عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E الانجيل اليومي

العشور...وتبرعات المُؤمنين
العشور...وتبرعات المُؤمنين

Tithe ...  and the voluntary contributions of the faithful

  الدكتور انطوان يعقوب

سوْال :
سأل أحد الأحباء عن صحةِ إلزام الكنيسة المُؤمنين على دفع العشوروالتبرعات ، في وقتٍ تنتشر فيه سوء الأحوال الإقتصادية  بسبب غلاء المعيشة، وانتشار البطالة، وعجز الناس عن توفيرِ إحتياجاتهم الأساسية ، بينما يتنّعم رجال الدين في حياتهم ، بل ويركبون أحدث السيارات،  ويُعينون من يقودها لهم. 
 
للرّدِ نقول بأمانة وصراحة ، أن القاعدة العامة ، هي أن المُؤسّسات الدينية على اختلافِ أديانها ومذاهبها وطوائفها، تقوم على تبرعاتِ أبناءها، بنصوص الكتب المُقدّسة. وهي في نفسِ الوقت تأخذ بعين الإعتبار أحوال الناس وأعوازهم، فلا تُجبر المُحتاجين على دفعها، بل وتُلزم المُقتدرون على إعالةِ ومُساعدة الأهل والأقارب أولاً ، مما يُقدّمونه كتبرعات يقول مُعلمِّمنا بولس " إن كان أحد لايعتني بخاصته ولاسيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وصار شرًا من غير المُؤمن"(1تيمو 5: 8) . 
 
أما الشق الثاني ، 
فأنا أُوافقك على أن بعض رجال الدين ، قد أصبحوا من أصحابِ الثروات، يعيشون في مساكنٍ فاخرة ، ويركبون أحدث السيارات، ويستأجرون من يقودها لهم ، بل ويتم علاجهم في أحسنِ مُستشفيات العالم على نفقةِ المُؤسّسات التي تفتح أبوابها وتستمر بفضل تبرعات وإحسانات عوام الشعب ، بل و تراها تواصل حث الناس على دفعِ التبرعات باعتبارها مصدر لدخلها ، حتى كوّنوا طبقة، كما كان الحال في العصورِ الوسطى، بورجوازية جديدة في المُجتمعات، وذلك لغياب الرقابة المدنية من جهةٍ وعدم إخضاعهم للضرائب العامة كغيرهم من المُواطنين ، أو توجيه السؤال،  لرجل الدين الذي يملك القصور والأرصدة في المصارفِ في الداخلِ والخارج ، الذي يُوّجه لعامة الشعب "من أين لك هذا؟" فلو تمّ ذلك لأصبح الجميع مُتساوون ، ولإنعدمت هذه الطبقة التي تحوّلت إلى طبقةٍ بورجوازية ديكتاتورية تُسيطّر على عقولِ وجيوب الناس من بسطّاءِ القَوم، بل واستغلال المُقتدرين منهم على دفعِ التبرعات العينية والمالية لها.

*  الإنسان وما يمُلك ملكًا لله

لنتفق أولاً على أن الإنسان هو مُجرّد وكيل على كلِّ ما يملكه على الأرض، لأن الله، سبحانه، هو المالك لكُلّ شيء، بما في ذلك خلقته نفسها ، أي الإنسان. ولذلك نقول أن ما يُقدمه الإنسان كهبّات مُحدّدة بعشور دخله المالي والعيني، من المالِ الحلال، إذ لايجوز للمُؤسّسات الدينية قبول التبرعات مثلاً  من تجارةٍ مُحرّمة شرعًا وقانونًا، بل ويجب أن تسأل قبل قبولها للتبرع ، ما مصدر هذا المال للتأكد من صحته.- طبعًا أغلّب رجال الدين لايهمهم في الأمر ، إلاّ كمية المبلغ الواصل إلى آيديهم، فلا يهمهم مصدره ولا حتى شرعيته -  فالكنيسة عندما تُصّلي في تقدمةِ القرابين تقول:" فما لك، مِمَّا هو لكَ، نُقرّبهُ لكَ عن كلِّ شيءٍ ومن أجلِ كلّ شيء" أي أنها تعترف بأن ما نُقدمه من تبرعاتِ وقرابين هي من ملكهِ سبحانه، وما هي إلاّ جُزء مما يهبنا إياه. 
فالله هو الواهب لكلّ ما نملكه، حتى نسمّة حياتنا هي ملك له لا يُمكننا التّصرُف فيها فهو الذي يهبها وهو الذي يستردها متى شاءَ، ومن ثمّ ما نُحققه من نجاحاتٍ مالية أو عينية نكون وكلاء عليها. 

