عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

محبو ظهوره_المطران بولس يازجي

مـحـبّـو ظـهـوره

"احتمِلِ المشقّاتِ وأعملْ عملَ المبشِّر"

يرسل بولس الرسول، وهو في روما، كلماتِه هذه إلى تلميذه تيموثاوس، ويوصيه "أن يعمل عملَ المبشِّر ويشرح الكلمةَ الإلهيّة، وأن يتمّم خدمتَه الأسقفيّة، وذلك على مثال معلّمه (بولس)؛ كما يُعلن له أن وقتَ انحلاله (موته واستشهاده) قد حضر، وأنّه "يُضحّى" ويقدَّم لله ذبيحةً قريباً. إذْ كان بولسُ يعرف أنّ نيرون سيحكم عليه بالموت، فيعزّي بولسُ تلميذَه تيموثاوس مذكِّراً إيّاه بالمكافأة التي يشعر هو أنّ الله يحفظها له وسيحفظها لتلميذه، لا بل "لجميع الذين يحبّون ظهوره". ولكن عن أيّ ظهور يتكلّم هنا بولس الرسول؟ ولماذا رتّبت الكنيسة أن نقرأ هذه الكلمات قبالة عيد الظهور الإلهيّ كلّ عام؟لا شكّ أنّ بولسَ الرسول يتكلّم هنا عن ظهور المسيح الثاني عند مجيئه الظافر والمجيد في منتهى الدهور والأزمان. لكنّ الكنيسة وجدت أنّ كلمات بولس هنا تنطبق بشكل مباشر، كما عليه هو، على القدّيس يوحنا المعمدان، الذي سوف نعيّد له بعد أيّام في عيد الظهور، وهذا الأحد قبل الظهور نستعدّ فيه لاستقبال ظهور الله وللمعمدان السابق والممهّد لظهور الربّ. لقد حان انحلال يوحنا (موته) بعد ظهور يسوع. ولقد أتمّ المعمدان الجهادَ الحسن وأنهى شوط حياته وحفظ الإيمان؛ وكلفّه ذلك أن يقدّم حياته من أجل حياة يسوع، فحقّق تماماً ما بشّر به، أن ينقص هو ويزيد يسوع. ولذلك، حسب هذه المعادلة، كان لا بدّ أن يختفي هو عندما يصبح ظهور يسوع معلناً. وهذا ما تمّ. المعمدان هو المثال الأوّل والأسمى لمن يحبّون ظهور يسوع. وبولس مثال أيضاً، وتيموثاوس تلميذٌ يشدّده بولس من أجل ذلك. ونحن، يجب أن نكون من "جميع الذين يحبّون ظهوره". لذلك كما أنّ المعمدان هو المبشّر بظهور يسوع الأوّل، فإنّنا جميعنا المبشّرون بظهور يسوع الثاني. وكما أنّ المعمدان ممهّد لظهور السيّد الأوّل، نُعدُّ نحن من أجل ظهوره الثاني. فجميعنا كيوحنا "سابقون" و"محبّون لظهوره" الثاني.

إنّ أجمل عبارة تكرّم ظهور يسوع الأوّل هي تلك التي أعلنها بولس عن ذاته: "أتممتُ الجهادَ الحسن وأكملتُ شوط الحياة وحفظتُ الإيمان". هذه العبارة هي الثمرة الضرورية من ظهور يسوع للعالم، وإلاّ لصار ظهورُه دينونةً! هذا ما يفعله ظهور يسوع على الصعيد الشخصيّ الداخليّ، إنّه يعطي قيمةً لزمن حياتنا وشرفاً، فيجعلنا مبشّرين ورسلاً في العالم من أجل أن تظهر حياة يسوع في حياته. وإنّ أقوى عبارة يعلنها ويبشّر بها "محبّو ظهوره" هي تلك التي كرز بها المعمدان، ومن بعده يسوعُ ذاته: "توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات".

 المسيحيّة دعوة إلى الحياة الحقيقيّة للعالم الذي حاد عن حياته الحقيقيّة. إنّها دعوة للتوبة لأنّ الظهور الثاني للسيّد (ملكوت الله) قد اقترب. لكن متى يأتي الملكوت؟ جواباً على هذا السؤال، من التلاميذ، أجاب يسوعُ "اسهروا". إنّ انتظار المجيء الثاني، ومحبّة وترقّب الظهور الأخير للسيّد هو السهر الحقيقيّ؛ وهذا السهر يكشف لنا عن ثمن التاريخ وثمن كلّ لحظة، وهو ثمن باهظ! وهذا الثمن الباهظ يستدعي السهر!هكذا مع المعمدان ومع بولس ومع تيموثاوس ننتظر بسهر ظهور يسوع الثاني، ونترقّبه بشوق على الرجاء أنّنا، ونحن كارزين بالتوبة في العالم، سنستطيع تكرار ما قاله بولس، أن نكون "قد أتممنا الجهاد الحسن وأنهينا الشوط وحفظنا الإيمان"، آميـن.

المطران بولس يازجي

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com