عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E نشاطات وفعاليات

سبعة كواكب جديدة قديمة بحجم أرضنا! (بقلم الأب د. بيتر مدروس)

 

سبعة كواكب جديدة قديمة بحجم أرضنا!

(بقلم الأب د. بيتر مدروس)

أعلنت الوكالات الفضائية فضل الباحثين والعلماء الأوروبيين –بتمويل من الاتّحاد الأوروبي وبقيادة الفلكيّ البلجيكيّ ميشيل جيون- عن اكتشاف سبعة كواكب كلّها بحجم الأرض، ومنها ما هو قابل للحياة. ويبدو أن الكواكب المشار إليها لا تبعد إلاّ مسافة أربعين سنة ضوئية عن أرضنا! وهنا، تألّقت أوروبّا من جديد، بعد أن كانت، مع العالم العربيّ، الرائدة في العلوم حتّى القرن التّاسع عشر وأوائل العشرين، تقريبًا، إذ بدأت تظهر القارّة الأمريكية الشمالية باكتشافاتها. ويجدر بالمرء ألاّ ينسى أنّ معظم علمائها أيضًا من أصول أوروبيّة. وهكذا، بنعمة الله، تعود أوروبا "القارّة العجوز" إلى حضارتها العريقة بعد أن وقع نفر من سكّانها كثير في مستنقع الموبقات المخالفة للإنجيل ولكلّ شريعة سماوية، ونجحت فيها إلى حدّ كبير، لدى الملحدين، مع الأسف، محاولات المفسدين لنسف الأخلاقيات ولتدمير الأسرة، ولمنع نقل الحياة وكأنّ اللهو والمتعة أفضل من الإنجاب، وكأنّ الحيوانات الأليفة أكمل من أطفال الناس!

من "الكلدانيين الكاسديم" الفلكيين إلى علماء المشرق الذين أقبلوا لزيارة المسيح المولود

أصلاً كانت لفظة "كلدانييين – كاسديم" تشير إلى الشعب الآراميّ ساكن العراق المعاصرة. ولكن مع الوقت، بسبب انهماك أولئك القوم بالتّنجيم والفلك، صارت كلمة "كاسديم" تشير إلى فلكيين أو منجّمين (حسب العلماء هيرش وروجرز وماك كوردي وياسترو). والفرق أنّ "المنجّم" لا يستند إلى أساس علميّ في حين أنّ الفلكيّ يبحث عن معطيات حقيقيّة. أمّا الإغريق القدماء فقد نسبوا كلّ "كوكب" إلى معبود. ولعلّهم ورثوا من الكلدانيين الاعتقاد أنّ كوكب الزُّهرة انتمى إلى "عشتار" (التي سيُطابَق- في المجهول- بينها وبين "أفروديت" عند الإغريق و"فينوس" عند الرومان) وأنّ كوكب عطارد كان يخصّ "نابو".

ودحضت اليهوديّة عبادة النجوم والكواكب، وانزلاق بعض اليهود إلى تكريمها أو – حاشى وكلاّ- عبادتها. على سبييل المثال، انتقد إرميا النبي ابن عناوت (عناتا) في 7 : 18: "ها إنّ النّسوة يعجنّ الدّقيق،  ليصنعن أقراًصًا  لملكة السّماء" أي "عشتار". ولا يجوز أن يتّهم أحد الكنيسة الكاثوليكية الغربيّة بالوثنية، بذريعة استخدامها للقب "سلطانة السماء" للسيدة العذراء مريم منها السلام. فالكنيسة لا تحلم ولا في المنام أن تكرم "عشتار" ولا سواها.

وأتت زيارة علماء المشرق للسيّد المسيح الطفل، وقد قاده النجم الذي كان لهم دليلاً بليغًا، طالما أظهرته الدراسات الفلكية  منها "تقويم سيبار للنجوم"، وبيّنت أنّ اجتماع المشتري وزُحل في مجمّع "الأسماك" – وهو يحصل مرّة  واحدة كل 794 سنة، بحيث يسطع في السماء نور عظيم- سيظهر ثلاث مرات في عام واحد هو عام مولد المسيح. وأتت زيارة علماء الشّرق الفلكيين للطفل يسوع نهاية رسمية لعبادة الكواكب، بعد أن تبعوا "نجم المسيح" الذي رأوه في المشرق.

وقامت الكنيسة الكاثوليكية، الغربيّة والشرقية، بحذف رموز الكواكب التي كان الوثنيون يعبدونها، وفي حالات أخرى أفرغتها من محتوى الشرك والانحراف عن الأخلاق. ومن جهة أخرى، كانت الكنيسة الكاثوليكية وبالذات اللاتينية الرومانية، هي التي أنقذت كل كنوز العلم والأدب والفن من البرابرة. لذا، أكمل إكليروسها ورهبانها الدراسات العلمية بما فيها الفلكية.

