عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

كتاب لاهوت المسيح _البابا شنودة الثالث

كتاب لاهوت المسيح - البابا شنودة الثالث

 

11  وبنوة المسيح لله كانت موضع حيرة الشيطان:

لذلك نراه في التجربة على الجبل يقول له " إن كنت ابن الله، فقل أ تصير هذه الحجارة خبزاً" (متى4: 3). سؤال الشيطان يقصد به هذا النوع من البنوة لله التى لها قدرة معجزية خارقة للعادة تحول الحجارة خبزاً وليست بنوة عادية مثل بنوة سائر الناس. ولعل نفس السؤال به الشيطان وقت الصليب على ألسنة الناس القائلين له " إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (متى27: 40). إذن فالمفهوم هنا من الكل أنها بنوة لها قوة المعجزة التى تستطيع أن تنزل من على الصليب، وليست بنوة عادية يشترك فيها الكل.

12  وهذه البنوة كانت موضع بشارة الملاك للعذراء:

لقد قال لها " الروح القدس يحل عليك، وقوة العلى تظللك. فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35). فلو كان ابناً لله كسائر الناس، ما كان الأمر يحتاج إلى حلول الروح القدس، وقوة العلى على والدته، لكى بذلك يدعى ابن الله. إذن هي هذه البنوة التى من الروح القدس، كما قال الملاك أيضاً ليوسف " الذى حبل به فيها هو من الروح القدس" (متى1: 20). وهي البنوة التى يدعى بها قدوساً، وهذه صفة من صفات الله. وقال الملاك أيضاً للقديسة العذراء عن ابنها أنه " يكون عظيماً وابن العلى يدعى ويعطية الرب الإله كرسى داوود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33).. ولا يوجد إنسان من بنى البشر لايكون لملكه نهاية، ويملك إلى الأبد. إنما هذه صفة من صفات الله. إذن فقد كانت بشارة العذراء عن بنوة المسيح لله تحمل معنى اللاهوت الذى يملك إلى الأبد ولا تكون لملكه نهاية. ولعل هذه البشارة تذكرنا بما ورد عن هذا الأبن في نبوءة دانيال إذ قال عنه كابن للإنسان ط اعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً، لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطاناً سلطان أبدى ما لن يزول، وملكوته لاينقرض" (دا7: 13، 14).

13  وارتباط  هذه البنوة بألوهيته أمر ورد في نبوءة اشعياء:

فقد قال " يولد لنا ولد، ونعطى ابناً. وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً اباً أبدياً رئيس السلام" (اش9: 6). فهناك عبارة " ابن "، وعبارة "إلهاً قديراً" تجتمعان معاً في نبوءة واحدة. وحتى كلمة (عجيباً) تذكرنا بقول الرب لمنوح آبى شمشون " لماذا تسألنى عن اسمى وهو عجيب" (قض 13: 18، 22).

14  وهذه البنوة المرتبطة بالألوهية وردت في سفر الأمثال أيضاً:

قال " من يصعد إلى السماء ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صر المياة في ثوب؟ من ثبت جميع اطراف الأرض؟ ما اسمه وإسم ابنه إن عرفت؟!" (أم30: 4). وهنا لايتحدث عن واحد من أبناء عديدين، إنما عن ابن واحد يتميز عن الكل، لأنه من طبيعة الله ولاهوته.

15  وورد الاعتراف ببنوته لله في معجزة المشى على الماء:

معجزة المشى على الماء كانت تحمل معنى اللاهوت، لأنها سلطان معجزى على الطبيعة. وقد مشى المسيح على الماء، بمعجزة عجيبة لم يروها من قبل فقال له بطرس " إن كنت أنت هو، فمرنى أن آتى إليك على الماء " فسمح له " ومشى بطرس بقوة الرب. ثم شك فسقط فنجاه الرب. فماذا حدث؟ يقول الكتاب إن " الذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقة أنت ابن الله" (متى14: 25  33). هل يقصدون بهذه العبارة بنوة عادية مثل بنوة باقى البشر لله؟ مستحيل. فالبنوة العادية ليس دليلها على الماء، والسماح لتلميذه بالمشى على الماء مثله. لذلك سجدوا له وهم يقولون هذه العبارة. وفى هذا السجود اعتراف بأنه ابن الله من نوع فريد ليس لأحد من الناس، بنوة لها قوة المعجزة الخارقة والسيطرة على الماء والريح.

