عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

التوبة

التوبة

                         العظة الثامنة

                   للقديس يوحنا ذهبي الفم

الاعتراف المقدس:

هل لاحظتم أن اللص قد تبرر بفضل اعترافه عن خطاياه؟ إن الإحساس الإلهي نحو البشر عظيم جداً. إنه لم يشفق على ابنه الخاص لكي يشفق على العبد. لقد سلم ابنه الوحيد لكي يفتدي العبيد الجاحدين وسفك دمه كثمن لهم.

يا للإحسان الإلهي أرجوكم لا تعودوا تحتجّون بقولكم: لقد أخطأت كثيراً فكيف يمكن أن أخلص. لأن ما لا تستطيعون أن تعملوه, فالله يستطيعه, وقدرته قادرة حتى إلى محو كل خطاياكم.

انتبهوا لما سأقوله: الله يمحو خطاياكم بحيث أنه لا يعود يتبقى لها أي أثر. مثل هذه الأعجوبة لا توجد في الطبيعة, فالطبيب يستطيع أن يظهر كل مهارته وحذقه كلي يعالج جرحاً, ومع ذلك لن يصل لمحو كل أثر لذلك الجرح

تخيلوا مثلاً أن رجلاً ضُرب على عينيه عدة مرات, فحتى ولو كل مرة اعتنى بجرحه فمع ذلك ستتبقى هناك ندبة (أثر الجرح) وهذه الندبة ستشهد بعد ذلك على الجرح القديم. سيبذل الطبيب قصارى جهده لكي يمحو هذه الندبة ولكنه لن يستطيع, لأنه سيصطدم دائماً بضعف الطبيعة إلى جانب محدودية علمه وأدويته. أما الله فإنه يمحو كل الخطايا ويفعل هذا بحيث لا يترك أي أثر لأية ندبة, ويحرر النفس من كل شر ويجعلها تستعيد جمالها الأصلي. وهو يقدم لها بره كله لكي يقيها كل عقوبة, وفي النهاية يجعل الخاطئ من كل الأوجة مماثلاً لمن لم يخطئ. وبالإجمال فإن الخطية تختفي تماماً وكأنها لم توجد قط, فلا ندبة على الإطلاق ولا أثر ولا شاهد ولا دليل.

تعليم الكتاب:

(3) كيف أستطيع أن أؤكد ذلك. يجب عليّ أن أُدعم كلامي بالإثباتات, وبدلاً من أن أطرح تأكيدات واهية سأعطيكم حقاً كاملاً. وسوف أؤكدها بإثباتاتي من الكتب المقدس. إن الرجال الذين سأذكرهم كأمثلة عانت من جروح عديدة (للخطية), وهي تشكل عينة من البشر تغطت بالكامل بالجروح وسُلمت للغرغرينا والفساد. هؤلاء إذن الذين لم يكونوا إلا جروحاً ورضوضاً أمكن معالجتهم, حتى أنه لم يعد يتبقى أية ندبة أو أثر لها. ومع ذلك فإنني أكرر أنها لم تكن مجرد جرح أو اثنين أو ثلاثة بل كان الشر قد استشرى من الرجلين إلى هامة الرأس.

أعيروني انتباهكم لأن كلماتي تخصنا كلنا وتساهم في خلاصنا. إنني أعد الأدوية التي تفوق كل ما يستطيع الأطباء تحضيره, بل إن الملوك لا يستطيعون أن يقتنوها. فلماذا يستطيع الملك, بالتأكيد لـه السلطان أن يخرج من السجن لكنه لا يستطع أن يخلص أحداً من جهنم. إنه يستطيع أن يُغني إنساناً لكنه لا يستطيع أن يخلص نفساً.

من ناحيتي فأنا سأضعكم بين يدي التوبة لكي تدركوا إتساع قوتها, وتعلموا أن الشر يرضخ دائماً أمامها, ولا توجد أية خطية تستطيع على الإطلاق الهرب من سلطانها. وسأبين لكم أيضاً أنني لن استند على بعض الأمثلة الهشة, ولكني سأستند على أمثلة لآلاف الأشخاص الذين ملأتهم الجروح المتقيحة, الذين تثقلوا بخطايا عديدة وعملت فيهم التوبة شفاء كاملاً لم يترك أي أثر أو ندبة.

لكن ركزوا كل انتباهكم. سأذهب إلى أبعد من ذلك اجتهدوا في أن تحفروا كلماتي في ذاكرتكم لكي تعلّموا الغائبين حماس المؤمنين الذين لم يحصلوا على هذه التعاليم.

إشعياء النبي:

فلنسأل الآن إشعياء النبي الذي تأمل الساروفيم, والذي سمع الإنشودة الخالدة والذي تنبأ بنبوات متعددة تخص المسيح ’’رؤيا إشعياء (النبي) بن أموص التي رآها على يهوذا وأورشليم‘‘ إن النبي في هذه الرسالة يسلّمنا رؤيا لـه وهذه كلماتها الأولى ’’اسمعي أيها السموات واضغي أيتها الأرض لأن الرب قد تكلم‘‘ لكنك لم تتكلم عن ما أعلنته في البداية يا إشعياء. فرسالتك يجب أن تكون مختصة بيهوذا وأورشليم. وهوذا أنت قد تركت هذا الأمر جانباً لتخاطب السماء والأرض. لماذا تصرف وجهك عن البشر العاقلين لكي تخاطب عناصر عديمة العقل.

اعلما أن الكائنات العاقلة قد انحطت حتى إلى مستوى أقل من الكائنات المجردة عن العقل, ومن ناحية أخرى فإن موسى عندما قاد العبرانيين إلى أرض الموعد, أحس بقلبه بأولئك الذين في المستقبل سوف يحتقرون الطريق التي وصفها لهم فهتف أيضاً قائلاً ’’أنصتي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمي‘‘ (تث32: 1) أنني أشهد عليكم السماء والأرض إنه إذا وصلتم أرض الموعد وتركتم المسيح إلهنا فأنتم سوف يصيبكم التشتيت في كل الأمم.

عندما أتى إشعياء كان التهديد على وشك أن يصير حقيقة. فلم يستطيع إشعياء أن يخاطب لا موسى ولا أولئك الذين سمعوا حينذاك لأن الكل كانوا قد ماتوا, فلذلك خاطب عناصر الطبيعة التي سبق أن أخذها موسى كشاهد. لقد نقضتم وعدكم أيها اليهود وتركتم الله. كيف أدعوك يا موسى وأنت قد مُت ومهمتك قد انتهت. هل أدعو هارون ولكنه هو أيضاً قد رحل عن العالم. ألم تعد تعرف لمن توجه كلامك يا إشعياء خاطب إذن العناصر الجامدة.

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com