عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الأحد الرّابع للصّوم أ (سنة 2017 م)

الأحد الرّابع للصّوم أ (سنة 2017 م)

مولود أعمى يُولَد ويرى، وأهلبصر يُعمون البصائر

1 ملوك (= 1 صموئيل 16: 1-13، أفسس 5: 8 – 14، يوحنّا 9: 1- 41)

(بقلم الأب بيتر مدروس)

داود الملك: جمال بلا  كمال (2 صموئيل  11)

يروي الكاتب المقدس اختيار داود أصغر أبناء يسّى الإفراتيّ ملكًا "وحلول روح الرّبّ" على العاهل الفتى ( 1 صموئيل 16: 13أ). ولكن ماذا حصل بعد ذلك؟ ليس "روح الرّبّ" مِلكًا لأحد ولا حكرًا. فعندما يحيد البشر عن جادة الخُلق القويم والصّواب والوصايا، يغادرهم روح الرب. وكان قدماؤنا من مسيحيي فلسطين يشيرون إلى "ساعة التّخلّي" حيث تترك الحكمة الإلهية بني آدم يتصرّفون حسب أهوائهم لهلاكهم، مع أنها تكون قد أنذرتهم ونبّهتهم بصوت الضّمير. ولسان حال هذا الموقف الربّاني قول الرب في إحدى الملاحم في المزامير: "فأسلمتُهم إلى قساوة قلوبهم: ليسلكوا كما يحلو لهم" (مزمور 81 (80) : 12). ولعلّ المَثَل العامّيّ يعبّر عن الفكرة نفسها: "نهيتك ما انتهيت، سير على ما اشتهيت".

يسردالكاتب الملهم خطايا داود وانحرافاته. وهذا دليل على صدق الكتاب المقدّس بخلاف مصادر أخرى من عبريّة وسواها تقوم بالتّمويه والتّغطية وال"طبطبة" على مساوىء الملكداود. ويعنينا أن نسأل: "كيف فسد داود؟"

وهذه عناصر قد تفيد في الرّدّ:  حتّى في اللاشعور أو العقل الباطن، أصيب الراعي البيتلحمي بداء "جنون العظمة" و"سوء استخدام السّلطة" وكأنه ارتفع فوق الوصايا وفوق القانون وفوق المواطنين! وعاقبه الله على غروره في مسألة الإحصاء الذي أجراه الملك تيهًا وكبرًا! وتحرّكت عند العاهل شهوة الجسد، وهو يحسبها قسمّا من "متاع المُلك" وامتيازات الملك أو "خصوصياته". وبالفعل، في حين يقبل التلمود أربع أو خمس نساء لليهودي "العادي" ("كتابوت" أي "كتب الكتاب" 61 – 63)  يسمح للعاهل بثماني عشرة! وممّا شجّع داود على الخيانة الزّوجية ضعف ضحيّتيه أي الزوج الغافل المسكين أوريّا الحثّي (وهو على ما يبدو أجنبيّ "أقلف" يسهل احتقاره وامتهان كرامته وهتك عِرضه، كما سيكتب التلمود خصوصًا في كتاب "المحفل") وزوجته المسكينة بتشابع. ورَكَنَ العاهل داود إلى مقامه السامي ونفوذه وكلمته المسموعة . فمن يجسر ويخالفه؟ وتسرّبت إلى الملك القويّ لاحقًا نشوة النّصر بسحق العدى وهدر الدم وتدمير البلاد واستعباد العباد!

وبنعمة الله وتأنيب النبيّ ناثان الذي "ما راعى الوجوه"- كما سيفعل يوحنا المعمدان في وجه هيرودس أنتيباس وخليلته هيروديا زوجة أخيه- ندم داود واعترف بخطيئته وصرخ: "ارحمني يا الله على قدر عظيم رحمتك..." أقرّ بأنه "أعمى" فصار يبصر. ويقول الرب يسوع في هذا الصدد أيضًا منتقدًا عمى البصيرة الناتج عن قساوة القلب: "لو كنتم عُميانًا، لما كانت عليكم خطيئة, ولكنّكم تقولون الآن: "إنّنا نبصر!"، فخطيئتكم ثابتة" (يوحنّا 9: 41).

 

"تفل يسوع في الأرض وجبل من تُفاله طينًا" (يوحنّا 9: 1 وتابع)

ربّما أنّ سببنوع من النّفور والتّحفّظ نحو معجزة يسوع بفتح عيني الأعمى أنّ تفال المسيح جعل بعض القوم يشبّه حركة يسوع بطريقة سحريّة. أمّا نتيجة "حركة" يسوع واغتسال المولود أعشى في بركة سلوام فواضحة تبهر العيون حتى العمياء! وفات المعاصرين أنّ يسوع، عندما صنع "الطّين" حاكى حركة الخالق الذي "جبل طينًا" وصنع الإنسان.

 

"مِن (الناس) مَن قال: "هو هو" وآخرون قالوا: "بل يشبهه"

هنا نرى تأثير الصّراع اللاشعوريّ بين العقل والقلب، بين الحواسّ والإرادة. العيون تبصر أعمى يرى. وبسبب عدم "تصديق الناس لعيونهم" يشكّون في هويّة الرّجُل المُنعم عليه!

تنفعنا أيضًا هذه الحادثة للجواب على اعتراض "شهود يهوه" اليهودي أنّ "يسوع لم يقم بجسده المصلوب لأن تلاميذه لم يعرفوه ولا المجدليّة". ونردّ على المنطق الأعوج بنفس المنطق والأقرب إلى الصواب بمنطق سليم: بما أنّ عدم تعرفهم إليه في بادىء الأمر جعلكم تقولون أنه لم يكن هو، فتعرفهم إليهم لاحقًا (مثل المجدلية وتلميذي عماوس) يعني أنه كان هو هو!

إنجيل لوقا واضح: "كان يسوع يسير مع (تلميذَي عماوس) ولكنّ أعينهما حُجبت عن معرفته": يعني بالعربية أنه هو كان هو ولكنهما لم يعرفاه، للمرحلة الأولى، إلى حين كسر الخبز. وفقط من باب "ملاحقة العيّار إلى باب الدّار"، نلحظ أنّ الاعتراض اليهوهي اليهودي ضعيف لأنّ "التعرّف" أو "عدم التّعرف" يخصّان الوجه فقط لا الجسد ككلّ. وفي شأن اليدين والرجلين والجنب من الجسد المصلوب "أفحم" يسوع توما العنيد الجحود وأمره أن يضع إصبعه ويده في مكان المسمارين والحربة (يوحنا 20 : 25 – 28).

قساوة القلب تعمي البصيرة

شهدنا "قساوة الرّقاب" لدى قوم موسى في الصّحراء عندما كانت عقولهم المتحجّرة تتناسى ما تلتهمه أفواههم من خيرات الله : "أصابوا طعامًا كثيرًا وشِبَعا، لأنّ الله أظفرهم بالمشتهى، غير أنّهم عادوا إلى نهمهم، والطّعام ما زال في أفواههم" (مزمور 78 (77): 29- 30). وقساوة الرّقاب من وحشية الألباب جعلت الرّجال يطلّقون نساءهم.

خاتمة

أيها الرب يسوع، افتح عيوننا وعيون العالم بأسره فيكون لنا "نور الحياة" لأنك أنت النور وأنت الحياة!

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com