في الفصل كلّه، في السفر كلّه، أو في إطار الكتاب المقدّس ككلّ وهذا ما يسمى بالتأويل. وأستطيع هنا أن أستعمل القلم وأضع خطوط تحت الكلمات التي أثارت اهتمامي.(نظرا لصعوبة التأويل ودقته فمن المفضل، بعد اختيار النصوص، الاستعانة بشروحات وحواشي الكتاب المقدس و بتعاليم الكنيسة و بالكتب المختصة أو بالمقالات ذات الصلة أو بفهرس أو بالمختصين ليساعدوني على فهمٍ أفضل).
3-
التفكير: هنا أبحث عن الهدف من النص لأنه أي الهدف يتسامى عن الزمان والمكان, وأحاول تطبيق معاني التأملات على حياتي..أي ماذا يريد النص أن يقول لي بشكل شخصي؟ إنني أبحث عن الرسالة الروحية للنص وماذا يريد النص أن يقول لي الآن. هذا ما يسمى في لغة التربية المسيحية \"التأوين\". أي أحاول أن أجعل في \"الآن\" ما كان في ذلك الزمان. وبمعنى آخر \" إعادة قراءة \" النص أو الحدث أو المعنى على ضوء الحاضر. هذا الأمر في غاية الأهمية على المستويين اللاهوتي والروحي. فيسوع نفسه قام بهذا \"التأوين\" فأعاد قراءة الكتب والأنبياء لتلميذي عماوس (لو 24/13-35) مظهراً أهمية فصحه بالموت والقيامة.. وعند \"كسر الخبز انفتحت أعينهما\" كما يقول النص.لابد من الانتباه أن أفهم ما يريد النص قوله وليس ما أريد قوله أنا.
عملياً  كيف أقوم أنا شخصياً بهذا \"التأوين\"؟
-
هل في شخصيات النص (أو أحداثه) من يشبهني، أو أريد أن أتشبّه به، ولو قليلاً؟ يمكننا تفعيل الرمزية في ذلك، مثال: (لنقرأ مرقس 2/1-12) هل يمكنني أن أشبه أو أتشبه بواحد من الرجال الأربعة الذين قدَّموا المخلَّع في كفرناحوم. من هو المخلّع في حياتي لكي أحمله إلى الرب؟ لن أحرِّره أنا إنما المطلوب أن أقدِّمه للرب بشكل صحيح في وسط زحمة الحياة. المطلوب، في عمق الصعوبات، أن أبتكر طريقة دقيقة وجدية لكي أوصل الآخر إلى يسوع، ولو تطلّب ذلك جهداً أو خطراً أو مغامرة كما فعل الأربعة حين صعدوا إلى السقف ونقبوه في موضع تواجد يسوع لكي يقدموا الآخر تماماً أمام يسوع. ولن أن أنسى أن هذه الحركة لن تتمَّ بمفردي بل بالتعاون مع الآخرين، إنهم أربعة. ولو كنت أشبه المخلّع! ما هو تخلُّعي؟ هل هناك من يساهم معي في الوصول إلى الرب؟ أتكون أنانيتي هي السقف الذي يحتاج إلى ثقب؟.. هل أنا من الذين ينتقدون؟..
-
هل هناك كلمة أو عبارة كانت لها وقع خاص في قلبي؟ يمكننا ترك النص جانباً والتأمل في هذه العبارة أو الكلمة. مثلاً: وجدنا المسيح.. ارحمني.. تحنَّن علينا وأغثنا.. أنت الصخرة.. ترك كلَّ شيء وتبعه..
4-
التأمل: هي طلب مساعدة إلهية لكي أفهم المعاني الروحية التي وصلتني بروح الصلاة.
بالتأمل الحقيقي يشارك الله ذاته معي... فاكتشف ذاته أكثر وبنفس الوقت أكتشف ذاتي أكثر.
التأمل الحقيقي هو اتقاد القلب كما حدث مع تلميذي عماوس.
محور التأمل هو شخص يسوع المسيح فهو الطريق الذي سنسلكه للوصول لمعرفة أكثر لله ولذاتنا. هذا التأمل يجعلني ألج للنص لأغوص فيه في محاولة لفهمه فأتحرر من خطر أن ألبس النص أخلاقياتي ونفسيتي... وبالتالي تفسيراتي الخاطئة التي تبعدني عن هدف الله الذي يريد أن يكشف ذاته من خلال كلمته.
5-
المناجاة و الصلاة: هي ردة فعل عفوية للقلب الذي وصلت له الرسالة الروحية. يصعب على أي واحد منا أن يفسّرها ويعبرّ عنها. يجب أن أدخل عمق النص وأقيم فيه بحبٍ. أنتقل من النصّ والتعليم إلى مناجاة ذاك الذي يتكلّم في كل صفحة من صفحات الكتاب المقدّس ويقول: يسوع هو بالحقيقة ابن الله هذه الاستنارة الروحية هي وليدة هذه المسيرة الروحية أو هذه المغامرة التي أخوضها مع الروح القدس.المناجاة سجود ومديح وصمت أمام من هو الموضوع الأخير لصلاتي، المسيح الرب المنتصر على الموت، حامل وحي الآب، الوسيط الوحيد للخلاص، ومانح فرح الإنجيل إلى جميع البشر. هو الرسول والرسالة النبي والنبوة الكاهن والذبيحة.