ألم يكُن أيوب البار ثريًا حتى أخذَ الله منه ماله وأولاده فجعله فقيرا   وما ذلك لم يعترض على مشيئته فقال  الله جاب الله آخذ الله عليه ومنه العوّض. فإن شاء منحك وان شاء أخذ مما لك.
 
ونحن نقول هُنا أن جُزء من التبرعاتِ والعطايا تذهب لنشر الرسالة الدينية في العالم ، وبدونها تتوّقف كل الخدماتِ التي تُقدّم اليوم لتثبيت الناس في الإيمانِ  وتأسيس المُؤُسّسات العلمية والمُستشفيات والياتم ودار رعاية الطفولة ، ومُساعدة المُحتاجين. فالمفروض والمُتوّقع أن يكون المُهيمنين على الأموال أُمناء على الأموال والتبرعات المُقدمة.

*العشوروالتبرُعات الكنّسيّة  
Tithe and Church donations

ليس في أسفارِ العهد الجديد ما يدُل على وجودِ لفظة العشور، التي تُلزم به الكنيسة أتباعها اليوم،  لكن مصدرها الأساسي هو العهد القديم . وهُنا نتساءل ما لنا والعهد القديم، وقد تحرّرنا منه وأصبحنا أبناء العهد الجديد ؟ 
وهل نحن مُلزّمون بقوانينه وأنظمته؟  قبل أن نُجيب علينا أن نعرف هل نحن مُلزّمون بما جاءَ في لالعهد القديم؟ أقول نعم لأن السيّد المسيح نفسه فعلَ ذلك وطُبِقَت عليه شرائع ناموس العهد القديم. 

* موقف السيّد المسيح من العهد القديم
 
The position of Christ from the Old Testament  
 نحن نُؤمن بِأن الكتاب الـمُقدّس بكل أسفاره رسالة الله الـمُعطاة للبشر من أجل الخلاص ، وهو لهذا مُوحى به من عنده سُبحانه ، وحياً حقيقياً . فما العهد الجديد إلاَّ تكملّة للرسالة الـمُتنبئ عنها في العهد القديم عن مجيئ الـمُخلِّص، فلما جاءَ السيد المسيج أُكمِلَ الكتاب وأصبح يُعرف بالعهد القديم أو الوعد القديم الذي قطعه الله للأنبياء بِأنه سَيُرسل لهم مُخلِّص يُخلِّصهم من نَيْر الخطيئة وعبودية الـمَوت وأصبحَ لهذا لدينا جُزئين : 

- الأول : شملَ الوعد بالخلاص وفيه كلمَ الله الأنبياء واعداً إياهم بِمحيئ المُخلِّص إبنه الوحيد، لِيُخلِّصهم. 

- الثاني: لما جاءَ الـمسيَّا الـمُنتظّر أكملَ الوعد والـمشوار ووضعَ لهم ناموساً مُكّملاً  للناموس الأوّل. فالعهد الجديد إذن إمتداداً وتكملّة للعهد القديم ، وكلاهُما يُكمّل الآخر .
 هكذا قالَ له المجد:" ما جئت لأنقُض بل لأُِكمل"(متى5: 17) وقالَ أيضاً :" وإلى أن تزول السماء والأرض فلن يَزول حرفاً من الناموس"(متى5: 18 ) 
لهذا نحن نُقدّس الكتاب كلّه بعهديّه القديم والجديد . 

