عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

25/7/2009
القديس انطونيوس الجزء الثاني

 

المرحلة الثانية: أنطونيوس يعتزل في قبر

بعد أن حقق أنطونيوس انتصاره على تجارب الأرواح الشريرة في المرحلة الأولى من حياته النسكية، ها هو الآن في مرحلة ثانية يذهب بعيدا عن العالم و عن البشر. لماذا هذا الابتعاد و هذه المرحلة الجديدة؟ لماذا لا يخدم الله بالقرب من بيته كما في المرحلة الأولى؟

قرر أنطونيوس, وقد ارتدى قدرة العلي, الذهاب لملاقاة "عدو الخير" في عقر داره:القبر.

بحسب الأباء الشيوخ، كانت الأماكن الخربة البعيدة عن السكنى والقبور والصحراء أماكن سكنى الأرواح الشريرة, التي كانت تعيش فيها لأنها خالية من البشر من جهة، ومن جهة أخرى لا وجود لأماكن عبادة حيث تُرفَع الصلوات التي كانت تزعجهم. هذه الأمكنة هي صورة مرئية للموت الروحي لهذه الأرواح الشريرة. في العهد الجديد نجد الصورة ذاتها، فالشيطان يقود ضحيته إلى القبور.

راجع ( مرقس 5/ 2-5) و (لوقا 8/ 29).

في قبر من هذه القبور بدأ أنطونيوس مرحلة جديدة من نسكه يختبر فيها، بل و يتحمل نتائج قراره هذا.

8 - أكد أنطونيوس أن الآلام كانت شديدة حتى إن ضربات الإنسان, كما يقول, لا تسبب ألما لا يحتمل كهذا"  كان يُخشى أن تكلفه هذه المرحلة حياته:

10 - أتى صاحبه في اليوم التالي جالبا له الخبز. وعندما فتح الباب رآه ملقى على الأرض كالميت, فأخذه بيديه وحمله إلى الكنيسة التي في القرية, ووضعه على الأرض. فأتى كثير من أقاربه ومن أهل القرية فجلسوا بجواره, وكأنهم بجوار ميت. لكن أنطونيوس عاد إلى وعيه في نصف الليل, فرأى الجميع نياما, ما عدا صاحبه, فأومأ إليه برأسه ليقترب منه ورجا منه أن يحمله على يديه ويعيده إلى القبور دون أن يوقظ أحدا."

إنه لتحدٍّ جديد لأنطونيوس أن يصارع الشيطان في عقر داره. لقد كان يتألم ألما شديدا لأن هذه الأرواح كانت تبغي طرده من مكانها الذي أقحم نفسه فيه. لكن بالرغم من آلامه لم يترك مكان صراعه, وهذا ما يشرح لنا لماذا طلب أن يعود إلى قبره بعد آن وجدوه شبه ميت فيه فحملوه إلى المدينة، لكنه عند استيقاظه طلب آن ينقل إلى حيث بدأ هذه المرحلة الثانية. كان قرار أنطونيوس قراراً ناضجا اتخذه بدون تردد فبالرغم من آلامه لم يغيّر قراره.

في هذا المكان حيث ثبت بشجاعة ولأنه وثق بالرب الذي يقويه هو الذي من اجله ترك كل شي, ظهر له الرب في رؤية معزية جعلته يقف على قدميه ثابتا وأقوى مما كان قبلا:

10 - إلا أن الرب لم ينس صراع أنطونيوس, فسارع إلى نجدته. ورفع أنطونيوس ناظريه إلى فوق فرأى السقف وكأنه ينفتح شيئا فشيئا, ورأى شعاعا من النور ينزل عليه. اختفت الشياطين فجأة وتوقف للحين ألم جسده وعاد البناء كاملا. وحينما أحس بالمساعدة تنفس الصعداء وتوجه إلى المشاهدة الإلهية, بعدما ارتاح من الآلام, قائلا: أين كنت؟ لماذا لم تظهر في البدء, كيما تريحني من العذاب؟ فأتاه صوت يقول له: كنت هنا يا أنطونيوس, لكني كنت أنتظر جهادك. ولكن بما أنك صبرت على العذاب ولم تُهزم, فسأكون لك عوناً على الدوام. وسأعمل كيما يكون اسمك معروفاً في كل مكان. ولما سمع هذا نال قوة حتى انه نهض وصلى, وأحس بأن جسده صار أشد قوة من ذي قبل."

هنا يلفت أثناسيوس انتباهنا إلى الرؤيا التي عاينها اسطفانس أول الشهداء في (أعمال الرسل 7/ 55-56). تبيّن لنا هذه الرؤيا كيف أن الله يكون حاضرا لعبده في كل حال كما هو حاضر لاسطفانس وقت رجمه.

أمام النور الإلهي، تبددت الظلمات وملكها، فلم يستقبل أنطونيوس ولم ينفتح لنور الرب فحسب، بل أصغي أيضا إلى هذا الصوت الأتي إليه: صوت الرب, هذا الصوت الذي يفتح أمامه طرقه فيكمل مسيرته.

نلاحظ أيضا كيف أن أنطونيوس رفع الكلفة بينه وبين الرب فخاطبه: "أنت", فدخل ناسكنا في حوار مع الرب في شكل سؤال/جواب. لقد استجيبت صلوات أنطونيوس, والرب الذي جاء لنجدة عبده الذي قاد صراعه بأمانة وجعل منه رجلا مشهورا.

وهنا نشير إلى وجه الشبه بين أنطونيوس و إبراهيم ( تك 15/ 1-6) الذي دخل في حوار مع الله عندما كانت كلمة الرب إليه في رؤيا: يحاور إبراهيم الله طارحا عليه أسئلة: نلاحظ أن الإطار هو نفسه كما مع انطونيوس. أخيرا كافأ الرب أنطونيوس كما كافأ إبراهيم: كل منهما أصبح مشهورا. عُرف إبراهيم باسم " أبو المؤمنين" و أنطونيوس باسم " أبو الرهبان"

هكذا تنتهي المرحلة الثانية من حياة أنطونيوس، و فيها اتضح لنا كيف أن "عدو الخير" يشدد هجماته كلما كان أنطونيوس يسير بخطى جادة و ثابتة على طريق الكمال.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com