عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

مقالٌ في دخولِ السَّيِّد إلى الهيكل للقِدِّيس ثيوفانيس الحبيس

مقالٌ في دخولِ السَّيِّد إلى الهيكل  للقِدِّيس ثيوفانيس الحبيس

يا لهُ من مشهدٍ خشوعيٍّ يُقدِّمُهُ لهُ دخول السَّيِّد إلى الهيكل! الشَّيخ سمعان الطَّاعن في السِّنِّ، حاملاً بين ذراعيْهِ الطِّفلَ الإلهَ، ومن جانبيهِ-يوسُف الصَّدِّيق والعذراء والدة الإله الفائقة القداسة؛ وعلى مسافةٍ ليست ببعيدةٍ من خلفهم-حِنَّة النَّبيَّة، ناسكةُ ومصلّيَّة أربعةَ وثمانين عاماً. عيون الجَّميع قد وُجِّهت إلى المخلِّص. إليهِ يتوق هؤلاء بانتباهٍ ومنه يشربون اللَّذَّة الرُّوحيَّة، المغذِّيَّة نفوسَهم. بإمكانكم أن تتصوَّروا أيَّةَ غبطةٍ عظيمةٍ كانت غبطة هذه النُّفوس! ...
ولكن، يا إخوة، إنَّنا نحنُ أجمعون لسنا مدعوون إلى التَّصوُّر الذَّهنيِّ فقط، بل وإلى تذوُّقِهِ الفعليِّ، لأنَّنا نحن أجمعون قد دُعينا إلى أن نحمُلَ الرَّبَّ في أنفسِنا، ونتوقَ إليهِ بكلِّ قوى روحنا. وها أنَّهُ، حين نبلغ إلى هذه الحالة، حينئذٍ ستكون غبطتنا ليست بأصغر من غبطة أولئكَ، الّذين قد اشتركوا في دخولِ السَّيِّد إلى الهيكل. كان هؤلاء مغبوطين-لأنَّهم قد رأوا؛ أمَّا نحنُ فسنكون مغبوطون، لأنَّنا لم نَرَ، لكنَّنا آمنَّا. اصغوا بانتباهٍ. سأريكم باختصار كيفَ نبلغُ إلى هذا. إليكم ما عليكم أن تصنعوهُ وتمارسوهُ على الدَّوام:
1. أوَّلاً توبوا. اذكروا، بأنَّهُ في الحياة الرُّوحيَّة ليس من الممكن صنعُ شيءٍ دون التَّوبة. مهما كان الأمر الّذي يبحث عنه الإنسان، فعلى رأس الكُلِّ ينبغي أن تكونَ التَّوبة. فكما أنَّهُ لا يمكننا أن نبنيَّ بيتاً دون أساساتٍ وكما أنَّنا، إذا لم ننقِّي الحقلَ، فلا يمكننا لا أن نبذر ولا أن نزرع فيهِ، هكذا أيضاً من دون التَّوبة لا يمكننا الشُّروع بشيءٍ في أبحاثنا الرُّوحيَّة؛ فمهما صنعتم من دونها، سيكون كلُّ شيءٍ هباءً. هكذا قبل كلِّ شيءٍ توبوا، أي ارثوا على كلِّ ما هو شرِّيرٌ، الّذي صنعتموهُ، وصمِّموا على صنعِ ما كان صالحاً فقط. إنَّ هذا ليعني أن تُحوِّلوا نظركم وجسدكم بأكملهِ ناحيَّة الطَّريق، الّتي ستلتقون بالرَّبِّ فيها والّتي عليكم الدُّخولَ فيها.
