عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

23/7/2009
العنصرة ج 2 _المتروبوليت فلاخوس

من الآب بطريقتين مختلفتين، لكل منهما شخصيته الأقنومية، أو طريقة كينونته، لكنهما من ذات جوهره. بالرغم من أن الآب هو المصدر، والابن مولود والروح منبثق، فللثلاثة نفس الطبيعة-الجوهر والإرادة-القوة. يشترك أقانيم الثالوث القدوس الثلاثة في نفس الطبيعة، نفس الفكر، نفس القوة، وأيّ منهم ليس أعظم من الآخرين. بكلمات أخرى، ليس الابن ولا الروح القدس أدنى مرتبة من الآب. وعندما نتحدّث عن الأقانيم الأول والثاني والثالث في الثالوث القدوس، نحن لا نقارن بينهم بحسب القيمة والرِفعة والقدرة، بل بحسب طريقة الكينونة (القديس باسيليوس الكبير). في النهاية، يعجز المنطق البشري والفهم البشري والكلمات عن صياغة سر الإله الثالوثي.

لقد عاش الآباء القديسون هذا السر بقدر ما استطاعوا في خبرة الإعلان. يتحدّث القديس غريغوريوس اللاهوتي عن ثلاثة أنوار تلمع حوله خلال الرؤيا التي رآها فيكتب: "ما أن فهمت الواحد، حتى أحاط بي ثلاثة أنوار، وما أن فرّقت بين الثلاثة حتى عدت إلى الواحد".لقد كشف لنا المسيح بنفسه سر الثالوث القدوس، حين أخبر تلاميذه بأن الروح القدس ينبثق من الآب وهو نفسه يرسله (يوحنا 26:15). هذا يعني أن الابن لا يشارك في انبثاق الروح القدس، بل في إرساله وفي إيفاده إلى العالم، وهذا الإرسال هو إظهار للثالوث القدوس في قوته. وهكذا، على ما يشرح القديس غريغوريوس بالاماس، ينبثق الروح القدس من الآب، ولكننا نستطيع القول بأنه مرسَل من الابن فقط في قوته وظهوره إلى العالم وليس في كينونته بالجوهر. إن كينونة الروح القدس أمر مختلف عن ظهوره في القوة.

الآب مكتفٍ بذاته، وقبل الأزمنة ولد الابن، إلهاً مساوياً له بذاته، ويرسل الروح القدس، إلهاً مساوياً، من دون أن تنقسم الألوهة بانفصال الأقانيم، بل تتوحّد من دون تشوش من تعداد الثالوث. إن ولادة الابن من الآب وانبثاق الروح منه لا يعنيان أن الروح أكثر فتوة لأن الزمان لا يطرأ بين عدم ولادة الآب وولادة الابن وانبثاق الروح القدس. إن أقانيم الثالوث القدوس أبدية ومن غير ابتداء، متساوون بالرتبة والشرف (ليون الحكيم).إن خلق العالم وإعادة خلقه هما عمل مشترك للإله الثالوثي. هذه الحقيقة اللاهوتية هي ما يقودنا إلى القول بأن عمل المسيح وعمل الروح القدس ليسا مختلفين. نقول هذا لأن هناك خطر ممكن وجديّ يكمن في الكلام عن تدبير المسيح وكأنه مستقل عن الروح القدس، وفي الكلام عن تدبير الروح القدس وكأنه منفصل عن المسيح.

كلمة الله صار إنساناً بإرادة الآب الصالحة وبالتعاون مع الروح القدس. حُبِل بالمسيح في رحم والدة الإله الفائقة القداسة "بالروح القدس". من ثمّ المسيح، بعد قيامته، وبالتأكيد في يوم العنصرة، أرسل الروح القدس، لأن الروح القدس مرسَل من المسيح. وعندما أتى إلى الرسل شكّل المسيح في قلوبهم، أي جعلهم أعضاء جسد المسيح. لهذا لا يمكننا الكلام عن اختلاف بين عمل الابن وعمل الروح القدس.يظهر هذا جلياً في الكتاب المقدس. خلال حياته، كان المسيح يشفي قلوب الرسل ويطهرها بتعليمه، بإعلانات أسراره وبمعجزاته. ولهذا قال في النهاية: "أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ" (يوحنا 3:15). وفي مكان آخر قال أن مَن يحبه ويحفظ كلمته، فسوف يحبه الآب أيضاً "وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً." (يوحنا 23:14).

