عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الشفَاعة في الـمَسيحيَّة

الشفَاعة في الـمَسيحيَّة  

 عن كتابِ الإختلافات العقائدية والطقسيّة

 للدكتور انطوان يعقوب

جاءنا سؤال يستفسر عن وجودِ الشفاعة في المسيحية

 الشفاعة هي لُغة الطلب والتوسل .المَقصود بها "طلب حماية أو مُساعدة".

وفي المُصطلح الكنسي هُناك نوعان من الشفاعة:

الأُولى: شفاعة مُطلقة، وهي خاصة بالرب يسوع المسيح باعتباره وسيطنا الوحيد أمام العرش الإلهي.

الثانية: شفاعة إضافية وهي المُعطاة للقديسين الأبرار الذين إنتقلوا عنا ، فنتوسط بهم لقبول الله صلاتنا، باعتبارهم أبرار، وباعتبارنا خُطاةك.وبما أن هؤلاء الأبرار مقبولون أمامه ، لهذا ففي حاجتنا نتوسل اليهم طالبين منهم التوسط لنا.وليس هذا غرابة ، بل إنه مقبول عقلاً وديناً، كما أن الله، سُبحانه وتعالى، سمحَ بذلك منذ البداية، كما هو واضح من أسفارِ الكتاب المُقدس.

 البروتستانت بصفة عامة ، والأدفنتست وشهود يهوه والمورمون بصفة خاصة يرفضون الشفاعة ، وينكرونها، ويعتبرونها وساطة بين العابد والمَعبود. 

ويقولون أن في ذلك كسر للوصية القائلة:"لنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار"(1يو2: 1)، وقول مُعلّمنا بولس القائل:"لأنه يوجد إله واحد، ووسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح"(1تيمو2: 1).

 لاشك أن الديانة المسيحية لا تقبل وسيطاً بين المؤمن المُتّعبد ورّبه، غير يسوع المسيح، فهو رئيس كهنتنا، ومؤسِّس كنيستنا، وفادي البشرية. "فليس بغيره يُمكن لأحد الخلاص"(أع4: 12).

غير أن كنيستنا المُقدّسة قد تسلّمتْ منذ فجرها الأوّل وجوب تكريم الشُهداء والرسُّل والقديسين كمُحبي الله ، ولذلك المؤمنون في صّلواتهم يطلبون صّلوات وشفاعات القديسين.وليس في ذلك ما يُخالف تعاليم الكتاب المُقدّس التي تُظهر لنا وجوب إكرام القديسين وطلب شفاعتهم. 

واليك هُنا بعض أقوال الكتاب المُقدّس :

أولاً: العهد القديم

* إن القارئ للإصحاح الثامن عشر من سفرِ التكوين يجد فيه كيف أن الله، تعالى، وعدَ بالصفحِ عن مدينةِ بكاملها إذا تواجدَ فيها عشرة صالحين.فَإن هؤلاء يتشفعون أمام الرب عن المدينةِ ، فيصفح عنها.يقول الكتاب المُقدس":"فتقدمَ إبراهيم وقالَ أفتهلك البار مع الآثيم؟ عسى أن يكونَ خمسون باراً في المدينة..أفتهلك المكان ولاتصفح عنه من أجلِ الخمسين باراً الذين فيها؟..حاشا لك أن تفعلَ مثل هذا الأمر أن تُميتَ البار مع الآثيمِ فيكون البار كالآثيم حاشا لك..أديان كل الأرضِ لا يصنع عدلاً..فقال الرب إن وجدتَ في سدومِ خمسين باراً في المدينةِ فَإني أصفح عن المكانِ كله من أجلهم.فَأجاب إبراهيم وقال:"إني قد شرعت أُكلم المولى وأنا ثراب ورماد.رُبما نقُصَ الخمسون باراً خمسة أتهلك كل المدينة بالخمسة؟ فقال لا أهلك إن وجدت هُناك خمسة وأربعين..فعادَ يُكلمه أيضاً  وقالَ عسى أن يوجد هُناك أربعون؟فقال لا أفعل من أجلِ الأربعين.فقال لايسخط المولى فأتكلم.عسى أن يوجد هُناك ثلاثون؟فقال لا أفعل إن وجدت هُناك ثلاثين.فقال إني شرعت أُكلم المولى عسى أن يوجد هُناك عشرون؟فقال لا أُهلك من أجلِ العشرين.فقال لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرَّة فقط عسى أن يوجد هُناك عشرة؟ فقال لا أهلك من أجلِ العشرة"(تك18: 22 ـ32)

