عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

البشارة بالتجسد

 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد

لوقا 1 - تفسير إنجيل لوقا

البشارة بالتجسّد

 

د. ظهر ملاك الرب عن يمين مذبح البخور، أي ما بين المذبح الذهبي (الصلاة) ومائدة خبز الوجوه (سّر الإفخارستيا). وكأن من يريد أن يلتقي مع القوات السمائيّة يلزمه أن يبسط يديه بالصلاة، فيقدَّم ذبيحة حب وبخور طيب قدام الله، وأن يدخل إلى مائدة الرب، يلتقي برب السمائيِّين ويحمله في داخله.

فمن جهة الصلاة يقول القدّيس أوغريس: [اِعلم أن الملائكة القدّيسين يدفعوننا إلى الصلاة، ويقفون إذ ذاك إلى جانبنا فرحين مصلِّين من أجلنا، فإذا تكاسلنا متقبِّلين أفكارًا غريبة نغيظهم كثيرًا، لأننا بينما هم يحاربون عنَّا بهذه القوّة، لا نريد نحن حتى التضرع إلى الله من أجل أنفسنا، بل نعرض عن خدماتهم، ونبتعد عن الرب إلههم لنذهب إلى الشيَّاطين الأدناس[36].]

أما بخصوص الاقتراب من المائدة المقدَّسة، فيتحدَّث عنه القدّيس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: [كأن الإنسان قد أُخذ إلى السماء عينها، يقف بجوار عرش المجد، يطير مع السيرافيم، يترنَّم بالتسبحة المقدَّسة[37].]

ه. "فلما رآه زكريَّا اضطرب، ووقع عليه خوف، فقال له الملاك: لا تخف يا زكريَّا..." [12-13]. إن كانت رؤيّة السمائيِّين تجعل القلب مضطربًا لأنه ينظر أمرًا غريبًا، لكنه لا يبقى في اضطرابه، بل يجد السماء عينها تهتم به وتناديه باسمه، وتهتم به شخصيًا، وتشبعه بالسلام الداخلي مع عطايا وخيرات إلهيّة فائقة.

يقدَّم لنا القدّيس أنطونيوس الكبير تمييزًا بين الرُؤى السماويّة والمناظر المخادعة، فالأولي حتى إن بدأت بخوف أو اضطراب لأن الإنسان لم يعتد رؤيَّتها لكنها تبعث سلامًا حقيقيًا في النفس، أما الأخرى فتفقد النفس سلامها؛ الأولي تلهب القلب بالسمائيَّات أما الثانية فتشعل الذهن وتربكه بالزمنيَّات، إذ يقول: [ظهور هذه الأرواح (الملائكة) هادئ وصامت يخلق فرحًا في النفس وشجاعة، لأن الرب فرحنا. الأفكار التي تخلقها هذه الظهورات تجعل النفس غير متزعزعة حتى تُنيرها بهذا الفرح، فتعرف ما هي الأرواح التي تظهر لها، إذ أن الشوق الإلهي وشوق الخيرات العتيدة يدخلان النفس ويتَّحدان بها. إن كان يوجد من يخاف من ظهور الأرواح الشرِّيرة فهذه الأرواح (الصالحة) تطرح عنهم الخوف جانبًا بالمحبَّة التي تظهرها كما فعل جبرائيل مع زكريَّا (لو1: 3)، وكما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب (مت28: 5)، وعندما ظهر للرعاة قال لهم: لا تخافوا (لو2: 10). إن خوف هؤلاء لم يكن نتيجة الخوف بل نتيجة اليقين بظهور الملائكة الصالحين؛ هذا هو ظهور الملائكة القدّيسين[38].] كما يقول: [إذا ما رأينا أرواحًا وأثارت اضطرابًا وضربات خارجيّة وتخيُّلات دنيويّة وتهديدًا بالموت وكل ما ذكرناه، فلنعرف أن هذا هو هجوم أرواح شرِّيرة[39].]

 و. لعل زكريَّا قد نسيَ طلبته من الله أو فقد الرجاء في الإنجاب، لكن اسمه "زكريَّا"يعني "الله يذكُر"، فقد ذكر الله له ولامرأته طلباتهما ووهبهما لا من يُفرح قلبيهما وحدهما، وإنما من يُبهج قلوب الكثيرين. إنه يعطي ما طلبناه بالرغم من نسياننا، ويعطينا أكثر ممَّا نسأل وفوق ما نطلب، يعطي مؤكِّدًا عطيَّته، فقد عيَّن له اسمه.

أما من جهة "يوحنا" كعطيّة الله لزكريَّا واليصابات، فقد أعلن الملاك الآتي:

أولاً: سّر فرح للكثيرين: "ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرين سيفرحون بولادته" [14]. قلنا أن إنجيل لوقا البشير هو "إنجيل الفرح"، فقد أرسل الله يوحنا السابق لينادي بالتوبة مهيِّئًا الطريق للرب في قلوب الكثيرين، فيفرح السمائيُّون كما يفرح المؤمنون. غاية الله أن يردّنا إلى فرحه الأبدي، ونُوجد في سلامٍ سماويٍ لا يشوبه ضيق أو مرارة، وها هو يُعد لهذا الفرح حتى بالبشارة بميلاد السابق له.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com