عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

آراء ارثوذكسية شكرا لقدس الاب الياس خوري لارساله المادة

آراء أرثوذكسية في الكنيسة

مجموعة من المؤلفين { 11 }

الكنيسة

للأب سرج بولغاكوف

 

 

كنيسة واحدة, مقدسة, جامعة, رسولية

وهذه الصورة عن الكنيسة تلقي أضواء جديدة على صفات الكنيسة التقليدية أعني: (واحدة, مقدسة, جامعة, رسولية).

* الكنيسة واحدة

عندما يتحدث اللاهوتيون عن وحدانية الكنيسة أراهم يتحولون عنها إلى رأسها المسيح ويقولون: إن الكنيسة واحدة في رأسها الأوحد.

لا شك في أن المسيح واحد وليس اثنين أو ثلاثة. لكن الموضوع الحقيقي هو انتقال الوحدانية من المسيح إلى الكنيسة. هو واحد فيها ولكن يجب أن تكون هي واحدة فيه, ولا تكون كذلك إلا إذا كانت تتلمسه في كل أدوار حياتها وفي كل أعمالها. الوحدانية, في هذا الصعيد, لم تبحث كفاية لأنها يجب أن تكون عضوية في المسيح منحدرة مباشرة من وحدانيته. وهنا أرى وحدانية المعمودية والإيمان والأسرار الإلهية وغير ذلك. وبعبارة أخرى وحدانية الكنيسة مرتبطة مباشرة بوجودها ككنيسة. وهذا يعني أنه حيثما ضعف أحد عناصر وحدانيتها أصبحت وحدتها في خطر. وبالتالي من أهم الدلائل على وجود الكنيسة وحدتها فوحدانيتها بمقدار ما هاتان الصفتان معطاتان لها مسبقاً.

فمن الناحية الرعائية على كل منا أن يعرف بأنه مسؤول عن وحدانية كنيسته لأنه قد يعطلها ببرودة إيمانه وقلة اندماجه فيها والتزامه بشؤونها. وهذا أيضاً من قضايانا الرئيسية.

* الكنيسة مقدسة

وهذه الصفة مسؤولية ثانية علينا: نعم الكنيسة مقدسة بمعنى أن القداسة أعطيت لها وسكنت فيها بسكنى رأسها يسوع فيها. ولكن التساؤل هو إذا ما كنا فعلاً نُقدم على معين القداسة ذاك, وإذا ما كنا نستخدم وسائل الخلاص التي يعرضها لنا المخلص في كنيسته. القداسة (وزنة) في الكنيسة فكيف لا نتاجر (بالوزنة) وننميها ؟ النعمة موجودة ولكن من يطلبها ؟ إن للقداسة جانباً متعلقاً بنا لأننا نحن الكنيسة ونحن المقدسون. والمطلوب منا أن نعكس القداسة لا كأفراد فقط ولكن كمجموعة لنكون في العالم شهادة على أن الكنيسة فينا مقدسة ومعين للخلاص.

* الكنيسة جامعة

جامعية الكنيسة لا تعني فقط اتساعاً أو امتداداً جغرافياً وشمولاً يضم الأرض والقمر وسائر الكواكب لا بل العوالم التي لم تكتشف بعد. إنها أيضاً طابع لإيمان كل واحد منا, واختبار داخلي إما أن يعيشه المؤمن أو لا. أن نعيش الكنيسة جامعياً تعني أن نرحب في ذواتنا بجميع الناس لنمجد الله مع الكل ونحب الكل ونعمل الخير للكل. الجامعية منافية للحصر في الإيمان وكما أن الطائفية آفة الكنيسة لأنها تحصرها وتضيقها, كذلك الإيمان غير الجامعي يحد من انفتاحنا, ويوقعنا في قَبَلية روحية لا نعرف أين تتوقف. وفي هذا الوقت بالذات وصلت بنا القَبَلية المذكورة إلى حد أننا جعلنا من بعض أسرار الكنيسة الجامعة – أعني المعمودية والزواج الخ... – حفلات خاصة بنا أهلاً أو أصدقاء أو أقرباء. وصارت الصلاة في الكنيسة الجامعة ومعها تحتاج إلى بطاقة.

* الكنيسة رسولية

هذه الصفة تعني أن الكنيسة مبنية على أساس الرسل مستمرة في التراث الرسولي باعثة في العصور الحاضرة الروح الرسولي والإيمان الرسولي. الكنيسة رسولية بمعنى أنها ذات طابع واحد وجوهر واحد خلال التاريخ وأنها قاسمه المشترك. فهي فيه عنصر ثباتٍ دون تحجر وتوجيهٍ دون خروج عن الحاجات الملحة. فإذا كانت الأسرار المقدسة – ومنها سر الشكر الإلهي – إحدى الأقنية التي تربطنا بالرسل وتجعل منا رسوليين, أفلا يجدر بنا إعادة النظر في إهمالنا الأسرار الإلهية والابتعاد عنها, خصوصاً وأن الكل ليسوا لاهوتيين ولا قانونيين ولا آباء نسك ؟ إذا كان الإنسان لا هذا ولا ذاك ممن ذكرت فكيف يمكنه أن يكون رسولياً بالتالي مرتبطاً بالكنيسة الرسولية ؟