* فُلان رد إمرأة الرجل فَإنه نبي فَيُصلي لأجلك فتحيا"(تك 20: 7) .

ويبدو جلياً من نصِ الآية السابقة أن صّلاة إبراهيم مقبولة أمام الرّب لأنه بار.ولهذا حذرَ أبيمالك عندما إغتصبَ إمرأة إبراهيم بِأنه سيُميته وأهله إن لم يرد إمرأة البار.فشفاعة إبراهيم كانت إذن مقبولة من نص الآية.

 * قال الربّ لموسى:"رأيت هذا الشعب ، وإذا هو شعب صلب الرقبة.فالآن أتركني ليحمي غضبي عليهم فأفنيهم.فأُصيركشعباً عظيماً.فتضرعَ موسى أمام الرب الهه وقال:" لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك الذي أخرجته من أرضِ مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟لماذا يتكلم المصريون قائلين:أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبالِ ويفنيهم هن وجهِ الأرض؟إرجع عن حمو غضبك واندم على الشرِ بشعبك.أذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقُلت لهم أُكثر نسلكم كنجوم السماء، وأعطي نسلكُم كلّ هذهِ الأرض التي تكلّمت عنها فيملكونها إلى الآبد.فندمَ الرب على الشرِ الذي قال انه يفعله بشعبه"(خر32: 9ـ 14).

 * فاشتعلّت فيهم نار الربّ واحرّقت في طرفِ المحلّة.فصرّخَ الشعب إلى موسى ، فصّلى موسى إلى الربِ فخمدتْ النار"(عدد11: 1ـ 2) .

 * فحمى غضب الربّ عليهما ومضى.فلمّا أرتفعت السحابة عن الخَيْمةِ إذا مريم خرساء..فالتفتَ هرون إلى مريم وإذا هي برصاء.فقال هرون لموسى أسألك ياسيدي لا تجعل علينا الخطية التي حمقنا وأخطأنا بها. فلا تكن كالميت الذي يكون عند خروجه من رحمِ أُمه قد أكل نصف لحمه.فصرخَ موسى إلى الرب قائلاً: اللهم اشفيها.فقال الرب لموسى لو بصقَ أبوها بصقاً في وجهها أما كانت تخجل؟سبعة أيام خارج المحلة وبعد ذلك ترجع"(عدد12: 9ـ 16).

 * وقال موسى أيضاً:" اصفح عن ذنبِ هذا الشعب كعظمة نعمتك، وكما غفرت لهذا الشعب من مصرِ إلى هُنا..فقال الرب قد صفحت حسب قولك"(عدد14: 19ـ 20).

 * وجاءَ أيضاً قال الرب"والآن خذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلىعبدي ايوب واصعدوا محرقة لأجل نفسكم، وعبدي يُصلي من أجلكم،لأني أرفع وجهه لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم لأنكم لم تقولوا فيّ الصواب كعبدي ايوب"(أي42: .

 * وجاء اليفاز التيماني يُعزي ايوب في مصائبهِ المُتوالية فقال له" ادع الآن فهل لك من مُجيبٍ؟ وإلى أي القديسين تلتفت؟(أي5: 1)  * وفي سفر صموئيل النبي:" فقال صموئيل اجمعوا كل اسرائيل إلى المصفاةِ فَأُصلي لأجلهم إلى الرب"(1صم7: 5).

 * كما أن صموئيل النبي كان يُصلي من أجلِ شعبه حتى قال لهم مرة:" وأما أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكف عن الصلوةِ من أجلكم"(1صم7: 9ـ 10و12: 23).

