عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

25/6/2009
عناصر وعظية _المطران جورج خضر

                                 عناصر وعظية في صلوات الكنيسة الأولى

 

بقلم المطران : جاورجيوس خضر
  المسيح قام

" سلَّمت إليكم قبل كل شيء ما تسلَّمته، وهو ان المسيح مات من اجل خطايانا كما جاء في الكتب, وانه قُبر وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب"( كورنثوس 15: 3 و4 ). هذا هو كل الايمان المسيحي وهذا مصدر فرحنا الى الابد وتعزيتنا الوحيدة في عالم المرض والشقاء والموت.

وهذا داخل في لحمنا وعظامنا. " أوتجهلون أننا، وقد اعتمدنا في يسوع المسيح، إنما اعتمدنا في موته فدُفنّا معه بالمعمودية لنموت فنحيا حياة جديدة كما أُقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب؟" ( 1 كورنثوس 6: 3 و4 ). ما يقوله الرسول ان سر آلام المخلص وانبعاثه قد تساقط علينا. فإذا غرقنا في ماء المعمودية نشبه موته وإذا انتشلنا الكاهن من حوض المعمودية يشبه ذلك قيامته. ويتابع بولس قوله: " فإذا كنا متنا مع المسيح, فإننا نؤمن بأننا سنحيا معه". نحن نميت الخطيئة فينا فنصير أحياء بالنعمة.  رجاؤنا اننا قادرون ان نقضي على خطايانا بعد ان اتخذنا هذه القوة من المعمودية ثم من الصلاة التي تغذي فينا ذكر الله. وبقدر ما نتوب الى وجهه تزول عنا معالم الموت. ويمعن بولس في الرجاء اذ " نعلم ان المسيح, بعدما أقيم من بين الأموات لن يموت ثانية ولن يكون للموت عليه من سلطان". قد تحل الكوارث الكونية وينتابنا المرض ونقع في الخطيئة سهوا او عمدا. ولكنا موقنون اننا سننهض أبدا لان المسيح حي ويحيينا. فالشر اذا هاجمنا لا يقدر ان يلازمنا لكوننا نلغيه برؤيتنا لجمال يسوع. وإذا فتك بنا الألم حتى النهاية نعرف ان المخلص رفيقنا في الأوجاع المبرحة وناشلنا من يأس الخطايا اذا تكررت وهو رفيقنا في الاحتضار ويلاصقنا في القبر. نعلم لإيماننا به ان" للأموات قيامة" "لأنه اذا كان الاموات لا يقومون, فالمسيح لم يقم ايضا. واذا لم يكن المسيح قد قام, فإيمانكم باطل ولا تزالون بخطاياكم " ( 1 كورنثوس  15: 15-17 ).

 هذا الايمان بان المسيح حي الى الابد جعل الشهداء يشهدون بفرح جيلا بعد جيل حتى ايامنا. ما كانوا يخشون الأسود تفترسهم ولا يخافون اليوم السجون والتعذيب. يعرفون انهم سيلتحقون بالمعلم سيدا على الكون وحياة لهم في ميتاتهم. هذا الايمان عينه جعل المؤمن يقمع شهواته ليسترضي المسيح. هذا الايمان جعلنا على طريق الهدوء واللطف والفقر لأنها فينا جمالات المسيح. هذا الايمان نفسه يجعلنا قادرين على الصلاة ساعات طويلة اذ نرجو منها قوة السيد الظافر. هذا الايمان يمكِّن الأشداء في الحرب الروحية ان يصمدوا امام كل إغراء.