والسؤال الذي يجب أن يهز كل واحد منا هزاً هو: ماذا أفعل أنا لكي لا بقى خارجاً عن الكنيسة في طابعها الرسولي ؟ كيف أجعلها حية فيّ بكيانها الذي يضم قروناً من فعالية الروح القدس ؟

وإني أؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية التي تحوِّل التقليد الإلهي إلى شيء عتيق جامد كما تجعل مجرد العادات الكنسية في نظر الناس تقليداً عقائدياً, هو جهلنا للتقليد الحيّ الفعال وكسلنا الذي يبقي الكنيسة مادة للكتب الموضوعة على الرف لا بزرة الحياة في كل واحد منّا. وهذا أيضاً يجرني إلى التساؤل وإياكم: كيف نعي ونمارس رسوليتنا ونحن جاهلون كل الجهل روابطنا بالرسل, بالرب يسوع, بالروح القدس المحيي ؟ وهل يحق لنا أن ندعو انتماءنا إلى الكنيسة انتماءً رسولياً دون توبيخ ضمير ؟

لا شك أن المتطلع إلى ظواهر الأمور في الكنيسة يجد أن هنالك نوعاً من عبادة الماضي وكل ما فيه لا بل تأليهاً له كما جاء. يقولون: كل ما مضى مقدس وكل حديث مرفوض. ومن هنا تحجير حياتنا الروحية في كثير من الأحيان وحصرها ضمن إطارات لم يعد لها صلة بحياتنا العملية أو بالحياة الحاضرة. هذا الموقف يعني أن الله كان يوحي ويلهم ولكنه الآن انقطع عن الوحي والإلهام, كما يعني أن الروح القدس كان يعمل في الكنيسة حتى هذا اليوم ثم توقف عن العمل. وفي هذا ما فيه من الخطأ اللاهوتي الفادح. وهاكم مثلاً على طغيان العادة على التراث الروحي الأصيل والتقليد الشريف:

حاولتُ مرة أن أحسب الوقت الذي يستغرقه العنصر الديني في جنازة (مسيحية). في البيت حيث الميت, لا تقام الصلوات بل تدعى النادبات والقوالون وهؤلاء يتفننون في إغداق الكلمات الرنانة على الميت لإرضاء الأهل كما يعتبرون أنهم نجحوا بمقدار ما يتوصلون إلى إبكاء الناس وإثارة الدموع.

ويتألف الموكب على أساس الوجاهة ويسير في طريق الكنيسة تتقدمه الطبول والزمور والسيف والترس في بعض الأحيان والطلقات النارية عند الإمكان. وقلما يتمكن مرتل من ترنيم (قدوس الله) بين البيت والكنيسة.فإذا وصل الجثمان إلى بيت الله بقي معظم الحاضرين خارجاً, وتقام الصلاة طيلة ربع ساعة أو عشرين دقيقة أمام القلة من المشيعين. وما أن تنتهي الصلاة ويحمل الجثمان إلى الجدث حتى يعود الموكب كما كان, يفسح فيه المجال لكليمات من الصلاة أين من يسمعها. فيكون من أصل ساعة ونصف الساعة يعطى الدين ربع ساعة وتدعى الجنازة من أولها (مسيحية).هذا المثل يدل – في نظري – إلى أي حد تسلطت التقاليد والعادات على التقليد الأصيل وسلبته الوقت والأهمية, وبقي الكثيرون لا يميزون بين هذا وتلك.

الخلاصة

وأخيراً, لقد أحببت أن أحوِّل الانتباه عن النظريات في موضوعنا لكي أنظر إلى واقع الكنيسة التي – كما أشرت بدءاً – ليست تعريفاً عقلياً بل هي وجود حقيقي واقعي وكيان في التاريخ. وكذلك لكي أبرهن أننا نواجه في الكنيسة مشكلة كبرى هي العيش في التراث الأرثوذكسي الصحيح لا الاكتفاء بأن يبقى في طيات الكتب.الكنيسة في حالة صيرورة مستمرة وعلينا أن نسهم بكل مسؤولية لكي تصبح هنا وهناك وفي كل آن وزمان. إنها للأرض ولو لم تكن من الأرض, وعلى أعضائها أن يوجدوها بمعنى, ويشهدوا كل حين للحق الذي تحمل والخلاص الذي تُعلن, ولو كان عليهم دفع ثمن لهذه الشهادة من أشخاصهم أو أرزاقهم وعلاقتهم الاجتماعية أو (عصريتهم).

الكنيسة في النهاية, رعائياً, هي أنت وأنا. وكما نكون نحن كذلك تكون هي. فإن لم نكن شيئاً عادت الكنيسة موضوعاً للبحث لا اختباراً حياتياً بفعل الإيمان الحي. فليفتح إذاً كل قلبه من جديد وليغرف من ينابيع التعليم والكتاب وليمارس الأسرار الإلهية المقدسة, وليعط الرب من قلبه ومن وقته, فتتفجر فيه ينابيع ماء حية بفعل نعمة الروح القدس, وعندئذ فقط, يرى بأم العين ويدرك فعلاً ما هي هذه الوحدة المقدسة الجامعة الرسولية أعني الكنيسة.

+ ادارة الموقع والجمعية تشكر قدس الاب الموقر الياس خوري لارساله هذه المادة لمنفعة المؤمن، فليباركه الرب بشفاعة والدة الاله.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com