عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

ما هو عيد انتصاف عيد الخمسين

ما هو عيد انتصاف عيد الخمسين ؟

الاب باسيليوس محفوض

انتصاف العيد

تُعيّد الكنيسة لعيد انتصاف الخمسين السيدي يوم الأربعاء الذي يلي أحد المخلّع بعد الفصح، ويعتبر تبيبكون كنيسة القديس موكيوس في القسطنطينية سنة 903 م أقدم مخطوط يذكر هذا العيد، وفيه يذكر تفاصيل عن هذا العيد إذ يحضر الإمبراطور صباحاً بلباسه الرسمي و جميع مرافقيه إلى الكنيسة، حيث تقام خدمة القداس الإلهي برئاسة البطريرك. وبعد القداس الإلهي يدعو الإمبراطور البطريرك والجميع لمائدة احتفالية في البلاط.

وأتت فكرة هذا العيد من انتصاف العيد المظال اليهودي الذي علّم فيه السيد، فأخذته الكنيسة ليكون في منتصف عيدين سيدين كبيرين القيامة و العنصرة. ويحضّرنا أيضاً لعيد الصعود الإلهي الذي سيكون بعد 15 يوماً منه. ببساطة هو يوم الأربعاء الذي يقع بعد 25 يوم من الفصح وقبل 25 يوم من العنصرة أي في منتصف البندكستاري بين عيدين سيدين كبيرين. وهذا ما تقوله لنا الطروبارية الأولى من صلاة غروب العيد:

"لقد حضر انتصاف الأيام التي ابتداؤها من القيامة الخلاصية

وختامها عيد الخمسين الإلهي، وقد تشرق بما أنها مالكة الإشراق

من الجهتين ومقرنة كليهما، وقد وافت مظهرة

شرف الصعود السيدي ولامعة به"

يتزامن عيد نصف الخمسين مع عيد المظال اليهودي، الذي هو ثالث أعياد اليهود أهميةً، بعد الفصح والخمسين. يصف المؤرّخ اليهودي يوسيفوس هذا العيد بأنّه " فائق القداسة والأهمية عند اليهود". كان هذا العيد مُخصصاً لتذكّر إقامة اليهود في البرية في طريقهم من أرض مصر إلى أرض الميعاد. وإذا كان عيد الفصح قد خُصّص لتذكار عبور البحر الأحمر، وعيد الخمسين قد خُصّص لتذكار صعود موسى إلى جبل سيناء لتسلّم ناموس الله، فإن عيد المظال قد خُصّص ليتذكّر اليهود كيف حفظهم الله عجائبياً خلال رحلتهم إلى أرض الميعاد.

سُميّ عيد المظال بسبب الطريقة التي كان يُحتَفَل بها. فقد كان اليهود ينصبون الخيام في الساحات وأفنية الدور وعلى سطوح منازلهم، ويقطنون فيها خلال فترة العيد التي تدوم سبع أيام. على ما يبدو، فإن اسم الاحتفال ومكانه كانا للاعتراف بحماية الله ووقايته لهم بالسحابة المنيرة خلال رحلتهم في الصحراء. إذا اعتبرنا أنّ كل ظهورات الله في العهد القديم هي ظهورات للكلمة غير المتجسّد، وبأن السحابة المنيرة كانت المسيح، نفهم أن عيد المظال اليهودي يشير إلى المسيح.

لقد خُصّص عيد المظال اليهودي لله نفسه من خلال الوصية التي أعطاها لموسى.: "فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كُلُّ الْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي الْمَظَالِّ. لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ." (لاويين 42:23-43).

وبما أن العيد يتصادف أيضاً مع موسم جني الثمار فهم أيضاً يقدّمون الثمار كشكر لله مع أضاحيهم. وهكذا فقد سمّوه "عيد الحصاد" و"عيد الاجتماع".

يهمّنا من الأمور التي ذكرناها هو أنّ عملين رمزيين كانا يجريان خلال عيد المظال اليهودي. الأول، كانوا يقدّمون في كل صباح أضاحي بمحرَقات، وفي الوقت نفسه يحضر الكهنة ماءً من بركة سلوام، يمزجونه بالخمر ويسكبونه على المذبح حيث قُدِّمَت الأضاحي. هذا عنى سكب هبات الروح القدس، كما عنى الماء الذي شربه الإسرائيليون بشكل عجائبي خلال رحلتهم في الصحراء. ثانياً، خلال أول أيام العيد يشعلون القناديل في فناء النساء في الهيكل عند ضحية المساء.