 لعلم الكنيسة بذلك بتنا نتغنى بالفصح اربعين يوما متتاليات نردد " المسيح قام " بنشوة وننظر ليس الى حدث مضى ولكن الى حدث باق معنا بكل قوّته. لعلم الكنيسة بذلك صارت العبادة يوم كل أحد إنشادا للقيامة التي لا ننتظر بعدها عزة. القيامة كرامتنا وإطلالتنا على الوجود كله كأسياد. ولا يستطيع أحد ان ينزع فرحنا منا.  اما من بقي حزينا بسبب من مرض أو يائسا بسبب من خطيئة او هابطا امام الموت يواجهه فهذا لم ينل شيئا من القيامة. كان الفيلسوف المعادي لنا نيتشه يقول:" أروني أنكم مُخلَّصون لاؤمن بمخلصكم ". يجب ان نرفع التحدي وان نظهر نورانيين قائمين على الرجاء، ثابتين في المحبة وسط أو جاع لا تطاق حتى يقدر من رآنا ان يقول: ان هؤلاء تأتيهم قوتهم من إيمانهم بأنهم سيقومون من بين الاموات. وهم متيقنون انهم سيقومون لأن مسيحهم قام.

القيامة

كل إيماننا مجتمع في الفصح، ثقتنا باللـه ليست عمياء فإنـه قد أقام المسيح وصرنا أحياء. نحن مؤمنون لأننا ذقنا الحياة الجديدة في يسوع واختبرناها فينا. نحن لسنا بالتالي مرتقبين مجرد ارتقاء من حالـة الى حالـة افضل منها كما يرجو الناس لأنفسهم. انهم يأملون بأن يأتي غدهم أفضل من يومهم؛ لا، نحن نصير شيئا جميلا لأن كل الجمال أتى في شخص يسوع المسيح. تمتلئ ايامنا مما يسكب هو فيها. لقد اكتمل فرحنا فإذا أخطأنا نخسره وان تبنا نعود الى الفرح عينه، لقد تعلمنا من يسوع وأخذنا عنـه ما يكفي لنذوق كل صلاح وكل طهر وكل جلال، ما عدا ذلك أمور طعام وشراب وفانيات تجيء وتذهب، اما نور الرب الغالب المـوت فهو الحياة كل الحياة .
المسيحية كلها هي هذا المسيح الحي المحيي الذي " لن يتسلط عليه الموت"، وهو وحده الذي يعيدنا من خطيئة وينهضنا من كبـوة وينعشنا من حزن وفي يده وحده قدرتنا على المحبة والرقـة واحتضاننا للخليقـة كلها؛ فنحن اذا أحببنا فهو يحب بنا، ونحب لأننا به نجونا من شهوات كانت تستعبدنا، كل هذا لم يكن ممكنا لو لم يقم المسيح ليمدنا بكل قوة منـه.
ولكن الفصح يكلّـف ما تكلّـف الثمرة، انه ثمرة جهد كبير. في العبادة يأتي بعد صيام طويل صعب المراس؛ أنت تستلم فرحا من بعد قيامك بالعبادات. والفصح في داخل النفس هو انتصارها على الخطيئـة، هذا هو العيد الدائم فيـك. وما كان الفصح في التقـويم الكنسي الا ليحثـك على طهارة الحياة، أنت تقيم في الفصح اذا أقمت في محبتك ليسوع وطاعته، فإذا ما حل العيد فلا يكفيك ان تفرح به بل افرح بنقاوة اكتسبتـها .لقد استطاع الشهداء ان يُستشهدوا لأنهم قبـل ذلك غلبـوا العالم في أنفسهم، نالوا الفصح داخليا . ولكن اذا كانت شهادة الدم أفصح الحب فشهادة الحياة المسيحية المسكوبة كل يوم لا تقل عن تلك قوة .
لا تعبرْ عن الفصح، اجعلـه مقيما فيك، توغل في معانيـه، لا تجعل الحزن ولا الخطيئـة يسيطران عليك، لا تكن تحت نير أحد او أمر في نفسك وادعُ اللـه أن يمكّنك من تطبيق ما قالـه بولس: "افرحوا في كل حين وأيضا أقول افرحوا" . تيقن قبل كل شيء من هذا ان "مات يسوع المسيح، بل قام، وهو عن يمين اللـه يشفع لنا، فمن يفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدّة أم ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف" وبعد هذا يعود الرسول ليؤكد مرة نهائية: "لا شيء بوسعه ان يفصلنا عن محبـة اللـه لنا في ربنا يسوع المسيح" .عيِّد فالتعييد جميل وبدء الفرح، ولكن قبل ذلك افهم وما يجب ان تفهمه هو اننا من بعد ان قام المسيح من بين الأموات صار كل منا خليقة جديدة ، افهم ولا تعمل شيئا ضد هذا .