* إعتراضات والرّد عليها
 Objections and responses thereto 
  
قد يقول البعض "ألم  يُحرّرنا السيّد المسيح من شرائع العهد القديم؟ ألم نُصبح بـمسحيتنا أولاداً وأبناءً لله، وبالتالي أبناء للعهد الجديد الـموعودين به ، فلماذا يجب علينا أن نَتَقَيد بشريعة العهد القديم؟
  
نقول نعم بـمسيحيتنا أصبحنا أبناء الله الحاصلين على نعمة الخلاص التي تمت على صليب الصلبوت ،  لكنه،له المَجد، لم يُلغ العهد القديم ، بل قال ماجئت لأنقض بل لأُكمل ، وفي هذا يأمرنا هُنا بضرورة الحفاظ على العهد القديم .
 
صَحيح أنه ، له المَجد،  قد حرّرنا من بعض تقاليد وطقوس العهد القديم ، ولكنه أبقى على العهد الأخلاقي الذي يتضمن الوصايا العشر ، وهذا واضح من قوله للشاب الغني الذي سأله "ماذا أفعل لأرث الحياة الآبدية؟" فقال له "إحفظ الوصايا..." (لو18:18 ـ24)
وهُنا يظهر بوّضوح إنه لم يُلغِ العهد الأخلاقي القديم ، بل أضافَ اليه ، وذلك واضح من قولهِ"سمعتم أنه قيلَ لكم... أما أنا أقول لكم..."( متى5: 21 ـ 43) 
ومعنى هذا أن الحُرية التي حصلنا عليها بدم الفادي لا تعني إطلاقا أننا أصبحنا في حلٍ من هذه الوصايا. 

إن العهد القديم لم يُكتب وقفا لشعبٍ من الشعوب ، بل كُتب  للجميع .
 إن السيّد المسيح إعتمدَ في أقوالهِ على أسفارِ وآيات العهد القديم  ومع ذلك نراه يُحّذرنا من أن نكون مثل الكتبة والفريسيين" يجب أن يفوق برَّ كُم برَّ الكتبة والفريسيين"(متى5: 20).وبهذا اعتقنا من تقاليد الناموس الجامدة ، واهباً إيانا منهجاً روحياً.
  
إن آيات وأسفار العهد القديم تُوّضح لنا خطة الله للخلاص. وما أجمل قول مُعلّمنا بولس القائل:" لما جاءَ ملْ الزمان أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة مولوداً تحت الناموس"(غل4:4).
 قد يقول قائل " ما حاجتنا إلى أسفارِ العهد القديم التاريخية وقد أظّهرت الله على أنه إلـهاً غضوبا وناقمًا ومُحاربًا؟ ، إنه صفحات للحرب والقتال والغضب والـخوف من العقاب؟
  صحيح أن هذه الأسفار تُظهر الله بهذا الـمظهر ، وهذا أمراً طبيعياً لأنه أُهين من أولادهِ كثيراً، ألاَّ يغضب الأب على إبنهِ إذا أهانه؟  فهكذا عاقب الأب (الله) أولاده الخُطاة ، فهذه الأسفار تُرينا كيف كان شعب العهد القديم ينسى الله فيسقط في الخطيئة. إن هذه السقطات والأخطاء دليل قاطع على مدى إحتياج هذا الشعب للخلاص. نعم إنها كُتبت لتُعلّمنا مدى محبة الله لنا حين وعدَ بخلاصنا ، فنزلَ مُتجّسداً لتنفيذ هذا الوعد. 
 إن الخلاص بالـمسيح الـمصلوب هو جوهر العهد الجديد ولكننا ما كُنا لِنُدركه لولا العهد القديم. فالعهد القديم كما قُلنا يُظهر لنا مدى ضعف البشر وسقوطه في الخطيئة حتى صاروا كلّهم تحت غضبه، والمَسيح مُزمع أن يَأتي ليفتدي الخُطاة. أما العهد الجديد فقد أعلن عن مجيئ الفادي الذي خلّصَ بموته شعبه.
 وبمعنى آخر أن العهد القديم أظهرَ كيف أن الله غضبَ من شعبهِ فأدّبه لكي لا يهلك بالخطيئة  أما في العهد الجديد فقد أظهرَ الله الرحوم الغفور .
فنحن وبُناءًا على ما تقدم مُلزّمون بما جاءَ في العهدِ القديم بروحه وليس بحرفه! فما جاءَ عن العطايا والعشور هي روح الكلام لإظهار محبتنا لله الوهاب للعطايا وللأرزاق. فمِمّا يهبنا إياه نُساهم بجزء منه في تقديمِ العون والمُساعدة للمُحتاجين والفقراء، المُقرّبون أولاً ثُمّ ما يتبقى للكنيسة أو للمُؤسّسات الخيرية التابعة لها، باعتبارها المسؤولة  عن توزيعِ الهبّات والتبرعات للمُحتاجين.
* مصدر العشور The source of the tithe
 مصدر العشور المُتبّع اليوم في المسيحيةِ  يرتكز على أسفارِ الكتابِ المُقدّس نفسه. إذ وردّت عدّة مرات في أسفارِ العهدِ القديم ، أمّا في العهدِ الجديد فقد جاءت بمعنى الصدقة والعطايا. وان كان هذا النظام موجوداً حتى قبل كتابة الشريعة .  
 فقدكانت المعابد الوثنية في عصرِ الوثنية، في مصر الفرعونية، وفي لبنان الفينيقية، وفي اليونان وفي رومه ، كلّها ترتكز على عطايا وتبرعات المُؤمنين الذين كانوا يغدقون بسّخاء على كهنةِ معابد آلهتهم لينالوا رضاهم، فكانت طبقة الكهنة من أثرى وأغنى طبقات المُجتمعات، فلا عجب أن نرى بعضهم اليوم وقد أثروا بسبب أماكن خدمتهم وكثرة عدد رعاياهم .

