عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

سر القربان المقدس

سر القربان المقدس والمدخل إلى طقس القداس الإلهي حسب عقيدة كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية وطقسها البيعي المقدس

الحلقة الخامسة

 لذلك يدعى القداس «جميروة جميإوةا» أي كمال الكمالات.ويثبت التقليد الرسولي أن رسل الرب الأطهار وتلاميذه الأبرار وسائر المؤمنين والمؤمنات به، في اليوم التالي لحلول الروح القدس عليهم في العلية يوم الخمسين عمّد الرسل بعضهم بعضاً كما عمّدوا بقية المؤمنين بالرب يسوع حتى أن العذراء مريم القديسة والدة الإله نالت سر العماد على يد الرسل الأطهار في ذلك اليوم إتماماً لوصية الرب يسوع: «من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يُدَنْ»(مر 16: 6). وفي اليوم الثاني بعد العنصرة احتفلوا بالقداس الإلهي إتماماً لوصية الرب يسوع لرسله القديسين ليلة آلامه بعد أن سلّمهم سر جسده ودمه الأقدسين، قائلاً لهم: «اصنعوا هذا لذكري» (لو 22: 19) ولا بد أنهم شكروا الرب على هذه النعمة بل أيضاً كسّروا الخبز بالطريقة ذاتها التي كان الرب يسوع قد اتّبعها عندما سلّمهم هذا السر العظيم. ونستدل من حادثة مرافقة الرب يسوع تلميذي عمواس يوم قيامته إلى قريتهما عمواس، وجلوسه معهما على المائدة دون أن يعرفاه أنه الرب يسوع، وعندما كسّر الخبز انفتحت أعينهما وعرفاه، إنه كان للرب طريقته الخاصة بتكسير الخبز، وربما كان يكسّره على شكل صليب أو شبه المصلوب الطريقة التي تسلّمناها من آبائنا السريان الذين تسلّموها من الرسل الأطهار الذين بدورهم قد تسلّموا ذلك من الرب يسوع، ونتبع هذه الطريقة أثناء تقديمنا الذبيحة الإلهية في كنائسنا حتى اليوم. وبهذا الصدد يقول الرسول بولس: «لأنني تسلّمت من الرب ما سلّمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي أُسْلِم فيها أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء» (1كو 11: 23 ـ 26).
ونستدل من سفر أعمال الرسل وبقية أسفار العهد الجديد أن أتباع الرب يسوع كانوا يواظبون على الصلاة وقراءة تعاليم الرسل وكسر الخبز (أع 2: 42) أي كانوا يحتفلون بما دعي بعدئذ بطقس القداس الإلهي، وبهذا الصدد يقول البشير لوقا في سفر أعمال الرسل «وفي أول الأسبوع (أي يوم الأحد) إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزاً» (أع 20: 7). كما يعلّمنا التقليد الكنسي أن أول من قام من الرسل بالاحتفال بالقداس الإلهي هو القديس مار يعقوب أخو الرب أسقف أورشليم، وقد قام بذلك باللغة السريانية الآرامية لغة سكان تلك البلاد في ذلك العصر، واللغة الوحيدة التي خاطب بها الرب يسوع الناس في تدبيره الإلهي بالجسد على أرضنا هذه في نشر بشارته الإلهية وبها رسم سرّ العشاء الرباني ليلة آلامه في العلية. وقد سجّل كتبة الإنجيل المقدس تلك الحادثة ودوّنوا ذات الكلمات الإلهية التي فاه بها الرب يسوع حينذاك وما يزال كهنتنا في جميع أنحاء العالم، عند احتفالهم بالقداس الإلهي يتلون باللغة السريانية ذات العبارات والألفاظ التي فاه بها الرب يسوع له المجد عندما سلّم إلى تلاميذه سرّ جسده ودمه الأقدسين في العلية ليلة آلامه، ولا يسمح لهم تلاوتها بلغة أخرى، ولئن سمح لهم أن يتلوا بقية عبارات القداس الإلهي باللغات المحلية.