 * وفي سفرِ اشعياء النبي نسمعه يقول:"فرأى انه ليس إنسان ، وتحيرَ من انه ليس شفيع"(59: 16).

 * وفي سفر الملوك الثاني يقول:"وأُزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك من يدِ ملك آشور مع هذه المدينة.وأُحامي عن هذه المدينة من أجلِ عبدي داود"(20: 6).

 * وسليمان صلى من أجلِ شعبه"(1مل8: 22و38).

 * وحزقيا الملك الصالح صلى من أجلِ شعبه. فسمعَ الرب له وشفى الشعب (أيام الثاني 30: 18 ـ 20 ونحميا 1: 6 وعز1: 10).

ثانياً: العهد الجديد

 في أسفارِ العهد الجديد آيات كثيرة تُثبت وجود الشفاعة في المسيحيَّة، بالطبع لن نذكرها كلها هُنا، بل سنكتفي بذكر بعضها، 

وعلى القارئ أن يعودَ إلى الكتاب المُقدس إذا أرادَ المزيد منها.

 * في عُرسِ قانا الجليل، تشفعت أُمنا مريم بِأهل العُرس فقالت لأِبنها:" ليسَ لهم خمر.ومع أن السيدَ المسيح لم يجهل أن الخمرَ قد إنتهت من البيت، إلاَّ أنه يُعلمنا أن شفاعةَ أُمه مقبولة لديه.فصنعَ بُناءا على تشفعها أُولى مُعجزاته حين حولَ الماء إلى نبيذ جيد"(يو2: 1ـ 12).

 * كان عبدٌ لقائد مئة مريضاً مُشرفا على الموت، وكان عزيزاً عنده، فعرضه على أطباء القصر ، ولكنهم فشلوا في علاجه.فلما سمع عن يسوع أرسلَ اليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده. فلما جاؤا إلى يسوع طلبوا اليه باجتهاد قائلين "إنه مُستحق أن يفعل هذا لأنه يُحب أُمتنا وهو بنى لنا مجمع"(لو7: 2 ـ 5).

* يقول سفر الأعمال:"ثُم جثا على ركبتيه ـ استفانوس ـ وصرخَ بصوت عظيم وقال:" يارب لا تقُم لهم هذه الخطيئة.وإذ قال هذا رقدَ"(7: 6).

 * وجاء أيضاً:"فكان بطرس محروساً في السجنِ ، وأما الكنيسة فكانت تُصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله"(أع12: 5).

 * فقال له:" ـ أي الملاك لكرنيلوس ـ صلواتك وصدقاتك صعدت تذكاراً أمام الله ، والآن أرسل إلى يافا رجالاً واستدع سمعان المُلقب بطرس. هو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل"(أع 10: 4ـ 6).

 * والإناء المُصطفى يقول:" أيُها الإخوة إن مسرَّة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص"(رو10: 1).

 * وقال أيضاً:" فأطلُب اليكم أيُها الإخوة بربنا يسوع وبمحبة الروح أن تُجاهدوا معي في الصلواتِ من أجلي إلى الله لكي أنقذ الذين هم غير مؤمنين في اليهودية، ولكي تكون خدمتي لأجل أورشليم مقبولة عند القديسين"(رو15: 30ـ 31).

 * ويقول مُعلمنا يوحنا الحبيب:"يا أولادي أكتُب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم"(1يو2: 1ـ 2).

 * ويقول القديس بولس:" وكذلك الروح يُعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نُصلي لأجله. كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بِأنات لا ينطق بها"(رو8: 26).

 * ويقول أيضاً:"مُصّلون بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين بهذا بعينه بكل مُواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين ، ولأجلي لكي يعطي لي كلام عند إفتتاح فمي لأعلم جهار بسر الإنجيل"(اف6: 18 ـ 19).