العهد القديم:
 جاءَ في سفر التكوين أن ملكي صادق ، ومعنى إسمه ملك البرّ أو السلام، أن أبرام بعد أن تمكن من هزيمة ملك عيلام كدرلعومر ومعه ثلاثة من ملوك بلاد ما بين النهريّن، واسترداد أراضيه ، عادَ فقابله ملكي صادق ، وكان كاهناً لله العلي،  فقدمَ لآبرام له خبزاً وخمراً وقال له " مُبارك أبرام من الله العلي ، مالك السموات والأرض ومُبارك الله العلي الذي أسلّمَ أعداءاك في يدك ، فأعطاه أبرام عُشراً من كل شيء"(تك 14: 21-24) 
ونسمع يعقوب أنه عندما رأى سُلُمًا بين السماء والأرض قال" إن كان الله معي وحفظّني ورجعت بسلام إلى بيتِ أبي يكون الرّب إلها وكل ما تعطيني فإني أُعّشرهُ لك"(تك28: 20-22) فيبدوا أنه أخذَ نظام العشور عن جدّه إبراهيم الذي قدم للكاهن ملكي صادق عشور ما يملمه..
 كما جاءَ ذلك بأمر من الله لعبده وكليمه موسى حين قال له" تعشيرًا تُعَشِّر كل محصولٍِ زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة"(تث14:  وتث 12: 1722ولا 27: 30 ). ولهذا من يرفض دفع عشوره يكون ، كما قال ملاخي النبي، قد سلبَّ حقّ الرّب فيما أعطاه للإنسان  . يقول:" أيسلُّب الإنسان الله ؟ فإنكم سلبتموني .فقلتُم بما سلبناك ؟ في العشورِ والتقدمة. قد لُعنتُم لعنًا وإيايّ أنتُم سالبون هذه الأُمة كُلّها ، هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام  وجربوني بهذا  قال رب الجنود" إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء وأفيض عليكُم بركة حتى لا توسع وأنتهرُ من أجلكُم الآكل فلا يُفسّد لمك ثمرَ الأرض ولا يُعقرُ لكُم الكرمُ في الحقل .ويُطّوبكُم كل الأُممِ  لأنكُم تكونو أرضَ مسَرةٍ"(ملا3: 8- 10)
العهد الجديد : أول ما نقوله فإن السيّد المسيح نراه يُؤكد كلام العهد القديم فقال "لا تظنوا أني جئتُ لأنقضَ الناموسَ أو الأنبياء. ما جئتُ لأنقض بل لأُكمل.فإني الحق أقولُ لكُم إلى أن تزول السماء والأرض لايزول حرفٌ واحدٌ أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكونَ الكُلُ. فمن نقضَ إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّمَ الناسَ هكذا يُدعى أصغر في ملكوتِ السموات  أما من عمل وعلمَ فهذا يُدعى عظيمًا في ملكوتِ السموات. فإني أقولُ لكم ان لم يزد برّكُم على الكتبّةِ والفريسيون لن تدخلوا ملكوت السموات"(متى5: 17-20) وقد نُفّسر زيادة البرّ هُنا بعطاياهم ولذلك لم يُحدِّد العهد الجديد نسبة مُعينة لتقديمها ، وإنما تركها لكلِّ واحدٍ شرط أن يزداد برّه عن الكتبّة والفريسيون فيما يقدمونه. مُعتبراً المسيحي وكيلاً على ما يُوهب من عطايا يقول القديس