عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

التوبة

 التوبة

                         العظة الثامنة

                   للقديس يوحنا ذهبي الفم

الرذائل تُقتلع قليلاً قليلاً:

لا أقصد علىالإطلاق بمثل هذا الكلام أن أسقطكم في السلبية, لكني على العكس أحثكم على مزيد من الاجتهاد. مرات عديدة حذرتكم من التردد على المسارح وأنتم سمعتم هذا الكلام ولم تلتفتوا إلى نصائحي, بل ذهبتم للمسارح دون أن تعيروا أي اهتمام لتوصياتي لكم, ولكن لا تخجلوا من العودة هنا مرة أخرى لتسمعوني.ستقول لي: لكني قد سمعتك سابقاً ولم أطعك. فما الفائدة من العودة هنا؟

أنتم إذن تعترفون بأنكم سخرتم من نصائحي وهوذا أنتم خجلتم وخزيتم. أنتم بصعوبة تخفون انزعاجكم بينما لا أحد يوبخكم. إذن فكلماتي لا تزال محفورة في نفوسكم, وحتى في غيابي فهي تعمل فيكم. أنتم لم تحفظوا نصائحي وهو ذا أنتم الذين تلومون أنفسكم فبسبب ذلك قد تناقص ذنبكم إلى النصف. لأنه مع أنكم قد احتقرتم نصائحي, فأنتم قد اعترفتم بخطاياكم بمجرد قولكم: أنا لم أتبع نصائحك. إنني أعتبر أن كل من لام نفسه بأنه قد سقط عن الوصية هو الآن على الطريق الصحيح.هل لكم نظرات خاطئة تلومون أنفسكم عليها؟ هل ارتكبتم خطأ؟ هل سحرتكم زانية؟ هل بمجرد خروجكم من المسرح وتذكركم ما سمعتموه. أتشعرون بالخزي حينئذ تعلوا ها أنتم متضايقون؟ تضرعوا إلى الله وللوقت تقومون.

تقول: الويل لي لقد سمعت تحذيراتك ولم أعرها أي اهتمام, فكيف أستطيع العودة إلى الكنيسة؟ كيف أستطيع من جديد أن أسمع كلامك؟ولكن هنا بالذات يوجد سبب أكبر لكم لكي تعودوا وتنضموا إلينا من حيث أنكم خالفتم. فالآن ستسمعونني مرة أخرى وسأعطيكم نصائحي وفي هذه المرة ستعملون بها. لو أن الطبيب وصف لكم دواء لم يأت بعد بالنتيجة المرجوة. ألا تعتقدون أنه يقدمه لكم مرة أخرى في الغد؟تخيلوا حطّاباً: إنه يأخذ بلطة لكي يقطع بلوطة فيبدأ بقطع الجذور. إن لم تقطع الشجرة من الضربة الأولى فهو لن يتردد من الضرب ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة إن احتاجت. افعلوا أنتم بالمثل: إن بلوطتكم لهي شجرة عقيمة وثمارها لا تخدع إلا الحيوانات الغبية. تلك الشجرة هي الزانية. إنها قد تأصلت منذ وقت طويل داخل فكركم ولقد غلقت ضمائركم بحبائلها.إن كلماتي تشبه البلطة ـ لقد سمعتم كلماتي مرة ولكن هل تعتقدون أن الشيء الذي تأصل منذ وقت طويل يمكن أن يسقط بضربة واحدة؟ أتجدوه أمراً غريباً أن يسقط في المرة الثانية أو الثالثة أو المرة العشرين أو حتى بعد ربوات من المرات؟؟ إطلاقاً.الشيء الوحيد الذي يهم هو أن تهدموا هذا الانعطاف الرديء الذي التصق بكم كعادة خبيثة. إن اليهود اغتذوا بالمن وطالبوا ببصل مصر ـ لقد كانوا يقولون باكين: ’’لقد كنا سعداء في مصر‘‘ هذا الوضع المحزن والوضيع للغاية لم يكن سوى تعبير عن عادة سيئة. فافهموا حسناً أنه لا يكفي أن تسلكوا سلوكاً لا غبار عليه لمدة عشرة أو عشرين أو ثلاثين يوماً حتى أرفعكم فوق السحب وأهنئكم وأقبلكم. ولكن الشيء الأهم بالنسبة لي هو ألا تسقطوا في اليأس, وكل ما أطلبه منكم هو أن تشعروا بالخجل وأن تلوموا أنفسكم.

الخطأ وعلاجه:

منذ فترة حدثتكم عن المحبة, فبالرغم من أنكم سمعتموني إلا أنكم مضيتم وسلبتم الآخرين ولم تعملوا بوصيتي ـ لا تترددوا مع ذلك في العودة للكنيسة اخجلوا من أخطائكم وليس من توبتكم, وافهموا جيداً ما هو عمل الشيطان الذي يحاول أن يعمله فيكم.

