عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نجمه في المشرق

المجامع المسكونية

المجامع المسكونية

ارتباك وانحطاط: وأدت حروب القرن السابع إلى الارتباك والبلبلة وزادت هجمات البرابرة الطين بلّة. فكثرت تنقلات العائلات والعشائر واختلط الحابل بالنابل. واستهال الأمر على الناس وتخوفوا وتنازقوا وتسافهوا وتطايشوا. ولجأت الحكومة إلى القسوة فسملت العيون وجدعت الأنوف وصلمت الآذن وقطعت الألسن. فتباغض الناس وتقاطعوا وانغمسوا في الشر وتهافتوا على المُنكر وسخف الرأي وانتشرت الخرافات.

ترفع وتصوَّن: ولاحظ آباء القرن السابع هذه الأمور فأيقظوا لها الرأي وأسهروا لها القلوب واشترعوا في المجمع الخامس السادس في السنة 692 مئة قانون وقانونين. وأوجبوا معاقبة كل كاهن أو علماني يتغيب عن الاشتراك في صلوات الآحاد ثلاث مرات متتالية وأبعدوا الخمارات وحوانيت الطعام عن الكنائس ومنعوا النساء من الثرثرة والبقبقة في أثناء الاحتفالات الدينية وقبحوا إيواء الماشية في كنائس القرى والمزارع. ثم زجروا الرجال والنساء الذين استغلوا ظرف الصلاة للاتجار بأجسادهم وحرموا سنة كاملة أولئك الذين أتلفوا الكتب المقدسة أو باعوها من تجار العطور ليصنعوا منها أبواقاً. ومنع المجمع منعاً باتاً إقامة حفلات الأغبّة في الكنائس.

وهدد المجمع بأشد العقوبات جميع الذين يخالطون ويعاشرون الزهَّد الذين كرسوا أنفسهم لله واعتبر الإجهاض نوعاً من القتل وحرم جميع الذين يصنعون ويتجرون ويروجون الرسوم المخلة بالآداب. وشجب المجمع كل تفنن في ترتيب شعر الرأس للفت النظر والإغواء.

وكان المؤمنون لا يزالون يمارسون بعض الطقوس الوثنية القديمة فيحتفلون ببدء السنة الجديدة بالطقوس نفسها التي كان يمارسها الوثنيين لتكريم كرونوس Kronos إله الزمان فيتنكرون بجلود الحيوانات ويصنعون وجوههم. وكانوا لا يزالون يكرسون الأسابيع الثلاثة بين الرابع والعشرين من تشرين الثاني والسابع عشر من كانون الأول لشرب الخمر وتغير الأزياء والرقص وغير ذلك مما شاع في عهد الوثنيين احتفاء بعيد الإله باخوس. فنهى الآباء المجتمعون عن هذا كله وعن الميَّومة أيضاً، وهي احتفال الربيع، كما منعوا المؤمنين عن إبقاء النيران في أول الشهر القمري وعن تبادل الألبسة بين النساء والرجال لمناسبة عيد القطاف وحرموا على طلبة الحقوق التنكر بالألبسة لمناسبات معينة.

ولم يغفل الآباء أمر السحر والشعوذة وما تبعهما من خرافات وأحاديث كاذبة. وكان قد كثر عدد المشعوذين والساحرين والعرافين الذين ادعوا علم الغيب وكان قد أصغى إليهم وعمل بإشارتهم بعض كبار الرجال. فشجب الآباء هذا كله وفرضوا ندامة ست سنوات على المؤمنين الذين يلجأون إلى السحرة والمشعوذين يعرضون الدببة وغيرها من الحيوانات ليبيعوا صوفها تعاويز وأحرازاً.

وصايا الرسل: وامتنع آباء المجمع الخامس السادس عن الاعتراف بوصايا الرسل لأنهم لمسوا فيها دساً غريباً لا يتفق والعبادة الحسنة. ورأوا من الصواب طرحها جانباً "كي لا يسري سم الهرطقة" وبينوا بوضوح أسماء الآباء الذين يرجع إليهم في أمر النوماقانون فذكروا في القانون الثاني ديونيسيوس وبطرس الاسكندريين وغريغوريوس قيصرية الجديدة واثناثيوس الإسكندري وباسيليوس قيصرية قبدوقية وغريغوريوس نيصيص وامفيلوسيوس ايقونية وتيموثاوس الإسكندري وثيوفيلوس وكيرلس الإسكندريين وجناديوس القسطنطيني وكبريانوس قرطاجة.