 هذه هي بعض آيات الكتاب المُقدس التي تُشير إلى قبولِ الشفاعة أمام العرش الإلـهي.فالشفاعة مَوجودة وهي ضرورية وقد  يكون سبب عدم إستجابة التشفع ليس لعدم أهميتها، بل رُبما لغلاظة قلوب المطلوب لأجلهم، وعدم إيمانهم بالشفيع إيماناً كافياً يُجيبه إلى طلبه.

 وكيفما كان الأمر، نحنُ نُصّلي طالبين شفاعة القديسين ، لأنهم أحباب الله، و المُحيطين بملكوته.ولذلك فالتّشفع بهم يُفيدنا كثيراً.ومع ذلك كلّه، فالكنيسة لاتُؤمن أنه يُمكن أن يكونَ أي شخص وسيطاً بيننا وبين الله، غير يسوع المسيح ، بإعتباره الإله المُتّجسد ذبيحة الفداء، الذي بدمه الكريم حصلّنا على مغفرةِ خطايانا، والقيامة الآبدية.فكل قديس إنما يتقدس من الله، وهو وحده، سُبحانه، الذي يُقدسُنا ويُبررنا.ولذلك فحينما نطلُب شفاعة ومعونة القديسين، إنما نحنُ نطلُبها بما لهم من صفاتٍ مُقدسة من الربِ فيتشفعوا فينا أمام عرشه الإلهي.

 فالمُنتقلون إلى العالمِ الآخر يشفعون فينا شأنهم في ذلك شأن القديسين الأحياء على الأرضِ سواء بسواء، ولافرق بين المُنتقلين وبين الأحياء، لأنهم أيضاً أحياء عند ربهم.وفقاً لقول ربنا يسوع المسيح القائل:" الرب هو إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب.وهو ليس إله أموات، وإنما هو إله أحياء، لأن الجميع عنده أحياء"(لو20: 28ومتى22: 32ومر12: 26).فالذين إنتقلوا عنا بالجسد أحياء بِأرواحهم في السماءِ لا يقوى عليها الموت (راجع كتابنا عزاؤنا ـ الإنسان بين الأرض والسماء).لذلك فهم يُصلون ، ويتضرعون ، ويبتهلون ، ويتشفعون بنا لأن مشاعرهم حيَّة باقية(رؤ14: 3)، ولم تبطُل محبتهم لنا أبداً.فَإذا كان القديسون وهم على الأرض يُصلون ويتضرعون إلى الله من أجلِ خلاصنا، فكم تكون شفاعاتهم لنا وهم في السماء، وقد أصبحوا أرواح عابدة فقط؟ صحيح أنهم إنتقلوا عنا بالجسد ، ولكنهم يُفكرون فينا، ويعيشون آلامنا ، وأوجاعنا، ويعرفون إحتياج كل منا على الرغمِ من بُعدِ المسافات بيننا.لهذا فإنهم لا يتأخرون عن الشفاعة فينا، وإنهم يعرفون ويسمعون طلباتنا وصلواتنا.

 ولانشك البتة في أنه، تعالى، يُبارك الأحياء ويرحمهم من أجلِ شفاعة المُنتقلين ، ومُداومة صلواتهم من أجلنا.

*كيف يعلم المُنتقلون بِإحتياجاتنا؟ 

*وكيف يسمعون صلواتنا؟

في إجابتنا على هذا السؤال يلزمُنا أولاً الإيمان بما جاءَ في كتابِ الله المُقدّس بعهدّيه، وأن نقبلَ ماجاء في هذه الأسفار بتسليم وإقتناع تامين.

 * المُنتقلون عنّا هُم إخوتنا ، وأبناء جلدتنا، إختيروا للرحيل عن هذهِ الأرض، والسُكنى في حُضرةِ الله في عالمِ الأحياء.لهذا فهم يعلمون كل ظروفنا ، وإحتياجاتنا لأنهم منا، عاشوا معنا وعرفوا عنا كل شيء.

 * بين المُنتقلين وبيننا روابط جسّدية ، وقرابة رحميَّة ، أو قرابة روحيَة.صحيح أنهم إنتقلوا عنا  ولكنهم على علمٍ ودِراية بِأحوالنا  ويعلمون إحتياجات أقرباؤهم.

