عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نجمه في المشرق

31/7/2009
الشعب الكلداني_حبيب تومي

نبذة مختصرة عن تاريخ الشعب الكلداني
حبيب تومي / اوسلو

الكلدان او الكلدانيون قوم عراقي اصيل قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة ، وأنشأ حضارات كانت تشكل لألئ ساطعة في سماء التطور الحضاري للمسيرة البشرية في مختلف الفنون والعلوم كالطب والفلك والهندسة والزراعة وغيرها ،  ولعل التقسيم الزمني الذي وضعه الكلدانيون هو واحداً من انجازتهم ، والى اليوم ما برح هذا التقسيم هو المستخدم في اقاصي القارات في تقسيم السنة الى 365 يوم والسنة الى 12 شهر والشهر الى 30 يوم وقسموا اليوم الى 12 ساعة والى اليوم تشير ساعاتنا الى الرقم 12 لتتجدد بعد ذلك ويؤكد هذه الحقيقة ول ديورانت في قصة الحضارة في الجزء الأول من المجلد الأول ص 134 يقول :
 
إن تقسيم الشهر عندنا الى اربعة اسابيع وتقسيم ساعاتنا الى 12 ساعة وتقسيم الساعة الى 60 دقيقة والدقيقة الى 60 ثانية .. كل هذه آثار بابلية باقية من ايامهم الى وقتنا الحاضر وإن كان لا يخطر لنا على بال .
وجورج سارتون في كتابه تاريخ العلم يقول ايضاً : وصار التقويم البابلي أنموذجاً للتقاويم العبرانية والأغريقية والرومانية حتى ظهور التقويم اليولياني المنسوب الى يوليوس قيصر الرومان عام 46 ق . م .
لقد كافأ المؤرخون شعبنا الكلداني بما يستحقه من مكانته العلمية والمؤرخ يمكن ان يستقرأ الكثير من الحقائق التاريخية في الكتب المقدسة ومنها العهد القديم فقد ورد في سفر التكوين ان ابينا ابراهيم خرج من اور الكلدانيين ،  نقل معه تراث شعبه وعلومه الدينية والتشريعية الى المناطق المعروفة التي حل بها في رحلته ، وأصبح ذلك التراث خميرة لاديان وحضارات انتشرت في العالم القديم .
كانت ثمة كتابات كثيرة عن تاريخ الكلدان منهم ابو التاريخ هيرودوت او هيرودوس وديودوروس الصقيلي والكلدانيــان ابو الحسن بن ثابت وبيروس ، واصل اسمه برحوشا ، وهو بابلي كلداني حيث درّس العلوم الكلدانيـــة في اثينا سنة 341 قبل الميلاد ونستفيد من ادي شير حيث يقول :
 
ان الأثينيين قد نصبوا له تمثالاً ، وصنع لسان هذا المثال من ذهب تكريما لمكانة هذا المعلم العلمية .
إن الثقات في تاريخ العلوم والفنون والفلسفة لا يؤيدون الفكرة القائلة بأن هذه العلوم خلقت في بلاد الأغريق فحسب بل انها تتأثل الى العلوم والحضارات التي سبقتها في بلاد بين النهرين ، والتي كان الكلدانيون روادها ويشكلون حجر الزاوية فيها . يكتب الدكتور حسام محيي الدين الآلوسي في كتابه الموسوم : بواكير من الميثولوجيا الى الفلسفة عند اليونان ص 41 وهو هنا ينقل عن سارتون حين كتابته عن العلم المصري وتقدمه فيقول :
 
على ان سهمهم الكبير في ميدان المعرفة الفلكية هو المعرفة العامة إذ الواقع انهم المؤسسون للفلك العلمي ، وإن النتائج المدهشة التي حصل عليها الفلكيون الكلدانيون والأغريق من بعدهم أمكن تحقيقها بفضل استنادهم الى الأساس البابلي .
 
ومن المؤرخين الذين اشاروا الى الكلدانيين ومنجزاتهم المؤرخ المسعودي في مروج الذهب ، كما ان العالمة الفرنسية ماركريت روثن كان لها بحث رائع وأسهبت في شرح  علوم الكلدانيين حيث ترجمه المرحوم الدكتور يوسف حبي ، ولا اريد هنا الأستفاضة في هذا المجال لكن اشير باختصار الى ما كتبه المؤرخ العربي القاضي ابي القاسم صاعد الأندلسي المتوفي سنة 462 هجرية في كتابه طبقات الأمم : يقول :
الأمة الأولى هم الفرس ، والأمة الثانية هم الكلدانيون والأمة الثالثة هم اليونان .. والخ فيكتب عن الكلدانيين انهم السريان والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكوثائيون والآثوريون والأرمانيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق .
وبلاد الكلدانيين كانت ، ودائماً مع الأندلسي : كانت وسط المعمورة وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات المعروفة بديار ربيعة ومصر والشام وجزيرة العرب التي بين حجاز ونجد وتهامة ومناطق  اخرى ما تعرف اليوم بالخليج العربي ، وقرأت في موسوعة الخليج العربي التاريخية ان مناطق الخليج المعروفة  اليوم كانت تشكل المقاطعة 23 من الأمبراطورية الكلدانية قبل سقوطها ، وكانت هذه المقاطعة لها اهتمام خاص من قبل الملك نبوخذ نصر مباشرة ، وإن ما يعرف اليوم بالخليج العربي  كان في ذلك الزمن يطلق عليه بحر الكلدانيين.
 
