عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الكنسيات بين الشرق والغرب

الكنسيات بين الشرق والغرب

خبرة كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك

المطران لطفي لحّام (البطريرك غريغوريوس الثالث حاليًا)

                        كملكيين كاثوليك، وُلدنا بكل أسف في هذا الإبهام السائد منذ ثلاثمئة سنة. ولذلك نحن دومًا في حالة سوء تفاهم وقلة ارتياح مع روما ومع الدوائر الرومانيّة، ومع اللاتين والملتننين في الشرق والغرب، ومع من يسمّون مستشرقين، ومع العقليّة الرومانيّة...ولمّا ننته بعد من هذا الإبهام.

8- لقد حان وقت إعلان الحقيقة العظمى، ألا وهي الكنسيّات- الجسر التي نوه إليها المجمع الفاتيكاني الثاني. إنه الوقت المناسب للتخلّص من الإبهام باسم الكنسيّات-الجسر. علينا أن نعلن دون وجل أو تردد أن روما تطبّق على كنيستنا مفهومًا كنسيًّا غربيًّا غريبًا عنا، وأن نعيد الاعتبار إلى المفهوم الكنسي الشرقي كبديل منه. علينا أن نقول إن روما، انطلاقًا من الكنسيّات الغربيّة، قد حوّلتنا إلى وحدويين. نحن لا نقبل بهذا المفهوم للكنسيّات إلاّ إذا اكتسب توازنًا وطعّم وعدّل بالمفهوم الشرقي للكنسيّات الذي أشاد به المجمع الفاتيكاني الثاني بإطناب. علينا أن نشير إلى الحقيقة التاريخيّة وهي أن روما نكثت بوعودها التي أتخمتنا بإعلانها عنها مدة ثلاثمئة سنة، وخير برهان على ذلك هو قوانين الكنائس الشرقيّة الصادر حديثًا.
لقد حوّلت روما الكنائس الشرقيّة البطريركيّة الكاثوليكيّة إلى بطريركيّات صغيرة قاصرة مرتبطة بها، جعلتها موضوع ازدراء للاتين والأرثوذكس في آن. لقد حوّلت روما هذه الكنائس الجليلة إلى مجرّد طقوس. فنحن مختلفون عن اللاتين بدءًا من طريقة رسم إشارة الصليب، إلى لباسنا الليترجي، فشموعنا وبخورنا وإيقوناتنا، إلى الاسم الذي يطلق على الأبرشيّة وعلى المطران. لم نحتفظ إلاّ بهذه الكلمات في كنيسة الشرق العظمى! لربما يبدو الأمر كاريكاتوريًّا في هذا العرض ولكنه يحمل في طيّاته حقائق كثيرة.

9- علينا أن نرفض التجاوزات التي مورست على حقوق كنيستنا وامتيازاتها، بما يخالف قرارات المجامع، بمجرّد قرار بسيط من الدوائر الرومانيّة. نشير إلى بعض منها على سبيل المثال لا الحصر:
كان ينتخب الأساقفة الملكيون أساقفتهم الجدد في المجمع المقدس دون تدخل من روما. بعد المجمع الفاتيكاني الثاني فُرضت لائحة "القابلين للأسقفيّة" التي يعدّها موظفو المجمع البابوي من أجل الكنائس الشرقيّة، أو على الأقل، يعدّها السينودس ويوافق عليها المجمع الشرقي.
بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، أعلمت الدوائر الرومانيّة البطريرك الكبير مكسيموس الرابع، بطل المجمع، أن قرارات المجمع بخصوص الامتيازات البطريركيّة لا يمكن تنفيذها، وأن لائحة "القابلين للأسقفيّة" يجب أن يُعمل بها.
لتعيين أساقفة ملكيين لأبنائنا في بلاد المهجر قررت روما تسمية الأسقف بنفسها، وبعد أخذ ورد قبلت بأن يعدّ المجمع "لائحة ثلاثيّة"، أي يقترح آباء المجمع ثلاثة مرشحين، وتسمي روما (أي موظفو المجمع الشرقي) واحدًا منهم، وربما تسمي شخصًا آخر!
يُحَلّ أساقفة المهجر من مجمعهم ومن البطريرك أبيهم ورئيسهم، ويرتبطون مباشرة مع الدوائر الرومانيّة.
تقليد الكهنة المتزوّجين صالح في الشرق، ولكنه ممنوع على أبنائنا الشرقيين أنفسهم الذين يعيشون في بلاد الاغتراب.