فهل إذا سافرَ عنك أخ أو أُخت إنقطعت علاقتك وقرابتك الجسدية والروحية معه؟ لا ، إنه على الرغمِ من بُعدِ المسافات بينكما فيكون كل واحد منكما على علم بِأحوال وظروف الطرف الآخر.وهكذا أيضاً الذين إنتقلوا عنا إنهم أحياء بِأرواحهم في السماءِ يسمعون ، ويرون ، ويتشفعون لنا أمام العرش الإلهي.

 * الآَّ تُؤيدني بِأن الله ، تعالى، قد جعل بعض هؤلاء قديسين لصفات مُنحت لهم أثناء حياتهم الجسدية على هذه الأرض؟

منحهم مَواهب العلم والمعرفة والكشف عن الماضي والحاضر والتنبؤ بالمُستقبل ، عن طريق الأحلام والرؤى أو بالصوت المسموع.

فهل يعقل أنهم بعد إرتحالهم إلى عالم الأحياء يفقدون هذه الأحقية؟ 

ولنسق على ذلك أمثلة من الكتابِ المُقدس:

ـ علِمَ "اليشع" النبي بما فعله تلميذه "جيحزي" في الخفاءِ عنه.وكان اليشع بعيداً عنه.يُحدثُنا الكتاب بِأن اليشع قد شفى "نعمان السرياني" من مرضه، ورفضَ قبول أي شيء نظير عمله هذا، فشكره نعمان ، وركبَ مركبته.لكن جيحزي تلميذ اليشع ركض وراءه ، فلما رآه نعمان إعتقدَ أن اليشع أرسله ليأخذ منه وزنة فضة وحلتي ثياب.فتوقف وأعطى جيحزي وزنتين من الفضة وحُلتي ثياب.ثم رجعَ جيحزي إلى البيت، وكأن شيئا لم يحدث.لكن اليشع علمَ بالروح بما فعله تلميذه.فقال له""من أين ياجيحزي؟فقال لم أذهب إلى هنا أوهُناك.فقال له ألم يذهب قلبي هُناك حين رجع الرجل من مركبته للقائك؟أهذا وقت لأخذ الفضة، ولأخذ ثياب؟

إن برصَ نعمان يُعلق بك ونسلك إلى الآبد"(2مل5: 15ـ 27).من هنا يتضح لنا أن اليشع علِمَ بما حدث بالروح، ولم يكن هذا هبة أو عطية الهية مُنحت له وهو بالجسد فقط، بل إنتقلت معه إلى السماء أيضاً.

 ـ اليشع أيضا كان يعلم بما يتكلم به ملك آرام وهو في مخدعهِ يقول الكتاب:"كان ملك آرام يُحارب إسرائيل ، فتأمرَ مع عبيدهِ قائلاً:" في المكانِ المُعين تكون محلتي ، فأرسل رجل الله اليشع إلى ملك إسرائيل يقول: إحذر من أن تعبرَ إلى هذا المكان ، لأن قُوات الآراميين نازلون هُناك.فأرسلَ ملك إسرائيل إلى الموضعِ الذي قال له عنه رجل الله وحذره منه ، وتحفظَ هُناك لا مرة ولا مرتين.فإضطرب قلب ملك آرام من هذا الحال ودعا عبيده وقال لهم الاَّ تخبروني من منا مع ملك إسرائيل؟ فقال أحد عبيده، كلا ياسيدي الملك إنما "اليشع النبي" الذي في إسرائيل هو يخبر ملك إسرائيل بما تتكلم به في مخدع منامك "(2مل6: 8 ـ12).ومن هُنا يتضحُ أيضاً أن اليشع النبي إستطاع بموهبته النبوية التعرف على مكيدةِ ملك آرام بدون التحدث اليه.

 

ـ ألم يعلّم مُعلّمنا بولس بما سيحدّث للمؤمنين في المُستقبل؟ فاسمعه يقول:" إني أعلم أنه بعد فُراقي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لاتشفق على القطيعِ ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بِأقوال فاسدة ليجتذبوا التلاميذ وراءهم"(أع20: 29).