تألّق الإكليروس الكاثوليكيّ في علم الفلك

والفرق بينه وبين التّنجيم مشابه للبون الواسع بين الثّريّا والثّرى. وحسبنا، من هذا المنبر الأغرّ، أن نورد أسماء بعض العلماء الفلكيين من الإكليروس الكاثوليكي الروماني، على سبييل المثال لا الحصر: البابا سلفستروس الثاني (بابا من 950- 1003) الذي كتب في الرياضيات والفلك، والأسقف روبرت جروستاست (1175- 1253) من مؤسسي جامعة أوكسفورد (تحت رعاية الآباء الفرنسيسكان) وقد تألّق في علوم البصريات والفلك والهندسة، وثيودوريك من فرايبورغ (1250- 1310) : فسّر قوس قزح، والعالم المشهور "كوبرنك" الذي قال بحركة الأرض حول الشمس وعنه أخذ "غاليليو غاليليي" نظرية دوران الأرض حول الشّمس، وسبق كوبرنك في هذه النظرية الكردينال نقولا دي كوسا. وإذا أورد أحد أنّ الكنيسة "اضطهدت" غاليليو وفقأت عينيه، فلا أساس لصحة القسم الثاني. أمّا الحقّ فهو أنّ الكنيسة هي التي كانت تموّل أبحاث غاليليو ولم تدنه لنظرية علمية سبقه إليها رجُلا دين كاثوليكيان، بل لأنه توهّم أن يدعم نظريته من الكتب المقدّسة. يمكن القارىء أن يراجع في هذا المضمار كتاب المنسنيور جورج سابا شطارة: "بعض قضايا في تاريخ الكنيسة" وكتاب الباحثة أشخين ديمرجيان "التاريخ معلّم الحياة" (ص 47 وتابع).

ولا يجوز للمؤرّخ النّزيه أن ينسى البابا العلّامة الفلكي غريغوريوس الثالث عشر، الذي أدرك خطأ التقويم اليولياني وتقويم سوسجينيس وأصلح الخطأ سنة 1842م،  وقد أدرك ان السنة أقلّ من 365 يومًا وربع.

ومن الطّريف أو الظّريف أنّ الفلكيين الأوروبيين أعطوا الكواكب المكتشفة اسم "ترابيست 1" إشارة إلى "الإنسان الآلي الترابيستي"، والكلمة أصلاً تشير إلى رهبان متفرغين للعبادة والعلم والبحث والعمل، لا يخرجون من أديرتهم حسب قانون القديس مبارك والقديس برنردوس. ولهؤلاء الرهبان الورعين دير على الطريق بين القدس ويافا يُدعى "اللطرون" وقد شهد أحداثًا ماساويّة سنة 1948.

 

"المرّيخ لا يريد الحرب"!

سنة 1955 كتب الفلكيّ والرّوائي "لويس ده فول" رواية خيالية بهذا العنوان. تصوّر فيها أنّ ثلاثة روّاد فضاء من الأرض يصلون إلى المرّيخ. ويجدون ساكني ذلك الكوكب أناسًا عمالقة غير جميلي الوجوه، بل فيها رهبة مخيفة لأول وهلة. ولكن الرواد يكتشفون أن أهل المرّيخ، على قباحة ملامحهم، طيّبون ذوو حس أخلاقي رفيع وذكاء متّقد. بخبث كبير يسعى أحد الرواد الثلاثة إلى إقناع أهل المريخ بمهاجمة الأرض فيرفضون الحرب، مع أن اسم كوكبهم و"المعبود" الروماني المقابل له يشيران إلى "الحرب"، وقد فرض الرومان أو استنتجوا أن "مارس آذار" شهر التوتر والصراع.

في الواقع تساءل "ده فول": إن وُجدت حياة على كواكب أخرى، هل سيكون فيها بشر؟ وإن كان هنالك أناس، فهل سيكونون مثلنا ؟ نظريته الخيالية تعتقد أن قوم "مارس" بقوا على "أحسن تقويم" أبدعهم به الخالق، بحيث أن الكمال الأخلاقي أجمل من الجمال الجسدي. ويفرض "ده فول" أنهم، بخلافنا نحن أبناء آدم وبنات حواء، ما عصوا ربّهم، فما ردّهم الله "أسفل سافلين" ولا أمست نفوسهم جريحة بالخطيئة الأصليّة التي تظهر جليًّا في النفوس الأمّارة بالسّوء.

وقد يقول قائل: حالما يكتشفون على الكواكب الأخرى المشار إليها حياة وسلامًا، فلسوف يحلو لنا أن نهاجر إلى هناك!

 

خاتمة

نحن آدميّون والأرض، بعد آدم وحوّاء، أمّنا وبيتنا، كما كتب قداسة البابا فرنسيس في حماية البيئة العالمية. ويا ليت السلام يعمّ أرضنا، فلا نحتاج إلى هجرة نقطع فيها اربعين سنة ضوئيّة! فلنعملنّ، كلّ على قدر استطاعته وحجمه المعنوي، للوصول إلى ما وصل إليه علماء المشرق ورعاة بيت ساحور، أي رفع  "المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة"!

 

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com