16  وبسبب نفس الاقدرة المعجزية للاهوته، إعتراف نثانائيل بأن المسيح ابن الله:

قال الرب لنثانائيل " قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك" (يو1: 48). فلما أدرك نثانائيل قوة الرب على معرفة الغيب سواء برؤيته، أو بقصة مخفاة في حياة نثانائيل، أجاب وقال " يا معلم أنت ابن الله" (يو1: 49). وطبعاً لم يكن المقصود هنا البنوة العامة لبنى البشر، وإنما البنوة التى لها من صفات اللاهوت معرفة الغيب. والسيد المسيح تقبل هذا الاعتراف من نثانائيل، وأضاف عليه ما يقوى هذا الإيمان فيه. فقال له " هل آمنت لأنى قلت لك أنى رأيتك أنى تحت التينة؟ سوف ترى أعظم من هذا... من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو50: 51).

17  وإيمان قائد المائة ببنوة المسيح لله، إيمان مرتبط كذلك بمعجزة:

يقول إنجيل معلمنا متى " وأما قائد المائة والذين معه يحرسون يسوع، فلما رأوا الزلزلة وما كان، خافوا جداً وقالوا: حقاً كان هذا ابن الله" (متى27: 54). أنظر أيضاً (مر15: 38: 39). إنهم رأوا معجزة الزلزلة، والظلمة أيضاً التى حدثت على الأرض كلها وقت الصلب، من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة أى في الظهيرة تماماً. لذلك آمنوا وقالوا: حقاً كان هذا ابن الله. وهم يقصدون طبعاً البنوة من لاهوته التى لها السيطرة على الطبيعة. لذلك قال الكتاب إنهم خافوا. ولعله قد قوى إيمانم هذا، لما حدث أن أحد العسكر ضربة بالحربة فخرج من جنبه دم وماء" (يو19: 34).

 18  ومعجزية العماد هي التى جعلت المعمدان يشهد أن المسيح ابن الله:

لقد شهد يوحنا وقال " وأنا لم أكن أعرفه. ولكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء، ذاك قال لى الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه، فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 34). وهذه البنوة لله التى يشهد بها يوحنا الكاهن والنبى، ليست هى بنوة عادية إنما هى بنوة بعد معجزة، تحمل معنى الاعتراف بلاهوته، إذ أنه قال في نفس المناسبة " هذا هو الذى قلت عنه يأتى بعدى رجل كان قدامى، لأنه كان قبلى" (يو1: 30) والمعروف أن المسيح ولد بعد يوحنا المعمدان بسته أشهر.

19  والاعتراف بهذه البنوة، ظهر في معجزة منح البصر للمولود أعمى:

بعد المعجزة قابله الرب وقال له: أتومن بابن الله؟ أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأومن به. فقال له يسوع قد رأيته، والذى يتكلم معك هو هو. فقال أومن يا سيد وسجد له" (يو9: 35  38). إلى إيمان، وإلى معجزة، وكانت نتيجتها أنه سجد له كابن الله... ويزيد هذه المعجزة أهميته وهنا ليس الحديث عن بنوة عادية لله يشترك فيها جميع الناس، وإلا ما كان المولود أعمى يسأل: من هو يا سيد؟ ولو كانت بنوة عامة لقال المولود أعمى: كلنا أبناء الله وأنا نفسى ابن الله، لكنها بنوة إحتاجت أنها تحمل اعلاناً من السيد المسيح نفسه أنه ابن الله وتحمل ايضاً دعوته الناس إلى هذا الإيمان.

كذلك الإيمان به كابن الله أمر احتاج إلى كرازة وشرح:

ويظهر هذا الأمر واضحاً في إيمان الخصى الحبشى، الذى قابله فيلبس وكان هذا الخصى يقرأ نبوءات اشعياء عن المسيح، وما كان يفهم معنى ما يقرأ. فشرح له فيلبس ذلك الاصحاح. وبشره بيسوع فطلب العماد. فقال له فيلبس " إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز " فأجاب وقال أنا أومن أن يسوع هو ابن الله" (أع 8: 28  37). والبنوة العامة لاتحتاج إلى شرح وتفسير وكرازة لأنها للكل. ولعل من نفس هذا النوع إيمان مرثا التى شرح لها المسيح أنه القيامة والحياة وقال " من آمن ولو مات فسيحيا. فقالت له: نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتى إلى العالم" (يو11: 25  27). طبعاً كانت تقصد بنوة لها الصفة المعجزية تؤيدها عبارة (الآتى إلى العالم). أى أنه ليس من هذا العالم، وإنما أتى إليه.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com