عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التراث العربي المسيحي

تراث عربي مسيحي

تراث عربي مسيحي

تقديم وتحقيق الأخ وديع الفرنسيسكاني

 

25.  وأما ثالثاً فالمؤمنون بالله (تعالى) العاملون بشريعته، هم الذين استعدوا لأن يكونوا آنية للكرامة، بوفاق إرادتهم إرادة باريهم، وهم الذين رحمته سابغة عليهم، متعلقة بهم، سارية فيهم . وهو عالم، في الأزل ، باستعداد هذه الآنية للكرامة، واستحقاقهم لها ، وإرادته (سبحانه) متعلقة بجعلهم منها ونيلها لهم؛ إذا كانت أعمالهم بحسب إرادته، واختيارهم مطابقاً لاختياره.

26. والطائفة الأخرى، لما كانت أعمالهم مباينة لإرادته، مغايرة لها، استحقوا أن يكونوا آنية للهوان. فهم العلة في أنهم من هذا القبيل، لا من ذاك. والدليل على قوله، في تتمة هذا الكلام: "إنه مع كثرة إمهاله، يأتي بالغضب على آنية الغضب المستحقين الهلاك، ويفيض رحمته على آنية الرحمة، الذين في سابق علمه "أعدهم للمجد".

27. وقوله: "أعدهم"، أي باستعدادهم أعدهم، كما قال بعد قليل: "إن منا مَن قُسمت له النبوة بإيمانه"؛ وتتمته . فلما جعل الإيمان شرطاً في العطية، كذلك جعل الاستعداد بالأعمال شرطاً في الكرامة. وهذا القول الأخير دليل كافٍ في حل الشك الموهم من قول الرسول والنبي.

28. وكلام كتب الشريعة انقسم إلى معنيين: أحدهما ما لا يقبل التأويل ويُحمل على ظاهره، والآخر يقبله ويحتمله ، وبه يتضح ويطابق العقل وغيره من النقل. ودليله قوله في مكان آخر: "الكتاب يقتل ، والروح يحيي"، أي إن الكتاب فيه ما يقتل، إذا أُخذ على ظاهره، ولا يتأول ولا يتمعنى؛ وإن الروح، الذي هو التفسير والشرح، هو الذي يحييه ويظهر القصد به.

29. واسمع قوله: "إنه يجزي كل واحد كنحو عمله"، أي إنه إذا وافق عمله إرادته ( سبحانه ) جازاه بما ستحقه من الثواب ؛ وإذا  باين فعله مشيئته (عز وجل) كافأه بما يستحقه من العقاب.

30. والقسم الكلي ينسبونه إلى قضاء الله (تعالى) على عباده، على قدر استحقاقهم. أما الخطأة فبما قضى به على أهل الطوفان، في أيام نوح، بتغريقهم فيه وهلاكهم به، وبما قضي به على أهل سدوم وعامورة من الخسف والهلاك؛ وبما قضى به على فرعون وجنوده من التغريق والهلاك.

31. كل ذلك قضى به على جميعهم، لتماديهم على أعمالهم القبيحة، وتهورهم في سيرتهم ، واستغراقهم في  شهواتهم  البدنية  الدنيئة ، ومخالفتهم  له بأفعال قواهم الغضبية.

32. وأما المرضي عنهم، ففي الماضي فبما فعله ببني إسرائيل من إنقاذهم من فرعون وجنوده ومن المصريين، وبخلاصه لهم منهم، بتلك القوى والأعاجيب، وبنصرتهم على أعدائم، في حروبهم لهم . وتجد في كتب العتيقة والحديثة نظائر كثيرة لهذا المعنى.

33. وفي المستقبل : فبما  وعد  به  العالمين  العاملين بوصاياه ، التعبين في عباداتهم العملية، وتكليفاتهم الشرعية، من النعيم الذي قال لهم: إنه "لم تسمع به أذن، ولم خطر على قلب بشر". وقال لهم أيضاً: "إنهم يكونون كالشمس في ملكوت أبيهم"، وإنهم يكونون كملائكة الله". والإنجيل الطاهر مشحون بهذه الوعود الشريفة الدائمة الباقية.



 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com