عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

يوحنا السينائي_الشكر لقدس الاب سهيل خوري الموقر

                                يوحنا السلمي السينائي

   سمي القديس يوحنا "بالسينائي" لأنه كان ناسكا في دير القديسة كاترينا في سيناء. وسمي أيضًا بيوحنا "السلمي" لأنه ألف كتاب "سلم الفضائل" أو "السلم إلى الله"، بسط فيه أقوالاً تعليمية مملوءةً تهذيباً. وختم كتابه بالجملة: "اصعدوا يا إخوتي اصعدوا"، فما هي هذه الحركة الصاعدة؟ أو بكلمة أخرى ما هي هذه السلّم التي نتدرج عليها من الأرضيّات إلى السماويّات؟ إن موضوع "السقوط" هو من أسس إيماننا المسيحيّ. إذ يبدأ الكتاب المقدّس برواية سقوط الإنسان من حالته الفردوسيّة، ومن ثم يتابع قصّة الوعد وسعي الله لإعادة الإنسان بحريّته إلى حالته الأولى، وهذا ما نسمّيه "الصعود"، الذي يتكلّم عنه السلمي في ندائه السابق. موضوع "السقوط" هذا ليس أسطورة بل يحمل معنى روحياً عميقاً. فالإنسان يشعر دائماً أنّه يتصرّف أدنى من كرامته وأحلامه ودعوته. وكأنه سقط "تحت إمكانياته" وحقيقته، أو قد غرق في عالم المادة والحسيّات واللذّات والحاجات على حساب عالمه الروحيّ الأسمى والأعلى! وتتملك الإنسان في حالات كهذه الرغبة بالعودة و"الصعود" إلى ما هو "أعلى".

"الصعود" هو العودة أو التدرّج باتجاه الكرامة الإنسانيّة والقيمة البشريّة الحقيقيّة لكياننا كما أعطاه الله من طاقات وأراده في سمّو كرامته، وليس كما نتعامل معه أحياناً! هذه الدرجة "العالية"، التي تدعونا الكنيسة إلى الصعود إليها، يسمّيها الكتاب "الإنسان الجديد". لذلك يحثنا بولس الرسول "أن نهلك إنساننا الخارجي ونجدّد إنساننا الداخلي كلّ يوم" (2 كور 4، 16)، وأن "نخلع الإنسان القديم ونلبس الجديد" (أف 4، 22).

    في المعمودية ينفخ الكاهن في وجه الطفل الذي يعتمد، كما نفخ الله في الفردوس بتلك الجبلة البشريّة الترابيّة فصار الإنسان كائناً حياً. إنّها نفحة ولادة ثانية في الروح بعد الولادة الأولى بالجسد. ولهذا السبب منذ يوم المعموديّة نطلب من المعتمد أن يغيّر وجهته من الغرب (رمز الظلمة الأدنى والشرّ) إلى الشرق (رمز وشروق نور المسيح والأعلى). هذه الحركة هي تماماً ما تعنيه التوبة بعد المعموديّة، كمعموديّة ثانية ومستمرّة. هذه حركة ستستمرّ طيلة الحياة بين هبوط وصعود، وبين سقوط ونهوض. التوبة هي نجاحنا اليومي في إعادة الكرامة الحقيقيّة لكياننا الإنسانيّ، وفي إعطاء حياتنا اليوميّة حقّها الكامل من المسافة التي علينا أن نقطعها على هذا السلّم الروحيّ نحو الأعلى.

   إنّ فترة الصوم الأربعينيّ هي زمن رياضة روحيّة نتفرّغ فيها أكثر إلى الصلاة والصوم في سعي جدّي للتدرّج نحو الأعلى، لنبني في هيكلنا البشريّ كياننا الروحيّ. نصوم يعني أن نكون في حركة توبة دائمة، وهذا يعني أنّنا نسعى بكل كياننا لنحيا حياة المسيح في عالمنا اليوم. نصوم يعني أنّنا نصعد في عالمنا الساقط، وهكذا نُصعِد عالمنا الساقط أيضاً. فالصوم هو أداة حيّة فاعلة وملموسة لتوبتنا.  لذلك "اصعدوا يا إخوتي اصعدوا".

جزيل الشكر لقدس الأب سهيل خوري لتعاونه مع الموقع وإثرائه في المادة.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com