بطرس" كوكلاء صالحين على نعمةِ الله المُتنوعة (1بط4: 10) " بل بالحري يتعبُ عاملاً الصالح بيدّيه ليكون له أن يُعطي من له احتياج"(أف4: 28) ويوصي القديس بولس الأغنياء قائلاً :" أن يصنعوا صلاحًا وأن يكونوا أغنياء في أعمالٍ صالحة وأن يكونوا أسخياء في العطاء كرماء في التوزيع مُدخرين لأنفسهم أساسًا حسنًا للمستقبل لكي يُمسكوا بالحيوة الآبدية"(1تيمو6: 18-19).
والعهد الجديد يحصر مفهوم الصدقة والعطاء في مُساعدة الفقراء والمساكين  بطريقة لا تخدش كرامتهم وتكون العطاءات في الخفاء حتى ينال مُقدمها بركة التصّدُق.
 يقول القديس يوحنا الذهبي الفم  في وصفه لإفتقاد المُحتاجين:"الكلام في الإحسان مُفيد في كلِّ وقتٍ ونحنُ كُلُّنا بحاجةٍ إلى رحمةِ الله خالقنا ، لاسيما في هذهِ الأيام التي زادَ فيها البرد . ففي زمن الصيف يجد الفقراء تعزية الطبيعة ودفأها ، فالعراة يكتفون  بدلاً عن اللباس بأشعة الشمس ، يستطيعون النوم ملتحفين الأرض، يشربون الماء من النبع ويقتاتون العشب والثمار.أما في الشتاء فهم مُحاربون من كلِّ جهةٍ : الجوع يتأكل أحشاءهم من الداخل..والبرد يُميت أجسادهم من الخارج .يحتاجون إلى مزيدٍ من الطعامِ واللباس وسقف ولحف وأحذية .لايجدون عملاً يعملونه في الوقت الصعب .لذلك علينا في مثلِ هذه الحالة أن نمدّ يد العون والإحسان إليهم .
وهناك طرق عديدة للعطاء والتّصدُق نذكر منها:
- الإحتياجات الجسّدية: الطعام اللباس السكن اإضافة الغرباء ومُساعدة الأرامل والأيتام ولهذا يقول لنا "كونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم "(لو6: 36)" إني أُريد رحمة لا ذبيحة" (لو6: 36) ويُعلِّق القديس باسيليوس قائلاً لمن لايرحم المحتاجين" من أجلِ أنك لم ترحم الآخرين فلا يصنع بك رحمة أيضًا لأنك أقفلت باب بيتك أمام المساكين فلا يفتح لك الله باب ملكوته" كلام خطير ومُهم ينبغي أن نتيقظ له في أيامنا.
 كما يوصينا قائلاً "إصنعوا لكم أصدقاء بمال الظُلم حتى إذا فُنِيتُم يقبلونكُم في المظالِ الآبدية"(لو9: 16)  فالمال الذي لا تتصدّق منه بعشورك هو مال ظلم لأنك في الحقيقة أخذت نصيب الله من العطايا التي منحها لك. فإذا كان الله هو واهب العطايا ومانح النعم والأرزاق فكيف تسلبه حقه ونصيبه منها؟ فأعلّم ياحبيب المسيح أن أصدقاء الظلم المقصود بهم هنا الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل . ألم تقرأ ماذا قال الرب يسوع عن يوم الدينونة العظيم للذين عملوا الصلاح والخير. فاسمع ما قاله:" تعالوا يامُباركي أبي رثوا الملكوت المُعّد لكُم منذ تأسيس العالم لأني جُعت فأطعمتموني..