عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

البشارة بالتجسد

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد

لوقا 1 - تفسير إنجيل لوقا

البشارة بالتجسّد

في دراستنا لسفر اللاويِّين (ص 12) رأينا في شريعة المرأة التي تلد كيف تبدأفترة الميلاد للطفل بفترة تُحسب فيها الوالدة كمن في نجاسة، إذ التصقت الخطيّة بنا حتى في ميلادنا وموتنا، والآن إذ بدأ يُشرق شمس البرّ علي البشريّة ويصالحها مع السمائيِّين تحوّلت حياتنا فيه إلى فرح، وصار الميلاد مُفرحًا، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [يوجد فرح خاص في بداية الحمل بالقدّيسين وعند ميلادهم، فالقدّيس لا يُفرِّح عائلته فحسب، وإنما يكون سببًا في خلاص الكثيرين. إن هذه العبارة تعلَّمنا أن نتهلَّل بميلاد القدّيسين.]

أقول ليتنا نحن أيضًا إن كنا قد عشنا زمانًا هذا مقداره بنفسٍ عاقرةٍ وجسدٍ بلا ثمر روحي، فلنتقبَّل وعود الله السمائيّة، ونحمل حنان الله ونعمته أي "يوحنا"في داخلنا،فنبتهج ونتهلَّل بالله، ويفرح معنا كثيرون بل والسماء عينها تشترك معنا في فرحنا (لو15: 7).

لتكن حياتنا مثمرة في الرب فتبهج الكثيرين، ولا تكن عقيمة أو ثمرها قاتل أو مميت. يقول الأب تادرس: [الحياة والموت ليسا في ذاتهما صالحين أو شرِّيرين، ويؤكِّد هذا ميلاد يوحنا ويَّهوذا. أحدهما كانت حياته نافعة ويظهر ذلك ممَّا قيل عنه:"وكثيرون سيفرحون بولادته"(لو1: 14). والآخر قيل عنه: "كان خيرًا لذلك الرجل لم يولد" (مت26: 24)[40].]

ثانيًا: "لأنه يكون عظيمًا أمام الرب"[15]. لم يكن بعد قد وُلد يوحنا،ولا حبلت به في أحشائها،يدعوه الملاك "عظيمًا أمام الرب". فالعظمة لابكثرة الأيام والسنين، ولابقوّة الجسد والأعمال الظاهرة، إنما بالحياة الداخليّة القويّة.

كان العالم في ذلك الحين يحتقر الأطفال بوجه عام ولايقدَّم لهم حقًا إنسانية. لكن إنجيل السيِّد المسيح يكشف عن صداقته للأطفال، فيتطلَّع إليهم كعظماء في عينه،الأمر الذي أكده السيِّد المسيح فيما بعد لتلاميذه حين قدَّم لهم طفًلا ليمتثلوا به من أجل بلوغ العظمة السماويَّة (مت 18: 2-3؛ لو 18: 15).

لنكن أطفالاً في الشرِّ فنحسب عُظماء وناضجين في الرب، لكن لا نسلك في ضعف الطفولة غيرالناضجة، وإلا حُسبنا مُستعبَّدين تحت أركان العالم (غلا 4: 3)، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [الإنسان الناضج (روحيًا)وحده يتخطَّى أركان هذا العالم.] لنكن ناضجين روحيًا في الرب فلا نحتقر الصغار كقول الرب:"اُنظروا لاتحتقروا أحد هؤلاء الأصاغر"(مت18: 10).

يحدّثنا القدّيس أمبروسيوس في تفسيره لإنجيل لوقا عن عظمة يوحنا المعمدان قائلاً: [حياتنا لا تُقيَّم حسب الزمن وإنما حسب درجات الفضيلة... فقد دُعي يوحنا عظيمًا لابسبب قوَّته الجسديّة بل الروحيّة، فإنَّه لم يقهر إمبراطوريَّات ولا وضع في برنامجه أن تكون له غنائم ونصرات، بل تطلَّع إلى ما هو أفضَّل جدًا،إذ كان الصوت الصارخ في البريّة الذي صرع الملذَات الجسديّة وتراخي الجسد بسمو روحه وقوَّتها. كان صغيرًا في الأمور العالميّة، عظيمًا في الروحيات. أخيرًا فإنَّ سر عظمته هو عدم سيطرة حب هذه الحياة الزمنيّة عليه الأمر الذي لم يعقه عن إدانة الخطيّة.]

ثالثًا: "ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس"[15]. بعد أن حدَّد اسمه وأعلن فاعليته كمُفرِّح للقلوب أوضح إمكانيَّاته، فمن الجانب السلبي "خمرًا ومسكرًا لا يشرب"، كنذير للرب لا يكون لملذَات العالم أو بهجته موضع في قلبه أو في جسده، أما من الجانب الإيجابي فإنَّه لا يعيش محرومًا بل يمتلئ من الروح القدس من بطن أمه. يُحرم من الخمر المادي المسكر ويرتوي بالخمر السماوي المفرح!

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com