فنحن أما شيئان : الخطية والتوبة. الخطية هي الجرح الذي  تحمل لـه التوبة العلاج. إن ما يوجد للجسد يوجد أيضاً للروح. فكما للجسد توجد جروح وأدوية. هكذا أيضاً للروح فلها خطايا كالجروح وأيضاً التوبة كعلاج. فبينما الخطية يقابلها الخزي فإن التوبة يجب أن تكون مصحوبة بالثقة (في محبة الرب لرجوع الخاطئ). تابعوا شرحي أتوسل إليكم ـ لأنه إذا فقدتم متابعة كلامي هربت فائدته منكم. نحن إذن لنا جرح ودواء, الخطأ والتوبة. الجرح هو الخطأ والعلاج هو التوبة. الخطأ يسبب نوعاً من الغرغرينا بينما التوبة توقفه. الخطية تزيد هذه الغرغرينا وتغطي المريض بالعار والخزي. التوبة على العكس مصدر للثقة والحرية والتطهير. انتبهوا لذلك, الخجل رد فعل للخطية, والثقة ملازمة للتوبة. هل أدركتم ما أريد أن أقوله. إن الشيطان يقلب الأمور ويربط الثقة بالخطية والخزي بالتوبة.

سأشرح هذه المسألة, لن أمل من الكلام حتى لو كان عليّ أن أتابع حديثي حتى المساء, سأعالج هذا الموضوع ولن أتهرب منه. نحن إذن أمام جرح مماثل للغرغرينا وعلاج ودواء يهدف إلى التطهير من هذه الغرغرينا. هل الدواء هو الذي يُنشئ الفساد وهل الجرح هو الذي يسبب الشفاء. هذه الأسباب وهذه النتائج أليست هي مرتبطة بحسب ترتيبها الطبيعي؟ هل تظنون أنها قابلة للتبديل. طبعاً لا. فلنصل إذن لمشكلة النفس المدنسة بالخطايا, وأما اختصاص التوبة هو الثقة والتعقل والاستقامة ’’حاسب نفسك لكي تتبرر‘‘ (أم18: 17) إن الشيطان يعلم أن الخطية تلد إحساساً بالخزي يكفي لأن يقتاد الخاطئ إلى الطريق المستقيم, وأن التوبة تلد إحساساً من الثقة كفيل بأن يجتذب التائب. لذلك فإنه يعمل على أن يقلب الوضع لكي يربط التوبة بالخزي ويربط الخطية بالثقة.

سأعطيكم مثالاً لذلك:رجل أُمسك بشهوة مستعرة لزانية, فيتبعها كما لو كان أسيرها, ويدخل لديها ودون أدنى إحساس بالخزي يستسلم لها ويُسلّم نفسه للخطية ـ أكرر ـ أنه لم يُظهر أي خجل عند ارتكابه الخطية, ولكن عندما يخرج ويريد أن يتوب هل في تلك اللحظة يخزى يا للتعاسة. هل وأنت بين براثن تلك المرأة لم تشعر بالخزي والآن وأنت تنوي التبوة تُمسك بالخزي. لقد قلتم لي إنه خزي, ولكن لماذا لم يختبر هذا الخزي وقت ارتكابه الخطية. لماذا يخجل من التحدث عن إثمه إذ أنه ارتكبه دون خجل

انظروا دهاء الشيطان فأثناء استسلام هذا الرجل لم يدع الخزي يحتاجه, ولكنه يعمل على أن يفضح ضعفه, لأنه يعرف أنه لو كان قد خجل لكان تقهقر أمام الخطية. ولكن على العكس فإنه يسلمه للخجل في لحظة التوبة, لأنه يعلم أن هذا الإحساس سيكون عقبه في توبته. إن هدفه حينئذ يكون مضاعفاً فهو من ناحية يجتذب فريسته نحو الخطية ومن الناحية الأخرى يمنع التوبة.لماذا هذا الخلط في الأمور. في لحظة ارتكاب الفعل الأثيم لا تُظهرون أي خجل والآن وأنتم على وشك أن تتعالجوا من الخطية تخجلون. هل تخجلون من التحرر من الخطية؟ كان يجب أن يكون هذا هو سلوككم وأنتم تخطئون. هل انتظرتم حتى وقت التبرير لتحمرّوا خجلاً بينما ذلك لم يرد عليكم حينما كنتم تخطئون.’’حاسب نفسك لكي تتبرر‘‘ يا للصلاح الإلهي. إن الرب لم يقل تهربا من العقوبة ولكن قال ’’لكي تتبرّر‘‘ أما كان يكفي أن لا تعاقبه حتى أنك تبرره أيضاً. بالتأكيد. لكن اسمعوا بالأولى أين نجد مثالاً لمثل هذا التبرير؟ أما نحن فبعدل جوزينا لأننا ننال استحقاق ما فعلناه, لكي يسمع هذه الكلمات من يسوع ’’اليوم تكون معي في الفردوس‘‘ (لو23: 43) إنه لم يعده بأن يجنبه كل ملامة وكل عقاب. بل دفعة واحدة اقتاده مبرراً إلى الفردوس.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com