لي انا عملتموه

تذكار جميع الموتى المؤمنين : Mt 25,31-46

تعليق على الإنجيل
القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث (نحو 949 - 1022)، راهب أرثوذكسيّ
فصول لاهوتيّة وغنوصيّة وعمليّة

"لي أنا عَمِلتُموه"

إن أعطى أحدُهم حَسَنة لتسعة وتسعين فقيرًا، ثمّ أهانَ أو ضربَ أو أرسلَ فقيرًا واحدًا فارغَ اليَديْن، على مَن ستنعكِسُ هذه المعاملة، سوى على الذي قالَ وما زال يقول وسيقول يومًا: "كلَّ مرَّةٍ عَمِلتُم هذا لواحدٍ من إخوتي هؤلاء الصِّغار، فلي عَمِلتُموه!" إنّه فعلاً في هؤلاء الفقراء كلِّهم، ذاك الذي نُطعِمُه في كلِّ واحد من هؤلاء الصِّغار. كذلك، إذا أعطى أحدُهم اليوم للجميع كلَّ ما يحتاجون إليه وقامَ غدًا بإهمال إخوة له وبتركِهم يموتون جوعًا أو عطشًا أو بردًا، بالرغم من قدرتِه على المساعدة، فهذا يعني أنه تركَ يموتُ واحتقرَ ذاك الذي قال: "كلَّ مرَّةٍ عَمِلتُم هذا لواحدٍ من إخوتي هؤلاء الصِّغار، فلي عَمِلتُموه!"...
إن تنازَلَ المسيح وأخذَ وجه كلِّ فقير، إن تماهى مع جميع الفقراء، فذلك كي لا يتعالى كلُّ مَن آمن به على أخيه، بل كي يستقبلَه كما المسيح، كي يكرِّمَه وكي يستعملَ كلَّ مواردِه لخدمَتِه، كما وهبَ المسيح حياتَه من أجل خلاصِنا... قد يبدو ذلك صعبًا جدًّا بالنسبة إلى الكثيرين في حين يبدو من المنطقي طرح السؤال التالي: "مَن يستطيعُ أن يفعلَ هذا كلَّه؟ مَن يستطيعُ أن يعتَني بجميع الذين يحتاجون إلى ذلك، وأن يطعِمَهم بدون إهمال أحد؟" لكن، فليَسمَعوا ما أعلنَه القدّيس بولس: "نحن أسرى محبَّةِ المسيح، بعدما أدرَكْنا أنّ واحدًا ماتَ من أجلِ جميعِ الناس، فجميعُ الناسِ شارَكوه في موتِه" (2قور5: 14).