وإذا تأملنا ما يكتبه الأندلسي ايضاً عن الأمم التي عنيت بالعلوم نقرأ حسب تقسيمه ان بأنه كان ثمة ثمانية امم عنيت بالعلوم ويضع الهنود في المقدمة ثم الفرس وثالثاً الكلدانيون وبعدهم العبرانيون واليونانيون ..
فالكلدان كان منهم علماء توسعوا في المهن التعليمية والعلوم الرياضية والألهية وكانت لهم عناية خاصة بأرصاد الكواكب وأسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها .
ولا اريد الأستفاضة لأن هذا الموضوع لا يمكن تلخيصه في سطور ، لكن مع ذلك لا بد من الأشارة الى مساهمة الكلدانيين في المسيرة التاريخية لبلاد من بين النهرين فبعد بزوغ فجر المسيحية وجدت طريقها الى قلوب اهل هذه الديار ، وطفق الكلدانيون بعد اعتناقهم الدين المسيحي في نشر الدين وبناء الكنائس والأديرة والمدارس ، وإن الأثار المبثوثة في أرجاء السهول  العراقية وفي جبال ووديان كردستان تشير جميعها الى اهتمام هذا القوم بالعلوم والفنون والأديان في مختلف الحقب التاريخية .
وفي زمن الفتوحات العربية لعب الكلدانيون دورهم المهم في خدمة العلم والثقافة وقدموا ما استطاعوا تقديمه في مجال العلوم والطب والهندسة والزراعة والمعمار والترجمة  ويكتب الأب رفائيل نخلة اليسوعي في غرائب اللغة العربية ص 170 يقول :

السريان والكلـــــــدان ـ وكلا الشعبين آراميان ـ قد خدموا العرب خدمة عظيمة بنقلهم الى العربية أشهر الكتب العملية اليونانية ، اجابة لطلب الخلفاء العباسيين ، حين نشأة دولتهم . لما فتح العرب بلاد الشام والعراقين العربي والعجمي ، كان أكثر أهاليها نصارى يتكلمون بلهجات آرامية شتى ، ما عدا الجالية اليونانية ، وقد تمسكوا بتلك اللهجات الى ان فرضت عليهم العربية .
المحطات المهمة في تاريخ الكلدانيين كانت عودتهم الى كنف الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، وكان لابد يومذاك من اختيار الهوية الوطنية القومية لتمييزهم عن الكاثوليك المنتشرين في أرجاء العالم ، وكان تلهفهم الى إعادة اسمهم القومي الكلداني ليصبح عنواناً لهويتهم القومية الكلدانية ، فكان ذلك جزءأً من وفائهم لاسمهم التاريخي ولهويتهم القومية .
وبعد هذه المسيرة كان الأقرار بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم القومية في معاهدة سيفر التي ابرمت بين الدول المنتصرة في الحرب عام 1920 حيث ورد في مواد 62 و 63 و 64 اشارت جلية وصريحة  الى حقوق الشعب الكردي في الأستقلال الذاتي وإشارات اخرى صريحة لمنح الحقوق القومية للاشوريين والكلــــــدان وغيرهم من المكونات في هذه البلاد .
اليوم يقف شعبنا الكلداني مع كل مكونات النسيج المجتمعي العراقي الجميل من عرب وأكراد وتركمان وآشوريين وسريان وأرمن والشبك واليزيدية والصابئة المندائيون ، نقف جميعاً بمحبة وبهوية عراقية اصيلة تجمع كل تلك المكونات لنبني عراقاً ديقراطياً فيدرالياً حراً .
وفي الختام  لا بد لي ان اشير في هذا الصدد الى تجربة اقليم كردستان في تطبيق الديمقراطية والعلمانية والتي حققت استقراراً مشهوداً كما اعطت للمكونات القومية الأصيلة كالكلدان والسريان والآشوريين والأرمن والعرب والتركمان وغيرهم ، فكانت تجربة كردستان في التعامل مع هذه المكونات تجربة اصيلة وفريدة يجدر الأقتداء بها ، بل هنالك مشروعاً للحكم الذاتي لهذه المكونات يهدف الى إنصاف هذه المكونات بعد قرون من الظلم والتهميش ، ونأمل مخلصين ان تغدو منطقة الحكم الذاتي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، منطقة تطور اقتصادي رائع ومنطقة محبة ولقاء بين العرب والأكراد والتركمان وكل المكونات الدينية والقومية والأثنية  للفسيفساء العراقي الجميل ،
شكراً لصبركم الجميل وتحملكم  هذه الأستفاضة .  
هذه المقالة بعوان " نبذة المختصرة عن الشعب الكلداني " القيتها في المؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني المنعقد في عنكاوا .

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com