2. بعد هذا، محافظينَ على إحساس التَّوبة بلا تغيُّرٍ، اقتنوا مزاجاً لمثل هذا النَّحوِّ للحياة والتَّصرُّف، بحيث أنَّكم عند كلِّ خطوةٍ ولدى كلِّ حركةٍ لا تقومون بفقدان ربِّنا ومخلِّصنا عن ناظريكم. إنَّ هذا التَّرتيبَ سوف ينتظم من تلقاء ذاته إذا ما: أ) كانَ كلُّ، ما تفعلونَهُ، تقومون بهِ لمجدِ الرَّبِّ والمخلِّص، تقومون بهِ من أجل المسيح. تُؤخذ هنا بعين الاعتبار لا الأعمال الكبيرة فحسب، وإنَّما كلَّ فعلٍ على الإطلاق. لأنَّ المعاينة والإصغاء، الصَّمتَ والكلام، الأكلَ والشُّربَ، الجُّلوس والمشيَّ، التَّعب والرَّاحة، كلُّ شيءٍ على الإطلاق يمكن تكريسه للرَّبِّ وتقديسهِ باسمهِ الكلِّيِّ قُدسُهُ. وبما أنَّه ليسَ ثمَّة من لحظةٍ، لسنا مشغولين فيها بعملٍ ما، فإنَّهُ، بعد أن تنظِّموا أعمالكم بهذه الطَّريقة، فإنَّكم ستلتقون بالرَّبِّ في كلِّ لحظةٍ، عاملين لمجدهِ جميعَ أعمالهِ. هذا ما يمكنكم أن تتمِّموهُ وتجنوا ثمراً منهُ على نحوٍ أسهلَ، لو أنَّكم في الوقتِ ذاتهِ: ب) سجلَّتم في سلسلة أعمالكم اليوميَّة القوانين الصَّلاتيَّة-الكنسيَّة منها، والبيتيَّة، وإطلاقاً، وضعتم غايَّتكم أن تكونوا منفِّذين صارمين لكلِّ قانونٍ للكنيسة المقدَّسة، حتَّى أصغر نقطةٍ فيهِ، دون حكمٍ باطلةٍ ولا تفاسير معوجَّةٍ، في بساطة القلب. بما أنَّ مضمون كلَّ صلاةٍ هو الرَّبُّ وتوجُّهنا نحوه، إذن، متمِّمين إيَّاها أو مشتركين فيها، فإنَّكم ستلاقون الرَّبَّ في رغباتِ ولذَّاتِ قلبكم. ولو أنَّكم بعد هذا ج) ملأتم الوقت المتبقِّي بقراءة المؤلَّفات حولَ الرَّبِّ أو بالإصغاءِ إلى عظاتٍ حولهُ، أو بالتَّفكُّراتِ الشَّخصيَّة حولهُ وحولَ عمل الخلاص العظيم، المُتَمَّم منهُ على الأرض، فإنَّكم سترون بأنفسكم، بأنَّه لا فيكم داخلكم، ولا خارجاً عنكم سيتبقَّى شيءٌ، ما لا يتضمَّن تذكيراً بالرَّبِّ، لا يُقدِّمُهُ إلى انتباهكم، وألَّا يُخرِجُ روحكم إلى لقاءٍ معكم.
3. وعلى كلِّ حالٍ لا ينبغي أن تنسوا، بأنَّ جميعَ هذه الأتعاب والأشغال هي تمهيديَّةٌ فقط. لا يجوز لنا أن نتوقَّفَ عندها، لكن أن نوجِّهَ مسعانا إلى مستوى أعلى بعدُ. فإنَّهُ كما أنَّهُ من الطَّعام، الّذي نتقبَّله في حالٍ قاسيَّةٍ، تنفصل بالتَّالي عصائر حيويَّة دقيقة، هكذا أيضاً من هذه الأشغال، المتمَّمة ظاهريَّاً، خارجيَّاً، ينبغي أن تتشكَّلَ في الرُّوح أرقَّ الانطباعات أو المساعي نحو الرَّبِّ، وبالذَّات: ينبغي لتعب تكريسنا جميع أعمالنا للرَّبِّ أن يتوافقَ مع مسعى جميع رغبات نفسنا نحو الرَّبِّ وحده؛ عند إتمام جميع المقامات الصَّلاتيَّة أو لدى الاشتراك في الخدم الإلهيَّة ينبغي للقلب أن يمتلئ بالتَّعاطف مع الرَّبِّ وما هو للهِ وحدهُ فقط: عندَ القراءة والإصغاء إلى المؤَلِّفات حول الرَّبِّ ينبغي أن يكونَ في الأساس توجيهُ انتباه ذهننا نحو الرَّبِّ الواحد. تتَّفق هذه الأتعاب مع فلاحة الحقل، أمَّا هذه المساعي-مساعي نمو المزروعِ: فأوَّلها هي الجَّذع والأغصان، وثانيها-الزَّهر والأثمار.