أن يصنع الآب والابن منزلاً عند الإنسان الذي تطهّر وتقدّس لا يعني أنّه محروم من حضور الروح القدس أو أن الروح القدس سوف يكون مفصولاً عن عمل التقديس. إذ في مكان آخر، يعِد المسيح تلاميذه بأنه سوف يرسل الروح القدس الذي ينبثق من الآب ويكون "مَاكِثاً مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ" (يوحنا 17:14). إذاً، مَن يحصل على نعمة الإله الثالوثي يصبح عضواً لجسد المسيح ومكاناً لسكنى الله الآب وهيكلاً للروح القدس، وبتعبير آخر وعاءً للإله الثالوثي. في طروبارية من قانون عيد العنصرة، يصف القديس يوحنا الدمشقي الروح القدس كعلامة للابن المولود من الآب، لأنّه يكشف ويظهِر كلمة الله، إذ "من دون الروح القدس لا يُفهَم الابن المولود الوحيد" (القديس غريغوريوس النيصصي). إلى هذا، يقول الرسول بولس "لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ." (1كورنثوس 3:12). ويُدعى الروح القدس أيضاً علامة للكلمة لأنه وجّه التلاميذ بحسب ما تعلّموا وذكّرهم بما قال المسيح لهم. لهذا السبب هو إشارة. بتعبير آخر، من خلال الروح القدس ظهر أنّ المسيح هو ابن الله الحقيقي وكلمته، وقد ظهر اشتراك الابن والروح القدس في الطبيعة نفسها وإجماعهما من خلال التعليم المشترك.

ابن الله وكلمته مجَّد الآب بتجسده. في يوم العنصرة، نزل الروح القدس على التلاميذ وبهذا مُجّد الابن (ليون الحكيم). على هذا الأساس يمكننا القول بأن الآب مجد الابن بتسميته "ابناً محبوباً"، الابن تمجّد بما فعله بالتناغم مع الروح القدس. الابن مجّد الآب في كل عمله لخلاص الجنس البشري؛ وفي الوقت نفسه مجّد الروح القدس لأنه أظهره وكشف عنه للتلاميذ؛ ولكن أيضاً الروح القدس، الذي يعمل بكثافة في الكنيسة، يمجّد الآب الذي منه يأتي، ويمجّد الابن لأن كثيرين من الذين يأخذونه يصبحون أولاداً لله وأعضاء في جسد المسيح. واضح من كل هذه الأمور أن عمل الابن وعمل الروح القدس ليسا مختلفين. إن خلاص الإنسان هو عمل مشترك للإله الثالوثي. هذا هو الموضوع المهم، وسوف نرى هذه الحقيقة اللاهوتية العظيمة، بشكل أفضل، من خلال ما سوف نذكر في القسم التالي.

لقد أعطي الروح القدس أسماء كثيرة. أحدها، وهو يظهِر العمل الذي يعمله في الكنيسة كما في حياة الناس، هو "المعزّي". المسيح نفسه استعمل هذه الكلمة عندما قال لتلاميذه قبل آلامه بوقت قصير: "وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ". وبعد هذا بقليل يقول المسيح عن الروح القدس بأنه المعزي الذي سوف يعلّم التلاميذ ويذكّرهم بكل ما قاله في حياته. "أَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ." (يوحنا 26:14). وإذ نحن واثقون من أن الروح القدس هو المعزي نصلي إليه "أيها الملك السماوي، المعزي، روح الحق...". إن الروح القدس يعزّي الإنسان المجاهد ضد الخطيئة، الذي يسعى إلى حفظ وصايا المسيح في حياته. هذا الصراع صعب، لأنّه الحرب ضد الأرواح الشريرة. لهذا، فالروح القدس هو المعزي، أو الذي يريح الناس، بحسب ما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم. إنه علامة على أن الله يؤاسي الناس، لهذا يوصف بنفس العبارات كما الروح القدس.

الأمر المهم في الدراسات الخريستولوجية التي نقوم بها هو أن المسيح يصف الروح القدس بأنّه "المعزي الآخر". هذا لأن المسيح أيضاً هو معزٍّ يؤاسي الناس. في رسالته الجامعة، يدعو الإنجيلي يوحنا اللاهوتي المسيحيين إلى عدم الخطيئة، لكنه يقول أيضاً أنّهم ولو أخطأوا فعليهم ألاّ يتخاذلوا لأن "فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ،

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com