عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التراث العربي المسيحي

يخطئ من يظن أن الكنيسة الأرثوذكسية هي "الكنيسة"

يخطئ من يظن أن الكنيسة الأرثوذكسية هي "الكنيسة" 

من مجموع الكنائس الموجودة أو أنها "طائفة " من مجمل الطوائف المسيحية المعروفة، التي تؤلف مع بعضها البعض "الكنيسة" في العالم، كما يعتقد البعض أو يريد أن يتعامل معها على هذا النحو! ...

الكنيسة الأرثوذكسية (الخلقيدونية) هي كنيسة المسيح الوحيدة الحقيقية، "الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية"، هي الشجرة التي غرسها الرب يسوع المسيح بنفسه وسقاها من الماء والدم اللذين سالا من جنبه الطاهر على الصليب، ونفخ فيها روحه الإلهي القدوس المحيي يوم العنصرة، وحوطها بسياج الحق المتمثل بالتعاليم الإنجيلية، وبتقليد الرسل والآباء القديسين الملهمين، والمجامع المسكونية السبعة.

تنامت هذه الشجرة وكبرت وتعاظمت، وفي مسيرة نموها وتصاعدها نحو الملكوت، حدث أن بعضا من أغصانها وأوراقها لم تثبت فيها، فتساقطت منها وانفصلت عنها بفعل هزات رياح الهرطقات وعواصف البدع، وهجمات رئيس هذا الدهر عليها، ولكن وعد الرب الأمين الصادق لها هو حضنها وثباتها وسر قوتها لأن "ابواب الجحيم لن تقوى عليها "

(متى ١٨:١٦) فهي لا تزال شجرة واحدة موحدة مغروسة في موضعها، راسخة وثابتة ومتجذرة في أرض الحقيقة الإلهية التي استودعها المسيح فيها، وهي تتغذى من روح المسيح وتستقي من ينبوع استقامة الرأي. وما زالت الكنيسة الأرثوذكسية تأمل وترجو وتصلي أن ما تساقط من أغصانها وأوراقها، يعود يوما ما للإلتحام بها من جديد، ويستعيد الوحدة فيها ومعها، لكي تتجدد في تلك الأغصان المتساقطه نضارة استقامة الرأي مرة أخرى، بعدما سرى إليها جفاف الهرطقة، ويبوسة البدع، وذبول الحقيقة الإلهية فيها، بسبب انقطاعها عن الجذر والأرومة التي انسلخت عنها وانفصلت عنها .

ابونا ... انت كثير متعصب !

قد لا يروق هذا الكلام للبعض، وقد يتشككون منه، وربما يرونه ضربا من التعصب والعنصرية، وشكلا من التزمت والطائفية البغيضة ونبذ الآخر واقصائه وكراهيته ولكن العكس هو الصحيح ... كيف ؟ ولماذا؟ 

لأن "المحبة لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق "١كو ٦:١٣"

ولا يمكن للكنيسة الأرثوذكسية أن تساوم على الحقيقة الإلهية والعقائد الأرثوذكسية من أجل إظهار 

"محبة مزيفة" تفرح بالهرطقات وتقبلها وترضى بواقع البدع وتتكيف وتتعايش معها في شكل "اتحاد مصطنع ومزيف ". وليس لها أن تتجابن وتتخاذل في صون وديعة الإيمان المقدس وتمييعه، وهي التي دفعت عبر التاريخ - وما تزال - دماء ملايين الشهداء والقديسين ثمنا كريما، لكي تبقى وفيه أمينة في الحفاظ على نقاوة الأرثوذكسية من كل شائبة،

ومن كل تحريف أو تغيير أو تبديل أو تشويه .

لسان حال هؤلاء الناس يقول "هذا كلام صعب من يستطيع سماعه ؟" يوحنا (٦٠:٦)

ولكن المسيح لم يساوم أبدا على قول الحقيقة من أجل أن "يراضي الناس"  لكي لا ينفروا منه أو يتوقفوا عن السير معه ... وفي هذا يقول بولس رسول الأمم: 

"لو كنت بعد ارضي الناس ،لم أكن عبدا للمسيح"

(غلاطية ١٠:١).

والمسيح ابدا لم يهادن ولم يمارغ ولم يتلون باللون الذي يوافق أهواء البشر ورغباتهم وعواطفهم الخاطئة ... 

وهو على سبيل المثال لما صرح الحقيقة أنه سيعطي جسده غذاءا حقيقيا للعالم، تذمر بعض التلاميذ في أنفسهم من كلامه الصعب، فقال لهم : "أهذا يشكككم ؟" (يوحنا ٦١:٦).