حينما تنشأ هذه الأمزجة، فهذا سيعني، بأنَّ روحَنا قد خرج بكامل وعيَّه ومزاجهِ إلى لقاءٍ مع الرَّبِّ. وطالما أنَّ الرَّبَّ موجودٌ في كلِّ مكان ويبحث إلى أن يلتقيَّ مع روحنا، فإنَّ لقاءَهما المشترك سيترتَّبُ بعد هذا من تلقاءِ ذاتهِ. منذئذٍ يبدأ روحنا في تذوُّقِ غبطة سمعان الصَّدِّيق، أي يبدأ يحمل في أحضانِهِ قوى ومساعي الرَّبِّ، الرَّبِّ هو شبعهم واكتفاءهم التَّام. هذا هو، الّذي يُسمُّونهُ تذوُّقُ الرَّبِّ، راحةٌ فيهِ، وقوفٌ ذهنيٌّ قدَّامهُ، صلاةٌ غير منقطعة-مادَّةُ أتعابِ، رغباتِ وأبحاثِ جميع قِدِّيسي الله.
أتمنى لكم جميعاً أن تستحقُّوا هذا الصَّلاح، الّذين تُعيِّدون اليوم لدخول السَّيِّد إلى الهيكل. إذا ما كان أحَّدٌ، قد قال، متشكِّيَّاً: "إنَّ الثَّمرَ مشتهى بشدَّةٍ، ولكنَّ الجِّهادَ إلى بلوغهِ صعبٌ للغايَّة!" يمكننا أن نجيبَ مثلَ هذا هكذا: "حسنٌ، يوجد طريقةً أسهل، أو تحقيقها أبسط!" ها هي ذي! تُبْ؛ بعدها، غائراً على إتمامِ كلِّ وصيَّةٍ إلهيَّةٍ، سِرْ بثباتٍ أمام الرَّبِّ، موجِّهاً مسعاكَ إليهِ بنباهةِ ذهنكَ كلِّها، بجميع مشاعر قلبكَ، وكلِّ رغائب إرادتكَ. وإذ تنتظم هكذا، فإنَّكَ سرعانَ ما ستلاقي الرَّبَّ. إنَّهُ سيدخلُ فيكَ ويستكين فيكَ، كما في أحضانِ سمعان الصَّدِّيق. إنَّ جهاداً أكثرَ سهولةً، لازماً للبحثِ عن اللِّقاءِ مع الرَّبِّ، يستحيل حتَّى أن يوجد. صلاة يسوع: "يا ربُّ يسوعَ المسيح، يا ابنَ الله، ارحمني"-يمكنها أن تعينَ كثيراً في هذا الجِّهاد. لكن أيضاً، لا هي بحدِّ ذاتها، وإنَّما بشرطٍ، أنَّنا نقوم بتوجيه مسعى قوى روحنا نحو الرَّبِّ! كونوا يقظين، كونوا ساهرين (1بطرس5: 8). اطلبوا ما، هو فوق... فلتكن حياتكم الباطنيَّة مع المسيح في الله (كولوسي3: 1، 3). –حينئذٍ، إذ قد أصبحتم روحاً واحداً مع الرَّبِّ (1كورنثوس6: 17)، فسوفَ تعاينونه وتتذوَّقونهُ، وسيفرح قلبكم، وفرحكم لن ينزعه منكم أحَّدٌ (يوحنَّا16: 22)، لا في هذا الدَّهر، ولا في الدَّهر الآتي. آمين.

المصدر: موقع أرثوذكسيَّة بلغاريا. ترجمة الأخ: ڤيكتور دره

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com