عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E الكتاب المقدس

26/7/2009
الكتاب المقدس الارشمندريت س.اونر

الكتاب المقدس والكنيسة

 

قرأت في الآونة الأخيرة مقالاً على الانترنت سعى فيه الكاتب، ومن الواضح أنه غير مؤمن بالله، ومن خلال الكتاب المقدس، لإثبات أن الله قاتل وأن الكتاب المقدس مليء بقصص لا أخلاقية. هذا ما أعطاني الفرصة كي أُسلّط الضوء على الأسباب التي تجعل بعض القرّاء للكتاب المقدس غير قادرين على فهم الكتاب فهماً صحيحاً، كونه ليس مصدراً "سهل الاستعمال" للحصول على معلومات حول الله ومشيئته للإنسان، بل وحتى أن أي حوار أو نقاش أو جدال مع غير المؤمنين بالكتاب المقدس هو فارغ، ولا يصل لنتيجة.

مصدر التفسير:

من خلال قراءتنا لقصة تلميذي عمواس اللذين قابلهما السيد عصر يوم قيامته، وقبل أن يعرفاه أخذا يخبرانه عن ما جرى في القدس في تلك الأيام، وعن الأمور التي جرت ولم يفهماها، فيجيبهما السيد: ((أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟)) ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا25:24-27)، فمن الملاحظ أن الكتب لم تكن واضحة حتى للتلاميذ واحتاجت شرحاً من السيد بذاته. وفيليبس الرسول أيضاً شرح الكتاب للرجل الحبشي لأنه يقرأ ولا يفهم: "فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ فَقَالَ : ((أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟)) فَقَالَ : ((كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟)). وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ." (أع30:8-31).

من الواضح أن ثلاث سنوات من التلمذة مع المسيح، لأشخاصٍ أكلوا معه، ناموا بجانبه، استمعوا لتعليمه ورأوا عجائبه لم تكن كافية لفهم أبسط الأمور عن المسيح داخل الكتب المقدسة (العهد القديم آنذاك)، حصل ذلك فقط بتعليم من السيد القائم ثم لاحقاً من التلاميذ بنعمة الروح القدس: "وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يوحنا 26:14). فسّر السيد الكتب المقدسة لتلاميذه الذين فهموها ونقلوها لتلاميذهم وهكذا من تلميذ لآخر وبنعمة الروح القدس حُفظت، وهذا ما يسمى بالتقليد في الكنيسة، وتبقى نعمة الروح القدس العنصر الأساسي في فهم الكتب المقدسة وبواسطة الكنيسة.

الكتاب المقدس والمؤمن:

