عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نجمه في المشرق

سر الافخارستيا

المقدمــــــــــــة:

أجمع الباحثون أن أصول الإفخارستيا المسيحية هي في تقليد العهد القديم. ويعتبرونه تفسير الوليمة الإفخارستية على نور الطقوس اليهودية ضرورياً وخاصة رتبة وليمة الفصح.

قد نتعرَّض إلى تفسير مغلوط إذا تصوَّرنا أن الإفخارستيا المسيحية انبثقت بنوع من الولادة الفورية، أو أنها ابتكار مسيحي صرف. ولكن على افتراض أنها ابتكار، إلاَّ أنها ليست من العدم.

يكشف لنا العهد القديم عن قصد الله في عقده عهداً مع الإنسان يتحقّق بالرتب والطقوس. على هذا الأفق بالذات ترتسم إفخارستيا العهد الجديد، سرُّ المسيح الممجّد هو ذاته الذي وصل بقصد الله إلى غايته. وعقد بشخصه العهد الجديد والنهائي بين الله والإنسان.

الفصل الأول: أصول الإفخارستيا المسيحية.

أولاً:- البركة اليهودية.

هي هذا العنصر الأساسي في الطقوس اليهودية الذي يسترعي انتباهنا في البحث عن أصول الإفخارستيا المسيحية. لأنها تكشف بوضوح علاقة الإنسان بالله. وعليه فإن الله خلق الإنسان وأقامه على الأرض ليلتقي به من خلال الحب والحرية التي سوف تكتمل بتجسُّد الإبن. كان على الله، ليهيّىء خليقته هذا اللقاء النهائي، أن يمهِّد معه علاقات المشاركة في الوجود على مستوى الطبيعة والتاريخ.

- على مستوى الطبيعة: لا يكتفي الله أن يقدِّم للإنسان الوسائل اللازمة لمعيشته، بل يدرِّبه ليتعرَّف على هذه السبل فيرى فيها خيوراً اكتسبتها يداه بنوع عجيب فيتقبَّلها بإيمان وشكر. تلك كانت نتيجة اختبار إسرائيل في الصحراء عندما نال الوعد بامتلاك أرض خيِّرة تدرُّ لبناً وعسلاً.

- على مستوى التاريخ: يتعلَّم الإنسان أنه لم يُترَك مهملاً بل أن الله اعتبره موضوع اختيار وبركة وخلاص. وهكذا يشعر الإنسان أن الله يراه، يُصغي إليه ويخلِّصه. فضلاً عن أنه ينبِّهه ليذكر معجزات الله في وجوده.

وهكذا بعد خبرة شخصية وجماعية يشهد الإنسان أن الله يذكر شعبه ويباركه ويملأه من خيراته وبمعجزاته يُنقذه. فعلى الإنسان إذاً أن يشكر الرب، وألاّ ينسى فضله وإحسانه.

البركة تظهر بقياسين متطابقين: إنها من جهة الله بادرة وتدخُّل وحدث في وجود الإنسان. فالله أصل الحياة ومبدئها، يهب الإنسان الحياة والوسائط لحفظها والقدرة على مضاعفتها، وأن يُورِثها ذرِّيته. إنه لَحدثٌ مهم وهو أننا نُدرك أن بركات الله الأولى للإنسان هي النظر إلى الذرِّية والوعد بمجيء المخلِّص.

أما من جهة الإنسان، وقد أُخذ بتدخُّل الله، فالبركة هي موقف من يُقرُّ بهذا التدخُّل ويبارك الرب ذاكراً اسمه ومواهبه وعطاياه. هذا ما صنع عبده إبراهيم، ويترو حمو موسى، وداود وسليمان... فعلى الشعب أن يبارك الله حال دخوله أرض الميعاد.

- بركات الطعام الثلاث:

سوف نرى أن هذه البركات الثلاث كان لها تأثيراً مباشراً على الإفخارستيا المسيحية خاصة في الأجيال الأولى للكنيسة. هذه البركات كانت تُتلى كل مرّة يجلسون للطعام وتتّسم بسِمة خاصة في وجبات الطعام العائلية اليومية، وفي ولائم الأعياد كعيد الفصح مثلاً.

*البركة الأولى: " تباركت أيها الرب إلهنا ملك العالم. إنك تغذِّي العالم بحنانك ونعمتك ورحمتك. إنك تعطي كل جسد طعامه، لأنك تغذِّي وتقيت كل الكائنات وتهب كل مخلوقاتك طعاماً. تباركت يا رب لأنك تعطي الجميع الطعام ".

إنها بركة من أجل الطعام يمنحه الرب مخلوقاته. تتّسع إلى بركة كونية ومديح عن كل الخليقة المستمرّة في الحياة.

**البركة الثانية: " نشكرك أيها الرب إلهنا لأجل هذه الأرض الشهية الطيّبة والفسيحة التي ارتضيت أن تعطيَها لآبائنا، ولأجل العهد الذي طبعته في جسدنا، والشريعة التي سلّمتنا، الحياة والنعمة والرحمة والطعام الذي منحتنا في كل من الفصول. لأجل كل هذا نشكرك ونبارك اسمك مباركاً دائماً أبداً. تباركت يا رب لأجل الأرض والطعام ".

إنها صلاة الشكر. إنها تبريك عن أرض الميعاد، عن العهد الذي خُتم بالختان، وعن التوراة. وهكذا تصبح بركة لأجل كل تاريخ الخلاص المنوَّه عنه بأرض الميعاد التي تذوَّق الشعب المختار ثمارها.

***البركة الثالثة: " إرحم يا رب شعبك إسرائيل ومدينتك أورشليم وملك بيت داود مسيحك، والمسكن الفسيح المقدَّس الذي دُعي باسمك. قُدنا، إحفظنا، أعضدنا، إهتمّ بنا وخذ بيدنا(...) وعسانا نشاهد بيننا المسيح ابن داود ونحن على قيد الحياة(...) وأنت أنت وحدك تملك علينا. سألناك قُد خطانا فرِّحنا وآسِنا في أورشليم مدينتك ".

يلي فعلَ الشكر ابتهالٌ ليتواصل ويتجدّد اليوم فعل الله الخلاّق الذي تمَّ في الأيام السالفة، وليجدَ اكتماله النهائي في مجيء المسيح وفي إقامة مُلْك الله. فكرة بناء أورشليم التي يجب أن تتواصل حتى ملء الأزمنة بمجيء المسيح هي فكرة يهودية تقليدية. أما فكرة المسيحية، أي قيام الكنيسة حتى عودة المسيح الأخيرة، فليست إلاّ تعبيراً للفكرة اليهودية.

ثانياً:- الحدث والتذكار.

إن علاقة الله الحيوية مع الإنسان تتحقق ضمن أبعاد التاريخ وأُطره، تتحقق بأحداث تعني تدخُّل الله الخلاص وحضوره في الإنسان. هذا يظهر في تاريخ الشعب اليهودي من خلال حدث الخروج من أرض مصر، ذلك الحدث المحرِّر الذي ساد ووجَّه مسيرة تاريخ العهد القديم.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com