اليوم يوم القيامة

اقدم شهادة مكتوبـة عن قيامـة الرب جاءت في الرسالـة الأولى الى أهل قورنثوس اذ يقول لهم بولس: "أذكّركم، أيها الاخوة، بالإنجيل الذي بشرتكم به، وتلقيتموه، وفيه انتم ثابتون". ويؤكد الرسول انه تسلم هذا التعليم من الشهود الأولين وهو "أن الـمسيح مات من أجل خطايانا، بحسب الكتب - اي تحقيقا للنبوءات- وانـه قُبر وانـه أُقيم في اليوم الثالث، بحسب الكتب". وفعل أقيم يدل على زمن مضى ومستمر بمعنى انـه حدث قائم اليوم والى الأبد، ثم يتابع الرسول: "وانه ظهر لكيفا، ثم للاثني عشر، بعد ذلك ظهر لأكثر من خمس مئة أخ معا، اكثرهم باقٍ حتى الآن، وبعضهم رقد وبعد ذلك ظهر ليعقوب، ثم لجميع الرسل وآخر الجميع، كما لسِقطٍ، ظهر لي انا ايضا".ايماننا قائم على واقعة الـموت التي رآها شهود كثيرون وهذا الذي كانوا يعرفونـه شاهدوا محاكمتـه ومراحل آلامه وأتت الجموع لتشهد هذا الـمنظر، الإنجيليون والـرواة الـذين كلموا بولس فشهد كانوا صحافيي ذلك الـعهد، ومن قصَد الـقبر رآه خاليا ولـم يبصر إلا الأكفان وكان اليهود بأمر من بيلاطس ضبطوا القبر وختموا الحجر وأقاموا الحرس، ولم يكن أحد من التلاميذ يرجو القيامـة ولذلك تساءلت النساء: "من يدحرج لنا الحجر عن مدخل القبر؟". ولـما نقلت خبرَ القيامة حاملاتُ الطيب الى الرسل عدّوا هذه الأقوال ضرباً من الـهذيـان، وقد قالوا بالقيامة لأنـه تراءى لـهم وعرفوا ان الـذي مات هو إياه الـذي ظهر لـهم فعرفه تلميذا عمواس وعرفته الـمجدلية وعرفـه الرسل لـما وقف في وسط العليـة التي كانوا فيها مجتمعين وبعد هذا تأكد توما ان الذي ظهر لـه هـو الذي كانت على يديه آثار المسامير وعلى جنبـه طعنـة الرمح .
اليوم يوم القيامة، ذلـك ان هذا الحدث الذي جرى عند فجر اليـوم الثالث لم ينقطع، فإذا سقطت القيامـة علينا نـقدر ان نصافـح بعـضنا بعضا. فالـبغـض الذي ابغضوك بـه يزول امام النور الـذي شع منك، القيامة جعـلت الـمحبـة ممكنـة ونحن نعـلم أنا انتقلنا بـها من الـموت الى الحياة، لأنّا نحب الأخوة. بهذا عرفنا الـمحبة، ان الـمسيح جاد بالــنـفس فـي سبيـلنا، ونحن ايضا علـيـنـا ان نـجـود بـالـنـفس فـي سبـيـل الأخوة .والقيامة صبر القديسين، انـهم يـحـتـمـلـون فـي سبيـل حبيبهم كـل شيء لأنـهم مقيمون في فرحه. انـهـم ينـكرون منـافع لـهـم في الأرض ويتـقبلون الـقهر وأن يداسوا لكونهم عالـمين ان أحدا لا سلطـة لـه على سلامهم، وستبقى البشرية هكذا يميت بعضها بعضا ويستعبد بعضها بعضا ولا تبدو سيادة الـمسيح وهو لم يقل انه منتصر في أزمنة الناس، فلقد امر ان يبشَّر بإنجيله في الخليقة كلها ولكنـه لم يوحِ بأن البشرية في اتساعها او عمقها ستطيع اللـه، ولكن يبقى للأبرار في الظلام الـعـميـم فصح يـذوقـونـه.
واذا بقي مـن يبغـض الـمؤمنـيـن بيسوع فـهـؤلاء يشهدون لـه حتى آخر قـطـرة مـن دمائـهـم، فإنـهـم بـقوة قيامته تـخـلـّوا عـن أنفسهم حتى الـموت بعد ان رأوا الـمخلص الحبيب أثمن مـن نفـوسهم وأبـهـى. هـؤلاء لا يـعبرون الـدينـونـة بـعد ان غسلوا ثيابـهـم بـدم الحـَمَـل، انـهـم قـوة وجودنا وتفسير وهجنا إذ لا يستطيع أحد ان يقضي على الحب وعلى ثمار الحب. من لا يعرفنا يتساءل أين يكمن سر هؤلاء .
 