عطشت فسقيتموني. كنتُ غريبًا فأويتموني، عرياناً فكسوتموني ، مريضًا فزرتموني، محبوسًا فأتيتُم إليّ .فيُجيبه الأبرار قائلين متى رأيناك جائعًا فأطعمناك، أو عطشاناً فسقيناك، ومتى رأيناك غريبًا فأويناك، أو عرياناً فكسوناك ، ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فأتينا إليك؟ فيُجيبهم قائلاً:الحق أقولُ لكُم بما أنكُم فعلتموه بأحدِ هؤلاء الأصاغر فبيّ فعلتُم"(متى25: 32-39) إذاً ما تُقدمونه للمُحتاجين سيُحسب لكُم شرط ألاّ تعرف يمينك ما تفعله يسارك فتكون هباتك وعظاياك في الخفاء. وبدون إلزتام أو إجبار . فالعطية تخسر صوابها إن كنت مُلزمًا لدفعها ولذلك لم يُحدد العهد الجديد مقدار مُعينًا لدفعه. فإذا كان العهد القديم الزم أتباعه بدفع العشور والسيد يقول إن لك يزد برّكم على برّ الكتبة والفريسيون لن تدخلوا ملكوت السموات، أي يجب أن تكون عطاياكم أكثر من نسبة  عشور العهد القديم.
- الإحتياجات الروحية: وتتمثل في التعليم والافتقاد الروحي ونشر المطبوعات الدينية وتسديد احتياجات التلاميذ والطلاب العاجزين عن دفعِ مصاريفهم الدراسية. فهذا مجال آخر لتقديم المُساعدة المادية . فيمكننا تبّني بعض الأطفال وندفع لهم مصاريفهم ونشتري لهم كتبهم الدراسية ولوازمهم بدون أن نُشعرهم بما نفعله من أجلهم وإلاّ فقدنا جزاء ما نفعله.
 وعليه نقول العشور التي وردت في العهد القديم الزمت شعب العهد القديم بها أما في العهد الجديد فليست مُحددة بهذه النسبة شرط أن تزداد لا أن تنقص وفقًا لقوله "ان لم يزد برّكم على بر الكتبة والفريسيون فلن تدخلوا ملكوت السموات(متى5: 20)  بل من سألك فأعطه(لو6: 30) 
أخيراً أقول مُردداً قول سفر الأمثال القائل:" من يسد أُذنّيه عن صراخِ المسكين فهو أيضًا يصرخ ولا يُستجاب له"(أم21: 13).. فعطاياك وتبرعاتك للمُحتاجين كما يقول ابن سيراخ" كالنار المُلتهبة يُطفئها الماء وكذلك الصدقة تُخمد الذنوب"(ابن سيراخ3: 30)  وأسفار العهد الجديد مليئة بحث كل المُؤمنين على تقديم الصدقات والتبرعات والمُحتاجين.
 إذا نحن أبناء العهد الجديد غير مُقيدين بعشور العهد القديم، ولكننا أبناء العهد الجديد ، عهد المحبة والمُشاركة ، فمن أعطى فليعط بسخاء بدون تردد.
ولك الحقّ وكل الحق يا حبيب المسيح،  في تقديم مُساعداتك بطريقة مُحدّدة ، لأن الله يُنذرنا ألاّ تعرف يميننا ما تفعله يسارنا. أي أن تكون عطاءاتنا بالخفاء لا يعرفها ولايراها إلاّ الله الساهر على نفوسنا ويعرف ما في قلوبنا ونوايانا. فله نُرسل التسبيح والشُكر والمجد إلى الآبد.من له أُذنان للسمع فليسمع.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com