حمل هذان الحدثان الرمزيان أهمية كبرى لأنهما أشارا إلى المسيح. إلى هذا، كان المسيح مَن أعطاهم الماء خلال رحلتهما في الصحراء بحسب كلمات الرسول بولس (1كورنثوس 4:10 والمسيح كان السحابة المنيرة التي غطّتهم خلال النهار وأنارت في الليل، بحسب الرسول بولس:: (1كورنثوس 1:10-2)

المسيح، كونه كان يهودياً ولأنّه هو مَن أعطى الناموس في العهد القديم، فقد حفظ الناموس الذي أعطاه. إذاً، لقد احتفل أيضاً بعيد المظال كما وبالفصح. هذا كان أيضاً في إطار إفراغ الذات (kenosis) الإلهي.

يمكن تقسيم حضور المسيح في العيد إلى أربع مراحل.

- أولاً، عندما تبع يسوع إخوته، أبناء يوسف أبيه بالرعاية، إلى أورشليم

ثانياً، لقد جعل حضوره محسوساً في الهيكل معلماً الناس "َلَمَّا كَانَ الْعِيدُ قَدِ انْتَصَفَ" (يوحنا 14:7-36).

ثالثاً، عندما أعلن في اليوم الأخير من العيد بأنّه سوف يروي عطش الإنسان وحضّهم على المجيء إليه.

رابعاً، عندما عاد في صباح اليوم التالي إلى الهيكل. هذا سُميّ باليوم الثامن الذي به ينتهي عيد المظال. في ذلك اليوم أحضر الكتبة الفريسيون الزانيةَ إلى المسيح ليعرفوا ما سيكون موقفه. في ذلك اليوم علّم الشعب، في المقام الأول عن أنّه هو نور العالم وعن الحق الذي يحرر البشر (يوحنا 1:8-59).

ولفهم هذا العيد يساعدنا المقطع الإنجيلي الذي يُقرأ في هذا اليوم (يو14:7-30). وهو يتحدث عن انتصاف عيد المظال اليهودي الذي يقف فيه السيد ويعلّم، وتعليمه هذا خلق استغراباً بين سامعيه أهذا هو المسيّا أم لا؟ هل تعليمه من الله أم لا؟ موضوع جديد بالنسبة لهم. فالمسيح هو المعلم الذي لم يتعلم عند أحد وهو ممتلئ حكمةً وهي حكمة الله الظاهرة في العالم. من هذا الحدث الحواري بين السيد من جهة واليهود من جهة ثانية اكد المسيح : أولاً، أن المسيح أعلن بشكل ثابت أنّه مساوٍ للآب في الشرف، وأنّ الآب أرسله إلى العالم، وأنّه ابن الله، المسيح-المسيا الذي انتظره اليهود. هذه حقيقة عظيمة من الإعلان. لقد شدّد بوضوح على أنّه مُرسَل من أبيه: "وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ" (يوحنا 28:7).

ثانياً، تظهر في كل هذه المحادثة ردّات فعل اليهود على أقوال المسيح الإعلانية. إجاباتهم هي دائماً أسئلة. في بعض الأحيان يشككون في ما يقوله، وفي أحيان أخرى يسألون أسئلة ساخرة استناداً إلى ناموس الله. لكن ردة فعلهم كانت إلى حد بعيد وكأنها لضربه وتعميته. فقد قالوا أن فيه شيطاناً: "أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَنًا: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟" (يوحنا 48:8).

نجد تعليمين أساسيين للمسيح يظهران ألوهيته ويشكّلان حقيقتين خريستولوجيتين أساسيتين.

تظهر الحقيقة الأولى في إعلانه بصوت عالٍ: "إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ." (يوحنا 37:7-39

إن تفسير الرسول بولس لهذا الحدث خريستولوجي صرف. فهو يقول في الإشارة إلى الخلاص العجائبي لشعب إسرائيل، أنّ الإسرائيليين شربوا من الصخرة الروحية التي رافقتهم وهذه الصخرة كانت المسيح (1كورنثوس 4:10).

