التاسع والعشرون من زمن السنة

تعليق على الإنجيل
القدّيس سيزير الآرليّ (٤٧٠ - ٥٤٣)، راهب وأسقف
العظات، العظة رقم 37

"تأمّلوه بقلوبكم أيّها العصاة!" (أش46: 8)

لا يقول أحد لنا: اذهبوا إلى الشرق طلبًا للصدقة، وأبحروا إلى الغرب للعثور على محبّة الله. لا، بل يُطلب منّا أن نتوجّه إلى داخلنا، إلى قلبنا الذي يجب أن نطرد منه الغضب باستمرار. وكما قال النبي: "تأمّلوه بقلوبكم أيّها العصاة!" (أش46: 8).
ولسنا نجد في المناطق النائية ما طلبه الربّ منّا؛ بل "إلى داخل قلبنا يرسلنا، إذ جعل في داخلنا ما يطلبه منّا". قال لك الربّ: لست أنا مّن يستمدّ نموّه منك، بل أنت منّي. إنّ ما أريده هو تضحية مفيدة للإنسان، وإن هي بلغتني فلأنّها مفيدة لك. يمكنك أن تقول لي: ليس لديّ ما أعطيه للمحتاجين، ولا أستطيع الصيام غالبًا أو الامتناع عن الخمر أو اللحوم. ولكن هل تستطيع أن تقول لي إنّك لا تستطيع أن تفعل الرحمة؟ فهي التي نمتلكها كاملة بقدر ما ننفقها كاملة...
إنّ الإرادة الحسنة تسمّى حقيقةً الرحمة. ولاحظوا يا إخوتي أنّ نعمة الرحمة تكتفي بذاتها حتّى وإن لم ترافقها النِّعَم الماديّة، في حين أنّ النعمة الماديّة التي لا تنبثق من قلبٍ خيّرٍ فلا قيمة لها.