ولكن المسيح لم يتراجع أبدا عن قول الحقيقة وإعلانها حتى لو كلفه ذلك أن يخسر بعضا من أتباعه "فمن ذلك الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه"

(يوحنا ٦٦:٦)

ولم يحاول المسيح إزاء موقف البعض من تعاليمه أن يلجأ إلى إعطاء تفسيرات وتبريرات تنحدر إلى مراعاة رغباتهم لتجعل كلماته مقبولة ومستساغة لهم عبر تغيير موقفه أو تبديل رأيه، أو التلاعب بالحق المعلن لكيما يظل مقبولا بالنسبة لهم وحائزا على رضاهم!

لكننا نراه ثابت غير متقلقل ولا متأرجح الفكر والتعليم،

بل أننا نجده مستعدا لتراجع الرسل الإثني عشر أنفسهم عن إتباعه، والسير معه، هؤلاء المحسوبين أنهم أقرب المقربين له، إذ بعد ذلك يوجه إليهم كلامه قائلاً: 

"ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا ؟" (يوحنا ٦٧:٦).

كنيسة المسيح الحقيقية، "واحدة جامعة مقدسة رسولية" إنها الكنيسة الأرثوذكسية الموحدة في الشركة الإيمانية والإفخارستية الواحدة، ووحدة التقليد الرسولي المشترك، والعقائد الأرثوذكسية الواحدة، وتعاليم الآباء القديسين والمجامع المسكونية السبعة . 

كنيسة السيد المسيح لم تنقسم يوما ولم تتجزأ أبدا ولم تفقد وحدتها -ولن يتم ذلك - والا فتكون أبواب الجحيم قد قويت عليها، ويكون المسيح قد عجز عن أن يفي بوعده لها أن "أبواب الجحيم لن تقوى عليها".. حاشا للمسيح الإله من ذلك!

كل الذين انشقوا عن هذه الكنيسة الواحدة عبر التاريخ، بسبب تمسكهم بهرطقات وبدع وتعاليم منحرفة، أدى بهم إلى جعل أنفسهم خارج هذه الكنيسة، في حالة المنشقين والمنفصلين عنها والمنقطعين عن الشركة معها،

وهم بتمسكهم بهرطقاتهم إنما يدينون أنفسهم بأنفسهم،

إلى كل هولاء تنظر الكنيسة الأرثوذكسية بعين المحبة،

وهي ما تزال برجاء الأم وعطفها فاتحة ذراعيها لاحتضان كل من يختار أن يتخلى عن هرطقاته وينبذ الابتداعات ويقبل إلى الحق "واستقامة الرأي" ويعود إليها بالتوبة، حينئذ تقبله بفرح فيستعيد عضويته فيها .

أن ما يسمى ب"اسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس" يكرس للأسف مفاهيم خاطئة حول طبيعة الكنيسة وواقعها، لانه يوحي بأن هناك "كنيسة منشقة و منقسمة على ذاتها" وتحتاج لأن تتخلص من واقعها المؤلم وتشفى من انقسامتها وتشرذمها، وهذا للأسف الشديد مغاير للحقيقة "الإكليسيولوجية" ويطعن في صميم تعليم الكتاب الإلهي ووعد المسيح لها! لأنه يوجد لدينا كنيسة حقيقية واحدة فقط لا غير، هي الكنيسة الأرثوذكسية، وهناك طوائف وجماعات ومذاهب منشقة ومنفصلة عنها في فترات تاريخية متباعدة...! فالأجدر أن يخصص ويكرس هذا الأسبوع ليصلي كل واحد على انفراد، ويفحص ضميره بشفافية ويراجع ذاته بصدق واتضاع طالبا  أن يكتشف إذا ما كان عبر تاريخه امينا وحافظا 

"لوديعة الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يهوذا ٣:١) أم لا! ويدرك أخطاءه العقائدية وهرطقاته وانحرافاته ويتوب عنها ويرجع إلى حضن الكنيسة الحقيقية، لا أن نستمر في نهج الهروب من مواجهة الحقيقة وتجاهلها وطمر الرأس في الرمل، وكيل القمح مع الزؤان  في مكيال واحد .

"اذكر من اين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى" (رؤيا٥:٢).

 

بقلم قدس الأب الكاهن "إلياس زعرب" كاهن رعية الروم الأرثوذكس في مدينة "بيت جالا"

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com