 ـ كما علِمَ بولس الرسول أيضاً بزمن رحيله فقال لتلاميذه:" والآن ها أنا أعلم بأنكم لاترون وجهي بعد.أنتم جميعاً الذين جلت بينكم مُبشراً بملكوت الله"(أع20: 25 ـ 28 ورو15: 23).

ومن هُنا يتضح لنا بأن للقديسيين وهم بالجسد على الأرض مواهب منحها الله لهم حتى يعرفوا ما حدث وما سيحدث .

 ـ إن القديسين في العالمِ الآخر يعلمون بما يحدُث لنا على الأرض، ولاغُرابة في ذلك.فَإن كانوا ، وهم في الجسّد،عرفوا كل شيءٍ عنّا فكم تكون مقدرتهم على المعرفةِ أقوى وقد تخلصوا من جسدهم التُرابي الكثيف، ولبسوا أجساداً أثيرية خفيفية كالملائكة؟ من هذه الأمور.

فقد ذكر الكتاب المُقدس عن ظهورِ "صموئيل النبي" بعد موته لشاول الملك، وأنذره بِأن الله قد فارقه لأنك لم تطعه ، وأخبره بأنه سيموت هو وأولاده في الحرب "(1صم28: 16 ـ19) وقد تمَ كلامه بالحرف.ومات شاول وكل أولاده.

 ـ إيليا النبي علمَ بعد صعوده بما فعله "يهورام بن يهوشافاط" إذ أنه من الثابت أن إيليا صعدَ بمركبة نارية إلى السماء في عهدِ الملك يهوشافاط ، وأن يهوشافاط كان لايزال حياً حين أصبح اليشع نبياً بعد صعود إيليا.فلما ملكَ يهورام إبنه على يهوذا إنتهجَ منهج آخاب وإيزابيل، فأغاظَ الرب بأعماله الشريرة.فجاءت اليه كتابة من إيليا تقول له"هكذا قال الرب إله داود إبيك :من أجلِ أنك لم تسلك في طريقِ يهوشافاط أبيك ، وفي طُرقِ آسا ملك يهوذا  بل سلكت في طريقِ ملوك إسرائيل ، وجعلت يهوذا وسكان أورشليم يزنون كزنا بيت آخاب ، وقتلت أيضاً إخوتك وبنيك ونساءك وكل مالك ضربة عظيمة ويضربك أنتَ أيضاً بأمراض كثيرة بمرض في أمعائك حتى تخرج أمعاؤك بسبب المرض يوماً فيوما"(2أخبار21: 12ـ 15)وقد تمَ كل ما أنبأ به إيليا.فإيليا إنتقلَ عنا ولكنه لايزال حتى يومنا هذا يعلم بما يدور من حولنا وما نحتاجه من ضروريات.

 ـ ألم يقُل السّيد المسيح "يكون في السماءِ فرح بخاطئ واحد يتوب أكثر مما يكون بتسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة"(لو15: 7 ـ10 ورؤ6: 10).فكيف يعلم السمائيون بتوبة الخُطاة؟ أليس معنى هذا ضمنياً إنهم يعرفون ما يحدث لنا على الأرض؟ وعليه فَإن معرفتهم هذه أصبحت أكثر مما كانت على الأرض ،لأن أرواحهم تحررت من الجسد ، وممُعطلات المعرفة ، وأصبحت شفافة سريعة الوصول إلى الفهمِ والمعرفة، وأكثر قُدرة على النفاذِ إلى نفوسنا وعقولنا.

 

ولن نكون بعيدين عن الحقِ إن قُلنا أن الملائكةَ تنقل أخبار الأحياء إلى القديسين، كما تنقل أرواح المُنتقلين حديثاً إلى السماءـ وتُزودهم بأخبار الأحياء على الأرض، فأرواحهم تنتقل إلى العالم الآخر ، وهُناك تتقابل مع أرواحِ القديسين فتُخبرهم عن أخبارِ المُجاهدين على الأرض.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com