الأباطرة والكنيسة: وخاض الأباطرة في باطلهم فتدخلوا في شؤون الكنيسة تدخلاً فعلياً فسنّ هرقل الاكثيسيس واشترع قسطنطين الرابع التيبوس ودعا إلى المجمع المسكوني السادس وحذا حذوه يوستنيانوس الثاني وأعد لاوون الثالث الاكلوغة وغيرها من القوانين واعتبر نفسه كاهناً أعظم فركب رأسه وقال ما قال في الأيقونات المقدسة. وبسط قسطنطين الخامس عنانه في الجهل وتدخل هو أيضاً في أمور الكنيسة. ويجوز القول أن عدداً كبيراً من الأساقفة لم يستلموا عكاز الرعاية إلا برضى الأمبرطور وموافقته.

ولكن الكنيسة أنجبت في هذه الفترة نفسها من تاريخها أبناء قديسين غيورين أخذوا على يد هؤلاء الأباطرة وقصروا خطاهم وحبسوا عنانهم فدافعوا عن حرية الكنيسة دفاع الأبطال. وهل ننسى ادوار مرتينوس الأول ومكسيموس المعترف وغريغوريوس الثاني ويوحنا الدمشقي؟!!

ومما يجب ذكره أن هرقل لوى عنانه وأكد ليوحنا الرابع بابا رومة أن سرجيوس أعد الاكثيسيس وأن قسطنطين الرابع أفاق من سكرته ورجع عن التيبوس وأن يوستنيانوس الثاني تساهل في تنفيذ قوانين المجمع الخامس السادس ولم يكره البابا قسطنطين على العمل بموجبها.

ومما لا يجوز إغفاله أيضاً أن لاوون الثالث استمزج وشاور وحاول الإقناع قبل أن اتخذ القرارات بنزع الأيقونات وأن ابنه حذا حذوه وأن الآباء الذين اجتمعوا في هييرية لينفذوا برنامج قسطنطين الخامس قطعوا عليه وجهته في أمر العقيدة وخفضوا من غُلوائه وأنه هو أمسك وارتدع!

البطريرك المسكوني: وكان المجمع الخلقيدوني (451) قد اعتبر أسقف رومة الجديدة مساوياً لأسقف رومة القديمة. وكان أكاكيوس أسقف رومة الجديدة قد اتخذ لقب البطريرك المسكوني بعد ذلك بسنوات معدودة. ثم انتشر الإسلام في أبرشيات مصر وسورية ولبنان وفلسطين، وقامت دولة إسلامية فتية ثيوقراطية، فاستضعف بطاركة الشرق واستكانوا وتضاءل نفوذهم ثم تيتمت كراسيهم وأمست شاغرة مدة من الزمن. فأصبح البطريرك المسكوني هو البطريرك الفعّال الوحيد في الشرق.

وجاء المجمع الخامس السادس (692) فاعترف بالواقع وأيّد بقانونه السادس والثلاثين قرار المجمع الخلقيدوني فمنح البطريرك المسكوني الامتيازات نفسها التي تمتّع بها زميله بابا رومة. وفي السنة 732 استحكم الشقاق بين لاوون الثالث وبين بابا روما فوسّع لاوون سلطة البطريرك المسكوني على حساب زميله الروماني فخضعت اليرية وصقلية وكلابرية لسلطة البطريرك القسطنطينية. وسلخ لاوون في هذه السنة نفسها أبرشيات أسورية عن كنيسة أنطاكية فأتبعها الكرسي القسطنطيني أيضاً. وإذا ما قابلنا هيرارخية القسطنطينية كما أبانها ابيفانيوس القبرصي في السنة 650 وبين تكتيكون البطريرك نيقوفوروس في السنة 810 نجد عدد الأسقفيات التابعة للكرسي القسطنطيني يرتفع من 424 إلى 600.

وعظم قدر البطريرك المسكوني في عاصمة الدولة وارتفعت منزلته ووقرت مهابته في الصدور فأقسم الأباطرة أمامه يمين الولاء للدين القويم وتسلّموا التاج من يده. وتدخّل هو تدخلاً فعلياً في الحكم واشترك في أعمال مجلس الشيوخ والوزراء وناب عن الأمبراطور في غيابه وتولى الوصاية على الأباطرة القصر. فإن سرجيوس دار دفة الحكم في أثناء تغيب هرقل عن العاصمة وتولى بولس الوصاية على قسطنديوس القاصر. وجلس البطريرك المسكوني في المرتبة الأولى بعد الأمبراطور ونالت حاشيته مرتبة مرموقة في سجل التشريفات.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com