تشير طروبارية عيد نصف الخمسين إلى هذا الحدث وإلى شخص المسيح بكلمات مفعمة بالحيوية حيث ننشد: "في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلّص. لأنّك هتفتَ نحو الكلّ قائلاً: مِن كان عطشاناً فليأتِ إليّ ويشرب، فيا ينبوع الحياة أيها المسيح المجد لك".

من ناحية ثانية، لا يعلن المسيح فقط أنه الماء واليننبوع الحي بل، في الوقت نفسه، يشدد على أن كلّ مَن يؤمن به "تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" (يوحنا 38:7).

يفهَم مفسّرو الكتاب المقدس كلمة "بطن" بأنها تعني قلب الإنسان. في العهد القديم، لا تعني هذه الكلمة المعدة، بل الإنسان الداخلي المحدد بالقلب. يقول داود "أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي" (مزمور 8:40) أي في قلبي.

لا يتحدّث المسيح عن نهر، بل عن أنهار ماء حي، أي نعمة الروح القدس الغزيرة. وهكذا، كل نفس يدخلها الروح القدس ويتثبت فيها، تتدفق منها مياه غزيرة كما من ينبوع. يس اللاهوت دراسات وأطروحات، ولا هو معرفة عقلية، بل هو المشاركة في عطايا الروح القدس.

الحقيقة العظيمة الثانية التي يظهرها المسيح لليهود في عيد المظال هي أنّه نور العالم "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 12:8). يرتبط هذا الإعلان بالسحابة المنيرة التي رافقت الإسرائيليين في الصحراء، وقد كانت المسيح.

يظهر أن المعايير الروحية والأوضاع الداخلية تلعب دوراً مهماً في التعرف إلى المسيح. لا يكفي الالتقاء به، بل على الإنسان أن يتعرّف إليه ويدخل في شركة معه.

المسيح ليس نوراً مخلوقاً مُدرَكاَ بالحواس، ولا هو نور رمزي، كما أنّه ليس نوراً أخلاقياً على ما يرغب البعض في تصويره. النور الإلهي هو قوته غير المخلوقة التي متى أعطي للناس أن يروها، بعد أن يتطهروا، يرونها كنور. إنّه النور الحقيقي للعالم.

هنا علينا أن نشدد على أمرين أساسيين. الأول، أن هذا النور مرتبط بالحياة. ففي الحديث عن الحياة لا نعني حياة الإنسان البيولوجية والعاطفية، بل تألّهه. مَن يرَ النور الإلهي ينتقل من ظلام النوس إلى الحياة التي هي استنارة وتألّه. بما أن النور الإلهي ليس أخلاقياً ولا رمزياً ولا مُدرَكاً للحواس، هذا يعني أن الظلام ليس أخلاقياً ولا رمزياً ولا مُدرَكاً للحواس، بل هو ظلام النوس أي موت عين النفس. ثانياً، لكي يُرى الله كنور، على الإنسان أن يكون في حالة روحية محددة وإلا فهو يراه كنار آكلة. يُختَبَر الله إمّا كنار تأسر النفس أو كنار تأكلها. في هذا تكمن رحلة الإنسان النسكية كاملةً.

طروبارية وقنداق العيد: في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلّص

لأنك هتفت نحو الكل من كان عطشاناً فليأت إليَّ ويشرب. فيا ينبوع حياتنا أيها المسيح الإله المجد لك".

"في انتصاف العيد الناموسي أيها المسيح الإله السيد وصانع الكل.قلت للحاضرين تعالوا استقوا ماء عدم الموت.لأجل ذلك نجثو لديك.وبأمانة نهتف إليك هب لنا رأفتك وتحننك.لأنك أنت هو ينبوع حياتنا".

بكلام بسيط هذا هو عيد انتصاف الخمسين، أن غناه اللاهوتي أعطاه أن يكون عيداً هاماً جداً وشعبياً، شدّد فيه أباء الكنيسة على حكمة كلمة الله نبع كل الخيرات

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com