من المناجاة و الصلاة تأتي التعزية فهي هبة الروح القدس الناجمة عن تذوق الله, ومن التعزية تأتي الاختيارات والقرارات الجريئة (التضامن, المسامحة, العفة, الإيمان, التكريس, الزواج...)
6-
التمييز: هي القدرة على تمييز فكر الله كما تقدمه لنا الكلمة, فكلما صرت على احتكاك مباشر مع كلمة الله (الكتاب,شخص يسوع) آخذ دفعا للاختيارات والقرارات الخاصة بي كشخص مسيحي أي أن أميز ماذا يريدني الله أن أكون, وهذا ليس فقط لحياتي الشخصية بل أيضاً وبشكل أساسي لأجل حياتي كعضو في جسد المسيح السري (الكنيسة).
7-
الهدف العملي (المقصد): الاختيار الملموس لعمل يجب أن يتم, النداء يأتي من الله بواسطة الكلمة وأنا أجيب على هذا النداء باختيارات عملية. إن كان هذا التواصل مقطوع فسأقوم باختيارات أنا أريدها وليس الله.
8-
العمل: نضع عملياً ثمرة كل هذه المراحل التي رأيناها (هو نتيجة التواصل وليس نتيجة حاجاتي) هي شركة وتعاون مع الله في تنفيذ هذا العمل الذي قد يكون اختيار شخصي لحياتي وهو الذي قد يعطي حياتي شكلها الظاهري و الداخلي هو سيشكل كل كياني بحسب مشيئة الله. ومهما يكن نوع هذا العمل علي أن أعرف أنه ليس محتكراً لي بل هو لله وللآخرين. القراءة الربية إذاً هي قراءة الشخص المؤمن إنها قراءة مع يسوع, إنها مسيرة مع يسوع على مثال تلميذي عماوس, إنها تنطلق من يسوع وتسير معه لتصل إليه.القراءة الربية للكتاب المقدس تبتدئ من الصفحة الكتابية لتصل بنا إلى لقاء شخصي وفاعل مع الله.
لا بد أن يكون عندي نسختي الخاصة من الكتاب المقدس حتى أتمكن من تدوين ملاحظاتي ووضع خطوط أو تلوين الكلمات الهامة والمؤثرة فيّ.
المراجع:
1-   
كيف تدرس الكتاب المقدس

    كيف نقرأ نصَّـاً من الكتاب المقدَّس الأب بسام آشجي

    الكتاب المقدَّس.. كلمة الله في ثقافة البشر الأب بسام آشجي
4-   
الكتاب المقدس بين الحرفي

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com