عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

الاسرار لصاحب الغبطة

الأسرار المقدّسة وشرح الرموز الطقسيّة للمطران لطفي لحّام

( البطريرك غريغوريوس )24

 

صعب على الإنسان أن يتكلّمَ ويشرح أحداثًا جرت خارجَ زمنِه لكنّها حوّلت زمنَه من تتابعٍ مملٍّ للثواني والدقائق والساعات والأيّام والأشهر والسنين حتى الموت (الخرونوس) إلى زمنٍ ممتلئٍ بحضور الله ومفعمٍ برضاه ونورِه (الكيروس). لذلك يلجأُ المرءُ إلى الاستعانة بما كتبه وخبرَه أناسٌ اخترقت حياتهم الرتيبة الساقطة وزمنهم الرديء (الخرونوس) حياةُ الله بكاملِ إشعاعها وبهائها (الكيروس) منتجةً صليبَ مجدٍ افتدى به الإله جنسَنا وأعادَه إلى ما يفوق جماله الأوّل القديم؛ إلى الجلوس عن يمينِ العظمةِ في الأعالي!

وإذا عدنا إلى الليترجيا، فما هذا إلاّ لأنّ ما أُعلن وتمَّ وسُلّم مرّةً واحدةً للقدّيسين تتناولُه الطقوسُ وتعيدُه إلى المؤمنين مقرونًا بخبرةِ المؤمنينَ أنفسِهم، لتستعيدَ المؤمنينَ إلى سرّ المسيح!

السبت العظيم المقدّس
     
إنّ يوم السبت العظيم هو اليوم الوحيد في السنة الطقسيّة ذو الطابع "المعقّد"، إذ يتقاسمه في الآن عنه الحزنُ الناتج عن آلام السيّد وموتِه، وفرحُ القيامة!
إمتنع المسيحيّون حتى القرن الثامن عن إقامة شعائر العبادة في هذا النهار؛ فهذا هو "يوم السبوت والراحة" يوم الصمتِ العظيم. فالحياة محجوبٌ في الثرى ليُحييَ الذين تحت الثرى! لكنّ المؤمنين كانوا يجتمعون في عشيّة هذا اليوم، بعد غروب الشمس، للبدءِ بسهرانيّة القيامة (سهرة الفصح) يحيونها بالصلوات والترانيم والقراءات حتّى فجر الأحد، عندها ينشدون "هلّلويا" إيذانًا بالقيامة. وفي هذه الليلة أيضًا تبارَك النار أو النور الجديد وتضاء الشموع والمصابيح وتتقدّم جموعُ الموعوظين إلى الاستنارة المقدّسة (المعموديّة).
ابتداءً من القرن الثامن أصبحت جميع هذه الشعائر تقام بعد ظهر السبت، متقدّمة بضع ساعات عن ميعادها الأصلي، لينتهيَ المطاف بالاحتفال بها ظهرًا كما هي العادة اليوم، فغابت السهرة بمعناها الحصريّ، وبقيت أبرز عناصرها كما سيمرّ بنا الكلام. وتجدر الإشارة إلى أنّ السبت العظيم هو السبت الوحيد في السنة الذي تصوم فيه الكنيسة، إذ اعتادت منذ عهد القدّيس إيريناوس (منتصف القرن الثاني) أن تتهيّأ لعيد الفصح بصوم يدوم 40 ساعة.

أ-صلاة الغروب وإنزال الجسد الإلهيّ عن الصليب وتكفينه ودفنه
ينتمي هذا القسم من يوم السبت العظيم عمليًّا إلى يوم الجمعة العظيمة، وفيه جرى آخر حدث ليسوع المسيح في الزمن.
 
وينقلب إيقاع الزمن الليترجي، فتبطل العادة التي تنصّ على أنّ اليوم يبدأ بصلاة الغروب، فنرى كلّ أيّام هذا الأسبوع تبتدئ بصلاة السّحر وتنتهي بصلاة الغروب. موت المسيح بلبل نظام الطبيعة، "والبريّة كلّها دهشت لمّا رأته معلّقًا على الصليب. فالشمس أظلمت وآساس الأرض ارتجّت والكلّ تألّموا مع خالق الكلّ" كما تردّد القطعة الأولى من قطع مزامير الغروب. وتتأمّل القطع الأخرى "بالعجب العظيم" كيف أنّ المبدعَ والخالقَ يقضي عليه جهلُ البشر فيموت ظلمًا! وتندبه أمُّه البتول التي أدركت وحدها دون سائر البشر عمقَ سرّه وتنازله. فها هي تدعوه إلى القيامة "قم مسرعًا"! وكما كانت في عرس قانا الجليل فاتحة لعجائبه، نراها اليوم تستعجله لإجراء معجزة المعجزات أي قيامته من بين الأموات.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com