10- مثل هذه التصرّفات جعلت من البطريركيّات الشرقيّة الكاثوليكيّة أنصاف بطريركيات، جعلتها وحدويين. وأظهرت أن مفهوم الكنسيات-الجسر الذي نوّه إليه المجمع الفاتيكاني الثاني من خلال تعابير متعددة، مثل "الكنيسة المحلية، والكنيسة الخاصة، والكنيسة البطريركيّة، والكنيسة-الأخت، والكنيسة الشرقيّة..."، ليست إلا أسماء على غير مسمى، وليس فيها شيء من الحقيقة، وهذا ما نلمسه في الرسالة الموجهة إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية والموقعة من الكاردينال راتسنغر أمين سر المجمع البابوي لأجل العقيدة والإيمان، والمعنونة "حول بعض وجوه الكنيسة كشركة".

11- أمام ذلك كله،  يجب على الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تتحلّى بالشجاعة لتعلن نفسها كنائس مستقلّة وفي شركة كاملة مع الكنيسة-الأخت الكبرى روما. في الواقع، إن عبارة "الكنيسة مع بطرس" ليست أقل قوّة من عبارة "الكنيسة تحت (سلطة) بطرس"، لا بل تحمل العبارة الأولى مضمونًا كنسيًّا وكتابيًّا يعبّر عن الشركة الكاملة "مع بطرس"، بكل ما يعني ذلك للكنائس الشرقيّة التي سفك كثير من أعضائها دمهم مستشهدين ليبقوا في هذه الشركة "مع بطرس".

12- على الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تتحلّى بالشجاعة لتعلن أن تسعين بالمئة من تصرّفات روما (بل الدوائر الرومانيّة) وتدخلاتها في حياة هذه الكنائس (لا بل في حياة الكنيسة اللاتينيّة نفسها) لا تمتّ إلى الأوليّة الرومانيّة بصلة، بل تسيء إليها وتهدمها.
علينا أن نرفض ذلك لأجل خير الكنيسة. وهنا أود أن أستشهد بالأستاذ الأب راتسنغر (قبل أن يصبح كاردينالاً)، إذ كتب في السنة 1968 يقول: "إن القانون الكنسي الموحد والليترجيا الموحدة والطريقة الوحيدة في تسمية الأساقفة من قبل روما، انطلاقًا من مبدإ المركزيّة، هذه الأمور ليست حتمًا جزءً من الأوليّة، وهي لم تتحقق بهذا الشكل إلاّ عندما أصبحت مهمة البابا ومهمة بطريرك (روما) واحدة، لذلك علينا أن نميّز مستقبلاً بين الوظيفة التي تدعى خلافة بطرس والوظيفة البطريركيّة".
 
وهكذا، واستنادًا إلى الأستاذ راتسنغر الشهير، يمكننا أن نعبّر بكل حريّة ونطرح الأسئلة التالية:
هل ننتقص الأوليّة الرومانيّة إذا انتخبت المجامع الشرقيّة أساقفتها بدون لائحة "القابلين للأساقفية"؟
هل نضير الأوليّة الرومانيّة إذا انتخبت المجامع أساقفة للمهجر بالتشاور مع البابا، وبدون اللائحة الثلاثيّة؟
هل نضر بالأوليّة الرومانية إذا كان عندنا كهنة متزوّجون في بلاد الاغتراب؟
هل نضيم الأوليّة الرومانيّة إذا خففنا لجوءنا إلى روما دون أن ننكر مبدأ اللجوء هذا في الحالات القصوى؟
هل نتعدّى على الأوليّة الرومانيّة إذا كان للبطاركة الشرقيين ولاية على أبنائهم في المهجر بالاتفاق مع البابا؟
هل نبطل الأولويّة الرومانيّة حقها إذا خففنا كلمة "لجوء" المستعملة بغزارة في "قوانين الكنائس  الشرقيّة"، واستعملنا كلمة اتفاق أو مشاورة أو استئناس كنسي أخوي أو إعلام سابق ولاحق، حسب المعنى. أو إذا ألحّينا على التوافق الكنسي وعلى الجماعيّة والتناغم مع روما وتبادل المعلومات والخبرات ووجهات النظر والتوجهات الأساسيّة؟...
هل نلغي الأوليّة الرومانيّة إذا أصدر البابا، بالاتحاد مع البطاركة الشرقيين الكاثوليك، مجموعة "قوانين الكنائس الشرقيّة"؟

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com