الجواب في هذا أنّا عالـمون ان الـمسيح، وقد أقيم من بين الأموات، لن يموت من بعدُ، لن يتسلط عليه الـموت من بعد، هذا الايمان يُؤتي الكنيسة شهداءها .

تاريخ الفصح

لقد تحدد تاريخ الفصح ابتداء من المجمع المسكوني الأول (325) على هذه الصورة: عند وقوع الاعتدال الربيعي في 21 آذار حيث النهار والليل يتساويان، ننتظر البدر، والأحد الواقع بعد البدر هو العيد. الغربيون يتبعون القاعدة نفسها. ولكن الاعتدال الربيعي عندهم يسبق ما نحسبه نحن الاعتدال الربيعي بـِ 13 يوما بعد ان أصلحت البابوية التقويم اليولياني الذي كنا نتبعه معا. كان الإصلاح من طرف واحد وما تبنيناه. نتيجة ذلك نختلف في تاريخ العيد او لا نختلف. فإذا انقضى الـ 13 يوماً ولم يطلع البدر نعيّد في يوم واحد، وإذا اقترب البدر كثيراً من الاعتدال الربيعي عند الغربيين يكون علينا أن ننتظر البدر اللاحق.
أمام هذا الافتراق في التعييد أخذت الكنائس تفكّر بتوحيد العيد وألّفت لجاناً لهذه الغاية. وكان الجو بيننا خالياً من التشنج، ولكن يبدو أن الوضع في أوربا الشرقية قبل انهيار الشيوعية لم يكن مؤاتياً لتفاهم كهذا. هناك نزعة محافظة جداً للشهادة على أننا نحفظ التراث بتشدد حيث يسود الاضطهاد .عندنا اليوم معرفة علمية أكثر من الماضي في معرفة الاعتدال الربيعي ودرسنا الأمر بالمراصد. بقيت المشكلة نفسية. ولكن في ظني أننا تباعدنا بسبب الصعوبات التي يعانيها الأرثوذكس من قبل الطوائف الكاثوليكية الشرقية في روسيا وأوكرانيا ورومانيا وسواه. ولعل الوضع تعقد بسبب الحرب الجارية في يوغوسلافيا السابقة. نحن نحتاج في هذه المنطقة إلى شيء من الصبر لنعالج الموضوع بهدوء. طبعاً يمكن أن يعالَج إقليمياً

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com