ولا بد من أن مار يعقوب أخا الرب أولاً، وبقية الرسل بعدئذ، عندما كانوا يحتفلون بالقداس الإلهي كانوا يبدؤونه كما أجمعت على ممارسته الكنائس الرسولية منذ فجر المسيحية وحتى اليوم، بصلوات طلب المغفرة من اللّه ومسامحة بعضهم بعضاً طبقاً لوصية الرب يسوع القائل: «فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكّرت أن لأخيك شيئاً عليك فاترك هناك قربانك قدّام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدّم قربانك» (مت 5: 23و24) ويتلون الكلمات التي فاه بها الرب يسوع أثناء تقديمه سرّ جسده ودمه الأقدسين إلى تلاميذه ودوّنها الإنجيل المقدس. ثم يتلون الصلاة الربية التي علّمها الرب لتلاميذه وأخيراً بعد تناول القربان المقدس كانوا يقدّمون صلوات شكر للّه على نعمه العظيمة التي لا يعبّر عنها، وهذا هو أساس مراحل القداس الإلهي المستعملة في جميع الكنائس المسيحية الرسولية التقليدية على اختلاف اللغات والحضارات والطقوس.ولم يكن يحقّ إلاّ للأسقف وحده أن يحتفل بالقداس الإلهي. ويذكر التاريخ الكنسي أن الكهنة كانوا يحتاطون به ويشاركونه الصلوات أثناء ذلك ويخدمه الشمامسة. كما يجوز عندنا للكهنة أن يقوموا مقام الشمامسة في خدمة القداس الإلهي. وكان من يقوم بالاحتفال بطقس القداس يتلو عباراته على ظهر قلب، ولم تدوّن رتبة القداس قبل أواخر القرن الثاني أو حتى أوائل القرن الثالث للميلاد بسبب ما كانت تعانيه الكنيسة من الاضطهادات. وقد جرى عبر الأجيال اللاحقة التالية تعديلات على بعض أقسام القداس الإلهي دون المساس في أصولها وجوهرها وأسسها التي ما تزال محفوظة في طقوس الكنائس الرسولية التقليدية على مختلف لغاتها وحضاراتها. وإن كنيستنا كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية ما تزال تستعمل ليتورجية مار يعقوب أخي الرب وتعتبرها أقدم ليتورجية في العالم، كما صنّف آباؤنا السريان الأرثوذكس عشرات الليتورجيات وكلها تسير على نسق ليتورجية مار يعقوب أخي الرب التي نظمت وتطوّرت وزيد عليها وألحق بها وحذف منها أدعية لا تمسّ البتة بجوهرها وأصولها. ولم يبقَ من مخطوطات النص السرياني الأصلي لهذه الليتورجية سوى وريقات مبعثرة خُطَّت في القرن الثامن أو التاسع للميلاد وموجودة في المتحف البريطاني.ولا بدّ لنا في هذا المقام أن ننوه أن لفظة ليتورجية اليونانية التي استعملناها في بحثنا هذا، تعني أنافورا التي تعني رفع القربان أي تقريبه إلى الآب الأزلي. أما بالسريانية فتدعى قوربنا أو قوربا (قوربونو) أو (قوروبو) أي القربان أو التقدمة. ويوجه المحتفل بالقداس الإلهي الصلوات والأدعية كافة إلى اللّه الآب ما خلا التحايا كقوله للمؤمنين «السلام لجميعكم» ومباركة الشعب كقوله «محبة اللّه الآب» و «لتكن مراحم اللّه العظيم» وما عدا انتداب الشعب ليرفعوا عقولهم وأفكارهم وقلوبهم إلى فوق حيث المسيح جالس عن يمين اللّه الآب، وما عدا صلاة الشكر قبل صرف المؤمنين إلى دورهم في ختام القداس الإلهي.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com