أي شخص يمكنه قرأة الكتاب المقدس، ويمكنه أن يفسّره كما يشاء، ولكن ماذا يعني الكتاب المقدس بالنسبة للكنيسة؟ للكتاب المقدس تفسيرٌ خاص مُعطى للكنيسة من الله والتقليد المقدس وبواسطة الكنيسة، لذلك بالنسبة لنا الأرثوذكس فقط الكنيسة لديها السلطة لتفسيره.وهكذا، ليس هناك أي أهمية لتفسير الكتاب المقدس عندما يقوم به شخص من خارج الكنيسة. الأغلبية تستخدم عبارة "يقول الكتاب المقدس" أو "تعليم الكتاب المقدس" وهذا ليس بصحيح لأن الكتاب لا يعلّم و لا يفسّر ذاته، بل السيد وتلاميذه من خلال أقوالهم وأعمالهم هم يقولون، والكنيسة التي أسسها السيد المسيح هي التي تقوم بتفسير الكتاب المقدس بنعمة الروح القدس الحاضر فيها.حتى إن مكانة الكتاب المقدس تشكل نقطة ضعف في التعليم البروتستانتي أي التعليم العقائدي عن كون " الكتاب المقدس هو مصدر التعليم الوحيد "Sola Scriptura". بالتأكيد هناك سلطة للكتاب المقدس على المؤمن، لا ينكرها أحد، ولكن الكتاب المقدس يجب أن يفسّر في سياقه الصحيح، الذي هو التقليد الحي لجسد المسيح، وإخراجه عن هذا السياق يبقى الكتاب المقدس مشكوكاً فيه، وتظهر الإشكالية بشكل واضح فيُساء استخدامه وتفسيره.هكذا عندما يأتي غير المؤمن، أو المؤمن معتمداً على ذاته فقط، فيأخذ الكتاب المقدس ويقول أشياء كثيرة عن الله لم تقلها الكنيسة، مستخدماً إياه ليثبت ما يريده هو أو ما يؤمن به يتبين أنه يستخدم كتاباً لا يخصّه مَعْميّاً عن فهم الأمور الصحيحة كما حصل مع التلميذين اللذين رافقهما السيد في الطريق إلى عمواس، إذ احتاجا إلى شرح من السيد بذاته لفهم الكتب المقدسة.ليس على الكنيسة الدفاع عن الكتاب المقدس ضد هؤلاء الذين هم من خارج الكنيسة، لأن الكتاب المقدس ليس لهم. مثلاً كتب بولس الرسول رسائل كثيرة إنما كلها موجّهة إلى الكنيسة أو إلى قادتها، بالإضافة إلى أن العهد الجديد كله وفي كل جوانبه وتعليمه هو موجّه إلى المؤمنين فقط. الآخرون يمكنهم قرأته، ويمكن أن يؤمنوا بقراءته، لأن لله طرقه في بث الإيمان بهم وهو يفعل ما يشاء ويختار الطريقة المناسبة لإنارة قلوبهم لإدراك الإيمان القويم، فهم قادرون على قراءته لكنهم لا يستطيعون أن يكونوا مصدراً رئيسياً وصحيحاً لتفسيره وعلى الجميع أن يقرأه. أعطي التفسير للكنيسة وحدها فقط، هي لا تحتكر الكتاب المقدس بذلك، إنما تقوم بشرح ما معنى الكتاب المقدس، وتحدد من يحق له أن يفسره. ستقولون الآن أن الجماعات المختلفة من المسيحيين يختلفون حول مفهوم الكنيسة، هذا صحيح، ما أريد قوله أن الكنيسة التي تقوم بشرح وتفسير الكتاب المقدس هي كنيسة الآباء، في القرون الأولى، المتفقين حول شرح واحد، مختلف الأساليب، للكتاب المقدس، مقدمين لنا تقليداً ثابتاً حول تفسيره، والكنيسة الأرثوذكسية هي التي حافظت على هذا النهج.

الكتاب المقدس والتقليد:

الرسل بذاتهم الذين تعلّموا على يد السيد وكتبوا الكتاب المقدس علّمونا أن نذهب لما هو وراء الكتاب المقدس، وهذا ما قال بولس الرسول لأهل تسالونيك: "فَاثْبُتُوا إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا" (2تس15:2)، لذلك الكنيسة الحية هي التي تعيش التقليد بنعمة الروح القدس، ويظهر ذلك من خلال الفهم الصحيح للكتاب المقدس، وشرح الأمور الكنسية الأخرى التي تسلمناها من القرون الأولى (كعلامة الصليب...الخ).عموما أنا لست مع عبارة "الكتاب المقدس هو للكنيسة"، ليس للتقليل من أهمية الكتاب المقدس، لأن الكتاب المقدس يبقى من صلب الحياة الكنسية، هو يخص الكنيسة وهو جزء هام من حياتها، لذلك الكنيسة هي القادرة على فهمه بشكل صحيح ولديها السلطة لتفسيره. لهذا السبب فصلُ الكتاب المقدس عن الكنيسة يشكل خطراً كبيراً كما حذّر بطرس الرسول في رسالته الثانية: "كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضاً، مُتَكَلِّماً فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضاً، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ" (2بط16:3). وجعل الكنيسة هي الكتاب المقدس هو أخطر.

الأرشمندريت سلوان أونر

اليونان

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com